المشاركون في حلقة "مشروع قانون المسؤولية الطبية": آن الأوان لإيجاد آلية للحصول على تأمين ضد الأخطاء

    • المشاركون في حلقة "مشروع قانون المسؤولية الطبية": آن الأوان لإيجاد آلية للحصول على تأمين ضد الأخطاء

      مسقط - الرؤية
      تصوير/ خميس السعيدي
      -

      أقامت الجمعية الطبية العُمانية، مؤخرا، بفندق كراون بلازا، حلقة عمل لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية، بحضور رؤساء وممثلي جميع الروابط العلمية التابعة للجمعية الطبية العُمانية، والبالغ عددها 19 رابطة علمية، وأطباء من معظم التخصصات الطبية من عدة مستشفيات ومراكز طبية في السلطنة، وعدد من أطباء الخدمات الطبية للقوات المسلحة. ومن الخدمات الطبية لشرطة عُمان السلطانية، كما حضر عدد من المحامين والمستشارين القانونيين من المطلعين على النواحي القانونية للمسؤولية الطبية.
      وهدفت الحلقة - كما أوضح الدكتور وليد الزدجالي رئيس الجمعية الطبية العُمانية - إلى مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية، والذي يشتمل على عدة محاور؛ منها: الأحكام العامة بمزاولة مهنة الطب البشري والأسنان والمهن الملازمة، وتحتوي على اثنتي عشرة مادة في المحور الأول من مجموع ثلاث وثلاثين مادة؛ بدءاً من واجبات مزاولة المهنة في السلطنة، وتأدية واجبات العمل بما تقتضيه المهنة من الدقة والأمانة، ووفقا للأصول العلمية والفنية المتعارف عليها، وبما يحقق العناية اللازمة للمريض.
      ويتناول المحور الثاني موضوع المسؤولية الطبية عن الأخطاء الطبية واللجنة الطبية العليا للمسئولية الطبية، والذي يحتوي على سبع 7 مواد تشمل: متى تتم مساءلة من يزاول المهنة أو الأعمال الملازمة لها عن أي خطأ طبي يقع منه حال مزاولته المهنة؟ وما تعريف الخطأ الطبي؟ ومتى تقع على مزاول المهنة عن الأخطاء الطبية؟ وأيضا الحالات التي لا تقع فيها على الطبيب.
      كما يتناول أيضاً اختصاصات اللجنة الطبية العليا للمسؤولية الطبية، والتي تم تشكيلها بقرار من معالي وزير الصحة، وتضم ممثلين عن وزارة الصحة، ومستشفى جامعة السلطان قابوس، والخدمات الطبية بشرطة عُمان السلطانية، والخدمات الطبية بالقوات المسلحة، وممثل عن المؤسسات الصحية الخاصة، وأي جهة أخرى يرى الوزير تمثيلها في هذه اللجنة، وتم اقتراح إضافة ممثل من الجمعية الطبية العُمانية.
      ويتناول المحور الثالث موضوع التأمين ضد الأخطاء الطبية، ويشمل عدة مواد منها المادة (22) التي تعني بمراعاة أحكام المرسوم السلطاني بإنشاء صندوق للتعويضات عن الأخطاء الطبية؛ حيث يحظر مزاولة المهنة أو الأعمال الملازمة لها بالمؤسسات الصحية الخاصة دون التأمين ضد الأخطاء الطبية لدى إحدى شركات التأمين المرخص لها بالعمل في السلطنة، وأيضا مساهمة العاملين بالمؤسسات الصحية الحكومية في صندوق التعويضات الطبية؛ وذلك لتأمين الأطباء العاملين لديها. كما يتطرق هذا المحور إلى التأمين ضد المخاطر الناجمة عن ممارسة المهنة أو بسببها.
      ويشتمل المحور الرابع الذي يتعلق بموضوع التحقيق مع مزاولي المهنة ومقاضاتهم، على ثلاث مواد؛ منها: كيفية الإعلان عن الحضور للتحقيق مع مزاولي المهنة والجهة المختصة بذلك، وحق الوزارة في تفويض من تراه من الدائرة القانونية بحضور التحقيق وجلسات المحاكمة، وآلية تناول الإعلان والتحقيق بالنسبة للمؤسسات الصحية الخاصة.
      أما عن المحور الخامس والأخير، فيتناول موضوع العقوبات؛ ويشتمل على ست مواد تتناول العقوبات المنصوص عليها بالقانون على حسب المخالفات - وهي تتدرج - والتي قد تصل إلى إلغاء الترخيص نهائيًّا أو لفترة محددة.
      وقد تضمنت الحلقة كلمة الجمعية؛ ألقاها الدكتور عبدالله العاصمي أمين عام الجمعية الطبية العُمانية رئيس اللجنة الطبية العليا؛ أشار فيها إلى الهدف من تشكيل اللجنة الطبية العليا، وكذلك اللجان الطبية الأولية بالمحافظات؛ وذلك لدراسة جميع المسائل المتعلقة بالأخطاء الطبية.
      وأكد على تزايد عدد الحالات المسجلة في هذه اللجان في الآونة الأخيرة، والعمل جارٍ على التقليل من عددها وتطوير النظم والقوانين للتعامل معها تماشياً مع المتطلبات المستقبلية.
      كما نادى بأهمية تطوير المنظومة الصحية بشكل عام؛ بحيث يستطيع الطاقم الطبي أن يؤدي عملَهْ بأتم وجه ويكون على قدر المسوؤلية.
      وأشار إلى أن الوقت قد حان للنظر بجدية في آلية للحصول على تأمين ضد الأخطاء الطبية للعاملين في القطاع الطبي في المؤسسات الحكومية، والتكفل بتوفير طاقم من المحامين المتخصصين بالتعامل مع الأخطاء الطبية للدفاع عنهم، والنظر في إمكانية محاكمتهم أمام محاكم خاصة بهم.
      وبعد ذلك، قدم الدكتور وليد الزدجالي رئيس الجمعية الطبية العُمانية، محاضرة بعنوان: "مفاهيم عن الأخطاء الطبية"؛ استعرض فيها عدداً من المفاهيم المتعلقة بالأخطاء الطبية، ثم قام بتعريف الخطأ الطبي. موضحا أن أي عمل أو نشاط طبي سواء بالفعل أو الترك لا يتفق مع القواعد المهنية وينتج عنه ضرر لمتلقي العلاج.. مشيراً إلى أن القواعد المهنية يعنى تلك القواعد والأعراف التي تفرضها أي مهنة صحية أو طبية والمتوافقة مع المعايير العلمية المقررة.
      كما تطرق الدكتور وليد الزدجالي إلى أسباب ارتكاب الخطأ الطبي؛ والتي ذكر منها أسبابًا تتعلق بتفاوت الكفاءة والخبرة لدى الممارسين، والحالات الطارئة التي تتطلب السرعة على حساب الدقة، وأيضا أسباب تأتي نتيجة طبيعة العلاج المعقد للحالات التي لديها عدة أمراض مصاحبة؛ مثل: القلب، والسكري، وأمراض ضغط الدم.. وغيرها.
      وأوضح كذلك بأن هناك مضاعفات متعارف عليها في الأصول الطبية، ولا تعتبر أخطاءً كما يفهمها البعض، خاصة إذا اتبع الممارس جميع الأصول والمعايير العلاجية أثناء علاجه؛ ومنها: الآثار الجانبية للأدوية، والآثار الجانبية للعلاج بالإشعاع، أو الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، أو إن كانت بسبب الآثار الجانبية للأدوية المثبطة للمناعة.
      وأشار كذلك إلى حقوق المريض؛ والتي من بينها: العناية الصحية المثالية التي تتطلب التعاون بين كل من الطبيب والمريض والممارسين الصحيين الآخرين، وأن الطريق الأمثل للخدمة الصحية يمر عبر الشفافية والأمانة في التعامل بين الممارس الصحي والمريض، واحترام قيمة الإنسان الشخصية والمهنية، ومراعاة الظروف الخاصة بكل محتاج للخدمة الصحية.
      وأكد أن المعرفة التامة بحقوق المريض تساهم في فعالية الخدمات الصحية المقدمة من قبل هيئة المستشفى والطاقم الطبي والموظفين والمرضى، وعلى المستشفى العمل تشجيع فهم المرضى لحقوقهم؛ وذلك بواسطة ترجمة وتبسيط اللغة المستخدمة بما يكفل فهم المريض وذويه لحقوقهم ومسؤلياتهم.
      كما تناولت المحاضرة الأسباب التي تجعل المريض يلجأ للقضاء؛ ومنها: عدم فهم المريض لأسرار جسم الإنسان وفسيولوجيته، وعدم الفهم بحقوق المريض من قبل الممارسين الصحيين أو من قبل إدارة المستشفى، وعدم الشرح المفصل والصريح للمريض قبل أخذ موافقته على الإجراء الطبي الذي سيتبع، والتوقعات العالية من قبل المريض لقدرات الأطباء، والتأمين ضد الأخطاء الطبية ورغبة المريض في التعويض واستياء المريض من تكلفة العلاج في القطاع الخاص.
      وقال الدكتور حمد الكلباني - إخصائي قانون طبي بمكتب وكيل وزارة الصحة للشؤون الصحية - وهو أحد المشاركين في الحلقة: "لقد واكب التقدم الصحي بالسلطنة بعض المعوقات التي اقتضت التنظيم والتحديد والبيان، خاصة المهام التي يضطلع بها الأطباء البشريون وأطباء الأسنان والصيادلة، وجميع العاملين بالمجال الطبي بالسلطنة، وصدرت بذلك مراسيم سلطانية تحوي التشريعات الصحية؛ مثل: قانون مزاولة مهنة الطب البشري وطب الأسنان، والصادر بالمرسوم السلطاني 22/96. وباعتبار ما يشهده الحقل الصحي من طفرات واتساع وارتقاء؛ فقد كان من الضروري مسايرة ذلك الأمر بتعديل بعض التشريعات والقوانين الموضحة لها.
      وأضاف: "من المهم أن نعي أثناء مناقشتنا للمشروع أن المسؤولية الطبية ليست مسؤولية العاملين الصحيين من أطباء وممرضين وغيرهم فقط، وإنما هي مسؤولية مشتركة بين العاملين الصحيين من جهة، وبين متلقي الخدمات الصحية من جهة أخرى. فالمرضى أيضاً عليهم واجبات تشركهم في المسؤولية الطبية فمثلا - وعلى سبيل الذكر وليس الحصر - على المريض أن يوفر للطبيب كافة المعلومات التي قد يحتاجها الطبيب لتشخيص الحالة الصحية، ومن واجبات المريض أيضا التقيد بإرشادات وتوجيهات الطبيب في اتباعه للعلاج، وفي حالة تقصير المريض في أحد واجباته هذه فهو من يتحمل المسؤولية الطبية في هذه الحالة.
      وأضح بأنه وانطلاقا من هذا المبدأ - مبدأ أن المسؤولية الطبية هي مسؤولية مشتركة بين الطبيب والمريض - فمن المهم أن يتسم مشروع القانون المقترح بأربع سمات أساسية؛ هي: أن يكون حجمه معقولًا حتى يتمكن الشخص العادي من الاطلاع عليه، وأن يكون بسيطاً بما يكفي لأن يفهمه ويدركه الشخص العادي، وأن يكون مستقراً لا يتغير إلا في أضيق الحدود، وأي تغيير فيه يجب أن يكون له مبرر قوي، وأن يكون منسجمًا ومتوافقًا مع قوانين البلدان الأخرى حتى لا يتعارض محتواه مع غيره من القوانين النافذة في البلد.