الوعي الاقتصادي للأسرة.. ضرورة ومتطلبات - جديد جريدة الرؤية

    • الوعي الاقتصادي للأسرة.. ضرورة ومتطلبات - جديد جريدة الرؤية

      كلّما تقدمت ثقافة الأسرة المرتبطة بحياتها وحاجاتها كلما ساهم ذلك في تنمية وعيها في كافة المجالات الحياتية، وهناك أنواع عديدة من الوعي، يأتي في مقدمتها وعي الزوجين بحقوق وواجبات كل منهما تجاه الآخر، ثم وعي الأسرة التربوي، والوعي الأمني، وتأتي ضمنه ثقافة المحافظة على الأمن والسلامة والصحّة لأفرادها، والوعي الاقتصادي الذي يشكل أهميّة قصوى لحياة كريمة للأسرة.
      فكلما ارتقى هذا الوعي كانت الأسرة أكثر قدرة على التصرّف المالي المتوازن بين الاستهلاك والاستثمار لأموالها، مهما بلغت مداخيلها قلةً أو كثرةً، ولقد صدق القول المأثور: (التدبير نصف المعيشة) كما جاء المثل الشعبي (مد رجليك على قدر لحافك) ليتعلم أفراد الأسرة سياسة مالية متوازنة للاستفادة القصوى من مداخيلها الاقتصادية، ولينمو وعيها ويعزز الفكر الاقتصادي لدى أفرادها.
      ومن المعلوم أنّ الأسرة كيان اجتماعي تتفاعل فيه عناصر بشرية تربطها علاقات شرعية ونفسية واجتماعية وإنسانية، وهي في نفس الوقت مؤسسة اقتصادية، لها مدخلاتها كأي تنظيم داخل المجتمع، وتتمثل مدخلاتها في: أهداف الأسرة، وقيمها الثقافية، ومفاهيمها الحضارية والاجتماعية، وسياستها الاقتصادية، والمداخيل المالية المتاحة من خلال العمل الوظيفي، والعمل التجاري، أو الاشتغال بالمهن الحرة كالزراعة والصناعة والحرف الأخرى.
      وكلما ارتقى وعي الأسرة وتقدمت ثقافتها الاقتصادية، تحققت الاتجاهات الاستهلاكية الإيجابية والواعية لدى أفرادها، بدءًا بالزوج والزوجة وهما ركنا الأسرة وقيادتها العليا ثمّ أولادهما؛ حيث يلعب النموذج المتمثل في الأب والأم دورًا مؤثرًا في ثقافتهم. فإذا كانت الاتجاهات الاستهلاكية عند الوالدين متوازنة ومعتدلة بين الاستهلاك والاستثمار بما يتناسب مع مداخيل الأسرة المالية، فإنّ الأولاد يقتدون بهما وتنمو في نفوسهم اتجاهات استهلاكية معتدلة، مما يجنب الأسرة مخاطر اجتماعية واقتصادية، ومنها الديون المالية والضغوط الاقتصادية التي تؤدي إلى توتر العلاقات النفسية والعاطفية بين الزوجين، وتؤثر سلبًا على رعاية أولادهما، وعلى متطلبات معيشتهم ومن المؤشرات على الاتجاهات الاستهلاكية الراشدة والإيجابية:
      * ترشيد استهلاك الماء: بتعويد أفراد الأسرة على طرق المحافظة عليه بالاستخدام الأمثل الذي يحقق الهدف دون إضاعة الماء دون فائدة، فإن كل قطرة ماء تضيع هدرًا تعني تبذيرًا اقتصاديًا وزيادة في الإنفاق المالي وارتفاعًا في فاتورة الماء مما يكلف الأسرة تكاليف مالية إضافية لا فائدة منها، ومن شأن ذلك التأثير السلبي على الاقتصاد الوطني الذي هو ملك الجميع.
      * ترشيد استهلاك الكهرباء: حيث ترتفع قيمة فاتورة الكهرباء كلما بدأت درجة الحرارة في الارتفاع، نظرًا للحاجة إلى تشغيل أجهزة التكييف والتبريدِ، ومن المؤشرات على الاتجاهات الاستهلاكية الواعية والإيجابية، الحد من استهلاك الكهرباء، من خلال تعود أفراد الأسرة على إطفاء الأجهزة والمصابيح التي لا حاجة إليها واستخدام الأجهزة التي تخفض الاستهلاك.
      * ترشيد استهلاك الملابس والكماليات وخاصة النسائية:
      وهذه تستنزف مبالغ طائلة، دون وعي، اللهم إلا نتيجة للمحاكاة والتقليد الأعمى، ودون حاجة ملحة، ولو أنّ المرأة تأملت ما في خزانة ملابسها لوجدت فيها الكثير من أنواع الملابس التي تفوق ما رأته في السوق، ومن المقترحات في ترشيد استهلاك الملابس: قيام المرأة باضافة لمسات تجميلية على ملابسها القديمة كتطريزها أو تغيير في شكلها أو لونها. كما يستحسن أن توازن بين مصروف الملابس وبين دخل الأسرة حتى لا يترتب إخلال بميزانية الأسرة وأضطرارها إلى الاقتراض أو التأثير السلبي على أوجه الصرف الأخرى ذات الأهميّة القصوى، كالغذاء والدواء والعناية بأفراد الأسرة.
      ويوصى خبراء الاقتصاد الأسري، بأن يتم تخطيط ميزانية الأسرة على أساس تقسيم مداخيل الأسرة إلى ثلاثة أقسام؛ المصروفات والمدخرات الاحتياطية لمواجهة الطوارئ، والاستثمارات.
      وتتأثر هذه المعادلة بظروف الأسرة واحتياجاتها وثقافتها ومستوى دخلها المالي، وإذا أمكن العمل بهذه المعادلة فإنّه في صالح الأسرة والمجتمع.
      * الاستهلاك المتوازن للكماليات:
      وهذا من المؤشرات الأساسية على الاتجاهات الاستهلاكية العاقلة والراشدة، ذلك لأنّ الكماليات لا يمكن حصرها ولها سحر خاص يجتذب الناس، ولكن ذوو الفطنة من المستهلكين يستطيعون أن يفكروا في الجدوى من شراء الكماليات حسب مقتضيات الحاجة الضرورية.
      * ترشيد استخدام الهاتف الثابت والجوال:
      إنّ الوعي بأنّ الهاتف يستخدم للحاجة مؤشر على الاتجاه الاستهلاكي السديد، وهو يسهم في جعل المكالمة في حدود زمنية معقولة، لأنّ كل دقيقة بحسابها، وأنّ تكرار التحيّة والسؤال عن الصحة وأخبار الآخرين, وقضاء الوقت في أحاديث هامشية، هو استخدام سلبي للهاتف وإنفاق مالي في غير محله، فضلا عن "السواليف" التي لا جدوى منها.