محمد الشحري
-
تطالعنا الصحف بالمحلية بمقالات ورؤى لكتاب عُمانيين، نتفق معها كثيرا ونختلف معها أحيانا، وفي بعض الأحيان قد نرد عليها لنقدم للقارئ الكريم وجهات نظر مغايرة حسب قناعتنا ولا نلزم القارئ بتبني أفكارنا، بل ندعوه للتفكير معنا، ففي الفترة الأخيرة تناولت بعض الأقلام ما يجري على الساحة العُمانية من أحداث وتطورات، وقد حاول بعض الكتاب تقديم النصح والإرشاد - مشكورين- ينبهوننا ويحذروننا من مغبة التعامل مع الأجنبي سواء كان فردا أو مؤسسات، وتستعرض لنا هذه الأقلام وجهات نظرها وآراءها حول منظمات حقوق الإنسان أو أي منظمات أخرى تعنى بالشأن المدني، فعلى سبيل المثال نشر يوم أمس الزميل الكاتب عوض بن سعيد باقوير مقالا في جريدة عمان بعنوان (المنظمات الحقوقية وأجندتها الخفية)، يتحدث فيه عن التقارير الأخيرة التي نشرتها بعض المنظمات الحقوقية عن نشر صور بعض المتهمين في قضية الإساءة.
وأشار باقوير إلى أن المنظمات الحقوقية تبتز دول مجلس التعاون الخليجي في موضوع حقوق الإنسان، وطالب الزميل دول مجلس التعاون بألا تبالي بهذه المنظمات، لكننا من واقع نظرتنا إلى الواقع الخليجي وما يجري على الساحة من أحداث وتطورات برزت منذ قيام الاحتجاجات الشعبية العربية ضد أنظمتها، فإننا لا نقارن بين حكومة تمنع قيادة السيارات عن نصف مواطنيها وحكومة أخرى تستخدم السلاح ضد مواطنيها وبين حكومة نشرت صور متهمين وأسمائهم ووظائفهم في قضية لم يبت فيها الحكم النهائي، أي بمعنى آخر أن سجل حقوق الإنسان في منطقة الخليج يختلف من دولة إلى أخرى، وأرى انه من الإجحاف أن نساوي بين الدول الست في هذا المجال.
أما بخصوص البيانات التي أصدرتها مؤخرا بعض الجمعيات تجاه السلطنة، فإننا نقول إنه لا أحد في عُمان يدافع عن السب والشتائم فهذه مرفوضة في القيم الإنسانية والأديان السماوية وفي أخلاق الشعوب، ولا تندرج الألفاظ البذيئة ضمن قائمة حرية الرأي والتعبير، لكننا في المقابل نقول أن نشر صور المتهمين في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وحسب الصورة التي رأيناها نرى أن ذلك يخالف المادة (22) من النظام الأساسي للدولة التي تقول "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيًّا أو معنويًّا"، وهنا نحن ندافع عن النظام الأساسي للدولة، لأنه على أثر نشر صور المتهمين أصدرت العديد من المنظمات الحقوقية بياناتها الاستنكارية، وهنا نتساءل: هل أصدرت هذه الجمعيات بياناتها من فراغ أم بناء على أحداث ومجريات من أرض الواقع؟ أي ان العتب يجب أن يوجه إلى الجهات التي سمحت بنشر صور المتهمين، لأن البيانات التي تصدرها المنظمات الحقوقية سواء كانت تمثل أعضائها أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أو حتى من الأمم المتحدة أو من مجلس الأمن، تؤلمنا كمواطنين قبل الدولة العُمانية، ولا يقبل أي إنسان شريف أن تدرج بلده ضمن قائمة البلدان التي تضايق الحريات الأساسية او تنكل بمواطنيها، ولا أتصور أن هناك مواطنًا عُمانيًّا يستعين بهذه المنظمات ضد بلده، لكننا في عصر السماوات المفتوحة، وفي طفرة إلكترونية ومعلوماتية يسيطر الغرب على كل مفاصلها، ويعرفون كل كبيرة وصغيرة نكتبها أو نتعامل معها في أجهزة الحاسوب أو في عالم الاتصالات، وقد تعزز ذلك اكثر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، مما يعني ان ما يحدث في السلطنة يطلع عليه آخرون، ولا حاجة لأناس أن يكونوا عيونًا للجمعيات الحقوقية في السلطنة، إذ توجد العديد من الأعين التي ترصد ما يجري هنا.
.. إن حقوق الإنسان في منطقة الخليج ليست على تلك الصورة الوردية التي يكتب عنها بعض الكتاب، وأيضا ليست بتلك السوداوية التي قد تصورها المنظمات الحقوقية، أي أن هناك مظالم وانتهاكات وعدم اعتراف بحق الإنسان سواء اكان مواطنًا أو مقيمًا، ومن لا يصدق ذلك فما عليه إلا أن ينزل إلى الشارع ويرى ويستمع لمعاناة الإنسان بصرف النظر عن لونه او عرقه أو جنسيته او جنسه، حتما سيجد الكثير وعلى رأسها على سبيل الذكر تعذيب عاملات المنازل ووفاتهن على أيدي مخدوميها، كما توجد اعتقالات بين الحين والآخر لأناس بسبب حرية الرأي والتعبير، او المطالبة بحق التجمع السلمي، هذه حالات موجودة ولا يجب أن ندفن أقلامنا في التراب حتى لا نكتب عنها، بل يجب تسليط الأضواء عليها ومناقشتها على المستوى المحلي وضمن القوانين والتي يجب أن تُعدل لصون كرامة الإنسان والحفاظ على حقوقه، كما أن الجمعيات الحقوقية ليست كلها نزيهة، وكما تفضل الزميل عوض فإن هذه الجمعيات تقف عاجزة أمام الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة منذ نكبة 1948، ولكنها تصدر بياناتها ضد الدول العربية أو تلك التي لا تدور فيما يعرف بالمجتمع الدولي، وهي مدانة في هذا الجانب.
ومن هنا أدعو دول مجلس التعاون الخليجي إلى مراعاة مطالب شعوبها وتعزيز مفهوم المواطنة وتطبيقه على كل المواطنين، وإزالة العوائق امام حرية الرأي وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، وهنا يمكن ان يتأسس مجتمع مدني متماسك يقف حاجز صد لأي اختراق، ولا تجد المنظمات الحقوقية ما تحتج عليه في منطقة الخليج.
alroya.info/ar/alroya-newspaper/last-page/37465
-
تطالعنا الصحف بالمحلية بمقالات ورؤى لكتاب عُمانيين، نتفق معها كثيرا ونختلف معها أحيانا، وفي بعض الأحيان قد نرد عليها لنقدم للقارئ الكريم وجهات نظر مغايرة حسب قناعتنا ولا نلزم القارئ بتبني أفكارنا، بل ندعوه للتفكير معنا، ففي الفترة الأخيرة تناولت بعض الأقلام ما يجري على الساحة العُمانية من أحداث وتطورات، وقد حاول بعض الكتاب تقديم النصح والإرشاد - مشكورين- ينبهوننا ويحذروننا من مغبة التعامل مع الأجنبي سواء كان فردا أو مؤسسات، وتستعرض لنا هذه الأقلام وجهات نظرها وآراءها حول منظمات حقوق الإنسان أو أي منظمات أخرى تعنى بالشأن المدني، فعلى سبيل المثال نشر يوم أمس الزميل الكاتب عوض بن سعيد باقوير مقالا في جريدة عمان بعنوان (المنظمات الحقوقية وأجندتها الخفية)، يتحدث فيه عن التقارير الأخيرة التي نشرتها بعض المنظمات الحقوقية عن نشر صور بعض المتهمين في قضية الإساءة.
وأشار باقوير إلى أن المنظمات الحقوقية تبتز دول مجلس التعاون الخليجي في موضوع حقوق الإنسان، وطالب الزميل دول مجلس التعاون بألا تبالي بهذه المنظمات، لكننا من واقع نظرتنا إلى الواقع الخليجي وما يجري على الساحة من أحداث وتطورات برزت منذ قيام الاحتجاجات الشعبية العربية ضد أنظمتها، فإننا لا نقارن بين حكومة تمنع قيادة السيارات عن نصف مواطنيها وحكومة أخرى تستخدم السلاح ضد مواطنيها وبين حكومة نشرت صور متهمين وأسمائهم ووظائفهم في قضية لم يبت فيها الحكم النهائي، أي بمعنى آخر أن سجل حقوق الإنسان في منطقة الخليج يختلف من دولة إلى أخرى، وأرى انه من الإجحاف أن نساوي بين الدول الست في هذا المجال.
أما بخصوص البيانات التي أصدرتها مؤخرا بعض الجمعيات تجاه السلطنة، فإننا نقول إنه لا أحد في عُمان يدافع عن السب والشتائم فهذه مرفوضة في القيم الإنسانية والأديان السماوية وفي أخلاق الشعوب، ولا تندرج الألفاظ البذيئة ضمن قائمة حرية الرأي والتعبير، لكننا في المقابل نقول أن نشر صور المتهمين في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة وحسب الصورة التي رأيناها نرى أن ذلك يخالف المادة (22) من النظام الأساسي للدولة التي تقول "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تؤمن فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع وفقا للقانون، ويحظر إيذاء المتهم جسمانيًّا أو معنويًّا"، وهنا نحن ندافع عن النظام الأساسي للدولة، لأنه على أثر نشر صور المتهمين أصدرت العديد من المنظمات الحقوقية بياناتها الاستنكارية، وهنا نتساءل: هل أصدرت هذه الجمعيات بياناتها من فراغ أم بناء على أحداث ومجريات من أرض الواقع؟ أي ان العتب يجب أن يوجه إلى الجهات التي سمحت بنشر صور المتهمين، لأن البيانات التي تصدرها المنظمات الحقوقية سواء كانت تمثل أعضائها أو المفوضية السامية لحقوق الإنسان، أو حتى من الأمم المتحدة أو من مجلس الأمن، تؤلمنا كمواطنين قبل الدولة العُمانية، ولا يقبل أي إنسان شريف أن تدرج بلده ضمن قائمة البلدان التي تضايق الحريات الأساسية او تنكل بمواطنيها، ولا أتصور أن هناك مواطنًا عُمانيًّا يستعين بهذه المنظمات ضد بلده، لكننا في عصر السماوات المفتوحة، وفي طفرة إلكترونية ومعلوماتية يسيطر الغرب على كل مفاصلها، ويعرفون كل كبيرة وصغيرة نكتبها أو نتعامل معها في أجهزة الحاسوب أو في عالم الاتصالات، وقد تعزز ذلك اكثر بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، مما يعني ان ما يحدث في السلطنة يطلع عليه آخرون، ولا حاجة لأناس أن يكونوا عيونًا للجمعيات الحقوقية في السلطنة، إذ توجد العديد من الأعين التي ترصد ما يجري هنا.
.. إن حقوق الإنسان في منطقة الخليج ليست على تلك الصورة الوردية التي يكتب عنها بعض الكتاب، وأيضا ليست بتلك السوداوية التي قد تصورها المنظمات الحقوقية، أي أن هناك مظالم وانتهاكات وعدم اعتراف بحق الإنسان سواء اكان مواطنًا أو مقيمًا، ومن لا يصدق ذلك فما عليه إلا أن ينزل إلى الشارع ويرى ويستمع لمعاناة الإنسان بصرف النظر عن لونه او عرقه أو جنسيته او جنسه، حتما سيجد الكثير وعلى رأسها على سبيل الذكر تعذيب عاملات المنازل ووفاتهن على أيدي مخدوميها، كما توجد اعتقالات بين الحين والآخر لأناس بسبب حرية الرأي والتعبير، او المطالبة بحق التجمع السلمي، هذه حالات موجودة ولا يجب أن ندفن أقلامنا في التراب حتى لا نكتب عنها، بل يجب تسليط الأضواء عليها ومناقشتها على المستوى المحلي وضمن القوانين والتي يجب أن تُعدل لصون كرامة الإنسان والحفاظ على حقوقه، كما أن الجمعيات الحقوقية ليست كلها نزيهة، وكما تفضل الزميل عوض فإن هذه الجمعيات تقف عاجزة أمام الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة منذ نكبة 1948، ولكنها تصدر بياناتها ضد الدول العربية أو تلك التي لا تدور فيما يعرف بالمجتمع الدولي، وهي مدانة في هذا الجانب.
ومن هنا أدعو دول مجلس التعاون الخليجي إلى مراعاة مطالب شعوبها وتعزيز مفهوم المواطنة وتطبيقه على كل المواطنين، وإزالة العوائق امام حرية الرأي وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، وهنا يمكن ان يتأسس مجتمع مدني متماسك يقف حاجز صد لأي اختراق، ولا تجد المنظمات الحقوقية ما تحتج عليه في منطقة الخليج.
alroya.info/ar/alroya-newspaper/last-page/37465