
مسقط- عادل اللمكي- شيماء المعولية
-
تطور علمي متسارع يضيف المزيد لرصيد المستشفى السلطاني
نجح فريق مكون من اثنين من الجراحين العمانيين في إجراء عملية لاستئصال القولون لمريض مصاب بورم سرطاني، عن طريق تقنية جديدة ومعقّدة وهي العملية الأولى في السلطنة، في إنجاز جديد يضاف إلى المستشفى السلطاني.
وقد قام بإجراء العملية الدكتور مرتضى القبطان استشاري أول والدكتور راشد العلوي اختصاصي أول بوحدة جراحة القولون والمستقيم في المستشفى السلطاني.
وأوضح الدكتور مرتضى القبطان استشاري أول جراحة القولون والمستقيم بالمستشفى السلطاني عن هذه التقنية الجديدة بالقول إنّ عمليات استئصال القولون كانت تجرى في السابق عن طريق العمليات المفتوحة التقليدية، وقبل عدة سنوات دخلت تقنية جراحة المنظار الدقيق هذا المجال، والتي بدأ استخدامها في المستشفى السلطاني منذ العام 2008، وتمّ إجراء أكثر من 130 حالة لاستئصال القولون باستخدام المنظار، منذ ذلك التاريخ بنتائج نجاح عالية جدًا. واستدرك أنّ الأمر لم يتوقف عند حد معين، حيث كانت البداية في استخدام جراحة المناظير تستدعي إجراء ثقوب عديدة في جدار البطن تتجاوز الخمس ثقوب، وتدريجيًا ومع تطور هذه التقنية واكتساب المهارات العالية قلّ عدد الثقوب إلى 3 بشكل روتيني، أحدها يستخدم لادخال كاميرا المنظار أمّا الثقبين الآخرين فيستخدمان لإدخال الأدوات الجراحيّة اللازمة لإجراء العملية.
وتابع أنّ الطفرة الكبرى كانت من خلال تمكّن الجراحين من إجراء نفس العملية بواسطة ثقب واحد لا يتجاوز حجمه الثلاث سنتيمترات، وقد تمّ إجراء هذه العمليات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية بين العامين 2008 و2009. وأشار إلى أنّ مجموع الحالات والمراكز الجراحية التي تجري هذا النوع من العمليات ظل محدودًا، نظرًا لما يحتاجه الجراح من كفاءة وخبرة ومهارة عالية حتى يتمكن من البراعة في هذا المجال. وأوضح أنّ اليوم تمكن الفريق الطبي وبفضل من الله عز وجل من إجراء أول عملية من هذا النوع في المستشفى السلطاني.
وقد أجريت هذه العملية لمريض في منتصف الأربعينيات، حيث تمّ تشخيص إصابته بمرض سرطان القولون في مستشفى السلطان قابوس بصلالة، وتمّ تحويله إلى وحدة جراحة القولون والمستقيم بالمستشفى السلطاني. وفور وصول المريض تمّ إجراء جميع الفحوصات المتعلقة بحالته وتمّ تحضيره للعملية مع شرح كاف ومفصل عن كيفية إجرائها. وبعد العملية بساعات معدودة ونظرًا لصغر فتحة العملية تماثل المريض للشفاء التام، ولم يشكو من آلام شديدة مقارنة بالآلام التي تنتج عن طرق العمليات التقليدية، ومن ثمّ تمكّن من تناول الغذاء مبكرًا والحركة والمشي في نفس اليوم. وسمحت حالته بمغادرة المستشفى بعد يومين فقط من إجراء العملية. وهذا يعكس بشكل مباشر الفوائد الايجابية للمريض وللمستشفى من ادخال مثل هذه التقنيات الحديثة. وقد تمّت معاينة المريض في العيادة الخارجية بعد أسبوع، حيث كان يتمتع بصحته الكاملة ويمارس أنشطة حياته بشكل طبيعي وكان جاهزًا ليباشر عمله الوظيفي. وعبر المريض عن فرحته وسعادته لكونه الحالة الأولى التي تستفيد من هذه التقنية وما سينتج عنها من عدم ترك أثر أو ندبة مستقبلا في بطنه .
نجاحات متتالية
وعبّر الدكتور راشد العلوي عن اعتزازه وفخره بما تشهده المستشفى من تطور سريع وملحوظ في قسم الجراحة العامة، وخصوصًا في وحدة جراحة القولون والمستقيم التي يعمل بها. وأضاف أنّه في السنوات الأربع الأخيرة، تشهد جراحة المناظير الوحدة تطورا بشكل كبير ومتزايد حتى أصبحت معظم العمليات تجرى بالمنظار الجراحي الدقيق. ويكمن سر النجاح في عدة أسباب من أهمها الدعم المتواصل الذي يتلقاه طاقم الوحدة من إدارة المستشفى في توفير الأجهزة والمعدات اللازمة وحتى ولو كانت مكلفة الثمن إيماناً بأنّ المواطن العماني وصحته وسلامته يستحقون الأفضل دائمًا. كما أنّ إصرار طاقم الفريق في الوحدة وتعاونهم بشكل إيجابي وسعيهم الدائم لتطوير مستوياتهم العلمية ومهاراتهم الجراحية من خلال حضور المؤتمرات والالتحاق بالورش والبرامج التدريبية في مختلف دول العالم كان له الأثر الكبير في الوصول إلى هذه النتائج المشرفة.
وبالإضافة إلى ما تقوم به الوحدة من عمليات لاستئصال القولون والمستقيم نتيجة لأمراض تصيبها سواء تلك الحميدة أو السرطانية، فإن الوحدة تمكّنت من إجراء أول عملية لاستئصال الرحم بالمنظار الدقيق في المستشفى السلطاني في العام 2008. كما تمكّنت مؤخرًا وبالتعاون مع قسم المسالك البولية من إجراء عملية لاستئصال الكليّة بالمنظار الدقيق وهي الأولى أيضًا من حيث إن الطاقم الطبي يتكون من جراحين عمانيين.
وأضاف العلوي: "كان نجاح عملية استئصال القولون من خلال ثقب واحد مؤخرًا نقلة جدية ومحورًا مفصليًا في مستوى الجراحة في السلطنة وبالتالي فتح أفاقا جديدة ونوعية جديدة من العمليات الجراحيّة التي تقدمها المستشفيات الحكومية، حيث من الممكن أن تستخدم هذه التقنية في الكثير من أنواع العمليات كعملية استئصال المرارة واستئصال الزائدة الدودية واستئصال الطحال والكلية والمعدة وعمليات السمنة وغيرها ".
وأكد أنّ المستفيد الأول من هذه التقنية هو المريض نظرًا لعدة ميزات تتصف بها، ومنها صغر جرح أو ثقب العملية، فبعد أن كانت عملية استئصال القولون تتطلب إجراء شق في البطن يتجاوز طوله أحيانًا الثلاثين سنتيمتر، أصبح الثقب في هذه العملية لا يتجاوز الثلاثة سنتيمترت وبدون إبقاء أثر أو ندبه مع القليل من الألم والعودة السريعة الى الحياة الطبيعية.
وتوقع الفريق الجراحي أن يحمل المستقبل القريب نجاحات أخرى، كما أكّد الطاقم الجراحي أنّهم سيسعون جاهدين لاستخدام تقنيات جراحية جديدة أكثر تعقيدًا كالجراحة باستخدام الروبوت الجراحي والجراحة عن طريق الفتحات الطبيعية للإنسان (الفم والمهبل وفتحة الشرج)، متى توفرت لهم الخبرة والظروف المناسبة وبالتالي إجراء عمليات البطن دون فتحات خارجية.
