هذه مدونتي بعنوان " قطائف من الحياة "

    • هذه مدونتي بعنوان " قطائف من الحياة "

      ( بسم الله الرحمن الرحيم )

      بداية حديثي وقبل أن ابدأ بإدراج صفحات هذه المدونة والتي سأسرد في طي صفحاتها
      قطائف من الحياة
      خواطر
      شعر
      قصص من الطفولة
      فإنني اتقدم بالشكر والإمتنان على جهود الأقلام المبدعة المتواجدة في هذه الساحة
      وعلى رأسهم المشرفين المتابعين لكل حرف تدونه أقلام المبدعين من رواد
      ساحة مذكرات من حياتي
      راجيا أن تتقبلوا ما يرد بطي صفحات هذه المذكرة بكل رحابة صدر
      فإن أخطأت فلكم المعذرة فقد تكون الكلمات غير منسجمة سواء في الشعر
      أو في الخاطرة فهذه هي بداية فلست بشاعر ولا مولع بكتابة الخواطر
      مجرد حروف أنثرها بين طيات صفحاتها
      وما يرد هنا ليس بالضبط أن يلامس واقع الكاتب فقد تكون الأبيات
      الشعرية تعبيرا صادقا لما يعتري النفس وقد يكون من
      نسج الخيال .
    • الخاطر الأولى
      رسالة إلى أنثى هل رأيتيني يوما ذئبا يلتهم لحوم البشر ؟؟
      ( خاطرة البداية )
      فكم تسامرنا سويا بين بساتين الزهر، فتجذبنا حديثا تحت ظلال الشجر ، ومشينا حافيي الأقدام وسط أموج البحر ، وسمعنا الطير يشدوا بين أغصان الشجر، فرحا بقدومنا عازفا بلحن الوتر ، وسهرنا سهرات في ليالا ينيرها ضوء القمر ، وكم شربنا من عيون تفجرت برشة مطر ، فلم أتوقع أن يأتي يوما فجأة فيذهب كل ذلك هباً ويندثر . فماذا جرى في أمسنا وماذا أتيتي من خبر !! فهل رأيتيني يوما ذئبا يلتهم لحوم البشر؟ .

      كلا ـ وألف كلا ـ أن أغامر بنفسي في طريق الهاوية المليء بالخَطر ، قد تواصلنا سوي طوال سنة ونيف تواصلا بلا انقطاع بل مستمر ، ما هو ذنبي أنني فتحت حديثا بعد إذنك أن أقوله وأخبر ، فلم تقولي كف يا هذا ما أنا قد كلاماً قد يرمينا في محاذير وخطر ، فتقبلت نفسك ذلك برحابة صدر ، وكنت تجاريني في حديثي إلي دون ولي باتصال قد ذكر ، فانقلبت بعد ذلك حاكم وجلاد بسرعة برق يخطف النظر ، يصدر حكما ضدي فيه إجحاف وشر ، فرميتي خلف ظهرك محاسن عبدٍ يرتجي توضيح سوء فهم بما أتيتي من خبر ، فقلت يا هذا أنظر ما كتبت في مدونتي لتعرف ما سر تغيري وبيان لما أتيتك من خـَبر، فقرأت فيها كل حرف فشبهتها كأنها عقدٍ رُصن بأجمل حُلي ودرر ، فاكتشفت أن ما ورد بحدثيك ليس صحيح أنك خنتي إنسانً ضمه قلبك لسنين ، فأزعجته بحديثي فأصابه الكدر ، لأنني لست مولعا بحبك يا أنثى فقط مجرد إعجاب بك كإعجاب لمن تخالطي من البشر ، تأبى نفسي أن تخوض في براثن الخطر ، فما بنيته في سنين عمري ـ لا يمكن لي أن أدمره في لحظة متعة ثواني بذنوب لا تغتفر ، زينني ربي بعقلٍ لأستنير به في كل خير وأي شر ، فزرعتي في قلبك خوفا وهاجسا بأنني انسان خطر ، فقلتي في بداية واصلك أنك تخشين مني أن أكون كحيوان كاسرا بعيداً عن سلوك البشر ، فقلت لك بأني لست بحيوان لكون ربي قد وهب لي هالعقل ، ربما أخطأت نفسي بحديث معك فيه ذنب أتمنى أن يزول ويغتفر ، فندمت أشد ندمٍ عندما غرر بي الشيطان أن أسلك طريقا معوجا ومندثر ، لم أضمر لك شراً فأنا لست بذئب بشري مراوغاً بين كروفر ، انتظر لحظة افتراسِ مثلما تصورتِ بعقلك بأني قادم إليك لافتعال كيد وشر ، لا وألف لا من أن أمشي في طريق ملغما بشوك ـ وطعمه علقما ومُر ، فأرمي بنفسي في هلاكً نهايته خلودا في نار لهيبها يستعر، منّ الله عليّ بقلب مخلصا طول الدهر ، لا يمكن لي أن أخنه مهما رأت عيني أجمل ملكات هالبشر ، نعم قد خضت في حديثٍ سابق ٍمعك يا أنثى ، فعافته نفسي بأن تخوض فيه مجددا ًبعد هذا الذي حصل ، فلا جنيت منه خيرا بل حصدت منه شر ، فظلمتيني يا أنثى لأنك صورتيني ذئبا قادما لارتكاب ما هو أدهى وأمر ، فنسيتي أني عبداً يرتجي من ربه مغفره من كل ذنب قدّم أو أخر ، فمنك الرحمة يا إلهي ارتجيها طول عمري في هالدهر ، ربما سولت لي نفسي ارتكاب ذنوب بوسوسة شيطان لعين بكيدٍ ادهي وبمكر ، فلقد ذكر ربي كيد أنثي في بعض آيات السور ، فلا أرتجي المياه أن تعود لمجاريها ، فكيف لها أن تجري في جدولها المندثر ، فبه شرخاً عميقاً لا يمكن أن تصلحه يد أي مخلوقٍ بشر ـ مهما عاش سنين طوال عمره في عهد هذا الدهر .



    • (2)

      عندما يراودني طيفك


      طيفكِ زارنــي ِ فـي مَنامـي ِ فبــــددَّ كُـــــلَّ أَحْزانــــــي ِ

      ونبـضَ قلبــــــيَّ الولهـــانْ يَعـــــزفُ أَجمـــلْ الألحان ِ

      تَعالي ِ يا فتــــــاة َ العمـــر ِ وأَسقي ِ قلبــــيَّ الظَامــئ ِ

      تَعالي ِلي ِ يا رَاحَتْ البــَالْ وأَزِيلي ِالهــمَّ فــيِ ثَوانـي ِ

      بنَظرةْ مِنــــــكِ أَنا عَطشانْ لتُريحَ النفسَ مِمــاَّ تُعانـي ِ

      أَنا بِحبكِ أَصبحتْ هَيمــانَ في نظرة ْعَينــكِ يا الغَالي ِ

      عُيونــِــكْ كأَعيــــنٍ غِـزلاَنْ فَسبحانْ الخَالــــقُ البَاري ِ

      رميتني ِ بسهــــم ِالحُـــــبْ فشــــلَّ قَلبــــي ِ ووجداَني ِ

      أنتِ مِن هُو ـ وأَي إِنسـانْ مَـــــــلاكْ حَيــــَـــرَ بالـــي ِ

      منْ نسلَ قوم ٍلهمْ في القلبْ مَعـــــزةْ وتقديــــراٍ عالـي ِ

      جَمعْـــتِ العِلمَ والأَخـْـــلاَقْ فنلـــــــتِ سُمـــــوا الشـأن ِ

      تَراَني ِ اليوم أنـــا تُعبــــانْ أِتمنى ِ تُمــُــــرْ الأَيـَـــــــام ِ

      ليَجْتمعَ شَملَناَ إِحناَ الاثِنينْ ونَقطِفَ ثِمارَ حُبٍ غَالِــــي ِ

    • (3)

      عندما يتباعد اللقاء


      صبــاح الخيـــر لمن يتبـع سلاميِ ::: لــكِ منـي تحياتي وثنائـــي ِ

      إلى قلمـــا خــلــــد دوم أسمـــــــه ::: ما بين ربــوع قلبي وكياني ِ

      إلـــى قلمــــــا بأخلاقـــــه تسامـىَّ ::: يُسطر كلمات بأحلى المعاني ِ


      فكنت أتمنـــى يا أختـــاه أنــــــي ::: يكون معك لقــــــاء في ثواني ِ

      لكني خفت أن لا ينـــال ذكــــــــرا ::: بهـذا الوقت في هـذا الزمان ِ

      فأجلـت اللقــاء إلـى بعـد شهــــر ::: ليبقى أسمك ساطعا في العلالـي ِ


      أعزك ويشهــد الله مــا بقلبـــــــي ::: أكن لك المحبة والاحتــــرام ِ

      كسبــت نفســــك أخلاقــا وعلمـا ::: يعجز وصفهـا قلمي ولسان ِ

      فأنت جوهـــرة من نسـل قومــــاٍ ::: لهم بين العرب سمة المعاني


      فطهــري قبلـــك بكتــاب ربـــك ::: هو الدستـور في كل الزمان ِ

      وحافظي على الصلاة فهي طهارة::: لقلب المرء من كل المعاصي ِ

      وشــدي العــزم في نيــل علمـــــاٍ ::: ليسمواُ بك إلى أعـــلى مكان ِ


      فإِن العلـــمَّ ســــلاحاً لكــــل فردٍ ::: لمن رغب الرقي إلى المعالي ِ
      ختاما نصلي على الهادي محمد ::: ليشفـع لنا في يوم الزحام ِ



    • (4)
      أبيات شعرية مهداه لقائد هذا الوطن العزيز
      بعنوان يا عمان العزة
      بمناسبة العيد الوطني الأربعين المجيد
      يا عمــان الـعزة يا خيــــر بـــلاد أرفعي الرايات فأنت اليوم في عيد
      وألبسي الزينات والثوب الجديد فرحــا بعيـــد مولانــــا بـــن سعـيد
      والشعب يــردد أبيــات القصــيد لمن كتب لعمـــان هالعهــــد الجديد
      لقابوس الخيــر ولا غيره نريـــد قائــــــدا فــــــــــذا وذو رأي سديـــد
      للوطن دوما منجــزات يشــــــيد ليكتب التاريخ لنا مجـــــــدا سعيـــد
      منذ نهضة السبعين والخير يزيد فعشنا في راحــة وفي عيش رغيـد
      تعملون في صمت ـ والصمت يفيد فأرتقيتم بعمــــــان ونتمنى المزيد
      بفضلكم مولاي كتبت عهد جديد لعمان الخير وشعبها المجيــــــــــد
      للوطن حامي وللأعــداء شديـد تنصرون الحـــق وللســلام تشيـــد
      جيشك المغوار ذو عــزم شديـــد فإذا دعا الواجب بأرواحـنا نــــذود
      دستورنا القرآن ولا عنه نحيـد فأقمت العـــدل بالنهــج الرشيـــد
      والختم صلوا على الهادي الآمين هو الشفيع لنا في اليوم الوعيـــد








    • مدونــه جمييله اخي ولد الفيحاء
      :)
      كـتل التوفيق
      لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا مُسخّر لحظات الجبر لعبادك، اكرمنا..
    • ( 5)
      عندما يعاود الحب الصادق الأعين المتحاورة


      فعندما يصادف الحب الصادق الذي يبنى أساسه السليم على الكلمة الصادقة ، والنية الحسنة ، بعض العقبات تعترض مساره ولا يصل إلى الهدف المنشود مما قد يتعرض للفشل ، فقد يفكر البعض بأن ذلك الحب لا يمكن أن يعاود مساره السابق ، لكن عندما تصفى القلوب فلا يلامسها شي من الخيانة ، وتظل تلك الأعين المتحاورة سنوات تقاسي عذابه وآلامه ، وتزداد قلوبها تمسك به، فتنغرس بصماته بجوفها ، طالما كتب لها أن تتباعد بفرض حجج باطله من قبل قلوب متحجرة لا تعرف باب الرحمة لديها همها التسلط والإنفراد ، بقرار قد يكون مصيره الفشل ، فإن تلك القلوب تظل سنوات يراودها الأمل بأن تنجلي الغمائم السوداء التي تعترض مساره ، وما أن تصفي سمائه ويلوح فجره مشرقا بنوره مبشرا تلك القلوب بولادته من جديد ، تعاود تلك العيون مرة أخرى لتتحاور فتصل في النهاية إلى بر الأمان . فوصفت الحالة بهذه الكلمات المتواضعة لأنني لست بشاعر ولا أميل للشعر كثيرا.


      رأيتها تمشي رويدا : ما بين نخيل باسقات

      رأيتها وقلبي توقف : ثم أرسل نبضات

      قلت لها :ـ

      مالك فلانة ، ليش عيونك حايرات !

      حاورت عيونها بعيوني ـ وراحت تذرف دمعات

      كأنها درر استقرت ـ ما بين خد والشفات

      أخذتها ما بين يدي ـ ومسحت تلك الدمعات

      على أثرها أقنعت نفسي بأن الحب ـ قد يعاود الأعين المتحاورات


      قالت لي :ـ

      مد يداك وأرحم نفسي ـ فروي قبلي بجرعات

      جرعات من حب صادق ـ عاش بقلبي سنوات

      أنت بسلم بوسط قبلي ـ يشفي جروحي النازفات

      أنت من أبعدت نفسك ـ عن عيون ناضرات

      أنت من أتخيل ضله ـ في الليالي المقمرات

      أنت من سيرجع لقلبي ـ الحياة بعد الممات

      قلت لها :ـ

      أنت يا من أفاقت روحي ـ بعدما كانت في سبات

      قادرا أن أسموا بحبك ليعانق ـ الجبال الشاهقات

      أتمنى ألقى أهلك ـ بقلوب صافيات

    • (6)

      ( أنين قلب وبزوغ أمل )


      تعاليِ لــي ِيا راحـــة البــــال لتَمسحــِـــيِ عَن قَلبـــــيِ أَناتــــهْ

      تعالـــي لــــي ومــدِ يــَــــداكِ لتزيحِ عــن صـــدري حسراَتـــهْ

      تعالـــي ِوأسقنــــــي كأســـــاً مزيجــــا ًبعبيرِ الحُــــب ولذاَتــِـهْ

      أَمل يُبـــزغ بفـــجرٍ جديــــــد لأُكحــــــــل عينـــــــي بطلاتــــهْ

      يُهاتفنـي فـــــي كـُـــل لحظـه فَيذُبَ قلبي بِتناغــم حُروف كَلماته

      فرمِانـــي بِسَهـــــــم الحُــبْ وسط القلب ـ فزادت القلب نبضاتهْ

      تعذبنــــــي نبـــــرة صوتــه فتَتـَــــردد بذهنـــــــــــي رناتــــهْ

      يُغازلنــــــــــي دومً طَيفــــه فيزيـــــــــدَ في قلـــــبي ألَامــَــهْ

      أريد القــــــاه فـــــي جَلســهْ لأتمتــــــعَ بِجمــــالِ نظــــراتـــهْ

      وأريد تِنظُـــر عَينــــيِ قَلبـَهْ لأَعـــرف مُوقعــــي بِجوأتـِــــــهْ

      وأريد أشم عبيــــر الحُـــــب المعطـــــر دوم لنسماتــــــــــــــهْ

      فمــــدِي يَداكِ إلــــى قلبــــيِ لتوقفــــــــيِ نزيــــفَ جِراَحاتـــهْ

      فأسقيـــــهِ بجرعة حـــــــب ليبقى ككأسٍ تُزهر دوم وردأتـــهْ

      فكيفَ لقلــبيِ أن لا يَهــــوى صـَــــوتً تُبـــــِــــذحُ نَبَـــراّتِـــهْ

      أتمنــــى أضمه إلى صـدريِ ويــَــــديِ تُلامــــسُ وجنِاتــــــــهْ

      سعتهــا أغرق فـــي بحــــر الحُـــــب ِـ فَتُنعشنــِي مَوجَاتـِــــهْ

      فَمن يُبحر في بَحــرِ الحُــبْ يَعيــش سَعِيـــدً فــي دُنياتـِـــــــهْ

      فإذاَ ما اِجتمعنا في الدُنيـــــاَ فإني ِرَضِيــتُ بالقَــــدرِ وكَتباتـهْ

      ويَبقى الأمـــــلَ فــــي رَبــي ِ أن يَجمعنــــــاَ فــــي جَناتــــــــهْ

    • ( 7 )

      ماذا تذكركم الكلمات التالية ( يا ما ذاكرتي ، ويا ما سهرتي ليالي طويلة ، وتمنيت الفرحة لكل زميل وزميلة ، من الثانوية إلى الكلية ، والمجموع قرب من المئة ) .
      نعم عندما نسمع تلك الكلمات عند إعلان أوائل نتائج الثانوية العامة ، ترجع بنا الذاكرة إلى الوراء ، إلى زمن ولى وذهبت أيامه ، زمن كنا نحسب ألف حساب لنصل إلى الصف الثالث الثانوي سواء الأدبي أو العلمي ، ونحسب آلف حساب أخر لنتائجها ، لأنها تحمل في طياتها ما سيؤول إليه مستقبلنا ، سواء كان المجموع يؤهلنا لإكمال دراستنا الجامعية ، أم يؤهلنا لمواصلة الدراسة في كليات المعلمين المنتشرة في تلك الحقبة ، أم أن المجموع سيخذلنا وسنضطر للبحث عن وظيفة مناسبة ، فالحمد لله كانت الوظائف في تلك الحقبة ما زالت فرص الحصول عليها كبيرة ، بحكم أن بعض الوظائف كانت تشغل من قبل الوافدين فكان بداية مسيرة الإحلال قد بدأت تأتي ثمارها بإحلال العماني محل الوافد في بعض الوظائف الإدارية في مختلف مؤسسات الجهاز الإداري للدولة . نعم ما زلت أتذكر أصوات المذيعين في إذاعة سلطنة عمان منهم علي الحسني ومحمد المرجبي ، وذياب العامري ، والفارسي ، وزاهر المحروقي وغيرهم من المذيعين الذي شدوا حناجرهم يعطيهم الله العافية وهم يتناوبوا على قراءة أسماء الناجحين في الشهادة الثانوية العامة ، بينما يتخلل الاستراحة بين فترة وأخرى ذلك المقطع الذي ذكرته أعلاه ، كنا نشد أذاننا وقلوبنا ترتجف خوفا مما ستأتي به النتائج ، نعم أتذكر عام 1987م في أواخر شهر يوليو الساعة كانت تشير إلى منتصف الليل عندما بدأ المذيع يقرأ أسماء الناجحين والناجحات من أبناء قرى فيحاء عمان ، كنا نهتم بالشهادة الثانوية العامة لأنها مسار الطريق الذي سيرسم لنا المستقبل ، وكانت الامتحانات وقتها فقط في نهاية السنة لا يوجد ما هو ميسرا لأبنائنا حاليا بتقسيم السنة الدراسية إلى فصلين ، وكانت المقررات الدراسية ومنها اللغة العربية عدة مقررات تكاد تعد أوراقها كتبها بالمئات ، بذلنا جهودا وذاكرنا طيلة السنة حتى كتب الله لنا التوفيق والنجاح ، فكانت نتائج القبول في تلك الحقبة لا تتراوح نسبة 60% شرط القبول في كليات المعلمين ، أما نسبة القبول في الجامعة فكانت للفوج الثاني للطلبة الملتحقين بها لا تتعدى نسبة 65% ، وكذلك في الكلية الفنية الصناعية الوحيدة في مسقط .

      أما اليوم فوضعنا أختلف أبنائنا نجدهم منهم القليل من يهتم بدراسته وخاصة الذكور ، اليوم الشهادة الثانوية العامة لا يحسب لها بعض الشباب ألف حساب ـ فقط يريد أن يخرج منها بأية نسبه المهم أنه نجح منها وتعداها ، المذاكرة لم تكن مثلما كانت في السابق مرتبطة بفرض حسابات للمستقبل ، إلا اليسير من أبنائنا سواء ذكورا أو إناثا. رغم أن الدراسة في وقتنا الحاضر أمورها ميسرة منقسمة إلى فصلين دراسيين ، وهنالك امتحانات فصلية . إلا أن النتائج للأسف والمستوى التحصيلي للطلبة لا يوازي ذلك التحصيل الذي كنا فيه في تلك الحقبة الماضية رغم أن معظم أساتذة الهيئة التدريسية من الوافدين . والله أعلم ما هي الأسباب التي أوصلت التعليم إلى هذا المستوى من ضعف في التحصيل صاحبها ضعف في النتائج أخر السنة الدراسية ، رغم أن معظم مدارسنا والحمد لله تديرها هيئة تدريسية وطنية إلا اليسير من الوافدين يدرس بعض المقررات الدراسية .
      اليوم مخرجات الثانوية العامة الباحثة عن العمل في تزداد مستمر، ونسبة القبول في مختلف دور التعليم الجامعي وفي مختلف الكليات يكاد لا يوازي نصف المتخرجين من الثانوية العامة . فإلى متى يا وطني يبقى هذا الوضع طي الكتمان لا يحسب له أية حساب ، يكاد تجد أثنين أو أكثر من الأبناء جالسين في المنزل لم تسمح لهم ظروف ولاة أمرهم إرسالهم لمواصلة تعليمهم في الجامعات الخاصة بحكم وضعهم المادي ، تجدهم يطرقون أبواب العمل حتى يكتب لهم التوفيق فيظفروا بوظيفة تركها الوافد لا تناسب مقامه ، لأن الوظائف القيادية في قطاعنا الخاص ما زالوا متربعين على عرشها بفضل أرباب الشركات ومؤسسات القطاع الخاص .
      قال تعالي في كتابه العزيز " أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " صدق الله العظيم .
    • ( 8 )

      ماذا نتعلم من قصص الماضي التي نتوارثها من الأجداد ( قصة لتقرؤها لتعم الفائدة منها والإفادة برأيكم ) .


      عندما نجلس مع أجدادنا وآبائنا ، نتعلم من حكايات الماضي التي يحكوا عنها العبرة والحكمة ، كونهم عاصروا الحياة ومروا بتجارب ومواقف عديدة حدثت في زمانهم ، يوثقوا قصصهم بحكم الماضي والأمثلة المتوارثة ، فنجد أنفسنا أذانا صاغية إليهم ، فنبحر في خبايا تلك القصص وأحداثها ، لنأخذ الفائدة منها ، وحتى لا تغفل أنفسنا عن ما يدور من حولنا من أمور وقضايا ربما قد يجد البعض منا نفسه واقعا فيها .


      هنا أعرج بكم في قصة حدثت في قديم الزمان يتوارث حكيتها الأجداد والآباء ، نتعلم منها الحكمة في كيفية معالجة المواقف التي نقع فيها .

      فيحكى أنه كان يا ما كان في سالف العصر والأوان عن شاب أغرم بفتاة ، وهبها الخالق عز وجل جمالا لا يوصف ، لكنه لم يبحر في جوهرها ، فتقدم لأهلها ليتزوجها فتحقق له ذلك ، مرت الشهور وبعض الأيام على زواجه ، فبدأ هاجسه يحدثه عن أمور لا تسر البال ، من كثرة ما يسمع عنها من قيل وقال . تخوف وقال :ـ سبحان الله أيعقل ما أسمعه من قيام فلانة بارتكاب تلك الأفعال ، وأنا من أحببتها وقدمت لمهرها الكثير من المال ، أيعقل أن تشرع في خيانتي ، إذن ما سر أن تحوم تلك الطيور على الأبوب ، لا بد أن يكون للأمر جواب .


      فذهب يشتكي لوالده فقال :ـ يا أبتاه أن في بيتي شجرة تين يأتي إليها البابو من كل مكان ( البابو هو طير الخفاش ) يغيث فسدا بها ، فيخرب ثمارها عندما أكون خارج الدار فماذا أفعل ؟ فهل أقتل البابو ، أم أقتلع شجرة التين من جذورها ؟

      فقال له والده :ـ يا بني إذا قتلت البابو وبقت شجرة التين على حالها فسوف يأتي بابو آخر فتجد نفسك في موقف صعب فلن تحل المشكلة التي أنت فيها بل تسعى لتعقيدها ، لكن عليك باقتلاع الشجرة من جذرها ، وبذلك ترتاح نفسك وترضي ضميرك فتنهي المشكلة التي أنت فيها .


      فكما يقول المثل" الباب الذي يجيك منه الريح ، غلقه وأستريح ".






    • ( 9 )
      أبيات شعرية بمناسبة إنتهاء برنامج
      " ساعة صفا "
      الذي عرضت حلقاته في منتدى الساحة العمانية
      قضايا الشباب

      متابـــــــــع ومـــا زلـــــــت أتابــــــــــع

      حلقــــــــــــات ساعـــــــــــــــــة صفــــــــا

      فـــــــــي حلقتــــــه الثلاثين والأخيــــرة

      سأجــــــــــــدد لكـــــــم هــــــذا اللقـــــاء

      فالفــــــــــارس قـــــــــــــادم إلينـــــــا

      فيـــا ألــــــف سهـــــــــــــلا ومرحبــــــــا

      قلمـــــــــا دومــــــــا مشرقـــــــــــــا

      كبــــــــدر فـــــــــــي ليــــــــــل الدجــــــى

      أقــــــلام ترابــــط فـــــــــــــــي منبــــرا

      أتـــــــــــت مــــــــن هنـــاك ومـــن هنـــا

      مـــــــن دولا عربيـــــــــــــــــــــــــــــة

      ومـــــــــــــــــن عُمــــان المحبـة والوفاء

      أحــــرف مداخلاتهـــا تساقطـــــــــــت

      كتساقــــــــــــط قطــــــــــرات النــــــداء

      في ساحات علــــــــــم مزدانـــــــــــة

      كــــــــــــــــــدرر فــــــي عقـــد تتــــلألآ

      فرويــــــت عقــــــول أمتـــــــــي

      كمـــــا تــروى الأنفـس من الظــــــــمأ

      للعلـــــــــــم دومـــــــا منهــــــــــلا

      فارتقيت إلـــــى هـــــــــــــام العلـــــــى

      فبالعلـــــم تــــزدان العقـــــــــــــــول

      لتسمــــــــوا إلــــــــــى دون السمــــــاء

      فأخــــــــذت قلمــــــــــي لأسطـر

      كلمــــــــــــات شكـــــــــرا وثنــــــــــاء

      لمـــــــن شــــــــرف منكم لقائنـــــــــا

      فــــي ساعــــــة إخـــــاء وصفـــــــاء





    • ( 10 )


      عندما يجف حبر قلمي من هول حوادث المرور
      ********

      ماذا أقــــولُ وفي الحياة ِحوادثً ::تُندي الجبين من هَولِها ويَّعرقُ

      فما أمر الحوادث إلي تقع عندنا :: في كل يوم على بلادي يشرقُ

      حوادث سير تقشعر أجسادنا من هولها :: كحال الحروب بين الخصوم لما تُقرعُ

      فهل سَمعتمْ عن سيارةٍ إِنهـــــــا ::أَضَحتْ كطائرة وبسرعة تنطلقُ

      قالوا سمعنا أن شابــــا قادهـــــا ::كومضةِ برقٍ في السماء لما يبرقُ

      فما النتيجة يا شباب موطنــي :: حرب شوارع في كل لحظةْ تقعُُ

      ألاّ سمعتم قول قائداً لما قالها :: أن الحوادث بات شأَنُهــــاَ تــُؤرقُ

      فهل التزمتم بقانون مرورٍ عندنا :: في دولةِ القانونِ الباطل يَزهقُ

      أم أنكم قـــد رميتم بمـــواده :: خلف الظهور فأصابكم مع يَقــعُ

      ومنازلا كانت تضـــجُ بناسهــا :: وفي غمضةِ عينٍ أبوابها تُغلقُ

      وهناك حادثةُ تصادم قد وقعتْ :: وبين الحطـــام جثــــثٌ تَحترقُ

      وبحادث سير راحت أنفسْ بريئةً :: وبين الحديد أشلائها تتمــزقُ

      ما هذا التهور الذي يحدث عندنا :: أم أنكــــم أفي حلبـــة تتسابــقُ

      ألاّ تأخذون في قلوبكــــم عِبـــرةً ::من هول ما يحدث وماذا يقـــعُ

      ألاّ تـــرون أن أنفــس زكيـــــــة :: بسبب الحوادث أروحها تُزهقُ

      ومستشفيات أضحت تئن بأنفس :: بفعل الحوادث أجسامها تُرقعُ

      ماذا أقول ولسان قلمي عاجزاً عن:: وصف ما يِحدثْ وما عاد ينطق
      ُ


    • ( 11 )


      هكذا علمتني الحياة. فماذا علمتكم يا أحبه .

      علمتني الحياة أن العلم نور للعقول الفارغة .

      علمتني الحياة أن الوطن لا يبنى إلاّ بالسواعد المخلصة .

      علمتني الحياة أن الصلح خير للأمم المتصارعة .

      علمتني الحياة أن العمل عبادة ـ فأرضي ضميرك ولا تترجى مصلحة

      علمتني الحياة أن للماء نبع من تحت جبال شاهقة .

      علمتني الحياة أن النخل لا يزرع في الأراضي المالحة .

      علمتني الحياة أن المرأة شريك في الأمم المتحضرة .

      علمتني الحياة أن الديّن ذل للأنفس المعسرة .


      ____________


      علمتني الحياة أن السنة لا تكتمل إلا في فصول أربعة .

      علمتني الحياة أن الدفيء يأتي من تلك الشمس الساطعة .

      علمتني الحياة أن القمر يكون حلوا في عشرة أيام وأربعة .

      علمتني الحياة أن الظلم يعرج إلى السماء السابعة .

      علمتني الحياة أن الحق راجع لا يمكن أن نضيعه .

      علمتني الحياة أن الجمال يكمن في تلك الأعين الواسعة .

      علمتني الحياة أن نبع الحنان يكمن في صدر أم فطنة .


      ____________


      علمتني الحياة أن القلب يخفق بسهم نظرة عابرة .

      علمتني الحياة أن الحب لا يخلق بكلمات فارغة .

      علمتني الحياة أن الحب يسمو بالأنفس الصادقة .

      علمتني الحياة أن الحب قد يعاود الأعين المتحاورة .

      علمتني الحياة أن الحياء قطرة إذا فقدت ما راجعة .

      علمتني الحياة أن في العشرة المشروعة متعة للأنفس المتضاجعة .

      علمتني الحياة أن الغيرة تبقى في القلوب الصافية .


      ____________


      علمتني الحياة أن البر يسمو بالذرية الصالحة .

      علمتني الحياة أن الصلاة نور للأبدان الطاهرة .

      علمتني الحياة أن الصوم تحصينا للأنفس الضائعة .

      علمتني الحياة أن المال لا يصرف ألاّ في الأمور الصالحة .

      علمتني الحياة أن زاد النفس هي الأعمال الصالحة .

      علمتني الحياة أن الحساب قادم فأستعد للآخرة .









    • ( 12 )


      عندما تحين ساعة الرحيل


      هكذا هي الحياة خلقنا الله عز وجل على هذه البسيطة ، وحثنا على أن نسعى في مناكبها ، من أجل أن ننعم بحياة حرة وكريمة ، ولا يتأتى ذلك لنا إلا بالعمل والجد والاجتهاد ، بالتوكل على الله وليس بالتواكل ، والبحث عن مصادر الرزق المتعددة ، لكي نستطيع أن نتكيف مع ظروف الدهر وتقلباته . فعلى الإنسان أن يبحث عن عمل شريف يكسب منه قوت يومه ، لينئ بنفسه عن السؤال ، ومد يده إلى الآخرين أعطوه أو منعوه .

      والإنسان بطبيعة الحال كثير الترحال ـ وذلك بسبب ما يعتريه من ظروف ، وما يعصف به من قضايا ومشاكل قد يصادفها في حياته ، تجبره أن يرتحل من موطنه إلى موطن آخر يجد فيه الماء والغذاء والأمن والآمان له ولأسرته ولماشيته ، فنجد البدوي مثلا يعشق الصحراء ، رغم قسوة الظروف المناخية ، فقد تصادفه رياح عاتية ، وأتربة متطايرة ، وأمطار غزيرة ، وربما تعرضه لمخاطر قاسية وظروف صعبة ، وحرارة شمس حارقة ، قد تؤدي بحياته ، لكنه يصبر ويشمر ساعديه للبحث عن مصدر الغذاء والماء له ولأسرته ولماشيته ، فنجده اليوم في مكان معين من الصحراء ، وما أن يحس أن الجدب حل ، وتصحر المراعى يهدد ماشيته ، فإن ساعة الرحيل قد حانت ، فيقرر البحث عن مكان آخر يتوفر فيه الماء والغذاء لماشيته ، لأنها مصدر غذائه وقوت يومه ، وما أن يجده يقرر أن يرتحل ويترك ذلك المكان الذي عاش وتأقلم فيه ربما لسنوات عديدة ، رحل لأنه أحس أن حياته أصبحت في خطر وليس في مأمن ، وأصبح المكان غير مناسب ليعش فيها ، لا تتوفر فيه مقومات العيش الذي تدعم له البقاء والاستمرار فيه .


      ******************


      وحانة ساعة رحيل أخرى : بأمة أنارت عقولها بالعلم والمعرفة لسنوات طويلة بعدما ضاقت مرارة الغربة ونكدها بعيدا عن الأهل والوطن من أجل ماذا ؟ من أجل كسب العلم والمعرفة وأن تصنع لنفسها مستقبل زاهرا ، تقدر من خلال ما تعلمته ، وما اختزنته في ذاكرة عقولها ، من معلومات قيمة ، وعلم نافع أن تخدم به أوطانها وأمتها ، وعندما ترجع إلى أوطانها بعد تلك السنوات ، لا تجد متنفسا لها والمتنفس الذي أقصده هو أن تعمل في مجال تخصصها الذي درسته لسنوات طويلة ، ولم تجد الأيدي التي تأخذ بها ، وتقدم لها كل دعم ومساندة لتخدم في أوطانها ، فتقرر الرحيل تاركة أوطانها وممتلكاتها وأقاربها ، فترحل إلى دول تحتضنها ، فتمد لها يد العون والمساعدة وكافة أوجه الدعم ، ليس لسواد عيونهم ولا حبا في أوطانهم ، وإنما من أجل ما تختزنه عقولهم ، ولكي يثبتوا تواجدهم ويسخروا عقولهم لغايات وأهداف ومشاريع وابتكارات وبحوث علمية تخدم مصلحة تلك الدول . فكم من عقول عربية هاجرت وأثبتت تواجدها ، وبرعت في شتى المجالات العلمية والطبية وغيرها من المجالات خارج أوطانها . ما لم تجده في أوطانها . فكان من الأولى أن يحتضنها الوطن ليرتقي ، وكان من الأفضل أن تجد يدا تأخذ بها وتقدم لها كل دعم ، لتبقى تخدم وطنها وأمتها بما يعود لهم عامة بالخير والمنفعة .


      ******************


      وحانة ساعة الرحيل /

      بأمة أخرى عصفت بهم ظروف الحياة وقسوتها ، عصفت بهم الحروب الطاحنة التي تعصف بدولهم ، بين القوى المتصارعة على السلطة ، ولم يراعوا في عباد الله ولا ً ولا ضمير طغت عليهم المصالح الخاصة بهم ، ولم يفكروا في شعوبهم المتضمرة جوعا ، يهدرون ثروات بلدانهم ودخلهم القومي ، من أجل التنافس والصراع على السلطة ، فماتت ضمائرهم ولم تحن قلوبهم لحال أمتهم ، فقررت تلك الأمة الرحيل عن أوطانها ، في أن يجدوا في دول أخرى في مختلف بقاع المعمورة ، موطئ قدم لهم يحتضنهم ينعموا فيه بالراحة والاستقرار ، وأن ينعموا بلقمة عيش هينة ليستطيعوا أن يبقوا على قيد الحياة ، وحتما طالما الوضع في أوطانهم بهذا الحال من التدهور وعدم الاستقرار ، لا بد أن تستغلهم أمة منهم عبدت المال ، الذي همها امتصاص ما تبقى في جيوبهم من أموال ادخروها ، أو أنهم قاموا بتدبيرها ببيع ممتلكاتهم لتحين بهم ساعة الرحيل فيهجروا أوطانهم ، فتحملهم الرواسي على ظهورها لتبحر بهم عباب البحار ، فترمي بهم بالقرب من شواطئ دار النعيم الذي رُسخ في عقولهم ، بأنها هي النعيم الخالد الذي يتوفر فيها كافة سبل العيش الرغيد ، فيرمى بهم في عباب البحر بالقرب من الشواطئ ، فيقطعون مسافات طويلة ، فمن ناله الحظ نجا ، ومنهم من يلقى حتفه غرقا ، وممن نجا كذلك ربما يدخل تلك البلاد خلسة فيجد عملا شريفا يقتات منه ، ومنهم من تلقى السلطات القبض عليه فيرمى به في قيعان السجون المظلمة . وهذه هي الحياة ما أصعبك يا لقمة العيش ، فلو فكرنا فيها فإن أبن أدم يحصل عليها بجهده وعرقه فيمضغها جيدا ، لكن ربما تتعثر وتتوقف في جوفه قبل أن تصل إلى بطنه .


      ******************

      وحانة ساعة الرحيل /

      بأمة أخرى أجبرتهم القوى المتسلطة عليهم المحتلة لأوطانهم ، المزعزعة لاستقرار شعوبهم ، فيهجروا قصرا وعنوة من أوطانهم ، فتحين بهم ساعة الرحيل فيتركوا ديارهم وممتلكاتهم ومزارعهم ، لكي ينجوا بأنفسهم من بطش أعدائهم كما حصل في فلسطين المحتلة وغيرها من الدول ، لم يراعوا في أصحاب الأرض ولاً ولا ضمير ، ولم يكترثوا بأي قانون دولي يحمي البشرية أوقات الصراعات والحروب ، فرحلت تلك الأمة إلى شتى بقاع العالم ، من أجل البحث عن حياة أمنة ومستقرة ، تكلف لهم الاستمرار والبقاء في هذه الحياة ، وليهنوا بحياة حرة وكريمة كما بقية شعوب العالم ، رحلوا وقلوبهم تحن لديارهم وممتلكاتهم ، رحلوا وأيديهم تودع تراب ذلك المكان المقدس مسرى نبينا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، رحلوا وشجرة الزيتون رمز السلام تنظر إليهم ، خوفا مما هو قادم إليها ، فلم يرويها الاحتلال إذا عطشت كما كانت أيديهم ترويها بالماء والغذاء ، بل شرع باقتلاعها من جذورها ، رحلوا وقلوبهم تحن أن ترجع بعد سنين طويلة في الغرب والشتات إلى ديارهم ليستقروا فيها ، لكن إرادة الشعوب المقهورة كيف لها أن تنعم بالحرية والاستقرار ، وممن تدعي الحرية تمد عدوهم بالسلاح والعتاد والمال وكافة أوجه الدعم ألا محدود ، ليبقى متسلطا على تلك الشعوب وليبقي مهيمنا عليها ، فأي قانون هذا وأي نظام دولي هذا نعم قد نسيمه قانون الغاب .


      ******************

      وهكذا يا ساعة الرحيل تلقي بضلالك على هذه البشرية ، فنجدهم تائهون مشردون شيباً وشباباَ ، نساءً وأطفالاَ ، لا وطن يحتضنهم ، ولا أمة تقبلهم ، ولا لقمة عيش تسري في جوفهم إلا بشق الأنفس ، فما أصعبك يا ساعة الرحيل ـ لكن حال الإنسان يبقى يتأمل دائما في هذه الحياة بأن يبزغ بشعاع الأمل من جديد ـ فلا ندري ربما يتغير حال البشرية إلا الأفضل ـ فتنقلب الموازين فنجد قانون دولي وضعي أخر يحمي البشرية من قسوة الزمان والعباد.

      وبعد هذا التحليل لمختلف ساعات الرحيل ـ تبقى ساعة رحيل أهم من مما ذكر أعلاه ، وهي ساعة رحيل أبن أدم من هذه الدنيا الفانية إلى مثواه الأخير ، هنا الأهم ماذا عمل وماذا قدم لأخرته من عمل ينير له حفرة القبر ، وينجيه يوم الحشر من عذاب شديد ينتظره وخاصة إذا خفت موازينه ، يوم لا ينفع مال ولا ولد إلا من أتى الله بقلب سليم .

      نتمنى من الله حسن الخاتمة .

    • ( 13 )

      عندما تعرج الأقلام وتشد الحناجر في أمورا لا تخدم مصلحة الوطن .


      الوطن كيان نعيش فيه ، تربينا على ترابه الطاهر ، وأكلنا من خيرات أرضه الطيبة ، نكن له المحبة الصادقة ، ونحافظ على منجزاته ومكتسباته لتظل خالدة عبر التاريخ ، نذود عن ترابه الطاهر ، لتبقى مكانته مرفوعة بين الأمم ، ونشكر الخالق عز وجل بأن وهب لهذا الوطن المعطاء قائدا عظيما بفضله تحقق الأمن والآمان ، والراحة والاستقرار والخير والعطاء .


      لكننا للأسف نجد بعض الشباب سخروا أقلامهم لأمور لا تحقق للوطن أية فائدة ، وربما تضر بسمعته أمام الدول ، وهذا الأقلام نجدها كثيرا ما تكتب في مختلف المنتديات ، فيعرجوا بأقلامهم بانتقاد ممن لهم سلطة القرار في مختلف مؤسسات الوطن ، بانتقاد أمورا ليس غالبا ما تكون صحيحة ، إن لم توثق ما تنتقده وتخطه أقلامهم بالوثائق الصحيحة والأدلة الدامغة لكشف وجه الحقيقة أمام الأمة ، لتجد ما كتب يسري في عقولها كمسرى الدم في الشريان فتحتضنها ، فتنفتح أذانها لسماع صدها يتردد في أرجاء الوطن ، وسيجد صداها أذان صاغية تمد لها يد الخير والصلاح .


      وشباب زجوا بأنفسهم بالظهور في بعض القنوات الفضائية التي سخرت لهم برامجها وإمكانياتها لاستضافتهم ، ليس لسواد عيونهم ، وحبا في أوطانهم ، وإنما هنالك مقاصد وأهداف تسعى إليها تلك القنوات ، فتجدهم قد شدو حناجرهم فينتقدوا أمورا تخص الدولة وأصحاب القرار في مؤسساتها ، وكأن باب الإصلاح والتغيير لا يعرف طريقه إلى الوطن إلا بأيديهم . كان من الآحرى لهم أن يرجحوا عقولهم وأن يضعوا سمعة الوطن فوق كل اعتبار ، مهما وجد هنالك من تقصير ، أو أمور يجب تصحيحها في بعض مؤسساته ـ لا يجب أن تسخر أقلامهم وشد حناجرهم للحديث عنها ، فكان من الأفضل أن تبقى كلمة الإصلاح إن كانت صادقة في حضن الوطن لا أن يعرج بها خارج نطاقه ، فلا تجد من أمته أحد يسمعها أو يأخذ بيدها ، ولا تحقق مصلحة للوطن ولا للأمة . وأن تسأل تلكم الفئة أنفسها كيف تعلمت الكتابة ، وبفضل من أنيرت عقولها بالعلم والمعرفة حتى وصلت إلى منابر تلك القنوات .

      أخيرا يجب علينا نحن الشباب ذكورا وإناثا أن نسخر أقلامنا لخدمة هذا الوطن أولا ولخدمة شعبه ومصلحته ، لا أن نعرج بها في أمور قد تأتي بضرر لوطننا ولأمته ، لا نجني من ورائها فائدة تذكر. وأن تظل كلمة الصدق ميثاق لها ، ودرب الإصلاح طريقا لها لخدمة هذا الوطن ورفعة شأنه بين الأمم .


    • ( 14 )

      عندما تغتال الأحداث براءة الطفولة فتطمس بشاشة وجوهها


      هذا هو حالي لكم طفلا أعيش بينكم في مختلف بقاع هذه المعمورة ، معرض في هذه الحياة الفانية لوقائع أحداث وقضايا ، قد تلقي بضلالها على كاهلي فتؤثر تأثيرا سلبيا على نفسيتي وترهق قلبي فتهز مشاعري ، وربما تذرف الدموع من عيني لواقع الحدث الذي قد يلم بحالي ، فربما لا أجد تلك اليد الحنونة التي تمسح تلك الدموع عندما تذرفها عيناي زمن المهد . فتختلف الأحداث والمآسي التي أتعرض إليها في حياتي الفانية ، وفقا لما كتبه خالقي عز وجل لي أن تصيبني ، وفي المقابل تمر عليّ مناسبات عزيزة إذا عشت حياة هادئة وفي استقرار دائم في كنف اسرة هادية متحابة متعاونة ، بين يدي ممن حملوا الأمانة فكانوا أهلا لحملها ، فالدنيا هكذا حالها لا تصفى دائما لأحد ، قد يكون حالها في بعض أيامي مرا شبيها بالعلقم من شدة مرارة قسوة الأحداث التي أتعرض لها ، فيصيب قلبي الحزن وأتمنى وقتها أن ينجلي بسرعة دون رجعة ـ وفي بعضها يلامس أيامي الحلاوة ، فتمر علي مناسبات سعيدة عزيزة على قلبي إذا عشت سعيد بين أحضان أسرتي ، فيكون طعم أيامها شبيها بالحليب الذي رضعته لي أمي عامين كاملين عندما كنت طفلا صغيرا ، فكان طعمه يذوب في لساني كالشهد لينموا جسمي فتهدأ مشاعر قلبي ووجداني .


      وبما أن قلبي غرس الخالق عز وجل فيه البشاشة والرقة وأنا طفلا أسرح وأمرح ، فإنني غير مدركا بما قد يحل بي من قضايا وأحداث في حياتي ، أقضي يومي أسرح وأمرح بين زملائي في المدرسة أو في حارتنا ، وبين أحضان أسرتي ، فإن تقاسيم وجهي قد توحي للناظر إليه بالبشاشة الدائمة ، لكن بقاء الحال من المحال ، فأفتقد تلك البشاشة ولم أجدها على تقاسيم وجهي مرة ثانية عندما أتعرض لهذه الأحداث التي تثقل كاهلي وتدمر مستقبلي .

      *فكيف ستجدون البشاشة تملأ تقاسيم وجهي وقد زج بي إلى هذه الحياة الفانية ولا أعرف أبويّ من هم . سوء ملائكة الرحمة ترفق بي بعدما تم إنقاذي من جانب برميل نفايات ، أو وجدوني ملقى أمام جامع أو مسجد بفعلة قلوب أثمة .

      *وكيف تجدها وأنا طفلا وفي سن الطفولة رمى بي القدر وله أسبابه ، بأن تعبث يدي بمجمعات القمامة ، تلتقط ما يمكن أن احصل منه لأبيعه لأحصل على بضع مالا أسد به رمق جوعي .

      * وكيف تجدها وأنا مشرد طفل ضائع منحرف ، رمى أبي بأمي واخوتي جوعى في مسكن متهالك نتنظر الحسنة من أصحاب القلوب الرحيمة لنشري لنا ملبسا جديد عن يحل علينا العيد بملابس باليه ، وذلك ليتحقق لأبي ما يدور في باله
      ولإشباع غريزته بتعدد زوجاته أو لإشباع رغباته على حساب حياتنا ومستقبلنا .
      * وكيف ستجدونها عندما أرى أباء زملائي في المدرسة يحضرون ليسألوا عن حال أبنائهم وأنا لا أرى وجه أبي ولو عساها مرة واحدة
      طوال أشهر الدراسة .
      *وكيف تجد البشاشة حاضرة في تقاسيم وجهي وأنا طفلا مشرد بسبب حرب طاحنة تدور رحها بين الساسة المتناحرين على السلطة في بلدي .

      *وكيف تجدها حاضرة وأنا أكاد اتبول على ملبسي من خوف هدير صوت دبابات وطائرات عدو أحتل وطني وشرد أمتي ، ويكاد في بعض الأوقات العصيبة لم أذق طعم النوم من هول الكارثة التي ألمت بي .

      *وكيف تجد البشاشة تملأ تقاسيم وجهي وأنا أعمل في بعض الورش لكي أكسب قوت يومي لكي أساعد أسرتي في تدبير متطلبات الحياة الصعبة في زمن الغلاء الفاحش وجشع التجار.

      *وكيف تجد البشاشة تملأ تقاسيم وجهي وأنا أنام على الأرض لا أجد لحاف اتغطى به من قسوة برودة الشتاء القارص وغيري ينام على سرر مفروشه .

      وحكايات كثيرة يعجز عقلي أن يذكرها أتعرض لها في هذه الحياة وأنا طفلا فلم استمتع بسنوات الطفولة اليانعة وببراءتها ، وهذا هو حالي عندما تلقي الأحداث والقضايا على كاهلي فتعكر حياتي وتدمر مستقبلي .

      فكيف يا ترى سنرى البشاشة تملا من جديد تقاسيم وجه تلك الطفولة ، وهنالك في مختلف بقاع المعمورة أحداث ومأسي وقضايا ومشاكل تتعرض لها الطفولة ـ فمن لم يسلم من بطشة حرب عدو محتل ، أو من همجية ساسة يتصارعون على السلطة ، فأنه لم يسلم من قضايا ومشاكل اسريه يدفعون ثمنها. إن لم يحكم العقل الذي ميزنا به الخالق عز وجل عن سائر مخلوقاته ويستنار به في مختلف أمور هذه الحياة الفانية ، وترمي بالمصالح الشخصية خلف الظهور ، وتكون يدي ولاة الأمر جديرة بحمل الأمانة التي وضعها الخالق عز وجل بين يديها ، فتسهر على راحتهم وتوفير متطلبات الحياة الكريمة لهم ، لنرى البسمة والبشاشة تملأ دائما وجوه الطفولة في مختلف بقاع هذه المعمورة . فإن تعمير الأوطان لا يتأتى إلا بالاهتمام بمواردها البشرية ، والطفولة هي البذرة الطيبة التي أذا سقلت قلوبها بمبادئ الدين الحنيف ، وغذيت بالقيم والأخلاق الرفيعة وانيرت عقولها بالعلم النافع ، فإن مردود ذلك هو موارد بشرية قادرة على أن ترقى بأوطانها فيتحقق للوطن على أيديهم التقدم والنماء .









    • ( 15 )

      عندما تنغرس أيدي الطفولة اليانعة في براميل القمامة القذرة ـ

      ما أصعبك يا لقمة العيش


      في الأسبوع الماضي وأنا أتجول بين حارات الفيحاء مساء ، شد نظري منظرا يكاد أراه يتكرر بصفة دائمة أمام عيني ، لكن هذه المرة تأثرت بالمنظر الذي شاهدته ، عندما وجدت طفلين صغيرين لا يتعدى الأكبر سنا منهم أحدى عشر سنة يتشبثان ببرميل القمامة بيد ، وبالأخرى تمزق أكياس القمامة التي رميت بذلك البرميل الكبير ، الذي يكاد الذباب مشكلا حوله مثل السحابة الداكنة ، ورائحته الكريهة لا يطيق قلب أمرى مر بجانبه أن تستنشقها أنفاسه ، حتى ولو كان صب على جسمه أغلى العطور الفرنسية الغالية ، برميل مليء بالقمامة يستجير من الوضع الذي هو عليه ، مرت عليه ايام لم يحضروا عمال النظافة لتخفيف الثقل عن كاهله ، فمن باب الفضول تقربت من الطفلين وسألتهم : لماذا تمزقان أكياس القمامة ؟ فهذا عمل غير طيب ويؤثر سلبا على صحتكم ، وربما بجوف تلك الأكياس قطع زجاج فتتعرض أيديكم الناعمة للجروح ، فقال الصغير منهم يا عمي نبحث عن ( قواطي ) وأية قطع معدنية أخري كخردة ، نبيعها عندما يحضر صاحب الشاحنة الذي يطوف كل أسبوع أرجاء الحارة ، فنقبض من وراء ذلك بعض المبالغ البسيطة ، ولو أنها تعد بأصابع الأيدي في كل مرة ، فسألتهم وفيما تصرفان تلك المبالغ ؟هل لشراء بطاطس وبوب وحلويات من نساء الحارة ، فرد الأكبر منهم لا يا عمي لكننا نساعد بها والدنا في تدبير مصروفنا اليومي للمدرسة ، لأن راتب والدنا لم يعد يكفي لسد متطلبات المعيشة في أيامنا الحاضرة .


      هذا هو واقع حال بعض الأسر في مجتمعنا العماني للأسف ، هذا هو وجه براءة الطفولة سخروا بعض من الوقت والذي من المفروض أن يكون لراحتهم أو للاستذكار دروسهم ، أو للعب مع أطفال الجيران . من أجل البحث عن ما يوفر لهم مصروف يومهم الدراسي لشراء وجبة من مقصف المدرسة ، فبقيت حائرا بين أمرين وهما أنهم أطفال رغم صغر سنهم وعدم نضج عقولهم ، لكنهم عرفوا مشاكل الحياة التي تواجههم ، وقدروا الظروف المادية التي يعاني منها والدهم ، فشرعوا في البحث في مكان لا أحد يحب أن يمر بجنبه للمساوي التي ذكرتها أعلاه ، فوجدوا منه الغاية التي من أجلها يحصلوا على عدد من القواطي الفارغة وربما لم يحصلوا عليها ـ فيرحلوا ليفتشوا في برميل أخر فقد تكون ريحته كريهة ليس بأقل من سابقه ، بينما نجد شبابا في مجتمعنا عندهم وظائف ورواتب جيدة ، ولا يقدرون حجم المسؤولية الملقاة على كاهل أولياء أمورهم ، فنجدهم يسخرون المادة للسفر ولتزين السيارات ولأمورهم الخاصة .

      فما أصعبك يا لقمة العيش عندما تنغرس يد الطفولة اليانعة في براميل القمامة القذرة ، ليجود عليها العامل الأجنبي صاحب الشاحنة والحمولة الكبيرة ، بمئات بيسة ترسم البسمة في وجوه تلك الطفولة الصغيرة ، لأنهم لا يعرفون أن ذلك العامل يجني من وراء ما جمعته أيديهم مبالغ باهظة ، فعندما أراهم يحصلون على عشر مئة بيسة يركضون إلى منازلهم فرحين بها بوجوه فرحة مستبشرة . فهذا هو واقع بعض الأسر وهذي هي الحياة . يقول الشاعر : إذا كنت في نعمة فرعها :: فإن المعاصي تزول النعم . والمعاصي المقصودة هنا أن يسخر البعض منا النعم التي رزقه الخالق أياها في ارتكاب المعاصي والفجور ، وفي البذخ والإسراف . بينما توجد أسر في المجتمع تتمنى أن تطال أيديها الشيء القليل من تلك النعم ، فهي بحاجة إليها لتقدر أن تتكيف مع ظروف الحياة القاهرة .

    • مبارك عليك افتتاح المدونه

      حلو عنوانها "قطائف من الحياة "

      بالتوفيق لك ~~
      ♥ الفرح في قلوبنا لـا يرحل هو فقط قد يغفو قليلآ ، ليأتي أجمل ツ ♥
    • ( 16 )

      عندما تهاجر العقول إلى خارج حضن الوطن


      مرة أخرى تعود بي الذاكرة إلى الوراء ، إلى تلك الحقبة الماضية قبل بداية النهضة العمانية المباركة ، تذكرني كيف هاجرت عقول أجدادنا وآبائنا إلى دول الجوار لهدفين ساميين ، أولها لنيل العلم والمعرفة بحكم عدم وجود مؤسسات للتعليم في تلك الحقبة في هذا الوطن ، فالبعض منهم اكتفوا بتدارس العلم والفقه على يدي المشايخ والقضاة المعاصرين في تلك الحقبة ، والبعض منهم هاجر إلى دول الجوار لنيل العلم والمعرفة ، أما الهدف الثاني لهجرة تلك العقول أرض الوطن فكان بسبب ما عانته من
      شظف العيش وتقلبات ظروف الحياة الصعبة ، أرغمتها قساوة تلك الأوضاع إلى هجرة وطنها وترك أهلها وذويها للبحث عن مورد رزق لها في دول الجوار خلال تلك الحقبة ، فتغربت وعانت الكثير من المشقة والمهانة في سبيل أن تنعم بحياة حرة وكريمة فصبرت سنوات على ذلك الحال ، لكنها في نهاية المطاف رجعت إلى حضن الوطن بعد أن أنعم الله علينا بقائد عظيم كان همه الأول منذ تسلمه زمام الأمور في بداية السبعينيات أن يجعل أمة وطنه تعيش سعيدة بين أهلها وذويها . وأن تعود لتساهم في بناء هذا الوطن ، فعمان بحاجة إليهم من أي وقت مضى .

      اليوم حالنا تغير والحمد لله ، فهنالك مؤسسات عظيمة في هذا الوطن تنهض بسواعد أبنائه ، وهنالك آلاف المدارس تروي عقول أبنائه بالعلم والمعرفة ، وجامعة حكومية ، وبعض الجامعات الخاصة والذي كنا نتمنى بأن يكون هدفها الأسمى هو أن يكون التعليم الجامعي فيها في متناول جميع فئات الشعب ، لا أن يصبح الواقع مغاير عكس ما كنا نتماه ، وأن تكون مناهج التدريس فيها ومخرجاتها مواكبة لحاجة سوق العمل وخاصة ما يتطلبه القطاع الخاص من كوادر بشرية مؤهلة علميا وعمليا تسهم بالنهوض به ، فتكون قادرة أن تثبت ذاتها بين تلك العمالة الوافدة المتربعة على عرش كافة مؤسساته ، ليتحقق مبدأ التعمين الذي تسعى إليه حكومتنا الرشيدة بإحلال المواطن العماني محل تلك الأيدي الوافدة ، وردا للجميل الذي قدمته الحكومة الرشيدة لذلك القطاع من حوافز ودعم للنهوض بمؤسساته ، فخيرات مؤسسات ذلك القطاع أولى أن تسخر لأبناء الوطن أولا ، لا أن نتركها للوافد يتنعم بها . لذلك نرى استمرار هجرة تلك العقول إلى خارج حضن الوطن ما زال قائما لنيل العلم والمعرفة من مختلف الجامعات المنتشرة في ربوع دول العالم الشقيقة لنا والصديقة ، فالعلم في بعضها لا يقاس بنسب كبيرة أو بتكاليف باهظة ، وإنما أتيح في متناول الجميع طالما توجد لدى الفرد الرغبة في نيل العلم والمعرفة ـ فنجده بنسب متواضعة وبتكلفة متوسطة لا يقارن مع ما تفرضه جامعاتنا الخاصة .


      وهنالك عقول أخرى هجرت أرض الوطن بعدما أنيرت عقولها بالعلم والمعرفة ، فقدم لها الوطن الكثير من خيراته ، فكان ردا للجميل أن ثابرت وقدمت كل ما لديها من إمكانيات وقدرات لرفع مستوى إنتاجية مواقع عملها ، فخدمت الوطن لسنوات كثيرة ـ لكنها بحكم ما تعانيه من مضايقات في تلك المواقع ، وما صدر بشأنها من تخبط في بعض القرارات الصادرة من قبل ذوي الشأن ، عصفت بجهودها ، وكسرت عزيمتها ، لكونها مشت عكس التيار ، فلم ترضى لأنفسها أن تزج بها في أمور لا تخدم مصلحة هذا الوطن . فكانت النظرة لها من قبل ذوي الشأن بأن تزاح الشوكة من حلقوم تلك المواقع . فأزيحت من مواقعها ، وهمشت أفكارها ، وجمدت عقولها في جهات لا تمت صلة بتخصصاتها ولا بطبيعة أعمالها ـ هنا لم تشفع لها سنوات الخبرة التي قضتها خدمة للوطن ، ولا ما قدمته من أعمال جليلة ساهمت بالرقي بمواقع عملها السابقة ، لذا فأنه من الطبيعي وكردة الفعل أن تبادر تلك العقول فتبحث لها عن ملاذ أخر لها يحتضنها فقررت هجرة الوطن .


      فهكذا تظل تهاجر تلك العقول وطنها الأم ، وتبحث عن ملاذ أخر يحتضنها ، تجد فيه متنفس أخر تبدع بطاقاتها وتكرس جهودها لخدمته ، بعدما أصبح حضن وطنها لا يتسع لها في نظر البعض ، هنا نقول إلى متى يا وطني خبرات شبابك تذهب سدى ، والى متى ستظل تغرد خارج حضنك ! أليس من الأحرى إنصافها والأخذ بيدها ، لتظل تقدم ما لديها من طاقات وأفكار تخدم مصلحة الوطن ورفعة شأنه ، لا أن يسعى البعض بتصرفات لا يحسب لها حساب إلى الزج بها إلى متاهات الغربة والديار البعيدة ، ربما ترحب بها فتحتضنها ليس حبا في أوطانهم ، أو لسواد عيونهم . وإنما بما تقدمه من خبرات وطاقات ستساهم فعلا في الرقي بمواقع أعمالهم في حضن أوطان الغير . فهذا ما أثبته الواقع عندما نرى شبابنا وقد تربعوا في حضن منابر بعض القنوات الفضائية في دول الجوار فأثبتوا جدارتهم ، كان من الأولى أن تشد تلك الحناجر في منابر إعلام هذا البلد ، لكونهم ركيزته الأساسية ، فهم أساسه المتين الذي لا تزعزعه كلمة ضالة ، وهم ممن سيدافعون بما ستخطه أقلامهم من كلمات صادقة ، لو تعرض الوطن وأمته لا قدر الله لأية جارحة ، وسيشدون بحناجرهم كلمات حب وولاء لو كانت باقية عقولهم في حضن الوطن . أخير نسأل الله تعالى أن لا تستنزف مواردنا البشرية فتهاجر خارج حضن الوطن ، لتبقى تحلق داخل حضنه لتسموا بالوطن وأمة إلى مصاف الدول المتقدمة كما رسم لها القائد "حفظه الله ورعاه" ذخرا لوطنه وأمته .



    • ( 17 )

      عندما يتسابق القلب قبل العين لاحتضان الحبيب

      صبـاح الخيــــر يـــا الغالـــي عبيـــــــرا يفــــــوح بنسماتــه

      يـا من أعطـــى قلـبي الصافي رقــــة وحنــــــان بلمســــاتـــه

      في روحي وكياني أراه يبحـر فيثـــــــري علــــــيّ بعباراتــه

      يغـــــازل طيفـــــك أحلامــي فيـــــزداد قلبـــــــي نبضاتــــــه

      تمنيـــــــتــك تكــــون بقربـي لتخفـــف عــــن قلبــــــي أناتـه

      ترجيتــك تعطنـــي نظــــــرة لتطفـــــي لهيــــــب حسراتــــه

      أريد أعشــش وســـط هلقلـب ألـلـي عــذب روحــي بكلماتـــه

      وأريد أشــرب من رحيق حبه بعبيـــــــر الطيــــب لذاتــــــــه

      وأريد ألمـــس شعــــر رأســه لأعـــــرف طبيعـــــة خصلاته

      وأريد عيني تحـــاور عينــــاه لأفهـــــم مغـــــــزى نظراتــــه

      وأريد أضمه وســـط صــدري لأتمعن دومــــــــا في بسماتـــه

      تمنيــــت عرفتــــه مـــن أول ليمســــح عن قلبــي عاهاتــــه

      سكــن في القلــب قبـــــل العـــيــن
      فترجــــت عينــــــــي طلاتــــه
      فكيـــــف لقلبـــي أن لا يعشـق قلبـــــــا يتمنــــي ملاقـاتــــــــه

      فأسمــــك دوم يشـــل فكـــري يحســس قلبــــــي بهمساتــــــه

      يا من مزجتـه بعبيـــر الطيب فهبـــــــــت علـــيّ نسماتــــــه

      فزادت همومي فـي هالدنيـــا وقلبـــــي نـــــــزفت جراحاتـه

      أتمنــــى مــــــن ربــــــي بأن يجمعنــــــا فـــــي جناتـــــــــه





    • ( 18 )
      عندما يكون القلم سلما نصل بواسطته إلى ذرى المجد



      القلم أداة يستخدمها الإنسان فهو يعمل مقام اللسان الذي ينطق بالكلمات منذ أن يبدأ الطفل بالتفوه ببعض حروفها منذ نعومة أظافره ، فإذا أحكم الإنسان التصرف به وأستغله استغلال حكيما وسليما نفعه ونطق بالحق ، وإذا استغله استغلال سيئا وراوغ عن كتابة الحقيقة ، وكانت هنالك أهداف له ومصالح من وراء تضليل وجه العدالة وإخفاء الحقيقة ، فإن لسان هذا القلم ينقلب نقمة لصاحبة ، فإن الصحفي الذي يغطي مجريات الأحداث التي تقع بين حين وأخر في مختلف بقاع المعمورة ، إذا تحرى الدقة في نقلها وكشف الحقيقة كاملة ، وأظهرها بقلمه أمام مرأى ومسمع الأمة ، كسب ذلك القلم قيمته ـ أما إذا سعى إلى إخفائها وتضليلها فأنه بالتأكيد سيخسر مصداقية قلمه ، ولا أحد يقرأ لأخباره ولا يعيرها أية اهتمام .


      وكان للقلم دوره الحضاري والفكري للأمة ، فبألسنة القلم بلغت دعوة الإسلام بلاد الروم والفرس ومماليك اليمن والأحباش والنجاشي ، وكذلك كانت للرسالة التي وجهها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم إلى أهل عمان يدعوهم إلى دخول الإسلام دورها العظيم لنشر الإسلام في هذه البلاد العزيز، فوصلت الرسالة فاستقبلوها ملوك عمان برحبة الصدر ، قبل أن تطأ خف حافرا موطأ قدم في أرض عمان الخير والسلام ، فكيف حافظت هذه الأمة على تاريخها العريق ـ وكيف دونت السنة والسيرة النبوية والعقيدة الإسلامية وكافة المخطوطات والدواوين ، وكذلك التاريخ والأدب ـ إلا بالقلم . فبواسطته كذلك جاهدوا علماء المسلمين في مختلف بقاع المعمورة بنشر الإسلام والدفاع عنه ، والحفاظ على المقدسات الإسلامية من أن تدنسها يد الصهاينة ، مهما وجودوا بمعتقداتهم حجج باطلة كما يزعمون ، فكانت للكلمة الطيبة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء عظمتها في تاريخ هذه الأمة المسلمة ، فيجب علينا أن نسخر أقلامنا للرد الصاع صاعين إلى أعداء رسولنا الكريم زنادقة الدنمارك الذين رسموا بأيدهم القذرة مختلف الرسومات التي أسأت بحق رسولنا عليه أفضل الصلاة والتسليم . كذلك علينا أن نكشف أطماع بني صهيون وحججهم الباطلة على مسمع ومراء دول العالم ، وما تقوم به من تنكيل وحروب أفتعلها ساستها بمختلف مسمياتها وأسبابها الباطلة ، لكي تبقى لهم الكلمة والزعامة في هذا العالم ، بحكم أن القانون الدولي بعيدا عنها لا يطولها ، ولكي تحافظ على أطماعها بالاحتفاظ بمقدسات هذه الأمة والأراضي التي اغتصبتها بالقوة من دول الطوق . وهنا يجب أن يفعل دور الإعلام في مختلف بلدان الدول العربية والإسلامية .

      كذلك كانت أقلام الصحفيين الذين سقطوا في ارض العزة ( غزة الصامدة ) وأرض الرافدين عندما داهموها الطغاة ، ودمروا حضارة بلاد الرافدين بلاد الرشيد (بغداد العراق الصامدة ) في وجه الغزاة وأطماعهم ، شاهدة عليهم بقيامهم بما يحتم عليهم واجبهم الوظيفي مهنة الصحافة ، وكشف الحقائق وتدوينها وإظهارها بين أنظار الأمة قاطبة في هذا العالم المتقلبة أحواله ، فاختلطت دمائهم الطاهرة بأحبار أقلامهم ، التي رصدت تلك الأحداث ، ودونت في صفحات كثيرة مجريات الأمور لحظة بلحظة ، قبل أن تغتالها رصاص وشطائر قذائف الغزاة ، وكيف قضى بني صهيون بدبابتهم العسكرية على الصحفية والناشطة الإسرائيلية فدهستها ، عندما كانت متضامنة مع شعب غزة ، ترصد الوضع فتدون بقلمها ما يعانيه ذلك الشعب بسبب الحصار والممارسات القمعية التي ينتهجها عساكر بني صهيون ، وكنت من أكثر المعجبين بالكاتب الصحفي الكبير بقناة الجزيرة الأستاذ احمد منصور عندما دون في كتابه الأخير عن حرب الفلوجة الصامدة . فكشف الصورة الحقيقية أمام الأمة عن طبيعة المعارك والتضحيات التي حصلت من قبل أهالي الفلوجة الشرفاء ، وما قدموه من تضحيات حفاظا على الكرامة العربية وإجلالا لبلاد الرافدين بلاد الخليفة الرشيد .


      أما في عصرنا الحاضر فإن الواجب الوظيفي الذي يقوم به الكاتب بالعدل وما يدونه بقلمه ، شاهدا علينا بما يكتبه من بيانات وكلام موثق في مختلف الأوراق الشرعية ، كمستندات الزواج والطلاق وغيرها فيما تخص أحوالنا الشخصية ، وهنالك أيضا أدلة دامغة يكتبها القلم بمواقع مختلفة شاهدا علينا لتبرئتنا ممن ما قد يصادفنا في هذه الحياة من أمور ، ربما نجد أنفسنا وسطها بحكم بعض الأحداث والقضايا التي قد نكون طرفا فيها، فيحكم علينا بالبراءة وتصدر الأحكام في مختلف القضايا الشرعية ، فيدونها أمين السر في قاعات المحاكم بالقلم ، فتكون حجة علينا نلتزم بتنفيذها ونتعهد برد الحق لصاحبه حتى لا يكون وبلا علينا .


      وللقلم منزلة عظيمة فكيف للطبيب أن يكتب رشة الدواء لمرضاه ، وكيف للمهندس أن يرسم ما يدور في ذاكرته من أشكالا وخرائط هندسية إلا بالقلم ، وكيف للمحامي أن يكشف وجه الحقيقة أمام قاعات المحاكم فيكسب القضية ـ إلا بما خطته قلمه من أدلة دامغة ، وبيانات دونت سابقا بمداد القلم في وثائق رسمية كانت كلها أدلة براءة لخروج المتهم من القضية التي أتهم فيها . وكيف للشاعر أن يكتب ما تجود به قريحته من شعر ، وكيف للقاص أن يكتب قصته ويسدر أحداثها ، وكيف لنا نحن الكتاب ذكورا وإناثا أن نكتب مسودة مقال قبل أن ندرجه على الساحة العمانية ـ إلا بالقلم . صحيح أن الحاسوب أصبح يقوم بمهام كثيرة في مختلف مجالات الحياة في عصرنا الحاضر ، إلا أن القلم مازال صامدا ولا يمكننا في يوما من الأيام أن نتركه سواء في المكتب أو المنزل أو في السيارة ، وفي أي مكان يبقى القلم متواجدا .


      لذا فإن للقلم منزلة وقيمة عظيمة في عصرنا الحاضر مهما وجدت هنالك بدائل ، لا يمكننا الاستغناء عنه في وقتنا الحاضر . وبواسطته وصلنا إلى ما نحن إليه من مناصب إدارية وقيادية ، و ما وصلت إليه دول العالم قاطبة من تقدم ورقي وحضارة ساهم برقي شعوبها وثقافتها .






    • ( 19 )
      عندما ينطق القلم دفاعا عنك يا رسول الله


      بداية حديثي هذا وقبل أن أدخل في صلب الموضوع الذي أنا بصدد الحديث فيه ، لا بد لي من كلمة شكر أقدمها لجميع الأقلام المبدعة ، لما تخطه من مواضيع قيمة ومفيدة تتطرق إلى قضايا وظواهر دخيلة على مجتمعنا المسلم المحافظ ، تحدق بشبابه وبأسره عامة .


      إن قيام زنادقة الدنمرك بما خطته أقلامهم القذرة بالتعدي على رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام بتلك الرسوم القذرة ، لم يكن ليتحقق لو أن إعلام دولنا العربية والإسلامية جديرا بتغيير النظرة الخاطئة السائدة لدى دول الغرب عن الإسلام ، وخاصة بعد أحداث سبتمبر ، وما وصل به حال هذه الأمة من ذل وهوان لحق بها ، جرأ تسلط الدول العظمى التي ترسم لها مبادئ الحرية ، والتي تددعي أنها من بيدها مفتاح الديمقراطية ، وتوفير الراحة والاستقرار للشعوب ، فتحججت بمختلف الحجج الباطلة التي يتحدثون عنها لفرض هيمنتها عليها وإذلال شعوبها ، ولم تكن أحقادهم لتزداد على الإسلام والمسلمين في مختلف بقاع المعمورة . لو أن أقلام المبدعين من الكتاب ، وسخرنا إعلام مختلف الدول العربية والإسلامية لتصدي لذلك ، ولو أن العلماء والمشايخ شرعوا بالاجتهاد كل حسب قدرته ، فقاموا بتوضيح الصورة الأسمى لهذا الإسلام ، إلا اليسير منهم من بادر بذلك . فقط اكتفينا بالتهليل وبح الحناجر والسير بمظاهرات لا تسمن ولا تغني من جوع . وشرع البعض بفتح قنوات ماجنة تبث سمومها لضياع أجيال هذه الأمة المسلمة ، كما يقول المثل كمن يزيد الطين بلة . فلو تضافرت جهود جميع ممن ذكرتهم أعلاه ، لكنا قدرنا أن نخلق صورة طيبة عن الإسلام لدى الغرب ، ولشرع الكثير منهم باعتناقه ، ولكنا أسكتنا تلك الأقلام القذرة التي أساءت برسومها الخبيثة على رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام وألبسناها لجاما حتى لا تتجرأ أن تمد حبرها وتسيء برسومها الباطلة بحقه .


      إن ما تخطه أقلامكم المبدعة من مواضيع قيمة وهادفة تتطرق إلى قضايا وظواهر دخيلة على مجتمعنا المسلم المحافظ ، تحدق بشبابه وتزعزع استقرار وترابط أسره ، كان لتكم الكلمات التي سطرتموها في مختلف تلك المواضيع التي أدرجتموها في هذه الساحة ، دورها العظيم وأثرها في الإرشاد والإصلاح في نفسية القارئ ، فستجد آذان مصغية لها تأخذ بها ، فتغير حال الأنفس وتعدل من مسارها الخاطئ إلى مسار طريق الإرشاد والصلاح .

      لقد تطرقت أقلامكم المبدعة إلى قضايا حساسة تلامس وضع هذه الأمة وتحدق بشبابها فتطرقتم إلى قضايا من أهمها المخدرات ، والخيانة الزوجية ، وشرب الخمر ، والزنا ، والحب المعاصر الزائف ، وقضايا تزعزع الحياة الزوجية ، وتفكك ترابطها وتخلخل نسيجها الاجتماعي ، والظلم الذي يقع للزوجة بسبب تعدد الزوجات ، إن لم يتحقق شرط العدالة فيما بينهن ، وخاصة إذا شرع الرجل بالزواج من امرأة أخرى دون علم الأولى ، وبات شبح الإهمال والتقصير بحقها وبحق أبنائها يخيم عليهم ، وربما يتفاقم الوضع فيؤدي الأمر إلى انحراف الأبناء ، وخاصة إذا لم تقدر الأم على تربيتهم ، وغياب الأب عنهم لفترات طويلة شاغلا نفسه بالاهتمام بالزوجة الثانية وأموره الخاصة.


      وبعض الأقلام المبدعة تطرقت إلى بعض الظواهر الغير مستحبة والتي تفتك بالفرد وتدمر ذاته وعقله ، وتلقي بضلالها على أسرته ومجتمعه عامة ، فتطرقتم إلى قضايا الزنا والحب المعاصر الزائف الذي تنخدع به بعض الفتيات اللاتي رضين بأنفسهن الارتماء في أحضان الذئاب البشرية الجائعة ، وإشباع الغريزة الجنسية بطرق غير مشروعة ، مما أنعكس سلبا على أخلاقهن ، وتدنت أوضاعهن ، وضياع مستقبلهن ، ومنهن من شرعت بالرمي بما حملته أحشائهن أما المستشفيات والجوامع ، وهذا هو نتاج الحب الزائف المعاصر ، لقد كنت بزيارة خاطفة إلى جناح الأطفال في أحد المستشفيات فلمحت عيني فتاتين جميلتي الصورة ينظران إلى المستقبل بنظرة تلامسها براءة الطفولة ، ما أجملهن سبحان الخالق وما أروع براءة طفولتهن وهن في تلك الآسرة ، ملائكة الرحمة هن من يقمن بمقام الأب والأم في آن واحد . فمن باب الفضول سألت ملائكة الرحمة عنهن ـ فكان الرد قد أصابني كالصاعقة التي قصمت قلبي ، بأنهن بنات زج بهن إلى هذه الحياة بعلاقة غير مشروعة والعياذ بالله . وهذا ما اقترفته أيدي ممن كان السبب بزج بهن إلى هذه الحياة بما ارتكبته أيدي الأنفس الضعيفة ، التي همها إشباع الرغبة في لحظات شيطانية ، لم يحسبان للعاقبة أية حساب ساعة وصول متعة الحرام إلى ذروتها ، فهذا هو نتاج الحب المعاصر الزائف يا فتيات هذه الأمة المسلمة ممن ترضين بأنفسكن بالخوض في هذا المسار الخاطئ ولو بخطة واحدة .


      إن مبدأ الإرشاد والتوجيه غير محدود لفئة معينه ، وليس محصورا فقط للدعاة والخطباء وأئمة المساجد ، عندما يصعدون إلى أعلى المنابر لإلقاء الخطب على الأمة ، لتوجيههم إلى طريق الهداية والرشاد ، بما تتطرق إليه تلك الخطب من قضايا وأوضاع معاصر لهذه الأمة في حياتها وفي مختلف شؤونها . لكن الكلمة التي تخطها أقلامكم كذلك دور عظيم وجديرين أن تصلحوا بها حال بعض الفئات من هذه الأمة ممن انحرفت أنفسهم ، والأخذ بهم إلى طريق الهداية والرشاد .


      لقد شدني رد أحدى الأخوات في تعقيبها على موضوع أدرجته في ساحة قضايا الشباب بعنوان " سنام الجمل " بأنها لم تكن على دراية بنص الحديث الشريف الذي ضمن بنص الموضوع ، فكانت تقلد زميلتها ، ولم تكن تعرف العاقبة التي تنتظرها ، فتصورا يا إخوتي لو أن خمس فتيات من مختلف ولايات هذا الوطن العزيز ، كتب لهن الهداية وتركن تلك الظاهرة الغير طيبة ، فما هو تأثير هذا العدد عندما يعرفن أخواتهن وأمهاتهن داخل الأسرة بالعاقبة المنتظرة لهن ، وفقا لنص الحديث الشريف . وكم عدد الفتيات اللاتي سيتركن هذه العادة بعد عدة أشهر أو بعد سنوات ، فما بالكم ممن يتابعن هذه الساحة من مختلف بقاع العالم . هكذا تكون أنفسكم قد شرعت في مبدأ الإرشاد والإصلاح لحال هذه الأمة ، وذلك بما تخطه أقلامكم المبدعة بالتطرق إلى قضايا وظواهر خاطئة تلامس حال شباب هذه الأمة وعلى الأسرة بأكملها ، نهى الشرع الحنيف الخوض فيها . وأمرنا رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام اجتنابها وعدم التفكير بالشروع فيها ، لما لها من أضرار سلبية على الفرد ذاته وعلى الأسرة والمجتمع عامة .


      نعم للكلمة دور عظيم في الإرشاد والإصلاح والتوجيه إلى طريق الاستقامة والرشاد لحال هذه الأمة المسلمة ، إذا سلك البعض منهم بالخوض في مسارات خاطئة . فقط إذا قدرنا قيمة القلم وعرفنا كيف نسطر منه كلمات صادقة تكون حدة صداها في قلوب زنادقة الرسوم الباطلة ، شبهة بقوة الرصاصة عندما تنطلق من فوهة البندقية فتصيب قلوبهم المريضة . نعم يكون القلم هنا في خط المواجهة فيتصدى لكيدهم ، ويرده في نحرهم ، دفاعا عن رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام .

    • ( 20 )


      فعندما ينهمر المطر قصة مأساوية

      فتمر على بلادنا الغالية سنوات عجاف يكاد ينحسر فيها المطر
      ، يتذمر فيها حال الإنسان والطير والشجر ، تنادي رب العزة أن يرحمنا بتساقط حبات المطر ، وما أن يأتي المطر ، ونسمع نشرات الأرصاد الجوية تتنبأ بأن منخفض جوي قادم كضيف ينتظر ، فتحرص الجهات المعنية ، على أن تبث الأخبار والنشرات الجوية ، فتتبع أحوال الطقس في مثل هذه الظروف والأحول ، وتدعم ذلك بالصور الجوية لتنبؤات العددية ، الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية مسار المنخفض القادم ، فتصدر التحذيرات بأخبار تحذيرية ، تبث على مدار الساعة لأخذ الحيطة والحذر ، من ما قد يصاحب المنخفض من تقلبات في الغلاف الجوي وغزارة الأمطار ، وسرعة الرياح وغزارة مياه الأودية ، وخاصة القاطنين بالقرب من مجرى الشعاب والأودية ، فغالبا ما تكون الأراضي الموزعة من قبل الجهات المعنية ، معظمها في مجارى الأودية ، وبعضها في التلال الجبلية ، فتبهج النفس ويرتاح البال وننتظر ساعات وصول المنخفض .

      فأخير حل الضيف المنتظر بسحب سوداء كثيفة داكنة ، تجرى ما بين السماء والأرض ، وشعاع البرق يعرج وسط السماء كلمح البصر ، ويدوي الرعد في مسامعنا ـ وما هي إلا لحظات فتتساقط قطرات المطر ، فتتجمع على هيئة برك مائية كبيرة ، ثم تسلك مسارها إلى مجرى الشعاب و الأودية ، فمن بين سفوح الجبال الراسيات ، تندفع الوديان بسرعة عالية ، مياه غزيرة جارفة لا أحد يجزم قوتها وقدرتها التدميرية ، وهنالك شوارع مرصوفة تأخذ مسارها مجرى تلك الأودية ، نفذتها الجهات المعنية ـ بحكم طبيعة التضاريس وعدم أتساع المكان ، فكان مسارها في مسار جريان الأودية ، ورغم تلك التحذيرات والتنبؤات العددية ، الصادرة من الجهات الرسمية ، ورغم جهود شرطة عمان السلطانية ، نرى أمام أعيننا أناس يجازفون بأنفسهم وعوائهم فيعبرون الوادي ، وكأنهم يتحدوا القدرة اللاهية ، فهنالك سيارة يدعي صاحبها بأنها ذات عزم رباعي وقوة الصاروخية ، يعبر بها عباب الوادي وبها كافة أفراد العائلة ، فلا يدري ما يخفيه لهم القدر ، فأما أن يجرفها تيار الماء ويحملها كورقة قرطاسيه ، وأما أن تضربها بعض الصخور الجبلية ، وما هي إلا دقائق وثواني زمنية ، حتى غرقت السيارة واختفت عن الأنظار البشرية ، تعالت الصرخات من قبل الحضور وأسرعت الاتصالات لدوريات الشرطة بطلب النجدة ، لإنقاذ الأسرة المنكوبة ، فأخير وبعد فترة انتظار سمع الجميع هدير الطائرة العمودية ، التابعة لشرطة عمان السلطانية ، حامت وطافت أرجاء المكان فحددت مكان وجود السيارة الرباعية ، وبعد انحسار مياه الوادي ، تم البحث والتحري عن أماكن وجود الأسرة المفقودة ، فوجدوا جثثهم بعضها عالقة بمقصورة السيارة ، وبعضها دفنتها مياه الوادي بين الصخور فغمرتها التربة الطينية ، نقلت الجثث إلى المتشفى ، ليتم التعرف عليها من واقع بيانات بطاقاتهم الشخصية ، أخيرا تعرفوا عليهم فهم أسرة من الولاية الفلانية ، أجرى رجال الشرطة عدة اتصالات بذويهم ، وطلبوا منهم الحضور إلى المستشفى دون تأخير ، لأن جثث ذويهم ترقد في غرفة الإنعاش ـ أمانة ورجعت إلى رب البرية ، وما هي إلا ساعة من الزمن حتى إمتلىء المستشفى بأقارب المنكوبين ، وبين لحظة وأخرى تعلوا صرخات مدوية ، بكاء وصريخ لفقدان عزيز عليهم قضوا نحبهم في لحظة استعجال ـ فماذا كان الحال لو تريثوا لحظات زمنية .


      فهذه هي النهاية المساوية ، فعلينا أن نحترس في مثل هذه الأحوال ، ونأخذ الحذر عندما ينعم علينا رب البرية ـ بأمطار خير على بلادنا بعدما عانت أغلبية البلدان من مشاكل المحل لسنوات عديدة ، لكي لا يكون حالنا مثلما طويت صفحة تلك الأسرة البرية بتلك الظروف المأساوية .


    • ( 21 )

      قابوس الخير ـ يد تغرس المحبة والسلام ـ ويد تصنع المنجزات .


      عندما تحل علينا ذكرى مناسبة العيد الوطني التاسع والثلاثين المجيد ، تشدنا الذاكرة إلى الوراء فنتذكر حديث أجدادنا وآبائنا ، كيف كانت معيشتهم قبل بداية النهضة المباركة ، وكيف هجروا وطنهم إلى بلدان مجاورة ، بحث
      عن موطئي رزق لهم ـ يكفل لهم العيش الكريم في هذه الحياة .
      ومع بزوغ فجر النهضة المباركة بقيادة مولانا القائد المفدى "حفظه الله " تغير الوضع كثيرا ، فامتدت يد القائد البيضاء تغرس المحبة في قلوب العمانيين ، فشرع بتوحيد البلاد ، فكان النهج الحكيم لمولانا "حفظه الله" أن يكسب ود الشعب ويحقق أردته ، وأن تكون يد الشعب ملتحمة مع الحكومة ، مهما اختلفت قبائلهم وانتماءاتهم وتعددت مذاهبهم ـ كل سواء يدا واحدة تبني عمان الخير والسلام ، وتذود عن ترابها الطاهر. وهذا ما رسخ الأمن والاستقرار الداخلي لهذا البلد .

      ففي بداية الأمر واجهت الحكومة بعض الإشكاليات والمشاكل التي كانت تحدق بالوطن ، لكن يد القائد الكريمة كانت أسرع لدرء تلك الفتن ، و
      رحابة صدره وعطفه وحنية قلبه لشعبه كانت أعظم ، فامتدت لتصافح وتعفوا عن من زجوا بأنفسهم في أمور لا يحتضنها تراب هذا الوطن الطاهر ، وعندما رجحوا عقولهم واعترفوا بأخطائهم ـ وفضلوا بأن يكونوا مع الحكومة يدا واحدة ، منحهم القائد ثقته ، فيده الكريمة التي تنهمر بالخير والعطاء لهذا الشعب ، لم تتعود يوما على رفع الجلاد حتى على ممن أخطوا بحق حكومته وشعبه ـ فبدون ذلك لا يتأتى تحقيق المنجزات ولا تتحقق الإرادة للشعب ولا يسعد الوطن ، وهذا ما عجزت على فعله بعض القيادات في بعض الدول .
      أن مكرمات جلالته السامية لها أثارها الطيبة في أنفس الشعب ، فكانت نتاج جهوده الصادقة في الجولة السامية لمنطقتي الباطنة والظاهرة ـ مكرمات عظيمة للمرآة العمانية كونها نواة المجتمع ومربية أجياله، ومكرمات أخرى سامية للنخلة بزراعة مليون فسيلة في بعض مناطق السلطنة ، لكون النخلة ما زالت وستبقى زاد الإنسان مهما تعددت موارد رزقه في هذا الكون ، فكانت نظرة جلالته محل تقدير وإعجاب من لدن الشعب.

      فهنئا لك يا عمان بهذا القائد الفذ ، وهنئا لنا نحن جيل النهضة المباركة بأن نفخر بما تحقق من منجزات عظيمة على تراب هذه الأرض الغالية ، سائلين المولى عز وجل أن يعيد هذه المناسبة على مولانا صاحب الجلالة " حفظه الله " أعواما عديدة وهو ينعم بالصحة والعمر المجيد ، وأن تبقى عمان واحة خير وعطاء ،
      وأمن واستقرار إنه سميع مجيب الدعاء .

    • ( 22 )
      مقدمة
      برنامج ساعة صفا
      في إحدى حلقاته

      وها نحن نجدد لكم هذا اللقاء في ساعة صفا ، نتجول اليوم في إحدى الولايات العمانية العريقة ، المتميزة بحاراتها العمانية القديمة ، المزدانة بزخارف أبرحتها وتصاميم هندسة بنائها بمختلف النقوش الإسلامية ، التي شيدتها الأيدي العمانية ، عندما امتزجت بالطين وبنت هذه الحارة القديمة الواقعة ما بين هذه البساتين الزاهية ، بنخيلها الباسقات المزدانة بثمارها اليانعة الطيبة ، تشد نظرك أبواب هذه الحارة بتصاميمها الهندسية ، التي أبدعتها يد حرفي مبدع لم يتلقى تعليمه لا في مدرسة ولا في جامعة خاصة أو حكومية ، لكن الإرادة والعزيمة والنية الصادقة جديرة أن تأخذ بهمة الإنسان فيبدع ويبرع في مهنة يدوية ، تعينه على التكييف في هذه الحياة ومواجهة مصاريفها المعيشية ، ونحن نتجول في ربوع هذه الحارة العمانية ، صادفت طريقنا امرأة طاعنة في السن عمرها يتجاوز السبعين سنة ـ متزينة بملابسها المطرزة بالأيدي العمانية ، سروال ودهداشة عمانية وعلى الرأس ( ليسو) مطرز بأضحية تتدلى منها خيوط حريرية ، منحني ظهرها ، وصوت دقات عكازها يضرب على الأرض كأنه نعمة موسيقية ، سلمنا عليها وردت بتحية الإسلام ، والبسمة تملأ تقاسيم وجهها مرحبة بنا ، فتنادي أحفادها زحوم ، فلوع ـ هيا ـ أحضرا للضيوف القهوة العمانية ، تناولنا القهوة تحت ظلال شجرة زام تتدلى منها ثمار ناضجة سوداوية ، فطلبنا منها أن تحكي لنا حكاية عن سنين عمرها التي أنقضت في هذه الحياة الفانية ، فنادينا عليها بصوت عالي لثقل سمعها مرة أخرى أن تحكي لنا قصة عن ما حدث لها ولأسرتها في تلك الحقبة الزمنية ، فضحكت وقالت يا أبنائي سأحكي لكم حكاية أمة عظيمة صابرة مكافحة ـ كيف كانت أوضاعها في خلال تلك الحقبة من السنين الماضية ، فأجدادكم وبعض آبائكم يا أبنائي تغربوا عن هذا الوطن إلى مختلف الدول الخليجية ، فمنهم من سافر إلى الكويت ، والبحرين ، وقطر ، والإمارات وبعضهم إلى المملكة العربية السعودية ، من أجل لقمة العيش وأن يضمنوا لأبنائهم حياة حرة وكريمة ، فعملوا في تلك الدول في مختلف المهن والحرف اليدوية ، كالزراعة ، والتجارة ، والصيد ، وغيرها من المهن ليضمنوا لقمة عيش هنيئة .

      ياه ـ كيف أصف لكم الحالة التي كنا فيها وعليها ، لا مستشفيات يا أبنائي ولا مجمعات صحية ، أمراض تفتك بالبشر والعلاج المتوفر فقط بالكي والحجامة وبعض الأدوية الشعبية ، والمعيشة بسيطة فنأكل القاشع والمالح والعوال والسمك والتمر ، فهذا ما هو موجود في ذلك الوقت في بيوت الأسر العمانية ، وأشجار نعمل منها سلطة ( فرفينة ، وسيداف ، ملحلاح ) ونخلطها مع القاشع واليمون والملح ، فكنا نحضر تلك النباتات عندما نذهب كل يوم نرعى الهوش في السهول الجبيلة ، وجرعة لبن أو حليب نحلبها كل صباح ومساء من ما رزقنا رب العباد من المواشي التي نربيها في حضايرنا المنزلية ، فمعظم أبنائي ضاقوا طعم الغربة لسنين وشهور زمنية ، إلى أن أنعم الباري لهذا البلد بقائد عظيم قاد المسيرة العمانية ، منذ عام سبعين والحياة في بلادي يا أبنائي تغيرت موليه ، رجع معظم من كانوا خارج حضن الوطن وشغلوا وظائف في مختلف المؤسسات الحكومية ، فبدأت مسيرة الخير نقطف ثمارها ـ ونرى التغيير في مختلف الميادين التنموية ، شوارع ـ ومدارس كثيرة منتشرة في مختلف مناطق البلاد نفذت في فترة زمنية ، تنشر مختلف العلوم والآداب والفنون التشكيلة ، ومستشفيات حديثة ومجمعات مجهزة بأرقى المعدات والأجهزة الطبية ، فعمت المسيرات والأفراح في بلادي قاطبة وعلقت الزينات في مختلف المناسبات الوطنية ، في الشوارع وفي المساكن وعلى وجهات المباني الحكومية ، فكثرت الجامعات والكليات التطبيقية ـ التي يدرس فيها مختلف علوم الحاسوب والاتصالات والبرامج المهنية ، وهنالك أيضا جامعات خاصة برسوم دراسية ، وفصول لمحو الأمية مفتوحة في مختلف المدارس الحكومية ، الحمد لله أحفادي تخرجوا من الجامعات وبعضهم من مختلف الكليات التقنية ، وثبتوا تواجدهم في مواقع عملهم في وظائف حكومية ، فالعلم يا أبنائي نور لعقول البشرية ، عشنا حياتنا طول السنين الماضية عقول خالية من العلم ، وفي ظلام دامس فلا أقدر أن أقراء كرت المستشفيات الحكومية .

      فنصيحتي لكم يا أبنائي ذكورا وإناثا أن تسخروا أقلامكم لخدمة الوطن وأمته ، وأن تكون الكلمة التي تكتبوها في مختلف المواقع وفي الساحة العمانية ، سلاحا للدفاع عن الوطن والإشادة بما تحقق من منجزات تنموية في مختلف الولايات العمانية ، وأن لا ترضوا بالمساس بسمعة وطنكم لتصنعوا بذلك ملحمة وطنية ، همكم اليوم النهوض بعمان الغالية إلى الأمام بعد أربعين سنة من سنوات الشموخ لهذه النهضة الفتية ، بقيادة القائد الشجاع حامي حمي الوطن وقائد المسيرة الظافرة لعماننا الأبية ، فالقلم يا أبنائي سلاح ذو حدين ـ فأما أن يرفع صاحبه إلى أسمى درجات العلى ، وأما إذا سخر في أمور تضره أولا وتضر بسمعة وطنه ، فأنه بلا شك سيرمي به في دهاليز السجون المظلمة ، فاحترسوا من ذلك واحرصوا أن تكون القضايا التي تناقشوها ، في مختلف المواقع التي تتواجد فيها أقلامكم مدروسة دراسة وافية ، وابتعدوا عن التأويل والتهويل في مضامينها ، أو إلقاء التهم لأي مسئول جزافا بدون أدلة ووثائق قانونية ، ولا تعرجوا بكلمة الإصلاح خارج حضن الوطن إذا وجدت في بعض مؤسساته لا قدر الله مسارات خاطئة ، فبقائها في حضنه يتردد صداها أفضل فربما تسمعها من أمته أذان مصغية ، فتأخذ بها إلى طريق الإصلاح فيتحقق بذلك الخير والنماء لعمان الغالية . وكونوا خير سفراء لها في أي بقعة تتواجدون فيها من الكرة الأرضية ، لتبقى عمان في جوف قلوبكم محمية كأنها جوهرة مكنونة ، وأتمنى أن كان للعمر بقية أن أراها تخطوا خطوات واثقة نحو النهوض بمختلف الصناعات الثقيلة ، لتكون في مصافي الدول المتقدمة ، توفر من خلالها فرص عمل لشباب البلد ليتولوا زمام الأمور بدلا عن العمالة الوافدة ، المتواجدة في تلك القطاعات الصناعية ، فلا تعمر الأوطان إلا بيد أبنائها فهم ثروتها التي لا تنضب ، وليعيشوا على تراب هذا الوطن الغالي حياة حرة وكريمة ، فالريال يا أبنائي بيد العماني ينفع البلاد والعباد فيكون مثل ماء المطر الذي يمكث في الأرض عندما تروي المزن مختلف الأراضي العماني ، أما الريال الذي بيد العامل الوافد أمثال ( كومار ، وكاشور ، وراجوه ) فيعرج به إلى خارج حضن الوطن الغالي ، فلا ينفع البلاد والعباد فيكون مثل الزبد الذي يذهب جفاء ولا نجني منه أية فائدة مولية .

      وسلامتكم يا لحاضرين .





    • ( 23 )

      هل ستصمد أقلام الأحرار في هذا الوطن أمام عقبات المتربصين بها .


      عندما نكتب موضوعا ما في أي مجال ـ سواء كنا نكتب قصة ، أو نسرد تفاصيل قضية أو مقال ، تكون للكلمة صدى ، ولها معنى ومغزى . نختار أفضل الكلمات التي تحمل في طياتها معاني جميلة وصادقة ، نحاول أن نرسخ المعلومة في دماغ القاري لها بأسلوب حوار لا به تظليل ولا تهويل، ونكتب تفاصيلها بدقة تامة وواضحة . لتجد لها صدورا رحبة وأذان صاغية ، نتعمد عند كتابتها أن تكون مضامينها مستندة على وثائق وأدلة دامغة . نحمي بها أقلامنا لتظل تنير درب الخير والصلاح لهذا الوطن .


      فالأقلام كثيرة وذات أشكال متنوعة ، منها أقلام همها إخفاء الحقيقة وتظليل رأي الناس ، ولسان حالها يكتب كلمات زائفة منافقة وغير صادقة ، ولا تجد للغيرة مساحة لها فيما كتبته في صفحات الجرائد ، همها المصلحة الشخصية ، والرضاء والمجاملة الفردية ، سرعان ما يجف حبرها فتتبعثر أحرف ما سطرت من كلمات ، فلا تستطيع يد كتابها أن يجمعها، أو أن يرسخ أفكارها فيعتقد أنه سيضلل بها عقول أمة متحضرة ، ليست عقول أمة مضت في حقبة زمنية قد ولت وانقضت ، اليوم هذه الأمة أنيرت عقولها بالعلم والمعرفة ، بفضل يد القائد"حفظه الله " . فتفتحت وأبصرت عيونها لترى شمس الحقيقة قد سطعت ـ لا تحجب ضوئها سحابة سوداء داكنة ، ولا تعبأ لما سيلحق بها من مضايقات وافتراءات ـ قد ترمي بها قيعان السجون المظلمة ، فرأت أنه لا بد للحق أن يظهر ، ولا بد للباطل أن يزهق . فانكشفت أمامها الحقائق فكان لا بد للأمور أن تتغير إجلالا للوطن وحبا لقائد مسيرته .

      وأقلام تسطر كلماتها يد أمينة غيورة وصادقة ، تجدها تكتب وتعبر عن أحداث ومشاكل ، وقضايا تمس حال الفرد والوطن ، لا تعبأ بما قد يصيبها ، أو يكدر حالها . همها المصلحة العامة ، ورفع الضرر عن ما يحدق بالأمة ـ من أمور أضحت فيها المصلحة الشخصية تطغى على المصلحة العامة ، قد تستنزف مواردها وتعسف بكيانها ، فتخلخل نسيجها ، وتدمر ترابطها وتماسكها. تلك الأقلام الصادقة تتطرق إلى مواضيع قضايا ساخنة عالقة ، تفوح منها روائح مزعجة ، سرعان ما تنتشر روائح فسادها في أرجاء الوطن ، فلا تجد متنفس لها بيننا ، فتجرأت تلك الأقلام على فتح ملفاتها ـ فبعثرت أوراقها ، فكشفت حقائق دنيئة ، وأهداف وغايات ومصالح شخصية ، لم تكن لتفوح قبل ذلك أمام العامة ، فلو بقيت هكذا لكان أشتد لهيب سخونتها ، فأكلت الأخضر واليابس ، من خيرات هذا الوطن وموارد رزقه ، تلكم الأقلام الصادقة قد تصنع المعجزات ، وتسطر أحلى الكلمات ، الغيورة على مصلحة الوطن قبل المواطن ، تحاول أن يكون صداها يتردد بين أرجائه ، وأن تجد لها أذان صاغية ، صادقة غيورة ، تسمعها لا أن تسعى لإسكاتها . أو أن تقوم ببعثرت حروف كلماتها الصادقة وتقم بتضليلها ، وطمس حقيقتها ، والزج بها خلف قضبان سجون المحاكم ، تنتظر عدالة القضاء ونزاهته ، فقط لأنها تجرأت ونطقت كلمة حق وصدق ، كان القصد منها أن تأخذ بمصالح الوطن إلى بر الأمان ، فكشفت ما كان يحاك في مكاتب بعض المؤسسات الحكومية ، من مصالح شخصية وتسلط في المسؤولية .


      فهل يا ترى ستظل أقلام الأحرار الغيورين على مصلحة هذا الوطن تسطر تلك الكلمات الصادقة ، فتكسر شوكة المتربصين بها (عباد المصالح ). فتبحر بشراع هذا الوطن إلى بر الأمان ، لتبقى عمان واحة أمن وأمان ، وخير وعطاء . كما رسم لها مولانا القائد المفدى "حفظه الله " .


    • ( 24 )
      وبدأت رياح التغيير تهب على عماننا الغالية

      إن رياح التغيير التي تهب على عماننا الغالية ليست تلك الرياح التي هبت علينا أثناء الأنواء المناخية والتي اقتلعت الكثير من نخيل مزارع عماننا الغالية ـ وإنما رياح من نوع أخر نشم روائحها الزكية قادمة من حصن الشموخ لتنشر نسيمها العليل على كافة أرجاء هذا الوطن العزيز ، إنها رياح الإصلاح والتغير التي تمنيننا أن تهب علينا من سنوات طويلة لنأخذ نفسا طويلا نقيا .

      فكلنا ندرك أن بناء الدولة العمانية طوال الأربعين سنة الماضية ليس بالأمر الهين ، ومن ضحى بسنوات عمره الغالية لبناء هذه الدولة العمانية الفتية وراحة شعبها الأبي ، لا يقبل بأي حال من الأحوال أن يرى أركانها تتصدع أمام بصيرته ولا يحرك ساكنا ، وهذا ما عهدنا من مولانا صاحب الجلالة " حفظه الله " بأن ظل حريصا على أن يعيش هذا الشعب الأبي حياة حركة وكريمة ، فهذه الدولة في عصرها الزاهر الميمون قامت بفضل من الله ثم بفضل القيادة الرشيدة والمتبصرة لمولانا صاحب الجلالة " حفظه الله " ، وبدماء ابنائها الشرفاء التي تساقطت لدحر الطغاة المتربصين بهذا البلد العزيز منذ بداية عصر النهضة المباركة ، وما شهدته السلطنة من أحداث خلال مسيرات الاعتصام التي ظهرت في مختلف ولايات السلطنة لم يكن يحصل بمحض الصدف ـ وإنما نتيجة لما وصلت إليه الأوضاع المعيشية الصعبة التي رضخ فيها هذا الشعب طوال السنوات الماضية ، دون تحريك ساكن من قبل ممن وضع القائد المفدى الأمانة بين أيديهم ، فإرادة الشعوب مهما ضاقت من ولايات القهر والحرمان وغطرسة الحكومات المتسلطة لا يمكن لها أن تبقى تعيش في ذلا وهوان ، فلا بد لها من لحظة انفجار لتصحح الوضع الحاصل ، ولتعديل ما يمكن تداركه ليستقيم حال الأمة وتهنى بحياة حرة وكريمة .

      والشعب العماني مر بتجارب سابقة فالثورة التي حصلت زمن السيد سعيد بن تيمور ، كانت ضد حكمة نظرا لحالة البلاد المتهالكة وشظف العيش التي عانى منها الشعب العماني طوال سنوات حكمه ، أما حركة الاعتصامات التي شهدتها البلاد في مختلف الولايات العمانية فجأت عكس ذلك ، وكان الهدف منها كشف الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعاني منها الشعب العماني أمام بصيرة مولانا صاحب الجلالة " حفظه الله " نظرا للغمامة التي أوجدها بعض صناع القرار في هذه الحكومة ممن وضع القائد الأمانة بين أيديهم ، لكنهم للأسف أثبت الأيام بأنهم ليسوا جديرين بحملها ، وليسوا حريصين على مصلحة هذا الوطن وشعبة ، بل كان همهم جني المكاسب وزيادة الثروات والممتلكات والتربع على خيرات هذا البلد العزيز . وما حصل في العاصمة العمانية القديمة صحار العريقة مقر حكم الأمام أحمد بن سعيد من أحداث لها أسبابها ، فالأوضاع المعيشة الصعبة التي يعاني منها أغلبية الشعب العماني ـ واتساع الهوة بين الشعب وصناع القرار ، والعجز الحاصل في تدارك تبعيات غلاء المعيشة من قبل جهات الاختصاص ، وبعثرت أموال الدولة بمئات ملايين الريالات في مناقصات مبالغ في قيمتها ، وتراكم الكثير من القضايا والمشاكل جاثمة على صدور الشعب كالبطالة ومرض الوساطة والمحسوبية التي باتت تنخر جسد الجهاز الإداري للدولة ، وغيرها من القضايا كانت بمثابة الحمم التي قذفت ببركان الغضب الشعبي تجاه الحكومة .

      لقد أثبتت الأحداث الأخيرة التي شهدتها البلاد إن إرادة الشعب العماني وخاصة جيل الشباب لا يمكن قهرها ، وأن استخدام القوة بالرصاص الحي أو المطاطي لتركيع إرادتهم ، سيقابلها الشباب الغاضب بصدور مفتوحة ، لأن الموت أهن عليهم من أن يعيشوا حياة ذل وقهر ومهانة . لأن دمائهم ليست أزكي من دماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لقيام هذه الدولة الفتية بداية عصر النهضة ، وليس بمقدور أي سلطة أن تضحك على أذقانهم بما هو سائد خلال سنوات بداية عصر النهضة ، لأن الأجيال حالها تغير وعقولها أنيرت بالعلم والمعرفة ، وبصريتها أصبحت مدركة لما وصلت إليه أوضاع الوطن، وجل الشباب المعتصمين مدركين ما يحصل في هذا البلد العزيز من مسارات خاطئة فاحت روائحها الخبيثة منذ سنوات ، فألقت بظلالها على كاهل هذه الشعب وقدراته ، وتربع على خيراته فئة معينة باتت أمورها مكشوفة أمام نظر العامة ، فجيل الشباب الواعي والمثقف المدرك بما يدور حوله ، أصبح لا يأبى بتخويفه جونية الفلفل التي كانوا يسمعوا عنها من حديث الشياب والآباء ، أو برصاص البنادق التي أصبحت حاضرة في وقتنا الحاضر بيد قوات الأمن إذا أحس أن جسد وطنه أصبح ينخره الفساد الذي يهدد أمنه واستقراره .

      لقد حاول البعض تغيير صورة الأحداث الجارية في السلطنة وقلب الموازين ضد شباب هذا الوطن المعتصمين ، وبثت الرسائل الهاتفية بأن تلك الأحداث تقف ورائها أيدي خارجية ، وبقى إعلامنا العماني يطبل ليل نهار لأعوانه ، ويعكس الصورة الحقيقة لما يحصل وأن الهدف من تلك التظاهرات قلب نظام الحكم ، كما حصل في بعض الدول العربية التي شهدت نفس الأحداث . لكن كل ذلك لم يثني إرادة الشباب المعتصمين بل زاد الأمر تعقيدا فزادت وتيرة الاعتصامات في مختلف ولايات السلطنة قاطبة ، وأشعل رصاص أجهزة الأمن الوضع سوء بعد مقتل أحد المواطنين وتأثر الكثير من الشباب من الغازات المسيلة للدموع ، لأن مبدأ العنف سيقابله عنف مضاد ، وأن صدور الشباب جاهزة لتلقي الرصاص الحي أو المطاطي وأي مقذوف آخر تستخدمه أجهزة الأمن لقمع تلك الاعتصامات ، لكي تخرص تلك الأفواه الشابة عن تطالب بحقها المشروع الذي كفله النظام الأساسي للدولة . لتبقى الكعكة بيد ممن تتلذذ ألسنتهم بحلاوتها ، وأن هذا الشعب حُرم عليه أن لا ينال نصيب منها حسب ما هو واضح من أجندتهم . فمثل هذه الأوضاع لا يمكن معالجتها بهذا التصرف الرعن الغير محسوب لعواقبه الوخيمة على الوطن وأمته .

      إن النظرة الثاقبة لمولانا صاحب الجلالة وحكمته دائما سيدة الموقف ، ودائما تكن نظرته للأمور لمصلحة شعبه الوفي ، ولقد أثبت الظروف الصعبة التي مرت بها السلطنة منذ بداية هذه النهضة المباركة ، واثناء الأنواء المناخية التي تعرضت لها البلاد ، إن تلاحم الشعب دائما يقف خلف القيادة الرشيدة ، وأن هذا الشعب هو كالجسد الوحد متماسك البنيان يشد بعضه بعضا ، وأن عمان وقائدها المفدى في وسط قلوب العمانيين جميعا ـ فعمان هي الأم قلبها مفتوح للجميع ، والسلطان هو الرمز والأب الحنون وهو من بفضله رفع رؤوس العمانيين بين الدول ، فأدرك مولانا حفظه الله بأن الشعب هو الباقي على تراب هذا الوطن العزيز وهو من سيحمي مكتسباته ، أما من كان همه فقط الابتعاد عن مصالح العامة والاكتفاء فقط بالتفرد بخيرات هذا الوطن والجري وراء المصالح الشخصية فهذه الفئة مصيرها الرحيل إذا غرقت البلاد في بورة المشاكل والفوضى التي لا تحمد عقباها .

      وها هي رياح التغير قد بدت نسائمها الطيبة تهب على هذا الشعب الأبي ، ونستنشق روائحها الزكية ، فصدرت المراسيم السلطانية التي كنا نتمنى صدورها من زمن لتغير الحال ، والخير قادم بإصلاحات أخرى قادمة إن شاء الله ، فكما يقول المثل رب ضارة نافعة والأحداث وما صاحبها من أضرار ، أتت بفائدة على هذا الشعب لينزاح عن كاهله سنوات طويلة من الذهل والمهانة والغطرسة التي فرضت عليه ، ولكي تبقى ملحمة هذا الشعب خلف قيادة مولانا صاحب الجلالة " حفظه الله " من أجل أن نعيش على تراب هذا الوطن حياة حرة وكريمة وأن تنهض عمان من جديد مرفوعة الرأس بين الأمم شامخة البنان قلعة صامدة في وجه الطغيان ، مزدانة بشبابها البواسل الشجعان ، محروسة بعناية الرحمن . فسر بنا يا مولاي نحو المعالي لنرتقي ولنبي معا عماننا لتبقى متماسكة البنيان.







































    • ( 25 )
      وسأظل تعلمني الحياة


      تمر علينا في حياتنا الدنيا مواقف كثيرة منها ما يؤثر على القلب ، فنتعلم منها الكثير من الدروس والعبر ، ونحاول أن نصحح أخطائنا التي وقعنا فيها ، وكذلك نتعلم منها ما يفيدنا في حياتنا مستقبلا لو تعرضنا لأي موقف في هذه الحياة، ولا بد للإنسان أن يتساير معها بخيرها وشرها ، بصفائها وبضبابيتها ، فعندما تتعرض لموقف معين قد تنقلب حياتك رأسا على عقب ،لكن لا ينعدم من يسعى إلى الخير والصلاح في هذه الحياة ، بها وجوه بشر يشع من تقاسيمها نورا ينير لك درب الحياة من جديد مهما أسود دياجي لياليها الحالكة أمام نظرك ، تتشرف عندما تلتقي بها ، أو تسمع صوتها يتردد في أذنيك ، أو أن تقرءا كلماتها الطيبة التي هي بمثابة بلسم ينقى القلب ، ويعيد الروح لتسكن في الجسد بعدما تكدر حالها ، تفرح عندما شعاع نور وجهها يأتيك من كل حدب وصوب برسالة عابره أجواء هذا المنبر العذب ، أو باتصال هاتفي ، أو بلقاء مع وجه غالي على القلب شارف منتصف الخمسينات من العمر شهم ونشمي بمعنى ما تعنيه الكلمة ، وهذه هي سمة الشرفاء في هذا البلد العزيز ، أو بكلمات تصدر من أخ عزيز صغير في السن، لكن ما فضفض به قلبه من كلمات طيبة كانت بمثابة دواء يشفي النفس من علتها ، فعندما تزن كلماته التي وردت من قبله الصافي كصفاء دمعة العين ، تعرف أنها نابعة من أخا كبيرا في العقل بعض النظر عن صغر سنه ، كم هي الحياة جميلة عندما تجد أخوات يقفن معك بالكلمة الصادقة النابعة من قلوبهن الصافية كصفا الماء الزلال ، يكن لك التقدير والاحترام، لم تلتقي بهن ولم يربطك بينهم أي نسب أو معرفة لا من بعيد ولا من قريب ، لكن أقلامهن المبدعة ، وما خطته من رسائل راقية حوت كلمات طيبة المعنى تشد من أزرك ، ويبعثن في نفسك العزيمة لكي تنهض يدك الحرة من جديد فتمسك بالقلم لكي يبقى صامدا طول الدهر ، بقدر ما لدى النفس من صحة عزيمة وإصرار لكي ترجع كما كانت ، ليبقى القلم هو النور الذي سيضيء لها الدرب لتكملة المشوار لما بقى لها من سنوات عمرها .

      وكم هي حلوة الحياة عندما تسامح نفسك وتصفي قلبك لأخوة وأخوات عزيزين على قلبك مهما اختلفت معهم في وجهات النظر ، وتسبب ذلك في سوء فهم وتشابك الخطوط ، وكم هي حلوة الحياة عندما تمسك يدك الحرة تلك الخيوط المتشابكة وتحاول أن تفك تشابكها ، لكي تبقى تلك الخيوط نسيجا متماسكا بعضه بعضا كالبنيان المرصوص متساوية في خط سيرها وتوجهها كأسنان المشط لترقى بهذا المنبر إلى الأمام ، لا يضغن قلبك أي شيء مهما حصل من خلاف ، فالدنيا غير ساويه أن تبقى القلوب بها شي من الحساسية والضغائن ، فلا تعلم أي نفس ما هو مصيرها ومتى سترحل إلى باريها فربما في غفلة عين ، فمن الأفضل لها أن ترحل وجميع قلوب البشر التي تعاملت معها صافية لها تدعوا لها بالخير والمغفرة .

      علمتني الحياة أن يظل مبدئي فيها العفو عند المقدرة والصفح من شيمة الرجال حتى لو تأثرت النفس وتضايقت ـ لكن مصيرها سترجع كما كانت تواصل المشوار في حياتها بفضل والوجوه الشريفة التي تنير لي درب هذه الحياة ، نسأل الله تعالى أن ينقى قلوبنا جميعا من الذنوب والآثام كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس . ونسأله أن نلتقي بهذه الوجوه في جنته الدائمة إذا لم نلتقي في هذه الحياة الفانية .


    • ( 26 )


      كونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا
      لتبقى عُماننا الغالية بجوف قلوبكم

      عمان يا وطنً غاليً على قلوبنا جميعا ، البلد العزيز الآمن بأهله وبطبيعته الساحرة المتمثلة بجمال جباله الشاهقة ، وخضرة بساتين نخيله الباسقة ، بلد الحضارات والتاريخ والعراقة والأصالة ، بلد الأمن والأمان والراحة والاستقرار ، والخير والنماء ، والعزة والشموخ .، كشموخ حصونه وقلاعه الصادمة على مر الأزمنة الماضية ، لتظل تحكي للأجيال المتعاقبة حكاية أمة عظيمة ، ذات تاريخ عريق ضارب منذ القدم ، دخل أهله الإسلام بدون أن تطأ خفي حافر قدمها على ترابه الطاهر بمحض إرادتهم الصادقة ، وكانوا مضرب المثل في تمسكهم بعقيدتهم وبتسامحهم وبتعاونهم البناء فيما بينهم وتحليهم بالقيم والأخلاق الفاضلة ، عندما أقف متطلعا بنظري إلى قلعة الشهباء الصادمة في نزوى العريقة ، والحزم وحصن جبرين وغيرها من المواقع الأثرية الخالدة في مختلف الولايات العمانية ، والتي بقت صامدة شامخة حتى يومنا الحاضر، فأنها ستحكي لي ولأبنائي حكاية أمة عظيمة عاشت على تراب هذا الوطن العزيز حياة كفاح ومثابرة ، لكي تتكيف مع أوضاع الحياة المتقلبة وشظف العيش في تلك الحقب الزمنية الماضية .


      وعُماننا الغالية على قلوبنا جميعا أنعم الله عليها بقائد ٍ عظيم ، الذي حرص منذ تسلمه مقاليد الحكم في البلاد في عام 1970م على أن تعيش أمة هذا الوطن حياة حرة وكريمة ، ظلت طوال الأربعين السنة الماضية من عمر هذه النهضة الظافرة ، يسود حال شعبها الوئام والوفاق والتعاون المخلص والبناء ، والراحة والاستقرار والأمن والأمان ، وهذا ما لمسناه في عهده الزاهر الميمون ، فعندما اتذكر الحياة البسيطة التي عصروها أجدادنا وآبائنا ، وماذا عانوا من تعب ومهانة وأعمال شاقة التي كانوا يعملوا فيها طوال شبابهم خلال تلك الحقبة الزمنية الماضية قبل عصر النهضة ، وشظف العيش وبساطة الحياة وعدم توفر وسائل الراحة ، وقلة توفر مناهل التعليم بين أيديهم ، إلا لمن كان له الحظ بأن يتتلمذ على يد شيخ أو عالم دين لمن تيسير حال أهله في تلك الحقبة الزمنية ، فأنه لواجب علينا أن نحافظ على عُماننا الغالية ونضعها في وسط قلوبنا ، وذلك إجلال وتكريما ومحبة لقائدنا المفدى الذي يرجع له الفضل بأن جعل عقولنا تنار بالعلم والمعرفة ـ ووفر لنا وسائل الراحة في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والأمن والأمان الذي أشادت به الأمم من حولنا في مختلف بقاع هذه المعمورة .

      فالعاقل فينا ليفكر فيما آلت إليه الأوضاع في بعض الدول المضطربة في وطننا العربي الكبير ، وعلى البعض منا أن لا ينجر وراء تقليد ما يحصل من أعمال تخريب ودمار للممتلكات من قبل الأنفس الضالة في تلك الشعوب ، بأن يزج بنفسه بتصرفات رعنا ببث الفوضى والتخريب ، لأن هذه الأمور لا تحمد عقباها ، فعواقبها وخيمة وتثير الفتنة ولا تحقق لهم اية فائدة بل تؤدي بهم إلى الهلاك ـ والدمار للوطن وأمته .


      إن مبدأ التظاهر السلمي الذي لا يلحق الضرر بالمكتسبات مطلب كلنا نؤيده ، ومن حق الأمة المطالبة بالإصلاح إذا وجدت مسارات خاطئة في بعض مؤسسات الوطن ، لم يقم صناع القرار بتصحيحها سواء كانت تحت مرأ بصيرتهم ، أو أنهم بعيدين عنها بسبب تصرفات أيدي خفيه تعمل لمصلحتها ، فإن على صناع القرار أن يراعوا حق الأمة وتسيير مصالحها بما تكلفه القوانين والأطر المنظمة في أي مؤسسة خدمية ، وبما يرقى بتطلعاتها و يضمن لها حياة حرة وكريمة ، أما أن ينجر البعض منهم لتتبع مصالحهم الشخصية وعدم الاهتمام بمصالح الأمة وتيسير أمورها ، فإن هذا بلا شك سيؤدي إلى حدوث مسارات خاطئة في بعض مؤسسات الوطن ، وسيخلق جو من الضبابية والغموض والدخول في دوامات الخلاف والانشقاق ويوسع الفجوة فيما بينهم والشعب ، وسيولد المشاكل والضغوطات على كاهل المواطن ، ويخلق جوا من عدم الاستقرار في حياة الأمة .

      فمن حق أي مواطن يعيش على تراب عماننا الغالية أن يهني بالراحة والاستقرار ، وأن توفر له الحكومة دعائم الرحة والاستقرار والعيش الرغيد له ولأسرته وهذا ما يسعى إليه دائما جلالته "حفظه الله" ، وكل واحد منا يتمنى أن يرى جامعات حكومية أخرى ينهل منها أبناء الوطن العلم والمعرفة ، ليس الحصر على جامعة حكومية واحدة ، فكيف لولي أمر أن يدفع لتعليم أبنه مبالغ ضخمة في جامعاتنا الخاصة ، التي انتشرت في مختلف مناطق السلطنة ، وراتبه الشهري يكاد لا يوفر منه ريالا واحدا نهاية كل شهر في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة الحالية ، فيجب إنارة عقول الشباب بالعلم والمعرفة لتكون سواعد بناء لا سواعد تخريب وهدم وضياع مستقبل ، فإن الأوطان لا تبنى إلا بسواعد أبنائها ، ولا يستقيم حالها إلا بوجود مؤسسات تعليمية راقية لتأهيلهم علميا وعمليا بما يخدم متطلبات سوق العمل ويحقق الرفاهية للوطن وأمته ، لا أن نترك سوق العمل مفتوحا على مصرعيه للعمالة الوافدة تتمتع بخيرات هذا الوطن ، وشباب البلد راكنً نفسه بزاوية من زوايا منزله بعد أن تسلح بالعلم والمعرفة. وعلى الشباب التحلي بالصبر وعدم التعفف عن مزاولة أي عمل شريف كلا حسب مؤهلاته وقدراته ، لتبقى العقول مركزة على نيل العمل ـ ولتبقى تبدع وتسهم في رقي مختلف مؤسسات وطنها العامة والخاصة ، فعدم إشغال عقول الشباب بالدراسة أو العمل يولد الكثير من المشاكل تلحق الضرر بالوطن وأمته .


      إن ما حصل من قبل بعض الشباب من تخريب ودمار لبعض مؤسسات الوطن خلال الأيام الماضية في ولاية صحار العريقة أمر لا يتقبله عاقل ، ولا يمت بصلة لقيمنا وعادتنا العمانية العريقة ولا بعراقة هذا الشعب الأبي ، فمن أراد الإصلاح ليس بالتصرف بهذا الأسلوب الهمجي قد يتخيل أنه سيصل إلى هدفه ، ومن أراد أن تسمع الحكومية والقيادة لتطلعاته ومتطلباته لا يسعى إلى التخريب ودمار مكتسبات الوطن العامة والخاصة مهما كانت هنالك أسباب ، فما الفائدة التي جنوها عندما حرقوا مركز حكومي يقدم خدمات جليلة للمواطنين وكلف الدولة مبالغ باهضه لإنشائه ، وسوف يحتاج تشغيله مرة أخرى إلى مبلغ باهضه ، كان من الأولى تسخيرها لمشاريع جديدة للرقي بالوطن وأمته ، والذي شرع بحرق مركز تجاري يعمل به أعداد كبيرة من العمانيين برواتب شهرية تقيم أحوال أسر عمانية ماذا استفادوا وما ذنب هذه الفئة ، والدماء الطاهرة التي أريقت في تلك الاعتصامات ما ذنبها سوى بتدبير بعض العقول الفارغة التي همها الفوضى والعبث .

      فعلينا جميعا كشباب واعي ومدرك لمصلحة وطنه أن نحكم العقل الذي ميزنا الله تعالي به عن سائر مخلوقاته في أي أمر نقدم عليه ، وأن لا ننجر وراء تصرفات رعنا همجية تضر بمصلحة وطننا وأمته وتشوه سمعته بين الأمم ، ولا تحقق للوطن وأمته أية فائدة قد يحسبها البعض ممن شرع في ذلك أنها في صالحه ، فالخراب والدمار والعنف لا يولد مصلحة لا للوطن ولا لأمته ، ولا يحقق أية فائد لأنفس الضالة التي اقترفت تلك الأفعال ، وعلينا أن نضع عُمان في جوف قلوبنا ، وأن نلتف حول قائد مسيرتنا الظافرة الذي وهب حياته لبناء عمان وراحة شعبها ، وأن لا نسمح للأنفس الضالة المخربة أن تطال أيديها الأثمة العبث بمكتسبات هذا الوطن العزيز ، لتبقى الملحمة الوطنية لأمة هذا الوطن ثابتة ومتماسكة كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ، من أجل أن تبقى عماننا الغالية على قلوبنا جميعا قلعة شامخة البنيان عظيمة بقائدها وشعبها ، وواحة للآمن والأمان تعيش في خير ورخاء وتقدم وازدهار وهذا ما نتمناه.








































    • ( 27 )



      عندما تتبعثر أوراق الحب


      يا
      زين تراني ساهر الليل أطريك ــ حتــــــــى عيونــي لم يذقها الرقاد
      حتى رمش العين أصبح يحاتيك ــ عن تكون نفسك قد أضرها عتابي

      من يوم شفتك وقلبي تعلق فيك ــ وأصبحت نفسي عليلة تقاسي

      لو كانت نفسي تقوى تبحث عنك ــ لسهرت ليالي أجوب تلك البراري

      لكني تمنيت كطير أتبع خطاويك ــ بين السهول وما بين تلك الروابــــي

      ::::::::::::

      أنت مناتي وكل الغــــلاء فيك ــ لو طلبت عيني فروحي فداك

      يا نفس أن الحب أصبح يرويك ــ بعد الضما والعناء أنلت المراد
      ي
      الحــــب يا قلبي بلسم يشفيك ــ لتضـــل دومــا تنــادي مناتي

      ::::::::::::

      لو كان قصدي أخونك وخليك ــ ما كنـــــت دوما تمنيــــت لقاك

      أرجع وأرحم قلبي الله يخليك ــ ليرتاح بالي فتسموا حياتي
      بالروح والمال تراني أفديك ــ لأنك حياتـــي وأنت غناتي
      ::::::::::::

      حبي صادق ، وأنا وثقا فيك ــ لا تذهب بعيد لشخص ثاني

      لا يغرك مظهر ، ولا مالا يغريك ــ ما كل ما يلمع بيكون غالي

      أنا الوحيد إلي بقدر أخليك ــ قرب النجوم تسموا في كل الليالي