شيخي الفاضل أرجو أن تعطيني من وقتك الثمين من أجل إنقاذي من الدوامة التي أوقعت نفسي فيها لا أعرف كيف أبدأ ولم أرتب أفكاري ...فكرت بالالتزام أكثر من مرة وبدأت خطوات جادة ...ثم اشتركت في الإنترنت ودخلت أحد المنتديات وتعرفت على أحد الشباب فيه ... وبدأت بعض المشاعر بيننا وإن كانت بسيطة جداً وتكتب على خجل وحياء عبر الماسنجر... وتطور الوضع إلى أن تمت المكالمات عبر الهاتف وكانت أحاديثنا في مواضيع جادة إلا أنه مع مضي الوقت حصل بعض الانجراف وانحدر الكلام إلى تعبير عن المشاعر وغير ذلك...وأصبحت هذه المكالمات إدماناً وتعلقاً فكيف لي الخلاص من هذه المشكلة ...( هذه خلاصة القصة وهي من ثلاث صفحات )
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الفتاة الكريمة التي مشت قدماها في طريق الوحل...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...
قرأت أسطر رسالتك وحزنت لك فعلاً ، فإن من جرب مثل هذه الأمور أو اطلع على تجارب أهلها يشفق عليهم ؛ لأن الوقوع فيها سهل والخلاص منها صعب إلا لمن عصمه الله ..
وإنني أعلم ولعلك تعلمين أن لو كنتما زوجين لم يقع بينكما كل هذا ، ولكنه إغراء الشيطان بالشجرة الحرام ، واستجابة الإنسان دون وعي بالعواقب " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " . ومثل هذه الاتصالات الهاتفية ، أو عبر البريد الإلكتروني ، أو عبر الماسنجر تتحول إلى عادة سيئة وإدمان مقيت خاصة لمن يعانون من الفراغ ولا يجدون البرامج العملية المفيدة التي تملأ أوقاتهم .
أيتها الأخت الكريمة لو كان هذا الإنسان رجلا فعلاً وجاداً فعلا هل كان يركب هذا الطريق الوعر الذي يدري كل الناس أنه ذنب مرذول؟ وهل كان يقع ويوقعك في هذه الهوة الساحقة ، مع أنه كان بإمكانه أن يسلك الطريق الحلال ويطرق الباب ؟
وإذا افترضنا أن ظروفه لا تسمح بذلك سواء الظروف الاجتماعية ، أو المالية ، أو غيرها فما معنى أن يتورط في هذا المنزلق الخطير.
إنني لا أفهم معنى لشاب يدّعي الاستقامة وهو في غضون ذلك يتواصل معك بهذه الطريقة المدمرة . أما كان يؤذيه لو كان يـحدث هذا من أخته أو بنته ؟ وهل ترينه يرضاك زوجة له ؟وهو يحتفظ عنك بمثل هذه الذكريات ؟ إنني أقترح عليك أن تطرحي عليه هذه الأسئلة وغيرها ، وأن تطلبي منه أن يكون معك في غاية الشفافية والوضوح . أما أنت فأغمضي عينيك قليلاً وتخيلي نفسك بعد خمس من السنوات ، وقد أصبحت زوجة وأماً وربة بيت ، هل يسعدك أن تلتفتي إلى ماضيك لتجديه ملطخاً بهذه الأعمال التي لا دافع من ورائها إلا اللذة ، واللذة الحرام ؟ أم هل يسعدك أن تري زوجك المخلص فتشعرين بالعار وتأنيب الضمير، وأنت تخفين عنه ما لو علم لربما كان الفيصل بينك وبينه ، أم هل يسرك أن تجدي تكديراً في حياتك وتنغيصاً لا تعرفين له تفسيراً سوى أنه عقوبة لماض أحصاه الله ونسوه .
إن مما يجب أن تتبينيه أن هذه المشاعر العاطفية المتبادلة بينكما مشاعر وقتية غير صادقة ولا تصمد أمام امتحان العمل ؛ لأنها ليست مبنية على أساس صحيح ، ويغلب على ظني لو أن قيساً تزوج ليلى ، وهما رمزا الحب العذري لكان أجود ما تنتهي إليه حياتهم هو أن يعيشا في ستر ودرجة معقولة من الرحمة أو المودة ، بل ليس بعيداً أن يتصل قيس على والد ليلى ليشتكي من ابنته ، أو أن تتصل ليلى على أمها شاكية باكية من زوجها. لقد مر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في دمشق بليلى بنت الجودي ومعها وصيفاتها ، فأعجب بحسنها وجمالها ولم يدر كيف السبيل إليها ، وكان يقول :
ذكرت ليلى والسماواة دونه وما لابنـة الجودي ليلى ومالي
وكيف تعني قلبه عامــرية تحلُّ ببـصرى أو تحلّ الجوابيا
إذا الناس حجوا قابلاً أن تُلاقيا وكيف يلاقيها بلى ولعلها >
فكتب عمر إلى صاحب الثغر الذي هي به : إذا فتح الله عليكم دمشق ، فقد غنّمتُ عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي . فلما فتح الله عليهم غنّموه إياها . قالت عائشة : فكنت أكلمه فيما يصنع بها : فيقول : يا أُخَيّة ، دعيني ، -فوالله- لكأني أرشف من ثناياها حب الرمان ، ثم ملّها وهانت عليه ، فكنت أكلمه فيما يسيء إليها كما كنت أكلمه في الإحسان إليها ، وووقد قالت عائشة : يا عبد الرحمن لقد أحببتَ ليلى فأففرطتَ ، وأبغضتَ ليلىى فأفرطتَ ، فإما أن تنصفها ، وإما أن تجهزها إلى أهلها ؛ فجهزها إلى أهلها .
وما تعطيه قصص الحب العربية هو مضمون قصص الحب الأجنبية والتي من أشهرها قصة روميو وجولييت ! فَلِكَيْ يكون الحب رومانسياً خيالياً يجب أن يموت أبطاله محرومين ، وهذا ما لا يستقيم عليه أمر الدنيا الذي يحتاج إلى التفكير العملي الواقعي في بناء البيت والأسرة ، ورعاية الأولاد ، وتكوين المجتمع ، والتعاون في مواجهة صعوبات الحياة ومشكلاتها ، ومراحل العمر المتغيرة ، ولا يستقيم به أمر الدين الذي جعل الغاية العظمى هي العبودية لله ، وجعل الزوجية مجالاً واحداً من مجالات تطبيق هذه العبودية ، ولذلك قال الله –تعالى- : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " فما لا يحققه الزوجان بالمودة يحققانه بالرحمة ، ولذلك قال عمر : "ما كل البيوت تبنى على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والحسب والمرؤة" ، وفي الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : " كل معروف صدقة .. وفي بضع أحدكم صدقة " قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟
قال : " أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ " قالوا : نعم ، قال : " فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " رواه مسلم .
وهكذا ارتقى الإسلام بالإشباع الجنسي في فراش الزوجية إلى درجة أن يكون معروفاً وصدقةً وأجراً ، وأن يُذكر عليه اسم الله -تعالى- . بينما جعل الإشباع خارج هذا الإطار عدواناً وفاحشةً وإثماً مبيناً، ومن مَتَّعَ نفسه بالحرام فإنه يُحرم من كمال لذة الحلال ؛ جزاءً وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. فافزعي أيتها الأخت الكريمة إلى ربك توبةً واستغفاراً وذكراً و قرآناً واستحضاراً لعظمته ومراقبته وسمعه وبصره، فإنك بمرأى منه ومسمع، ثم افزعي إلى عقلك ورشدك ولا تقدمي على أية خطوة بمجرد العاطفة أو الهوى المحض ، حتى تتأملي في عواقبها على دينك وعلى سمعتك وعلى عرضك وعلى نفسيتك وعلى أسرتك وعلى حاضرك ومستقبلك .
أسأل الله –تعالى- أن يعصمك من الزلل ، وألا يكلك إلى نفسك طرفة عين ، وأن يأخذ بيدك إلى بر الأمان إنه هو الرحيم الرحمن . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أخوكم
سلمان بن فهد العودة
---------------
إبن صحار البار
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى الفتاة الكريمة التي مشت قدماها في طريق الوحل...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...
قرأت أسطر رسالتك وحزنت لك فعلاً ، فإن من جرب مثل هذه الأمور أو اطلع على تجارب أهلها يشفق عليهم ؛ لأن الوقوع فيها سهل والخلاص منها صعب إلا لمن عصمه الله ..
وإنني أعلم ولعلك تعلمين أن لو كنتما زوجين لم يقع بينكما كل هذا ، ولكنه إغراء الشيطان بالشجرة الحرام ، واستجابة الإنسان دون وعي بالعواقب " فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى " . ومثل هذه الاتصالات الهاتفية ، أو عبر البريد الإلكتروني ، أو عبر الماسنجر تتحول إلى عادة سيئة وإدمان مقيت خاصة لمن يعانون من الفراغ ولا يجدون البرامج العملية المفيدة التي تملأ أوقاتهم .
أيتها الأخت الكريمة لو كان هذا الإنسان رجلا فعلاً وجاداً فعلا هل كان يركب هذا الطريق الوعر الذي يدري كل الناس أنه ذنب مرذول؟ وهل كان يقع ويوقعك في هذه الهوة الساحقة ، مع أنه كان بإمكانه أن يسلك الطريق الحلال ويطرق الباب ؟
وإذا افترضنا أن ظروفه لا تسمح بذلك سواء الظروف الاجتماعية ، أو المالية ، أو غيرها فما معنى أن يتورط في هذا المنزلق الخطير.
إنني لا أفهم معنى لشاب يدّعي الاستقامة وهو في غضون ذلك يتواصل معك بهذه الطريقة المدمرة . أما كان يؤذيه لو كان يـحدث هذا من أخته أو بنته ؟ وهل ترينه يرضاك زوجة له ؟وهو يحتفظ عنك بمثل هذه الذكريات ؟ إنني أقترح عليك أن تطرحي عليه هذه الأسئلة وغيرها ، وأن تطلبي منه أن يكون معك في غاية الشفافية والوضوح . أما أنت فأغمضي عينيك قليلاً وتخيلي نفسك بعد خمس من السنوات ، وقد أصبحت زوجة وأماً وربة بيت ، هل يسعدك أن تلتفتي إلى ماضيك لتجديه ملطخاً بهذه الأعمال التي لا دافع من ورائها إلا اللذة ، واللذة الحرام ؟ أم هل يسعدك أن تري زوجك المخلص فتشعرين بالعار وتأنيب الضمير، وأنت تخفين عنه ما لو علم لربما كان الفيصل بينك وبينه ، أم هل يسرك أن تجدي تكديراً في حياتك وتنغيصاً لا تعرفين له تفسيراً سوى أنه عقوبة لماض أحصاه الله ونسوه .
إن مما يجب أن تتبينيه أن هذه المشاعر العاطفية المتبادلة بينكما مشاعر وقتية غير صادقة ولا تصمد أمام امتحان العمل ؛ لأنها ليست مبنية على أساس صحيح ، ويغلب على ظني لو أن قيساً تزوج ليلى ، وهما رمزا الحب العذري لكان أجود ما تنتهي إليه حياتهم هو أن يعيشا في ستر ودرجة معقولة من الرحمة أو المودة ، بل ليس بعيداً أن يتصل قيس على والد ليلى ليشتكي من ابنته ، أو أن تتصل ليلى على أمها شاكية باكية من زوجها. لقد مر عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق في دمشق بليلى بنت الجودي ومعها وصيفاتها ، فأعجب بحسنها وجمالها ولم يدر كيف السبيل إليها ، وكان يقول :
ذكرت ليلى والسماواة دونه وما لابنـة الجودي ليلى ومالي
وكيف تعني قلبه عامــرية تحلُّ ببـصرى أو تحلّ الجوابيا
إذا الناس حجوا قابلاً أن تُلاقيا وكيف يلاقيها بلى ولعلها >
فكتب عمر إلى صاحب الثغر الذي هي به : إذا فتح الله عليكم دمشق ، فقد غنّمتُ عبد الرحمن بن أبي بكر ليلى بنت الجودي . فلما فتح الله عليهم غنّموه إياها . قالت عائشة : فكنت أكلمه فيما يصنع بها : فيقول : يا أُخَيّة ، دعيني ، -فوالله- لكأني أرشف من ثناياها حب الرمان ، ثم ملّها وهانت عليه ، فكنت أكلمه فيما يسيء إليها كما كنت أكلمه في الإحسان إليها ، وووقد قالت عائشة : يا عبد الرحمن لقد أحببتَ ليلى فأففرطتَ ، وأبغضتَ ليلىى فأفرطتَ ، فإما أن تنصفها ، وإما أن تجهزها إلى أهلها ؛ فجهزها إلى أهلها .
وما تعطيه قصص الحب العربية هو مضمون قصص الحب الأجنبية والتي من أشهرها قصة روميو وجولييت ! فَلِكَيْ يكون الحب رومانسياً خيالياً يجب أن يموت أبطاله محرومين ، وهذا ما لا يستقيم عليه أمر الدنيا الذي يحتاج إلى التفكير العملي الواقعي في بناء البيت والأسرة ، ورعاية الأولاد ، وتكوين المجتمع ، والتعاون في مواجهة صعوبات الحياة ومشكلاتها ، ومراحل العمر المتغيرة ، ولا يستقيم به أمر الدين الذي جعل الغاية العظمى هي العبودية لله ، وجعل الزوجية مجالاً واحداً من مجالات تطبيق هذه العبودية ، ولذلك قال الله –تعالى- : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " فما لا يحققه الزوجان بالمودة يحققانه بالرحمة ، ولذلك قال عمر : "ما كل البيوت تبنى على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والحسب والمرؤة" ، وفي الصحيح أنه -صلى الله عليه وسلم- قال : " كل معروف صدقة .. وفي بضع أحدكم صدقة " قالوا : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟
قال : " أرأيتم لو وضعها في الحرام أكان عليه وزر ؟ " قالوا : نعم ، قال : " فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر " رواه مسلم .
وهكذا ارتقى الإسلام بالإشباع الجنسي في فراش الزوجية إلى درجة أن يكون معروفاً وصدقةً وأجراً ، وأن يُذكر عليه اسم الله -تعالى- . بينما جعل الإشباع خارج هذا الإطار عدواناً وفاحشةً وإثماً مبيناً، ومن مَتَّعَ نفسه بالحرام فإنه يُحرم من كمال لذة الحلال ؛ جزاءً وفاقاً وما ربك بظلام للعبيد. فافزعي أيتها الأخت الكريمة إلى ربك توبةً واستغفاراً وذكراً و قرآناً واستحضاراً لعظمته ومراقبته وسمعه وبصره، فإنك بمرأى منه ومسمع، ثم افزعي إلى عقلك ورشدك ولا تقدمي على أية خطوة بمجرد العاطفة أو الهوى المحض ، حتى تتأملي في عواقبها على دينك وعلى سمعتك وعلى عرضك وعلى نفسيتك وعلى أسرتك وعلى حاضرك ومستقبلك .
أسأل الله –تعالى- أن يعصمك من الزلل ، وألا يكلك إلى نفسك طرفة عين ، وأن يأخذ بيدك إلى بر الأمان إنه هو الرحيم الرحمن . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،،
أخوكم
سلمان بن فهد العودة
---------------
إبن صحار البار