نقاشات منتدى الرؤية الاقتصادي تدعو لوضع خطة بديلة عن "عُمان 2020" تواكب المتغيرات وتلبي التطلعات - ج

    • نقاشات منتدى الرؤية الاقتصادي تدعو لوضع خطة بديلة عن "عُمان 2020" تواكب المتغيرات وتلبي التطلعات - ج


      الرؤية- فريق التغطية
      -

      مطالب بمعايير قياس واضحة لتقييم مستوى نجاح الخطط التنموية
      مال الله: التخطيط الاقتصادي العُماني نموذج يحتذى به في المنطقة
      اللواتي: ضرورة توسعة نطاق التنمية خارج العاصمة نحو المناطق الريفية
      المعولي: تحليل الأرقام والإحصاءات ومدى مطابقتها لأرض الواقع
      الهنائي: ضرورة إيجاد أوعية ادخارية للموظف الصغير

      أثرى المشاركون في منتدى الرؤية الاقتصادي الجلستين النقاشيتين بالعديد من الأطروحات والتحليلات المتعمقة؛ حيث طلبت المناقشات الموسعة بوضع خطة بديلة عن الرؤية الاستراتيجية "عُمان 2020" بما يواكب المتغيرات ويلبي التطلعات.
      وشهدت أولى الحلقات النقاشية بمنتدى الرؤية الاقتصادي طرحا صريحا لتحديات ومعوقات تنفيذ "الرؤية المستقبلية عُمان 2020". وبدأ الدكتور بدر بن عثمان مال الله مدير عام المعهد العربي للتخطيط بدولة الكويت باستعراض عدد من التحديات التي تواجه دول مجلس التعاون الخليجي وأسلوب مواجهتها ومعالجتها. وقال: "إن هناك بجانب التحديات المستقلة لكل دولة، مجموعة من التحديات الرئيسية ذات السمات والقواسم المشتركة بين دول مجلس التعاون جميعها، وهذه التحديات تتطلب رؤى إصلاحية جديدة مبتكرة لمعالجتها بعد انعكاسها على معظم دول المجلس وأصبح من المعترف به أننا انتقلنا من زمن الوفرة وزمن العدد السكاني المحدود الذى يمكن التعامل معه بسهولة إلى وضع تعاني فيه بعض الدول من عجز في الميزانيات وتعثر في القيام بالواجبات الحكومية".
      وأضاف مال الله بأن مواجهة الوضع الجديد بحاجة إلى توافر بعض المتطلبات وهي موجودة في عُمان، موضحا أن السلطنة تمتلك المقومات الأساسية والجوهرية اللازمة للتقدم والتي تبدأ بوجود قيادة ذات رؤية صائبة وثاقبة في ظل قيادة جلالة السلطان قابوس - حفظه الله ورعاه- وكذلك من خلال نظم وتشريعات مستقرة يمكنها أن توفر المناخ الاستثماري الجيد الذى يعد قاعدة للتنمية.
      وأشار إلى أنه لا يمكن إنكار أن السلطنة حققت نموا ملحوظا على مستوى نسب التعليم العالى والعام، واختتم حديثه مؤكدا أنه يرى في النموذج العُماني واحدا من النماذج التي يمكن الاستفادة بها في الوصول إلى الطريقة السليمة للتخطيط وتنفيذ الخطط لتحقيق تنمية مستدامة تفي بمتطلبات واحتياجات الشعوب.
      اقتصاد المواطن
      وفي كلمته، انتقل سعادة توفيق بن عبد الحسين اللواتي عضو مجلس الشورى إلى ما جاء في استراتيجية 2020 من تركيز على المشروعات الكبيرة، وقال إن هذا يدفعنا إلى تسليط الضوء عليها من جانبين، أولهما جانب استنزاف الثروات الوطنية خاصة الغاز الطبيعي مع الاخذ في الاعتبار أن مساهمة الغاز في ميزانية الدولة عام 2012 تبلغ مليارًا و100 مليون ريال، بينما تكلفة انتاج الغاز تبلغ 700 مليون ريال، وهذا يدل على أن السعر "متدنٍ للغاية" مقارنة بالسعر العالمي، وبحسابات بسيطة كان ينبغي ألا تقل مساهمة الغاز عن 3 مليارات ريال.
      وطالب اللواتي ببحث مدى انعكاس الثروة النفطية على التنمية التي تستهدف المواطن، وقال: "كم عدد الوظائف التي تم توفيرها للمواطنين في المناطق التى يستخرج فيها النفط والغاز وما هي التنمية التي تحققت فيها"، مشيرا إلى أن ذلك الأمر يتطلب مراجعة لتحقيق أفضل عائد مادي.
      وأكد اللواتي ضرورة إعادة النظر في تركيز التنمية على مسقط، فيما لا تتحقق تنمية موازية في المناطق والريف ودائما تتم العودة للعاصمة في خطط المشروعات التنموية.
      وأشار إلي أن دور القطاع الخاص كان من اهداف الاستراتيجية "عُمان 2020"، بحيث يتم تعزيزه ليصبح مساندا رئيسيا في التنمية الاقتصادية، لكن ما وجدناه أن الدولة مازالت هى التي تقوم بهذا الدور من خلال المشروعات الكبرى ولم ينتج بالتالي تقوية للقطاع الخاص، حيث من المفترض أن يكون هناك تطوير للقطاع الخاص والاهتمام بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة لخلق اقتصاد حقيقي فلا يمكن أن تقوم الحكومة بكل الادوار ونتوقع أن نحقق الاهداف المرجوة.
      ولفت إلى أن ثمة نقطة أخرى تتمثل في التنمية البشرية، حيث أوضح أن تقرير التنمية البشرية أفاد بأن السلطنة حققت عام 2009 المرتبة 56 في مؤشر التنمية البشرية مقارنة بالمرتبة الـ89 لعام 2002، رغم أن الترتيب يعتمد فقط على دخل الدولة لأنه يحسب دخل الفرد عن طريق قسمة الدخل الإجمالي للدولة على عدد السكان، وهذا ما يطرح تساؤلا مهما حول ما إذا كان الدخل العام للدولة ينعكس بالفعل على دخل المواطن أم لا.
      وأشار إلى أنه تم طرح ضرورة إيجاد معايير قياس واضحة لتقييم مدى نجاح الخطط الموضوعة وما انعكس به على مستوى معيشة المواطن سواء بالنسبة للخطط الخمسية أو طويلة المدى على الوزير المسئول عن الشئون المالية. وقال اللواتي: "مازلت أتمنى من الاقتصاديين ألا يذهبوا الى النسب والارقام بعيدا عن انعكاسها على المواطن ومستوى معيشته".
      الكادر البشري
      بعد ذلك، تحدث الدكتور أحمد بن علي المعولي الباحث الاقتصادي والمستشار السابق في البنك الدولي بواشنطن، حيث أشاد بالمنتدى وفكرته وتوقيته، مؤكدا ضرورة مناقشة وتحليل الأرقام ومدى انعكاسها على أرض الواقع. وأضاف بأن استراتيجية السلطنة تبدو بالنسبة للاقتصاد الوطني كمنهج اقتصادي متكامل وسياسة طويلة المدى، لكن أحيانا ما توضع سياسة اقتصادية وخطط طويلة المدى بطموحات ممتازة، غير أنها عندما تبدأ في التطبيق تواجهها تحديات وعقبات.
      وقال: "الحل أنه يجب تطوير الفلسفة والفكر الاقتصادي للسلطنة بحيث يتم الاعتماد على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومنها القطاع السياحي وبه آفاق عديدة للتوسع والنمو بجانب قطاع الزراعة ولو أنه يواجه مشكلة المياه لكن الآن هناك حلول تقنية يمكن الاستعانة بها لحل هذه المشكلة وكذلك الحال بالنسبة للثروة السمكية وتنميتها".
      وركز المعولي على أهمية التعليم في تخريج كوادر بشرية تتمكن من الوفاء باحتياجات سوق العمل على المستوى التقني والتدريبي، وأكد على ضرورة توفير آليات ومعايير قياس وتقييم لمدى نجاح الخطط والرؤى الاقتصادية بحيث يتم قياسها وتقييمها بالتالى تطويرها إن لزم الأمر.
      وفي مداخلته، أكد منصور بن طالب الهنائي نائب المدير العام لشركة مسقط للكهرباء أهمية النظر للخطة الاستراتيجية من جانب الشركات والقطاع الخاص والمعوقات والتحديات التي تقف بين تحقيق الطموح المراد للرؤية 2020، مشددا على أن المواطن العُماني لابد من تهيئته من جميع الجوانب بحيث تتوفر جميع التخصصات المطلوبة في اقتصاديات العالم حاليا ومستقبلا، حيث إن الكادر العُماني المناسب للوظائف وفرص العمل حاليا غير متوفر، مما يؤدي إلى اللجوء إلى الأجانب.
      وطالب الهنائي بتدارك عدم وجود أوعية ادخارية مناسبة للموظف البسيط أو الشخص العادي، وعدم توافر أوعية استثمارية تناسب المستثمر الصغير وهو ما تحتاج البنوك أن تعمل عليه.
      مقاييس نجاح
      وقال محمد بن أحمد الذيب الرئيس التنفيذي لمجموعة شركات ريسوت للأسمنت وعضو فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بصلالة في مداخلته إن المنتدى طرح عدة نقاط بارزة؛ منها ضرورة وجود مقاييس واضحة لتقييم انعكاس الخطط الاقتصادية على التنمية البشرية. وأضاف: "أعتقد أن عدم توفر القوى البشرية المؤهلة والقادرة على شغل فرص العمل المتاحة يتطلب إعادة النظر في السياسة التعليمية من أولى مراحلها وحتى التعليم الجامعي، لأنه بدون وجود العنصر البشري الملائم للوظائف لن تكون الخطة الاقتصادية قد نجحت مهما وفرت من فرص عمل".
      وأشار إلى أن خفض نسبة مساهمة النفط في الدخل لا يمكن الوصول إليه فقط عبر أرقام، بل عن طريق عمل حقيقي لانجاز هذه المهمة، مؤكدا أنه "آن الاوان أن نكون واقعيين ولو اضطررنا للتوقف نهائيا عن هذه الخطة والبدء في إعداد خطة بديلة".
      عمالة كثيفة
      وانتقل النقاش بعد ذلك إلى الخبير الاقتصادي حمد بن راشد المشرفي، الذي قال إن الاقتصاد العُماني مازال اقتصادا ريعيا، حيث قضت الرؤية المستقبلية 2020 أن تساهم القطاعات النفطية فقط بنسبة 10% من الناتج النفطي بينما ونحن على اعتاب نهاية الخطة مازالت نسبة المساهمة تزيد على 51%. واوضح أن النظر إلى الناتج المحلي على اعتبار أنه مؤشر لمستوى المعيشى أمر غير صحيح، حيث من بين المقترحات بناء اقتصاد ذا كثافة عمالية تمتص الباحثين عن عمل، وتقييم الخطة الخمسية ضرورة حتى يمكن تدارك أي خلل أو مكامن الضعف والاخفاق ومعالجتها اولا بأول، مؤكدا ضرورة أن تقوم الدولة بالتركيز على التعليم والتخصصات التي يطرحها التعليم ونوعيته بحيث يتواكب مع المطلوب في سوق العمل.
      وتساءل المهندس صالح الشنفري رئيس مجلس إدارة شركة الصفاء للأغذية عن أسباب مناقشة خطة مر عليها نحو 17 عاما، حيث إن المعطيات التي بنتيت عليها هذه الخطة قد تغيرت، فعلى سبيل المثال، افترضت الخطة أن إنتاج السلطنة في عام 2020 سيكون 450 ألف برميل، بينما يبلغ الإنتاج في الفترة الحالية 900 ألف برميل أي ضعف التوقعات، كما افترضت الخطة أن المواطن العُماني سيصبح مترفعا عن العمل، بينما الواقع يقول أنه يبحث عن أي وظيفة يمكن أن يعمل بها، لذا أرى أن الاجتهاد في مناقشة استراتيجية التنمية 2020 هي إشكالية في حد ذاتها، فقد حان الآوان لأن تجتمع الأفكار والخبرات في السلطنة لوضع استراتيجية اقتصادية متوازنة وتنافس التحديات التنموية المستقبلية.
      وفي المقابل، رأى نجيب الشامسي مستشار اقتصادي بمجلس التعاون الخليجي أن جلسة النقاش قد تناولت بعض قضايا السلطنة وكأنها أي دولة من دول مجلس التعاون بينما تواجه نفس العقبات التي تواجهها دول مجلس التعاون الأخرى، مضيفا أنه بعد 30 عاما من عمر مجلس التعاون فإنه يجب النظر فيما تم تحقيقه حتى الآن. وأكد الشامسي أنه لا يمكن النظر إلى أهداف الخطط التنموية في السلطنة إلا بالنظر إليها ضمن منظومة مجلس التعاون، وشدد على ضرورة المناقشة بشكل أكثر جدية وشفافية لتحقيق اقتصاد حقيقي في المنطقة. واقترح الشامسي التعمق في قضايا القطاع الخاص ومطالبته بما تسببه من أضرار، حيث يرى أن القطاع الخاص هو أساس العديد من المشاكل في دول مجلس التعاون، كما أن نسبة العُمانيين لاتتجاوز الـ15 في المائة في القطاع الخاص في السلطنة، مدعوما بالوافدين على غرار دول الخليج.
      الائتمان المصرفي
      ومن جانب آخر، يرى عبد القادر عسقلان الرئيس التنفيذي لبنك عمان العربي أنّ هناك عدة عوامل تؤثر على الأداء الاقتصادي مثل البنوك المحلية، حيث إنّ توزيع الائتمان المصرفي في المنطقة لا يخدم مسيرة التنمية، فمجموع المبالغ الائتمانية لدى البنوك نحو 11 مليار ريال، ونحو 5 مليارات ريال منها للقروض الشخصية والإسكانية.
      وقال إنّ القطاعات الأخرى مثل الصناعة والزراعة والمشاريع الإنتاجية الأخرى، يجب أن تقترض بنسبة أكبر من مجموع الائتمان، مؤكدا أنّ انحسار نصف الائتمان المصرفي في القروض الشخصية يخلق مجتمعًا مقترضًا لنحو 20-30 سنة، مما يشكل آفة مجتمعية يصعب حلها بدون تدخل الجهات الحكومية.
      وأضاف أنّ العامل الآخر المؤثر في الأداء الاقتصادي في الدولة هو الموارد البشرية، مشددًا على أهميّة تكثيف التوعية في هذا القطاع حتى تكون هناك معرفة بالحقوق والواجبات قبل معالجة مشكل الباحثين عن العمل، وضعف الرواتب وغيره.
      أمّا بالنسبة للعامل الأخير المؤثر على الأداء الاقتصادي، فيرى عسقلان أنّه يتمثّل في القطاع الخاص، والذي لا يلعب دورًا كبيرًا في التنمية، حيث إنّ أغلب المشاريع التي تمّت حتى الآن عبارة عن الحكومة مع الاستثمار الأجنبي، مما يستوجب وضع استراتيجية تضمن فيها عمل الحكومة جنبًا إلى جنب مع القطاع الخاص المحلي لتفعيله في خطط التنمية.
      جهود مضنية
      وأوضح د. رسول الجابري خبير اقتصادي بمجلس الدولة أنّ استراتيجية التنمية بعيدة المدى ليست فقط في التنويع الاقتصادي، وإنّما لعدد كبير في المجالات، مؤكدا أنّها وضعت بعد جهود مضنية من الخبراء المحليين والأجانب.
      وأشار إلى أنّ المشكلة تكمن في عدم متابعة سير هذه الاستراتيجية وما حقق منها على عكس الخطط الخمسية، حيث لم يصدر أي تقرير حولها على الإطلاق مما يصعب وضع استراتيجية أخرى مستقبلية.
      وتابع أنّ هناك تقييمًا لفاعلية هذه الاستراتيجية وهي عبارة عن دراسة أعدها بنك عمان الدولي ولكن لم يتم نشرها، مما يعتبر خطأً كبيرًا، مطالبًا بنشر هذا التقرير.
      أمّا د. سعيد الصقري عضو مجلس إدارة الجمعيّة الاقتصادية العمانية فيرى أنّ نشر تقرير تقييم الاستراتيجية غير كاف، حيث إنّ هناك حاجة إلى آلية للشفافية لمناقشة كل ما يخص الاقتصاد في المجتمع، مثل حماية الإعلام وشفافيته.
      وقال أحمد كشوب الرئيس التنفيذي لشركة الثقة الدولية للاستثمار إنّه كان يتمنى الموضوعية في الطرح بالنسبة لبعض المشاركين الذين ركزوا بشكل أكبر على الإنجازات التي تحققت، ولم يذكروا ما أخفقت الاستراتيجية في تحقيقه، مناشدًا بتقييم موضوعي وحقيقي للخطة يتضمن ما حقق من أهدافها، إيجابياتها وسلبياتها.
      الجلسة النقاشية الثانية
      وفي الجلسة النقاشية الثانية التي أدارها علي بن محمد اللواتي الرئيس التنفيذي لشركة الرؤية للاستثمار، شارك فيها عدد من الخبراء والمهتمين بالمجالات الاقتصادية. وأشار اللواتي إلى أنّ ظاهرة المنتديات والمؤتمرات الاقتصادية بدأت في سلطنة عمان منذ عدة سنوات، معربًا عن أمله في أن يخرج الممنتدى بتوصيات تنال اهتمام الجهات المختصة، حيث تواجه المنطقة تحديات مشتركة يمكن تلخيصها في أربع نقاط رئيسية ويمكن اعتبارها سببا أو نتيجةً.
      وأوضح أنّ هذه النقاط تتمثل في تنمية الموارد البشرية، حيث يجب أن يكون هناك اهتمام ومبادرة نوعية من قبل المعنيين لحل المشكلة، ولا يمكن حل بعض التحديات بغياب التنمية البشرية. وأضاف أنّ ثاني هذه النقاط تتضح في ضعف القطاع الخاص في السلطنة ودول الخليج، حيث ثمّة مشكلة في هيكلة القطاع الخاص.
      وتابع أنّ النقطة الثالثة هي العمالة الأجنبية في المجتمع في ظل الحاجة للخبرات الأجنبية لتحقيق التوازن، أمّا النقطة الأخيرة فتتمثل في تحسين موارد الدخل للمواطنين. وأشار إلى أنّ المنتدى يتمحور حول موضوع آفاق وتحديات التنويع الاقتصادي، وقد أعلن جلالة السلطان المعظم أنّ الهدف من التنمية هو الإنسان، داعيًا من هذا المنطلق أن يكون هناك نوعًا من المراجعة والتقييم.
      وذكر المهندس سالم الغتامي عضو مجلس الدولة ورئيس اللجنة الاقتصادية بالمجلس عن الإنجازات العظيمة التي حققتها السلطنة خلال الأربعين عامًا الماضية في كافة المجالات المختلفة. وأوضح أنّ الجميع يطمحون إلى الأفضل، حيث إنّ الموقع الإستراتيجي الذي تتمتع به السلطنة وكونها عضو بدول مجلس التعاون الخليجي يساهم في زيادة التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بما يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي والاستثمار.
      مشكلة القطاع الخاص
      وأشار الغتامي إلى أنّ معظم القطاع الخاص العماني عبارة عن شركات صغيرة ومتوسطة ولكن ليست السلطنة فقط من تواجه مثل هذه المشكلات، لكن هناك العديد من الدول تواجه هذه المشكلة بنسبة 85 في المئة، موضحًا أنّ المشاريع الكبيرة تلعب دورًا بارزًا، ولكن العديد من المشاريع واجهت مشكلة هروب المستثمر الأجنبي خلال فترة العمل. ودعا الغتامي إلى التركيز على منح المستثمر فرصة أكبر للاستثمار بالسلطنة، بالإضافة إلى إعطاء القطاع العماني فرصة لمعرفة أسباب عدم تطوره فهل الحكومة لها دور في ذلك أم سيطرت بعض الفئات على السوق العماني.
      وقال إنّه بالنظر إلى المشاريع التي أقيمت في صحار، فإنّ عدد المستثمرين العمانيين بالقطاع الخاص محدود جدًا، مضيفا أنّه يتعين الترويج للمشاريع الكبيرة داخليًا وخارجيًا، كما تمّ الترويج لمشروع منطقة الدقم ومشاريع أخرى خارج السلطنة.
      وطالب الغتامي بتشجيع المستثمرين العمانيين وصناديق الاستثمار، بما يسهم في تقديم تسهيلات للمستثمر العماني وتشجيعه على الاستثمار بالسلطنة.
      من جهته، أكّد محمود بن محمد الجرواني مؤسس ورئيس إدارة جامعة صحار أنّ التحدي الأكبر الذي تواجهه السلطنة هو التعليم، حيث لم يتم توجيه استثمارات كافية لهذا القطاع خلال سنوات طويلة خاصة قطاع التعليم العالي، لافتاً إلى أن هناك كتلة محدودة جدًا من مخرجات التعليم تصل إلى التعليم العالي.
      وأشار الجرواني إلى أهمية الإهتمام بالبنى الأساسية واستغلال الموقع الجغرافي لتطوير المنظومة الاقتصادية للاستثمار في المباني والطرق الطرق والمطارات.
      كما تداخل المهندس يحيى بن خميس الزدجالي مسؤول الأعمال التخطيطية والهندسية للمنطقة الحرة بالدقم في بداية حديثه لتوضيح مشروع المنطقة الاقتصادية بولاية الدقم، حيث يعد أحد الجهود التي تبذلها الحكومة لتنويع مصادر الدخل القومي من خلال الاستفادة من الموقع الاستراتيجي لمشروع الدقم، باعتباره مشروعا نموذجيا لتنفيذ منطقة متكاملة من حيث القطاعات.
      توزيع الاستثمارات
      وقال إنّ هناك قطاعات مالية وصناعية وسياحية، وقد اعتمدت الخطة الخمسية على توزيع الإستثمارات بما يتماشى مع الإمكانات التنموية، وهنا يجب التركيز على التنمية الاقتصادية المحلية، بالإضافة إلى تحسين مستوى المعيشة وتدريب الكوادر الوطنية واستخدام التقنيات الحديثة.
      وتحدث الدكتور رسول بن فرج الجابري الخبير الاقتصادي في مجلس الدولة عن مشروع منطقة الدقم، قائلا إنّه مشروع متكامل من ميناء صيد وميناء تجاري ومصفاة، وهي منطقة بعيدة عن التجمعات السكانية وهذا هو الغرض من مسمى قطب التنمية.
      ولفت إلى أنّ الأقطاب التنموية لا يجب أن تتركز في التجمعات السكانية الضخمة سواء في مسقط أو صحار أو المصنعة، كما يجب البحث عن مناطق قليلة النمو وهذا ما يندرج ضمن الاستراتيجية الأولى والثانية للتنمية الاقتصادية.
      وأضاف الجابري أنّ قطب النمو يجب ألا يكون ظاهرة محليّة، فيجب التحدث عن محافظة الوسطى وليس الاختصاص فقط بمنطقة الدقم، فهو مشروع يخدم التنمية الإقليمية، مشيرا إلى الجهود التي تبذلها وزارة النقل والاتصالات التي ساهمت في رفع مستوى التنمية بين منطقة الدقم وحقول النفط، كما خلقت بؤر للتنمية الأخرى.
      وأوضح الجابري أهمية التركيز على النسبة لآثار الاستثمارات الأجنبية بالسلطنة على الاقتصاد العماني وليس التركيز على الأرقام فقط، وهل سيستفيد منها المستثمرون الأجانب ويقومون بإعادة تحويل الأرباح.
      كوادر بشرية
      بعد ذلك، تم فتح باب النقاش أمام الحضور، حيث قالت هناء محمد أمين من وزارة التعليم العالي: "لقد استعرض المتحدثون كل الملاحظات الخاصة بالموانئ والطرق ومنطقة الدقم الصناعية، ولكن لم يتم التطرق إلى الحديث عن الكوادر البشرية".
      وحول هذا التساؤل، أجاب سعادة المهندس سعيد الحارثي وكيل وزارة النقل والاتصالات لشؤون الموانئ بأنّ هناك تنسيقا مع وزارة التعليم العالي حول موضوع الاحتياجات البشرية، ولكن الخلل في ضعف التنسيق بين الكليات نفسها.
      وأضاف المهندس يحيي الزدجالي مسؤول الأعمال التخطيطية والهندسية للمنطقة الحرة بالدقم هناك توعيات لأبناء منطقة الدقم، وقمنا بتدريب بعض من أبناء المنطقة وابتعاثهم إلى الخارج للاستفادة من الأنشطة المطروحة.
      وطرح نجيب الشامسي عدة تساؤلات في مداخلته، قائلا: فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي دور مجلس التعاون في إصدار قوانين الاستثمار الأجنبي وأعطاه تسهيلات، فتجربة الاستثمار الأجنبي تكلفتها عالية جدًا، الاستثمارات الأخرى لم تخلق فرص عمل لمواطنينا بالدولة ففي القطاع الخاص لم تتجاوز 15%، والاستثمارات الأجنبية تركزت في القطاعات التحويلية كالنفط والغاز، مما يعني وجود تداعيات سلبية للاستثمارات الأجنبية فيجب أن تكون هناك استراتيجية للتقليل منها في دول مجلس التعاون عامة والخليج خاصة، ونوجهها بما يتناسب مع أهدافنا الاستراتيجية وخططنا المستقبلية.
      متسائلا لماذا رؤوس الأموال العمانية قفزت خلال فترة قصيرة جدًا من نصف مليار ريال إلى مليار ومئة ألف إلى الخارج، في الوقت الذي تحتاج السلطنة فيه إلى كل هذه الاستثمارات؟
      ويجيبه علي اللواتي الرئس التنفيذي لشركة الرؤية للاستثمار بأن القطاع الخاص يجب أن يستثمر هذه الأموال في المشاريع، ولابد القيام بالترويج للمشاريع ذات الجدوى ومثال على ذلك في الإصدارات الأولية للمشاريع الحكومية تحظى بإقبال كبير من المواطنين. ويجب التركيز على كيف يمكن أن تجعل الحكومة القطاع الخاص محكما.
      أمّا الدكتور صلاح الطالب الخبير الاقتصادي، فقال إنّه من خلال المناقشات في كلتا الجلستين أرى أنّ معظم المتحدثين قالوا إنّ القطاع الخاص يلعب دورًا أساسيا في عملية التنويع الاقتصادية إذا ما أعيد النظر في هيكلية القطاع الخاص، والانتقال من القطاع الخاص القائم على التأسيس العائلي إلى المؤسسي، ولذا فإنّ القطاع الخاص يحتل مساحة في الأداء الاقتصادي بالسلطنة، بما يدعو إلى تشجيع النمو الاستثماري.