وفي المساء.. تغلق المراكز الصحية!! - جديد جريدة الرؤية

    • وفي المساء.. تغلق المراكز الصحية!! - جديد جريدة الرؤية



      إبراهيم الهادي

      -
      عندما تراجعت أسعار النفط في التسعينيات إلى أدنى المستويات ووصل إلى ثمانية دولارات قررت الحكومة آنذاك تقليص النفقات العامة تماشيًا مع الوضع الاقتصادي للسلطنة، وكان من بينها إغلاق المراكز الصحيّة في المساء وبعد الظهر في الإجازات الأسبوعية والرسمية. وهذا القرار من بين العديد من القرارات التي تضمّنت تقليص ما يمكن تقليصه من الضخ في الخدمات المجانية.
      أفاق المعنيون في الجهات المختلفة بعدما تراجعت عافية أسعار النفط وأصبحت تفيض عمّا يمكن تقديمه ساعين إلى إرجاع المياه إلى مجاريها، وعادت معظم المشاريع والخدمات التنموية التي تستهدف المواطن والتنمية، أمّا وزارة الصحة فيبدو أنّها نسيت إعادة المراكز الصحية إلى سابق عهدها لتعمل في الصباح والمساء؛ رغم حيوية دور هذه المراكز في توفير الرعاية الصحية للمواطنين مما يحافظ على الموارد البشرية التي تعد قوة تُحرك عجلة الاقتصاد الوطني.
      ظلت المراكز الصحيّة مغلقة في فترات المساء وحتى اليوم، وهناك الكثير من المحاور جعلتني أتناول هذا الموضوع من بينها الزيادة المضطردة في عدد السكان منذ ذلك الحين، وتضاعفه إلى أرقام تستدعي المواكبة، فلو أخذنا محافظة مسقط بولاياتها الست مثلا فإنّها تمثل ما نسبته 28% من عدد السكان بالسلطنة، والمرضى منها يتجهون بعد المساء إلى مستشفى النهضة الذي أصبح يعج بمرتاديه بأعداد تزداد يومًا بعد آخر، هؤلاء المرضى لو كانوا أصحّاء لما كلفوا أنفسهم عناء الانتظار لساعات طوال في استقبال مستشفى النهضة حتى مطلع الفجر، ومعظمهم يطلب سقاية في وريده أو علاجًا يمكن للمركز الصحي التكفل به، فماذا لو خصصت وزارة الصحة مركزا صحيا مناوبا لكل ولاية في محافظات السلطنة، وخففت الضغط على المستشفيات المرجعية، التي تبعد عن السكان عشرات الكيلومترات، والتي هُيئت أصلا للطوارئ والحالات التخصصية والتنويم.
      ولنا أن نتساءل: ألم يحن الوقت أن تواكب وزارة الصحة النمو السكاني الذي تنبثق عنه حاجة المواطنين للجانب الصحي؟ هل ننتظر مزيدًا من الضحايا الذين لم يتمكنوا من الوصول إلى المستشفيات عند الطوارئ في المساء جراء إغلاق المراكز الصحيّة في هذه الأوقات؟ ألم تكن العيادات الصحيّة للقطاع الخاص مغلقة في المساء أيضًا؟ وهل التعلل بوزارة المالية أصبح حجة بعدما أصبحت الموازنات المالية للدولة في شفافية اتضحت الكثير من معالمها، ألم تكن الخدمات الصحيّة من الواجبات الأساسية على الدولة تجاه مواطنيها، فالمريض الذي يعاني من مرض الضغط أو القلب أو غيره من الأمراض التي تستدعي إسعافه في أقل من نصف ساعة هل يجوز أنّ ينتظر ساعات طويلة للحصول على العلاج؟ وقد لا يسعفه الوقت للعلاج ؟ إنّ المريض الذي يذهب للمستشفى في منتصف الليل، فإنّ حالته تعد من الحالات التي تستدعي العلاج الضروري لأنّه لو لم تكن كذلك لما تكبّد عناء الذهاب إلى المستشفى، وقطع الأميال وانتظر بأوجاعه على قاعات الاستقبال، هل ستعيد وزارة الصحة النظر في إغلاقها المراكز الصحيّة مساءً ومن بعد فترة الظهر بالإجازات كموقف إنساني على الأقل؟ هذا ما نتمناه.
      ibrahim@alroya.net