الرؤية- خاص
-
أظهرت بيانات الإنتاج في الصين التي صدرت مؤخراً مزيداً من المؤشرات على ارتفاع وتيرة التباطؤ الاقتصادي، لكن تحليل مجموعة QNB أوضح أنّ التحسّن في معدلات التضخم وارتفاع الصادرات كان لها دور في تقليص تأثير هذه البيانات السلبية.
ومن المتوقع أن يتضح مسار الاقتصاد الصيني بصورة أكبر خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي سيكون له تأثيرات قوية على الاقتصاد العالمي بما فيها اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي. وتضاعف حجم الاقتصاد الصيني أربع مرات خلال العقد الماضي ليصبح ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم بناتج محلي إجمالي يبلع ما يقارب 6 تريليون دولار، حيث بلغ معدل النمو بالأسعار الثابتة أكثر من 10% سنوياً خلال تلك الفترة. وقد ساهمت عدة عوامل في هذا النمو الصيني المتميّز، حيث عملت الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الصين بداية من عام 1978 على وضع تشريعات لتشجيع القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية على الدخول في مشاريع صناعية بهدف التصدير. أدّى هذا التحرك إلى زخم في النمو الاقتصادي، والذي انطلق من قاعدة منخفضة، لكنّه تلقى دعماً قوياً عقب ذلك من الاستثمارات المحليّة في مشاريع البنية التحتية والعقارات. كما أنّ الحراك الاقتصادي وجد الدعم من التوزيع الديموغرافي نتيجة لزيادة الفئة العمرية العاملة والهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، الأمر الذي وفّر الكثير من العمالة الرخيصة لقطاع الصناعة. غير أنّ معدلات النمو المرتفعة هذه لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، بالتالي يطرح سؤال مهم نفسه وهو هل سيتحول الاقتصاد الصيني بشكل تدريجي إلى تحقيق معدلات نمو معتدلة ومستمرة تعتمد على الاستهلاك أكثر من اعتمادها على الاستثمار؟ أم أنّ النمو في الاقتصادي الصيني سيشهد حالة من التباطؤ السريع والمفاجئ؟ ويعتبر السيناريو الثاني "الهبوط الحاد"، وهو ما يُعرف بتراجع معدلات النمو إلى ما دون 7% سنوياً لفترة طويلة، أحد أكثر المخاطر التي تواجه التعافي الهش في الاقتصاد العالمي.
وتشهد معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الصين تباطؤاً مستمراً منذ أن بلغت أعلى معدل عند 12.1% خلال الربع الأول من عام 2010. وكان هذا النمو القوي نتيجة لسياسات التحفيز الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة وتقديم تسهيلات مالية لدعم التعافي بعد انهيار الصادرات نتيجة للأزمة المالية العالمية. وتراجع معدل النمو إلى 8.1% خلال الربع الأول من عام 2012، وهو أدنى معدل نمو خلال العقد الماضي، مع استثناء النصف الأول من عام 2009. وتأتي المخاوف بشكل خاص من قطاع الخدمات الذي شهد أدنى معدل نمو في أكثر من عشرين عاماً.
وبالنسبة للجانب الإيجابي، شهدت الصادرات نمواً أعلى من التوقعات، حيث سجلت ارتفاعاً سنوياً بنسبة 15.3% خلال شهر مايو، وهو معدل أعلى من ضعف متوسط توقعات الأسواق. كما تراجع معدل التضخّم إلى 3% خلال شهر مايو، حيث ساهم انخفاض أسعار النفط في هذا التراجع في التضخّم الذي بلغ أدنى مستوى في حوالي عامين وأدنى من المعدل المستهدف عند 4%. ويعطي معدل التضخّم المنخفض قدرة للحكومة على اتخاذ مزيد من إجراءات التحفيز النقدي والمالي دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع قوي في الأسعار.
غير أنّه طبقاً لتحليل مجموعة QNB، هناك مخاوف من احتمال وجود استثمارات مبالغ فيها في بعض القطاعات، خاصة القطاع العقاري مع احتمال وجود فقاعات في بعض مناطق الصين. علاوة على ذلك، قامت بعض الشركات ومؤسسات الحكومات المحليّة بالاستدانة أكثر من اللازم لتمويل الاستثمارات.
ولا تتوقع مجموعة QNB أن تؤدي حالة من الهبوط الحاد في الاقتصاد الصيني إلى تأثيرات قوية على الطلب في الصين على النفط من دول مجلس التعاون الخليجي نظراً للتوقعات القوية باستمرار النمو في الطلب على الوقود. ويأتي ذلك نتيجة للتوقعات باستمرار الاتجاه القوي في الصين لامتلاك سيّارات. ويبلغ معدل عدد السيارات بالنسبة لعدد السكان في الصين ما يقارب 7% فقط، وهو أدنى من نصف متوسط المعدل العالمي. لكن من المحتمل أن يؤدي أي تصحيح حاد في قطاع الإنشاء إلى تراجع شديد في أسعار السلع العالمية مثل المعادن. وهذا الوضع سيؤثر على صادرات المعادن من دول مجلس التعاون الخليجي، لكنه في الوقت نفسه قد يدعم الكثير من مشاريع البنية التحتية ومشاريع الإنشاء الضخمة في المنطقة من خلال تقليص تكاليف مواد البناء.
رغم هذه المشاكل التي تواجه الاقتصاد الصيني، إلا أنّها تظل أفضل أداءً في ظل الوضع الاقتصادي العالمي الهش. فعلى سبيل المقارنة، جاءت بيانات مخيّبة للآمال خلال الأشهر القليلة الماضية من عملاقين اقتصاديين ناشئين هما البرازيل والهند. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الأول من عام 2012 معدل 5.3% في الهند، بينما وصل إلى 0.8% فقط في البرازيل بعد أن تدهور الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف. وفي حال تحرك الاقتصاد الصيني في نفس مسار الأداء الاقتصادي في الهند والبرازيل، فإنّ الاقتصاد العالمي يمكن أن يواجه تحديات أكثر مما هو متوقع حالياً.
-
أظهرت بيانات الإنتاج في الصين التي صدرت مؤخراً مزيداً من المؤشرات على ارتفاع وتيرة التباطؤ الاقتصادي، لكن تحليل مجموعة QNB أوضح أنّ التحسّن في معدلات التضخم وارتفاع الصادرات كان لها دور في تقليص تأثير هذه البيانات السلبية.
ومن المتوقع أن يتضح مسار الاقتصاد الصيني بصورة أكبر خلال الأشهر المقبلة، الأمر الذي سيكون له تأثيرات قوية على الاقتصاد العالمي بما فيها اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي. وتضاعف حجم الاقتصاد الصيني أربع مرات خلال العقد الماضي ليصبح ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم بناتج محلي إجمالي يبلع ما يقارب 6 تريليون دولار، حيث بلغ معدل النمو بالأسعار الثابتة أكثر من 10% سنوياً خلال تلك الفترة. وقد ساهمت عدة عوامل في هذا النمو الصيني المتميّز، حيث عملت الإصلاحات الاقتصادية التي قامت بها الصين بداية من عام 1978 على وضع تشريعات لتشجيع القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية على الدخول في مشاريع صناعية بهدف التصدير. أدّى هذا التحرك إلى زخم في النمو الاقتصادي، والذي انطلق من قاعدة منخفضة، لكنّه تلقى دعماً قوياً عقب ذلك من الاستثمارات المحليّة في مشاريع البنية التحتية والعقارات. كما أنّ الحراك الاقتصادي وجد الدعم من التوزيع الديموغرافي نتيجة لزيادة الفئة العمرية العاملة والهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، الأمر الذي وفّر الكثير من العمالة الرخيصة لقطاع الصناعة. غير أنّ معدلات النمو المرتفعة هذه لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، بالتالي يطرح سؤال مهم نفسه وهو هل سيتحول الاقتصاد الصيني بشكل تدريجي إلى تحقيق معدلات نمو معتدلة ومستمرة تعتمد على الاستهلاك أكثر من اعتمادها على الاستثمار؟ أم أنّ النمو في الاقتصادي الصيني سيشهد حالة من التباطؤ السريع والمفاجئ؟ ويعتبر السيناريو الثاني "الهبوط الحاد"، وهو ما يُعرف بتراجع معدلات النمو إلى ما دون 7% سنوياً لفترة طويلة، أحد أكثر المخاطر التي تواجه التعافي الهش في الاقتصاد العالمي.
وتشهد معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي في الصين تباطؤاً مستمراً منذ أن بلغت أعلى معدل عند 12.1% خلال الربع الأول من عام 2010. وكان هذا النمو القوي نتيجة لسياسات التحفيز الاقتصادي التي اتخذتها الحكومة وتقديم تسهيلات مالية لدعم التعافي بعد انهيار الصادرات نتيجة للأزمة المالية العالمية. وتراجع معدل النمو إلى 8.1% خلال الربع الأول من عام 2012، وهو أدنى معدل نمو خلال العقد الماضي، مع استثناء النصف الأول من عام 2009. وتأتي المخاوف بشكل خاص من قطاع الخدمات الذي شهد أدنى معدل نمو في أكثر من عشرين عاماً.
وبالنسبة للجانب الإيجابي، شهدت الصادرات نمواً أعلى من التوقعات، حيث سجلت ارتفاعاً سنوياً بنسبة 15.3% خلال شهر مايو، وهو معدل أعلى من ضعف متوسط توقعات الأسواق. كما تراجع معدل التضخّم إلى 3% خلال شهر مايو، حيث ساهم انخفاض أسعار النفط في هذا التراجع في التضخّم الذي بلغ أدنى مستوى في حوالي عامين وأدنى من المعدل المستهدف عند 4%. ويعطي معدل التضخّم المنخفض قدرة للحكومة على اتخاذ مزيد من إجراءات التحفيز النقدي والمالي دون أن يؤدي ذلك إلى ارتفاع قوي في الأسعار.
غير أنّه طبقاً لتحليل مجموعة QNB، هناك مخاوف من احتمال وجود استثمارات مبالغ فيها في بعض القطاعات، خاصة القطاع العقاري مع احتمال وجود فقاعات في بعض مناطق الصين. علاوة على ذلك، قامت بعض الشركات ومؤسسات الحكومات المحليّة بالاستدانة أكثر من اللازم لتمويل الاستثمارات.
ولا تتوقع مجموعة QNB أن تؤدي حالة من الهبوط الحاد في الاقتصاد الصيني إلى تأثيرات قوية على الطلب في الصين على النفط من دول مجلس التعاون الخليجي نظراً للتوقعات القوية باستمرار النمو في الطلب على الوقود. ويأتي ذلك نتيجة للتوقعات باستمرار الاتجاه القوي في الصين لامتلاك سيّارات. ويبلغ معدل عدد السيارات بالنسبة لعدد السكان في الصين ما يقارب 7% فقط، وهو أدنى من نصف متوسط المعدل العالمي. لكن من المحتمل أن يؤدي أي تصحيح حاد في قطاع الإنشاء إلى تراجع شديد في أسعار السلع العالمية مثل المعادن. وهذا الوضع سيؤثر على صادرات المعادن من دول مجلس التعاون الخليجي، لكنه في الوقت نفسه قد يدعم الكثير من مشاريع البنية التحتية ومشاريع الإنشاء الضخمة في المنطقة من خلال تقليص تكاليف مواد البناء.
رغم هذه المشاكل التي تواجه الاقتصاد الصيني، إلا أنّها تظل أفضل أداءً في ظل الوضع الاقتصادي العالمي الهش. فعلى سبيل المقارنة، جاءت بيانات مخيّبة للآمال خلال الأشهر القليلة الماضية من عملاقين اقتصاديين ناشئين هما البرازيل والهند. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الأول من عام 2012 معدل 5.3% في الهند، بينما وصل إلى 0.8% فقط في البرازيل بعد أن تدهور الإنتاج الزراعي بسبب الجفاف. وفي حال تحرك الاقتصاد الصيني في نفس مسار الأداء الاقتصادي في الهند والبرازيل، فإنّ الاقتصاد العالمي يمكن أن يواجه تحديات أكثر مما هو متوقع حالياً.
