أميل جداً إلى محاكمة الواقع مرات عدة وأحاول فيها فهم نفسي وأين هي المشكلة، وما هي الحلول التي أقترحها للخروج من أزمة معينة، الآن كل شيء يواجه أزمة، الصداقات، العلاقات، العمل، العائلة، كل شيء تقريبا .. لكن هذه المرة لا أفهم من أين بدأت هذه المشكلة أو أين تنتهي، وأحياناً أظن أنها القاضية وأني أنتهي، وما هي إلا أيام حتى أجد نفسي وقد رحلت ..


لا تصبح الأمور أجمل عندما أحاول إستخدام ما علمته نفسي من أدوات عتيدة في مواجهة ظلمات الحياة، فأنا أسأل نفسي، هل لم أكن إيجابياً بما فيه الكفاية لأصل هذه المرحلة؟ ولكن لم يجب علي أن أتحمل اللوم وحدي؟ لقد هاجمني العدو والحبيب عندما شرعت بإنقاذ ما تبقى مني، بل ومنهم من أفترسني أيما إفتراس ونهش من قلبي بحيث لم أعد أذكر من ذكراهم لا خيرهم ولا شرهم، هناك منهم من تحداني بالفشل .. نعم تحداني بالفشل، تكسرت صور عديدة لمن كنت أكن لهم منتهى الإحترام والتقدير، ومن كنت أكن لهم الحب قبل كل شيء آخر.


لا تقدم لك الحياة شيئاً في المقابل عندما تتنازل عن شيءٍ منك، بل تأتي وتطلب منك المزيد لتتخلى عنه، لم أكن أعي ذلك وأنا أأد قلبي بمن فيه ضارباً بعرض الحائط كل نظريات الحب الخالد، أو كل المشاعر المقدسة، لأني حينها فكرت أني يجب أن أعيش بسلام، وأن حياتي لا بد أن تمضي للأمام، فاجأتني أقداري أن ذلك التنازل ما عاد يكفيها وأنها تطلب أكثر من ذلك ..


هناك من القلوب حولي كذلك، ربما قد آن لها أن تتقاعد وأن تتركني لما أنا عليه، ماحاجتي لقلبٍ كلما رآني أسقط إعتولني بفأسٍ على ظهري؟! لا حاجة لي لقلوب مثل هذه، وفي الحقيقة لا خسارة أبداً في التفريط بها، فالحياة بدونهم أجمل، ولكني لا أدعي القوة بقدر ما أقول "مصدوم" ومتفاجئ، رغم أني لا أخفيكم .. أني ما عرفت روحاً إلا وقد حسبت لها يوماً سوف لن نكون فيه على وفاق، قد يأتي هذا اليوم أو لا يأتي، ولكن حساباته موجودة دائماً.


عندما يملأني الحقد، فإنه لا يخمد، بصورة أبدية، ليس لأن بي من الشر الكثير، لا، لا أعتقد ذلك، كثيرون قالوا أن قلبي طيب، وأنه نقي كذلك، ولكني لا انسى عندما يضحك مني أحدهم وأنا أسقط، ولا أنسى عندما يغدر بي أحدهم ويعلم أني أراه .. أنا لا أنسى ببساطة، كما أني لا أسامح نفسي بسهولة، وندر أن أغفرلها ..


لا أنكر، أني أغرق هذه الأيام في كآبة مترامية الأطراف، ما يقتلني فيها شيء قدر أني أعلم أني بتُّ وحيداً، خاوياً ذاوياً .. عسى الله أن يفتح لي من بعد العسر يسراً، به آمنت ومنه أطلب المدد والسداد فالأرض ضاقت علي بما رحبت.