
مسقط- الرؤية
-
أصدرت الدائرة الاستئنافية برئاسة فضيلة الشيخ ماجد بن عبدالله بن مبارك العلوي (رئيس المحكمة) حكماً في الاستئناف رقم (101/12 ق.س) قضت فيه بقبول الاستئناف شكلاً، وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف، وذلك على النحو المبين بالأسباب، وألزمت الوزارة المستأنفة المصاريف.
وتتحصل وقائع المنازعة في أنّ المستأنف كان قد أقام دعواه طالباً الحكـم بإلزام الوزارة المدعى عليها بتعيينه بوظيفة مساعد مدير مركز، وإلغاء ترشيح أي موظف آخر لشغل هذه الوظيفة. وذلك على سند من أنّ الوزارة المدعى عليها قامت بتاريخ 22/3/2011م بالإعـلان عن وظائف شاغرة بالمديرية العامة. وفق شروط محددة، وكانت إحدى هذه الوظائف وظيفة مساعد مدير مركز، وأنّه تقدم لشغل هذه الوظيفة وأرفق بطلبه كافة المستندات المطلوبة، واسترسل قائلاً إنّ الوزارة أصدرت القرار رقم (.../2011) بتشكيل لجنة للمقابلات، وحددت موعد المقابلة وتمّت المقابلة بالفعل مع كافة المتقدمين، إلا أنّه فوجئ بخطاب مقرر اللجنة يفيد عدم اختياره لشغل الوظيفة، وقد تمّت إفادته بأنّه تمّ قبول جميع الطلبات لضيق الوقت، فتظلّم من القرار المطعون فيه ناعياً على قرار لجنة المقابلات مخالفته لشروط الإعلان، حيث إنّ جميع المتقدمين لم يقدموا خطة لتطوير المركز حسبما اشترط الإعلان، وأنّه وحده من التزم بهذا الشرط، وعليه تكون هذه الوظيفة من حقه كونه الشخص الوحيد المنطبقة عليه الشروط. وبجلسة 3/1/2012م حكمت الدائرة الابتدائية المطعون في حكمها "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بعدم صحة القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المدعى عليها المصاريف". وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الوزارة المدعى عليها، فقد أقامت الاستئناف الماثل طعناً عليـه بالإلغاء للأسباب الواردة في تقرير الاستئناف. وقد حصرت الدائرة الاستئنافية مقطع النزاع في الاستئناف في التصدي لبحث مدى توافر شروط شغل الوظيفة المطعون عليها مكتملة في شخص الموظف المعين عليها، وبغض النظر عمّا أثاره المستأنف ضده في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية من الدعوى من تخلف شرط بعينه في حق الشخص المعيّن وقصر الحكم الابتدائي رقابته القضائية على القرار المطعون فيه في التحقق من توافر هذا الشرط من عدمه؛ وعليه فقد استعرضت المحكمة المواد (11) و(19) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (120/2004). كما استعرضت المادتين (10) و(17) من اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية الصادرة بالقرار رقم (9/2010). وذهبت إلى أنّه من المستقر عليه في القضاء الإداري أنّ التعيين في الوظائف العامة من الملائمات التقديرية التي تترخص فيها الجهة الإدارية في حدود ما تراه متفقاً مع الصالح العام - إلا أنّه يتعيّن مراعاة ما يكون قد حدده من شروط للصلاحيّة أو من عناصر يراها عند المفاضلة – لازمة لتبيين أوجه الترجيح بين المرشحين للتعيين عند المزاحمة، وفي كل الأحوال يلزم عند شغل الوظيفة سواء بالتعيين فيها ابتداءً أو بالترقية إليها التأكد من أنّ المرشح لشغلها قد استوفى شروط شغلها سواءً الواردة في القانون أو التي اشترطتها جهة الإدارة وكانت متفقة وأحكام القانون. وبتطبيق المحكمة ما تقدم على وقائع النزاع وإذ ثبت لها أنّ الوزارة المستأنفة أعلنت بموجب إعلان داخلي عن حاجتها لشغل عدد من الوظائف الشاغرة بإحدى المديريات لديها، ومن بينها وظيفة (مساعد مدير) وحددت موعداً أقصاه أسبوعين من تاريخ الإعلان وذلك لتقديم الطلبات على أن تقدم هذه الطلبات إلى دائرة شؤون الموظفين بالوزارة، وقد تضمّن الإعلان أنّ الموظف الذي يتم اختياره للوظيفة سوف ستتم مقابلته من قبل لجنة تشكل لذلك، ولن ينظر لأي طلب يرد إلى الدائرة بعد انتهاء فترة قبول الطلبات أو لم يكن مستوفياً لشروط شغل الوظيفة. وحيث إنّ الإعلان كان قد حدد شروط شغل وظيفة (مساعد مدير مركز ...) الوظيفة المطعون عليها – في سبعة شروط، حيث ورد في الشرط الخامس أن يكون المتقدم حاصلاً على معدل لا يقل عن جيد جداً في تقييم الأداء الوظيفي خلال السنتين الأخيرتين، وفي الشرط السادس ضرورة تقديم مقترح تطوير المركز أو وضع خطة مقترحة لعمل المركز. وقد تقدم المستأنف ضده بطلب لشغل الوظيفة المطعون عليها وأرفق به كافة المستندات المطلوبة، كما تقدم ستة أشخاص آخرون بطلبات لشغلها، وقد صدر القرار الوزاري رقم (.../2011) بتشكيل لجنة للمقابلات الشخصية للمتقدمين، وقد تقدم لإجراء المقابلة عدد خمسة موظفين وتخلف عن الحضور اثنان، وقد اعتمدت اللجنة معايير للمفاضلة بين المرشحين لشغل الوظيفة المذكورة، وأسفرت النتيجة عن حصول ... على الترتيب الأول بمجموع (89,55) درجة بينما جاء المستأنف ضده في المرتبة الثانية بمجموع (89,1) درجة، وعليه أصدرت الجهة الإدارية قرارها المطعون فيه بتعيين الموظفة المذكورة بوظيفة مساعد مدير ... بالمديرية العامة لـ ... . وحيث إنّه وبمطالعة كشف أسماء المتقدمين لشغل الوظيفة والمدون به كافة البيانات والشروط اللازمة لشغلها يبين أنّ ... تخلف بشأنها أحد شروط شغل الوظيفة وهو الشرط الخامس الذي تطلب أن يكون المتقدم حاصلاً على معدل لا يقل عن جيد جداً خلال السنتين الأخيرتين، حيث الثابت إنّ المذكورة حاصلة في تقرير الأداء الوظيفي خلال السنتين الأخيرتين (2009 و2010) على تقدير جيد (70%) وممتاز (93%) على الترتيب، وعليه – والحال كذلك – كان يتعين على الجهة الإدارية وإعمالاً لقاعدة المساواة وتكافؤ الفرص بين المتقدمين والتزاماً بشروط الإعلان التي وضعتها بنفسها أن تقوم باستبعاد طلب المذكورة لعدم توافر شروط شغل الوظيفة الواردة بالإعلان بحقها. وحيث إنّ جهة الإدارة تنكبت سواء السبيل في ذلك بأن قبلت الطلب وأخضعت الموظفة المذكورة للمقابلة الشخصية، والتي كانت نتيجتها حصولها على المركز الأول وصدور قرار بتعيينها بالوظيفة المعلن عنها، ومن ثمّ فإنّ القرار المطعون فيه الصادر بالتعيين في هذه الحالة يغدو مخالفاً لأحكام القانون، مما يتعيّن القضاء بعدم صحته، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها تعيين المستأنف ضده بهذه الوظيفة كونه الثاني في الترتيب ومتوافر بشأنّه كافة شرط شغل الوظيفة.
ويستفاد من هذا الحكم أنه يلزم عند شغل الوظيفة سواء بالتعيين فيها ابتداءً، أو بالترقية إليها، التأكد من أنَّ المرشح لشغلها قد استوفى شروط شغلها، سواءً الواردة في القانون، أو التي اشترطتها جهة الإدارة وكانت متفقة وأحكام القانون.
كما يستفاد منه أنه يتعيّن على الإدارة إعمالاً لقاعدة المساواة وتكافؤ الفرص بين المتقدمين عند التعيين في الوظائف الشاغرة لديها الالتزام بشروط الإعلان التي وضعتها، واستبعاد الطلبات التي لا تتوافر فيها شروط شغل الوظيفة، وبأن قبول الطلب بالمخالفة لذلك يترتب عليه الحكم بعدم صحة القرار الصادر بالتعيين لمخالفته للقانون.
