د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية (6) الأمن الأخروي..

    • د.الأهدل: أثر التربية الإسلامية (6) الأمن الأخروي..

      أثر التربية الإسلامية في أمن المجتمع الإسلامي (6)

      القسم الثاني من أقسام الأمن: الأمن الأخروي:

      وهذا هو الأمن الحق الذي إذا وفق الله له أمة من الأمم، فهيأ لها أسبابه، ووقاها من موانعه، فسعت لتحقيقه، تحقق لها معه أمن الدنيا أيضا.

      وأهم أسباب هذا الأمن:
      الالتزام بمنهج الله وعبادته وحده لا شريك له، وعدم طاعة غيره في معصيته..

      كما قال تعالى: (( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) [سورة النور: 55]

      فالأمة التي تؤمن بالله وتعمل صالحا، فتعبد الله ولا تشرك به شيئا، هي الأمة الجديرة بالاستخلاف والتمكين والأمن في الأرض، كما هي جديرة بالأمن التام يوم القيامة يوم الفزع الأكبر.

      كما قال تعالى: (( إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمَّنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )) [سورة فصلت: 40]

      فالنجاة من النار يوم القيامة هي الأمن الحق، والذي ينجو من النار يكمل أمنه بدخول الجنة ونعيمها وغرفاتها.

      كما قال تعالى: (( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ )) [سورة الحجر: 45-46]

      وقال تعالى: (( وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ )) [سورة سبأ: 37].

      هذا هو الأمن التام الذي لا يتحقق إلا بالخوف التام: الخوف من الله تعالى وحده، والتوكل عليه وحده، وعدم الخوف من سواه، وهو الذي جادل به أبو الأنبياء – إبراهيم عليه السلام - قومه، عندما خوفوه بآلهتهم.

      كما قال الله تعالى: (( وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ * وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) [سورة الأنعام: 80-82].

      وبهذا يعلم أن الأمة التي تحوز الأمن التام في الدنيا والآخرة، هي أمة التوحيد والطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنها إذا سعت للحصول على الأمن في الدنيا، أو في الآخرة، أو فيهما معا، بغير ذلك، فسعيها ضرب من اللعب واللهو.

      كما قال تعالى: (( فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ )) .

      ومن أجل هذا الأمن أنزل الله كتبه وبعث رسله وخلق خلقه وأعد جنته وناره:

      (( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ )) [سورة الذاريات: 156].

      (( وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ )) [سورة النحل: 36].