"بدون " رغم أنفهم!! - جديد جريدة الرؤية

    • "بدون " رغم أنفهم!! - جديد جريدة الرؤية


      مدرين المكتومية
      -

      من البديهيات.. أنّ الأم يمكن أن تعوض غياب الأب، لكن يصعب على الأب أن يحلّ محل الأم أو يملأ فراغها في حالة غيابها.. إلا أنّ الاثنين جناحا طائر، يعيش في عشٍ واحد، وفقد أحدهما يعني اختلال تحليق هذا الطائر في عوالم السعادة.
      أورد ذلك على خلفية معاناة بعض العمانيات المتزوّجات بأجانب، فهنّ من ناحيةٍ أسيرات لغياب الإحساس بالأمان جراء عدم تمتع أزواجهنّ بجنسية بلدهنّ، وقبل ذلك أنّ ثمرات هذه الزيجات من البنين والبنات تظل رهينة "البدون"، أو يحملون جنسية آبائهم، وفي كلا الحالتين تغيب الطمأنينة عن بال الأمهات على فلذات أكبادهنّ.
      تواجه العمانية المقترنة بأجنبي ـ تحديًا جوهريًا يتمثل في عدم تجنيس أبنائها، على الرغم من أنّهم يتحدّرون من أم عمانية، وأبصروا النور على ثرى عُمان، ويعيشون على أرضها الطاهرة..
      فالقانون لا يعطي لأبناء العمانية من أب أجنبي حق التجنّس، حيث إنّ هناك الكثير من الأمهات يعانين هذه المشكلة، وتنغص عليهنّ حياتهن.. كيف لا وأبناؤهنّ يعيشون واقعًا هم فيه أجانب؟
      مؤكد أنّ هناك أضرارًا معنوية سيعيشها الطفل أو الابن جراء ذلك، فضلا عن الأضرار المعنوية التي قد تسيطر على أفكار الأم، وتجعلها تعيش حالة هستيرية خوفًا من فقدان أبنائها في لحظة من اللحظات.
      القضية ليست سهلة كما يعتقد البعض، ومن الجرم أن نتعامل مع المرأة التي كانت يومًا ما أمّاً لرجل وأختًا لرجل أو صديقة له بهذا الأسلوب.. كم هو قاسٍ أن يشعر الابن على الرغم من أنه مُنحدر أم عمانية وعلى أرض عمانية أنّه يعيش كالشخص الغريب في وطنه أو المهاجر أو الهارب من العدالة، أو كمن اقترف جرمًا ومختبئ طوال الوقت حتى لا يذاع سره.. من البؤس بمكان أن يرى غيره يعيش حياةً كريمةً دون التفكير للحظة أنّ الحلم الذي يعيشه قد يفيق منه يومًا على واقع مؤلم.
      واقع الحال يقول إنّ تداعيات المعضلة لن تكون معنويةً فقط بل هناك أضرار مادية، وربما سار الأمر لأبعد من هذا بحرمان هذا الطفل من أن يرث أمه في الممتلكات العينية كـ" الأراضي والعقارات" تحت دعاوى عدم امتلاكه الجنسيّة العمانية، والخطوط الفاصلة بين ما هو من حق المواطن وحق الأجنبي الذي لا يبيح له القانون حق التملك.
      كما أنّ ابن هذه المرأة لن يستفيد من فرص التعليم المجاني أو الخدمات الصحيّة، علمًا بأنّ النظام الأساسي للدولة ينص على مساواة جميع المواطنين في الحقوق والواجبات سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا، ومن خلال هذه التفرقة يمكن الطعن في قانون الجنسية بعدم دستوريته، لأنّ النظام الأساسي يقتضى عدم التفرقة بين الجنسين.
      لن يعرف هذا الطفل الذي خرج للعالم مصيره تحت ظل هذا القانون الذي يخلق العديد من المشكلات، لاسيما في حال رحيل الأب إلى دياره مخلفًا وراءه مطلقة مع أبناء لا حول لهم ولا قوة وبدون هويّة، فتسد أمامهم سبل الاندماج بشكل كافٍ في المجتمع، فهم مثلا لا يستطيعون الزواج، ومضرب مثل لذلك العائلات التي استوطنت زنجبار منذ زمن بعيد، وكانوا أساس قيام الحضارة العمانية إلا أنّهم يعانون من مشاكل الزواج حتى من أبناء خؤولتهم بالسلطنة، فهم بين مطرقة بلد الأم التي لم يحصلوا على جنسيتها وبين سندان بلد الأب الذي يطالبهم بإثبات بنوّتهم لكي يأخذ على عاتقه مسؤولية إعطائهم الجنسية ومن ثمّ بإمكانهم العيش تحت مظلة الكفيل الذي ربما يكون خالهم أو جدهم.. حقيقة هما أمران أحلاهما مر.
      آن الأون ليتغيّر هذا القانون، خاصة وأنّ هؤلاء الشباب قد يكونون من خيرة شباب عمان، الذين يمكن الاعتماد عليهم في بناء وطننا والرقي بها، وتحريك عجلة التنمية بصورة أكبر وأشمل.. لا يجب أن يكون هذا هو نهاية مصيرهم وعاقبة أمرهم.
      لماذا لا نستفيد من نموذج أمريكا في قانون التجنس؛ فالقانون الأمريكي به مادة تنص على أنّ كل من يولد على أرضٍ أمريكية أو حتى أجوائها يحق له الحصول على الجنسية، إضافة إلى أن الأبوين يحق لهما أيضًا الحصول عليها عند بلوغ ابنهما سن الثامنة عشرة من العمر..
      نناشد الجهات المعنية بتقليب الأمر على كل وجوهه، وتعديل بعض جوانبه بما يتناسب مع النظام الأساسي الذي كفل حق المساواة بين الرجل والمرأة في مختلف الجوانب الحياتية.. وحتى لا يكون أبناء العمانيات ( بدون).

      madreen@alroya.info