نتيلة الخروصية: المجتمع العماني أصبح أكثر تقبلاً لزيارة الطبيب النفسي - جديد جريدة الرؤية

    • نتيلة الخروصية: المجتمع العماني أصبح أكثر تقبلاً لزيارة الطبيب النفسي - جديد جريدة الرؤية


      الرؤية- حنيفة بنت خميس العبرية
      تصوير/ راشد الكندي
      -

      أول عُمانية تمتلك مركزًا لعلاج الأمراض النفسية
      تؤكد نتيلة بنت حارب الخروصية على أن المجتمع العُماني أصبح أكثر تقبلًا - عن ذي قبل - لزيارة الطبيب النفسي، واستشارته فيما يتعرض له من مشكلات وأزمات نفسية.
      وأبحرت الخروصية في دراسة علم النفس؛ في مسعى منها لاستكشاف مكنونات النفس الإنسانية حسبما تقول، وهي أول عُمانية تمتلك مركزا للطب النفسي انطلاقا من إيمانها بكفاءة المرأة ودورها البارز في المساهمة لتطوير البلاد، فيما لم تخف إعجابها بكل من يتقدم للعلاج النفسي، حيث ترى أن ذلك الامر "شجاعة" منهم، بحسب وصفها.
      وتعتبر الخروصية والدها الدكتور حارب الخروصي قدوة لها، معربة عن فخرها كونها عُمانية تتمتع بالعيش على أرض هذا الوطن الغالي في ظل القيادة الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه.
      وترى الخروصية أن المرأة العُمانية قادرة على العمل في شتى المجالات، قائلة بأنه من الضروري على المرأة السعي لتحقيق الطموحات والوصول لأعلى المراتب. وتؤكد أن الأوضاع في السلطنة بشكل عام تمثل عاملا مشجعا للجميع ليحقق مزيدا من الانتاج والعمل. وأضافت: "كعُمانيات نحن محظوظات بأن نكون جزءا من القوى العاملة، وأن تكون لنا فرص متنوعة لوضع بصماتنا في تطور البلاد.. نحن سعيدات بأن نمارس ما نريده حيث يمكننا أن نكون ذوات دور فاعل في المجتمع؛ سواء كنا أمهات أو ربات منزل أو مديرات أو أساتذة في الجامعة وغيرها من المهن والتي قد لا تتوفر للمرأة في دول مجاورة".
      وأوضحت الخروصية أنها حققت بعض الإنجازات التي حلمت بها، غير أنه لا يزال هناك الكثير من الآمال والتطلعات التي لم تتحق وتسعى لتحقيقها، لافتة إلى أن أكبر إنجاز لها هو ممارسة العلاج النفسي في السلطنة، إضافة إلى أنها توسعت في هذا العمل من خلال مشاركة محترفين في مجال علم النفس للعمل في هذا المركز.
      وتفخر نتيلة الخروضية أنها نالت درجة الماجستير في علم النفس عام 2007، وكانت آنذاك تبلغ من العمر 23 عاما، وتقدم خدمات استشارية بنفسها. وتابعت: "الآن لدينا فريق مكون من 11 محترفا من مختلف أنحاء العالم، مثل بلجيكا وكولومبيا واستراليا وجنوب افريقيا وبريطانيا والهند، وبالطبع سلطنة عُمان". واشارت الى انها على الرغم مما وصلت اليه من معارف وعلوم إلا انها تتعلم من زملائها الأطباء النفسيين واستشاريي الإدمان، والمعالجين المهنيين والمعالجون بالفن، وعلماء النفس التربويين، والكثير غيرهم.
      وتأمل الخروصية أن تفتتح معهدا أكاديميا لعلم النفس بحيث يمكن للطلاب العُمانيين أن يتخصصوا في علم النفس وأن يجنوا ثماره النظرية والعملية من خلال دروس لتعلم الإدراك والتفكير البشري، وكيفية تطبيق النظريات على حالات حياتية واقعية. ومن بين طموحات الخروصية الحصول على شهادة الدكتوراه في الولايات الأمريكية المتحدة حتى تتمكن من اكتساب أكبر قدر من العلم والمهارات.
      أما عن كونها أول عُمانية تفتتح مركزا للطب النفسي، فهذا يعني لها الكثير وهي سعيدة بهذه "النعمة" كما تصفها، وتقول: "أشكر الله ثم والدي وعائلتي وبلدي على مساعدتهم لي لتحقيق هذا الإنجاز.. أتمنى أن يكون المركز معينا للناس وأن يستمر في الازدهار ومساعدة المزيد ممن يحتاجون المساعدة".
      وتشعر الخروصية بالفخر عندما تتحدث عن حجم الدعم الذي منحه له والدها د. حارب الخروصي، معتبرة إياه "مصدر إلهام" لها.
      خدمات المركز
      وعن الخدمات التي يقدمها المركز، أوضحت الخروصية: إن المركز يقدم خدمات العلاج النفسي والعلاج النفسي التربوي للأطفال والأسر، وعلاج صعوبات النطق، والعلاج الوظيفي، وعلاج عيوب القراءة لدى الأطفال، واختبار الذكاء للأطفال، وتقييم وعلاج صعوبات التعلم، وطب الأمراض النفسية، كما يقدم المركز دورات تدريبية وورش عمل للموظفين والأطفال والأسر. واضافت بأن من بين خدمات المركز؛ العلاج النفسي بالفن وتعديل السلوك للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، كما يقدم أيضا العلاج النفسي للإدمان.
      وعن اهتمامات المركز، تؤكد الخروصية أن عيادة النفس في مركز الحارب الطبي تضع رسالتها في تطبيق التقنيات المثبتة في التشخيص والعلاج النفسي؛ لتلبية مطالب الصحة النفسية المتزايدة للعُمانيين وغير العُمانيين، هذا مع الحفاظ على مستوى الاحترافية والجودة.
      وأشارت إلى القيم التي حددها فريق علم النفس وبنيت عليها رسالة ورؤية العيادة، قائلة: "لقد حدد فريق علم النفس مجموعة من القيم تبنى عليها رسالة ورؤية العيادة، وهي الجودة وفعالية التكلفة والتعاطف والاحترافية والسرية والأمان والاحترام وأخيرا السلامة، وشعارنا دائما "نحن نفهم.. نحن هنا للمساعدة".
      ولفتت إلى أن الحالات التي تتردد على العيادة متنوعة، فمع علماء النفس التربويين هناك كثير من حالات الطلاب الذين يعانون من صعوبة في التعلم والاستيعاب، والتي تتطلب تغييرا سلوكيا، أو أطفالًا ذوي اهتمام ناقص، واضرابات النشاط المفرط.
      أما الأطباء النفسيون، ففي العادة يستقبلون حالات الإدمان واضطرابات القلق مثل اضطراب الوسواس القهري، اضطراب الهلع والفوبيا الاجتماعية، أو الاضطرابات المزاجية مثل الاكتئاب أو اضطراب عسر المزاج الذي يحتاج إلى جلسات متتالية بالعقاقير العقلية والعلاج السلوكي الإدراكي.
      وتوضح أن العيادة تتلقى الكثير من المشكلات الاجتماعية مثل مشكلات الزواج والأسر، حيث يطلبون الاستشارة من اختصاصي موضوعي. وعند سؤالها عن تعاونهم مع جهات أخرى مختصة لعلاج وتأهيل المدمنين باعتبار أن الحالة النفسية جزء من عملية الإدمان، أجابت بقولها: "لا يمكن للمركز قبول أي مرضى إلا بعد التخلص من السموم وإعادة التأهيل، حيث ليس بإمكاننا مساعدة المدمنين إلا بعد فصلهم جسديا عن المخدرات، ثم بعد ذلك يمكن للمدمنين الذين يتعافون من الإدمان أن يعرضوا أنفسهم على علماء النفس ليقدموا لهم الدعم المعنوي واستهداف الأمور التي قادتهم للإدمان أو أي أمور أخرى مهمة لهم، وتكمل حديثها بقولها: لدينا تعاون مع بعض أطباء النفس من مستشفى ابن سينا، لأن لديهم وحدة خاصة لإعادة التأهيل والتخلص من السموم للمدمنين".
      الطب النفسي في المجتمع
      وحول مدى تقبل الأفراد العُمانيين لفكرة الطب النفسي، أوضحت الخروصية بأن هناك تقدما كبيرا في مدى تقبل الافراد لفكرة العلاج النفسي، مقارنة بالعام 2007، مؤكدة أن المجتمع العُماني أصبح أكثر تقبلا لفكرة زيارة طبيب نفسي؛ لأن هناك المزيد من العُمانيين يأتون إلينا ويقترحون على أقاربهم بزيارة المركز. وتابعت: "مؤخرا تواجدت حملات لنشر الوعي عن الصحة النفسية، وذلك بسبب كثرة الأساطير حول العلاج النفسي، رغم أن الكثير منها غير صحيح". وشدد الخروصية على أن المركز ملتزم بالقانون من خلال السرية الصارمة، وعلى الفرد أن يعلم أن الناس حول العالم يطلبون الاستشارة النفسية لأتفه المشاكل، لذلك فإن زيارة الطبيب النفسي لا يعني أن الشخص مجنون؛ لأن الناس احيانا يحتاجون إلى بعض الإرشاد من قبل الاختصاصيين".
      وترى الخورصية أن الوعي بالطب النفسي لدى العُمانيين في حالة نمو، وهناك مجال لنمو أكبر، مشيرة الى أنه من خلال قراءة مادة تحريرية عن أهمية الطب النفسي ستتغير نظرة القراء وسينمو وعيهم، فالإعلام يلعب دورا كبيرا في نشر الوعي ونحن نحتاج الى المزيد من الدعم من الإعلام للقضاء على الخرافات التي يتداولها الناس عن العلاج النفسي، ولزيادة وعيهم عن فوائد العلاج النفسي.
      أما عن شعورها وهي تعالج المرضى، فتقول: "دائما في هلع، ومعجبة بشجاعة المرضى، وأثني عليهم لاتخاذهم الخطوة الأولى وهي الإقرار بأن لديهم مشكلة ويريدون التوصل لحل لها، فكلنا لدينا مشاكل، ولكن أغلبنا لا يريد اتخاذ الخطوات الضرورية لتغيير أساليبهم وخياراتهم غير المتأقلمة، فعندما يدخل المريض لزيارتي، تكون له العقلية "انا لدي مشكلة، وانا مستعد لحلها"، وهذه العقلية فعالة جدا".
      وحول الصعوبات التي واجهتها في مجال دراسة علم النفس وممارسته، أوضحت أنها لم تواجه صعوبات في الدراسة، ولكن واجهتها بعض الصعوبات في تطبيق التدخلات العلاجية الغربية التي تعلمتها في الجامعة، ولكن مع الممارسة والإرشاد من الاختصاصيين تمكنت من التغلب على هذه الصعوبات.
      اضطرابات القلق
      وفيما يتعلق بالأمراض النفسية الأكثر شيوعا في السلطنة، قالت الخروصية إن الوضع مثل أي مكان في العالم، فاضطرابات القلق هي الأكثر شيوعا في عُمان، ولكن هناك أيضا عن حالات مشاكل عائلية، ومشاكل علاقات زوجية، وتحرش جنسي بالأطفال، وكلها حالات متكررة، لكنها غير مدروسة كثيرا في عُمان.
      وتشير الخروصية إلى أن الفرد عليه أن يلجأ الى الطبيب النفسي عندما يشعر بأنه عالق في مشكلة، وأنه يحتاج إلى يد العون ولا يجدها في أي مكان، وبالتالي يمكنه زيارة الطبيب النفسي. واوضحت أنه على سبيل المثال: إذا كنت تلاحظ أن ابنك يتصرف بطريقة غريبة، ولم يتم تشخيص أي مرض صحي او عضوي، فأنصح في هذه الحالة بزيارة الطبيب النفسي، فعلماء النفس قادرون على مساعدتهم وإرشادهم، وهناك اختصاصيون ملتزمون بالقانون وبأن يحافظوا على السرية والخصوصية". وتنصح الخروصية الأفراد بالذهاب الى الطبيب النفسي متى شعروا بالحاجة الى ذلك، وعليه أن "يفضفض ويبوح عما بداخله، كي يشعر بالراحة".