الرحلة الاخيرة ...

    • الرحلة الاخيرة ...

      أصوات بديعة رائعة بدأت تصدرها للتو طيور النورس الشجية ، ملتحمة مع تلاطم أمواج البحر البديعة ، لوحة ممتزجة بأشعة الشمس الدافئة ، ومن خلال تلك الصورة الجميلة التي تداخلت حولها أصوات ممتزجة بالدموع ودمدمات كلامية من هنا وهناك .. وهناك حركة غير طبيعية لبعض البحارة وهم يحملون المؤن اللازمة لرحلتهم التي تستغرق شهورا عديدة .. ما هي إلا لحظات حتى بدأ العناق ، وبداء البكاء الذي امتزج بالدعاء لهم بالرجوع لأرض الوطن سالمين غانمين ..

      ويترأس تلك المجموعة من البحارة والذي يقدر عددهم بثلاثين بحارا الحاج عبدالله ، والذي يعرف عنه بفطنته وبذكائه الحاد وعدله ، ويتصف بأنه قائد ماهر وربان محنك ..

      وقف الحاج عبدالله يتأمل كل شيء من حوله وهو شارد الذهن ، لم يفق من غفلته إلا على صياح البحارة ، هيا يا حاج هيا .....

      وعلى أصوات الأطفال وأهازيج الرجال ودعوات النساء ، أبحرت السفينة إلى عرض البحر فتلاشت رويدا رويدا إلى أن احتجبت عن الأنظار ، وفي عرض البحر كان البحارة فرحين وهم يرفعون الأشرعة على الحان البحر الشجية ممتزجة بأناشيدهم وأهازيجهم البحرية .. يا لها من لحظات جميلة وأصوات والحان بديعة تطرب لها الأذن والقلب في آن واحد ...

      وبعد مرور ثلاثة أسابيع على رحلتهم هذه ، اشتدت الرياح فجأة وارتفع الموج ، البحارة فزعون لا يعرفون ماذا يفعلون ، والحاج عبدالله شارد الذهن وكأنه يسترجع الماضي ، وفي تلك اللحظة يأتيه بعض البحارة ليرشدهم إلى الطريق الصحيح ولتفادي هذه الرياح الشديدة والأمواج الكاسرة كأنها جبالا عاليه ...

      خلفان يا حاج ، يا حاج عبدالله ما العمل ؟
      سعيد ماذا نفعل يا حاج أننا على مشارف الموت ؟

      يا الله الحاج لا يتكلم وكأنه لم يسمع صرخاتهم ، ولم يعطها أية أهمية ، وتكلم مسعد قائلا :

      مسعد لماذا لا تتكلم يا حاج ، أرشدنا ، الم تصادف مثل هذه الأمواج والرياح من قبل ، أننا مهددون بأن نكون خلال ساعات قليلة في بطون الأسماك المفترسة .

      وهنا نظر الحاج عبدالله في وجوه البحارة ، وبعد سكوت طويل ، نطق الحاج :

      الحاج يا لكم من بحارة فاشلين ، تستعينوا ببشر مثلكم ولا تستعينوا وتطلبوا النجاة من رب العالمين ، أيعقل هذا !!

      خلفان ولكن ......
      الحاج ( واقفا ) ولكن ماذا ؟ في الماضي صادفنا اعتي من هذه الأمواج العالية والرياح الشديدة ، سوف نجتاز هذه المحنة بعون من الرحمن الرحيم ، لا عليكم سوى ذكر الله " ألا بذكر الله تطمئن القلوب " ..

      وأعطاهم بعض النصائح والإرشادات لتخطي هذه المحنة ..... وبعد ساعات عصيبة هدأت العاصفة ورجع البحر إلى هدوءه ، فنادى الحاج عبدالله جميع البحارة ...

      الحاج يا إخواني هلموا بنا لتأدية صلاة الشكرلله رب العالمين على نجاتنا

      واجتمع البحارة لتأدية الصلاة ، وبعد الانتهاء من الصلاة تفرق البحارة كلا لعمله ، عدا الحاج عبدالله ومساعده الشيخ خلفان ، وبعد صمت قصير تكلم الشيخ خلفان محادثا الحاج عبدالله .....

      خلفان لماذا ياحاج لم ترتبك أثناء الأزمة وكأن شيء لم يحدث ؟
      عبدالله يا أخي خلفان ، لم تظهر علامات الخوف عندي ظاهريا ، ولكن في داخلي كنت في قلقا شديد ، ولا اخفي عليك فقد كنت أعيش حالة من الخوف ، لأننا في هذه الحالة على مشارف الموت وما بيدنا إلا الاستعانة برب الرحمة ، وقد فعلت ذلك حتى تطمئن قلوب البحارة ...
      خلفان لكن ياحاج ... الم تصادف من قبل مثل هذه الحالة ؟
      عبدالله ( ضاحكا ) بلى لقد صادفت أشد من هذه المحنة ؟
      خلفان حدثني عنها ؟
      الحاج ( سكوت قصير ، وبنبرة حزن ) كنا يا شيخ خلفان في عرض البحر وتلك المرة لم تكن للصيد بل كنا قاصدين الهند للتجارة وبعد أن مضى علينا ما يقارب الشهر في عرض البحر ....

      وهنا سكت الحاج عبدالله ، ودمعة حزن تنحدر على خديه ...

      خلفان ما هذا الذي أراه ، أتبكي يا حاج ؟
      عبدالله ( ماسحا دموعه براحة يده ) أعذرني ، لأنني فقدت في هذه الرحلة أخي حمد ..
      خلفان لا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف حدث هذا ؟
      الحاج كنا في منتصف النهار في فترة القيلولة ، وفجأة اسودت السماء وبدأت علامات العاصفة تطهر رويدا رويدا ، الأمواج ترتفع ، الأمطار تتساقط ، وخلال لحظة لم نتمكن من عمل أي شيء إذ كثرت الأمطار في الهطول ، وارتفعت الأمواج عاليا واشتدت الرياح أكثر وأكثر ، فصرنا بين أن نقف على قمة الموجه وبين أن نكون بين قبضتي جبلين من الماء .... ( سكت الحاج قليلا ......

      الحاج البحارة يهتفون ويبتهلون للمولى عز وجل ليذهب عنا هذه الغمة ، وبعد صراع مع البحر ، انقلبت السفينة ، ولم يبقى منها إلا خمسة على قيد الحياة أنا واحدا منهم ، وكان حمد وآخرون ضمن الموتى ...
      خلفان لا تحزن يا أخي عبدالله لا مفر من الموت ، وكل نفس ذائقة الموت ..
      الحاج والنعم بالله ، وبعد انقلاب السفينة قضينا ساعات طويلة في عرض البحر والأمواج تقذفنا يمينا وشمالا ، تعلقنا بقطعة خشب عائمة من حطام السفينة ، ورب الرحمة لا ينسى عباده كنا في حالة يرثى لها ، ولمحتنا سفينة صيد فأنقذتنا ...
      خلفان أنا أسف يا حاج ، اكرر أسفي مرة أخرى ...
      الحاج لا داعي للأسف هذه سنة الحياة ، والبحر متقلب بين يوم ضاحك ويوما عابس ...
      ****

      خلال أسبوع من العاصفة اصطاد البحارة الكثير من السمك ، وامتلأت السفينة ، وفرح الصيادون فحرا كثيرا بهذا الرزق الثمين ، فتوجه الشيخ خلفان مع بعض البحارة إلى الحاج عبدالله ليبشروه بصيدهم الوفير ....

      خلفان ( ضاحكا ) ابشر يا حاج فالصيد وفير لقد اصطدنا كمية كبيرة جدا ، الحمد لله الحمد لله ...
      مسعد شيخ خلفان ، الحاج عبدالله لا يتكلم ولا يتحرك ..
      خلفان حاج ... حاج عبدالله ، رد علي ؟

      فجأة تغير المكان الذي كان ينبض بالفرح والسعادة إلى حزن ، يا الله مات الحاج عبدالله .. خيم على البحارة الحزن الشديد لوفاة هذا الربان الفذ ...

      لقد مات الحاج عبدالله ، قالها الشيخ خلفان والدموع تنحدر على خديه بغزارة ، مات أسد البحر ، يا لحكمة الله ، بعد أن علمنا ما نعمل في حالة العسرة والشدائد ..

      سعيد لا حول ولا قوة إلا بالله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ...
      خلفان أن لله وان إليه راجعون ، وكأنه عرف إنها الرحلة الأخيرة في البحر الكبير ....
      مسعد الشيخ خلفان سوف نرجع الان وسنصل غدا صباحا للبلدة أن شاء الله ، ولن نتوقف ..

      ياه كم هي لحظات عصيبة وقاسية مرت على السفينة وطاقمها ، اجتمع البحارة للإلقاء النظرة الأخيرة على هذا القائد المحنك ، ومن ثم اصطف البحارة يتقدمهم الشيخ خلفان لصلاة الميت ..

      إرادة الله فوق كل شيء ، والقدر المحتوم لا مفر منه " أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة " .

      وقفت السفينة بين التهليل والأفراح ، التي انقلبت حزنا وبكاء على ذاك الربان الذي عشقه البحر وعشق البحر .... لقد عاد الحاج عبدالله مع بحارته ولكن جثة هامدة محمولة على الأعناق ..
    • انك مبدع اخي .. دندنة على سن القلم ..

      لك من الخيال الواسع ..
      ما يوحي للقارىء انك كاتب فذ وانت كذلك فعلا ..
      لقد كتبت فأبدعت ..
      وصورت .. فاتقنت الصوره ..
      وجعلتنا نخوض القصة وكأننا من البحارة الذين كانوا على متن السفينه ..
      لك اسلوب يبحر بالقاريء الى اغوار قصتك ..
      مما يجعله يحس بمشاعر الكاتب وأحاسيسه الدفينه ..

      تشكر اخي دندنة على هذا الابداع ..

      تحياتي .. إعصار ...
    • قصه جميله اخوي دندنه 00

      فعلا اننا استمتعنا بقصتك البحريه 00

      والتي تبين قوة وشجاعه البحاره الذين على السفينه 00

      وايضا ماتحمل من حزن على وفاة الحاج عبدالله 00
    • قصة رائعة اخي دندنة على سن القلم
      وانا اقراها اتخيلها من صراخ البحارة عند هبوب العاصفة وموقف الحاج منهم وصوت البحر ........

      ومنا نستفيد :
      التوكل على الله
      اللجوء الى الله في المحن
      ولن يصيبنا الا ماكتب الله لنا
      ولم تدري نفس باي ارض تموت
      اينما تكونوا يدرككم الموت

      وسبحان الله في كل شي
    • إعصار كتب:

      انك مبدع اخي .. دندنة على سن القلم ..

      لك من الخيال الواسع ..
      ما يوحي للقارىء انك كاتب فذ وانت كذلك فعلا ..
      لقد كتبت فأبدعت ..
      وصورت .. فاتقنت الصوره ..
      وجعلتنا نخوض القصة وكأننا من البحارة الذين كانوا على متن السفينه ..
      لك اسلوب يبحر بالقاريء الى اغوار قصتك ..
      مما يجعله يحس بمشاعر الكاتب وأحاسيسه الدفينه ..

      تشكر اخي دندنة على هذا الابداع ..

      تحياتي .. إعصار ...


      وانت الاروع يا اعصار الخير ، تسلم على طيب الكلم ، وطيب الاحساس المرهف في قراءة وصياغة القصص ، واتمنى بحق كما قلت ، ولكن ما زلت للان طفل صغير يتعلم من حواليه كيف ينطق أ ب ت ث
    • كعادتك تأتي بالمتميز دائما

      قصة رائعة بالفعل !!!!!!!

      غصنا في بحرها ......وانقذتنا اشرعتها

      دمت في تالق دائم

      لك في الورد أجملة

      تحيااااااااااااااتي
      أكتب ما اشعر به وأقول ما أنا مؤمن به انقل هموم المجتمع لتصل الي المسئولين وفي النهاية كلنا نخدم الوطن والمواطن
    • أمــــــ الحـــب ـير كتب:

      قصه جميله اخوي دندنه 00

      فعلا اننا استمتعنا بقصتك البحريه 00

      والتي تبين قوة وشجاعه البحاره الذين على السفينه 00

      وايضا ماتحمل من حزن على وفاة الحاج عبدالله 00


      أخي امير الحب :
      في البداية شاكرا لك مرور قلمك الرائع هنا من خلال هذه الترانيم البحرية ، والحمدلله بأن هذه الاقصوصه نالت على الاستحسان والاعجاب ، فبارك الله فيك اخي العزيز ..
    • دندنة على سن القلم

      أبدعت أخي العزيز في نقل هذه الصورة
      من عرض البحر
      في تجليات القلق
      الطمأنينة
      والحزن
      كصورة واقعية
      انتهت بحزن على شخصية القصة
      التي تغرس فينا أن الموت مدرك الناس أينما كانوا
      تحياتي لك
    • البلوشية كتب:

      قصة رائعة اخي دندنة على سن القلم
      وانا اقراها اتخيلها من صراخ البحارة عند هبوب العاصفة وموقف الحاج منهم وصوت البحر ........

      ومنا نستفيد :
      التوكل على الله
      اللجوء الى الله في المحن
      ولن يصيبنا الا ماكتب الله لنا
      ولم تدري نفس باي ارض تموت
      اينما تكونوا يدرككم الموت

      وسبحان الله في كل شي


      مشرفتي وزميلتي في السياسة البلوشية :

      شاكرا لك مرورك الذي افرحني كثيرا وانا اجد ترانيم كلامتك هنا من خلال هذه القصة المتواضعه بكل شيء بحروفها ومضمونها ، فجاء ردك رائعا كما عاهدته دائما وابدا .. فلك مني كل تحية واحترام مشرفتي ..

    • قصة رائعة يتكنفها حزن عظيم إبان كل لحظة من لحظاتها
      أستاذي دندنة
      تبقى حروفك ذات سجية تغلبها العواطف , فتأسر مشاعرنا , وتقتبس منا أحاسيسنا لمنحها أبطال قصتك .
      أستاذي الكريم دائماً تبهرني بعرضك المتميز , الأسلوب البسيط , واللغة الميسرة البعيدة عن التكلف والتصنع , فتقرب من القلب , ومن لغة كل قارئ , لذا تجد قبولاً ياسر النفوس , ويجذب القراء .
      أستاذي دندنة
      على الرغم من روعة ما قرأت هنا إلا إنني أرى من وجهة نظري هذه الأمور :
      - وصفك للربان الفطن بأنه شارد الذهن في أكثر من موضع يهز من شخصيته , خاصة في موقف الأمواج العاتية , فينبغي أن يكون أكثر حضوراً ذهناً وقلبياً .
      - طريقة الحوار القصصي التي اتبعتها غير محبب في الكتابة القصصية , ولأضرب نماذج للحوار القصصي :
       الحوار في القصة القصيرة : غير محبب في الغالب , والابتعاد عنه أفضل .

       الحوار المسرحي : وهو أقرب ما يكون للحوار الذي انتهجته في هذه القصة , وكذلك في قصتك السابقة عفراء .

       الحوار الروائي : وهو أن تقوم بصهر الحوار ضمن السرد القصصي وهو أفضل أنواع الحوار للقصص ( إن كان لا محاله )

      وإليك مثالاً من صلب قصتك :

      خلفان لكن ياحاج ... الم تصادف من قبل مثل هذه الحالة ؟
      عبدالله ( ضاحكا ) بلى لقد صادفت أشد من هذه المحنة ؟
      خلفان حدثني عنها ؟
      الحاج ( سكوت قصير ، وبنبرة حزن ) كنا يا شيخ خلفان في عرض البحر وتلك المرة لم تكن للصيد بل كنا قاصدين الهند للتجارة وبعد أن مضى علينا ما يقارب الشهر في عرض البحر ....


      فالأفضل كتابة الحوار على النحو التالي :

      نظر خلفان إلى عبدالله والغموض ظاهر على وجنتيه : لكن ياحاج ... الم تصادف من قبل مثل هذه الحالة ؟ تبسم الربان , وأربت على كتف خلفان وقال : بلى لقد صادفت أشد من هذه المحنة ؟ طلب خلفان وبشوق كبير من الحاج عبدالله أن يخبره عن تلك المحن , والذي صمت قليلاً , ثم أخذ يتحدث بنبرة حزنٍ كبيرة : كنا يا شيخ خلفان في عرض البحر وتلك المرة لم تكن للصيد بل كنا قاصدين الهند للتجارة وبعد أن مضى علينا ما يقارب الشهر في عرض البحر ....



       تحوير القصة : وهو تناول قصة قصيرة أو رواية وكتابة الحوار لها , أو بمعنى أكثر دقة , تحويل كتابتها كحوار بين شخصياتها بهدف التمثيل ( التلفزيوني أو السينمائي أو المسرحي ) , ولكلاٍ طريقته .

      وأخيراً النهاية أظنها غير مناسبة فلا أرى من موت الحاج عبدالله أي داعٍ , وربما لو عاد الحاج بقصص أخرى عن أعراض البحر وهمومه كان افضل .

      وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر أستاذي الجليل على هذه القصة الجميلة , والتي أسرت مشاعرنا وطافت بنا بين ذكريات الأجداد , وتطلعات الأحفاد .

      أستاذي دندنة
      بقيت للقلم الحر نبراساً

      وفقك الله

      رسام الغرام


    • دندنة على سن قلم ..


      بعد التحية ..


      قرأت القصة .. ووجدتُ أن ظهور الذروة وعنصر التشويق يختلف عن مضمون القص .. وهو أن السرد التقليدي أضاع فرصى اللتأثير بدرجات مُتباينة .. رغم أن البحر والبحارة ، ظهروا في موقف مُغلّف من الاسرار ومًحملين بالألغاز .. وهذا جيدُ جدا.. لكن إزدادت رغبة لدى القاري العادي في معرفة النتائج واستجلااء ما استغلق من الحقائق .. ((
      وهنا سكت الحاج عبدالله ، ودمعة حزن تنحدر على خديه ...

      خلفان ما هذا الذي أراه ، أتبكي يا حاج ؟
      عبدالله ( ماسحا دموعه براحة يده ) أعذرني ، لأنني فقدت في هذه الرحلة أخي حمد ..
      خلفان لا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف حدث هذا ؟
      الحاج كنا في منتصف النهار في فترة القيلولة ، وفجأة اسودت السماء وبدأت علامات العاصفة تطهر رويدا رويدا ، الأمواج ترتفع ، الأمطار تتساقط ، وخلال لحظة لم نتمكن من عمل أي شيء إذ كثرت الأمطار في الهطول ، وارتفعت الأمواج عاليا واشتدت الرياح أكثر وأكثر ، فصرنا بين أن نقف على قمة الموجه وبين أن نكون بين قبضتي جبلين من الماء .... ( سكت الحاج قليلا ......

      الحاج البحارة يهتفون ويبتهلون للمولى عز وجل ليذهب عنا هذه الغمة ، وبعد صراع مع البحر ، انقلبت السفينة ، ولم يبقى منها إلا خمسة على قيد الحياة أنا واحدا منهم ، وكان حمد وآخرون ضمن الموتى ...
      خلفان لا تحزن يا أخي عبدالله لا مفر من الموت ، وكل نفس ذائقة الموت ..
      الحاج والنعم بالله ، وبعد انقلاب السفينة قضينا ساعات طويلة في عرض البحر والأمواج تقذفنا يمينا وشمالا ، تعلقنا بقطعة خشب عائمة من حطام السفينة ، ورب الرحمة لا ينسى عباده كنا في حالة يرثى لها ، ولمحتنا سفينة صيد فأنقذتنا ...
      خلفان أنا أسف يا حاج ، اكرر أسفي مرة أخرى ...
      الحاج لا داعي للأسف هذه سنة الحياة ، والبحر متقلب بين يوم ضاحك ويوما عابس ))
      وحيث أن الكاتب ، وككاتب مُبتدىء .. إستطاع وبحسه الأبداعي /المعرفي / الثقافي .. أن يُظهر لنا اتصاله مع الحدث .. إضطراب البحر .. والموقف المخيف .. لكن البحارة كان لديهم شبه عادي ( وهو ما لانُريده ..) لكن الصورة المفتعلة من الحاج .. بحسب الكاتب / قدّم لنا صُورة صادقة للحاية / البحر .. / الحس الوجداني / الأيماني .. بما يضطرب فيها من أحداث .. وما يتقلّب على سطحها من شخصيات .. ( على غرار الحياة الطبيعية ) .

      ورأي الشخصي .. كان لابُد من القصة / تحتاج إلى حِبْكة قصصية مُحكمة / وتستند إلىحركة مختلفة في إتيان أحداث ومواقف ربما يكون بها عنصر التشويق أعمق من هذه السطحية .. فالقاري الفاحص ، يحتاج إلى دليل يقنعه أو يأخذه إلى حيث النهاية .. وإن كانت مفتوحة .. لكنه سوف يتفاعل معها ، وسوف يأتي هو بالنهاية المتوقعة ، حسب رؤيته لها .. أو على الاقل من وجهة نظره ، خاصة إذا كانت قصة ذات نهايات مفتوحة ( مثلاً ) لكني أنا كقاري / لا أجيد مثلها .. ربما ، لأني لا أجد في فُجاج القصة ما يجعلني أسير ، على أحداثها ، أتقافز تلك النهاية .. من خلال مداخلها وشُعبها ..

      أشكر الأخ العزيز / كاتب هذه القصة .. دندنة قلمه .. الذي يُجيد التمهيد في عرض القصص .. ونؤكد له أننا سوف نقرأ له لاحقاً قصص ذات حوادث ومواقف ، تُفاجئنا وتُداهمنا بمعرض تشويقها .. وعليه أن يأخذ بمبدأ السببية ، إذا أراد لقصته الرائعة أن تتحوّل إلى قصة ذات مكانة قرائية واسعة . وعليه أن يُعيدها مرات ومرات .. في المستقبل .. بعد قراءات له في القصص المماثلة ( الواقعية / الكلاسيكية ) .
      أتمنى لللكاتب دوام القراءة والمواصلة معنا في أدبيتنا هذه
      .
      تحياتي ..
      لن تستقيم الحياة إن لمْ يستقم عليها الانسان .!
      لن يُحبّ الله أحداً إلا إذا أحبّ الانسان غيره بصدق ..!!
      الحُبّ الحقيقي تتدفّق عاطفته كما يتدفّق الماء من أعلى قِمّة.!
    • إبن الوقبـــة كتب:

      كعادتك تأتي بالمتميز دائما

      قصة رائعة بالفعل !!!!!!!

      غصنا في بحرها ......وانقذتنا اشرعتها

      دمت في تالق دائم

      لك في الورد أجملة

      تحيااااااااااااااتي


      استاذي ابن الوقبه ، شاكرا لك جميل اطراءك الرائع ، واتمنى فعلا ان اكون عن حسن ظن الجميع ، والمتميز هو انت من خلال ردك هذا عزيزي ...
    • هبة الحياة كتب:

      دندنة على سن القلم

      أبدعت أخي العزيز في نقل هذه الصورة
      من عرض البحر
      في تجليات القلق
      الطمأنينة
      والحزن
      كصورة واقعية
      انتهت بحزن على شخصية القصة
      التي تغرس فينا أن الموت مدرك الناس أينما كانوا
      تحياتي لك


      هبة الحياة ..
      شكرا بأن القصة نالت على استحسانكم ، وشكرا على حضورك هنا ، واتمنى لك التوفيق ..
    • ما شاء الله عليك أخي دندنة ها أنت تنقلنا بعد فترة وجيزة من قصتك الرائعة " عفـــــــــــراء " الى هذه القصة الأكثر من رائعة والتي جعلتني أتعايش كثيرا مع أحداثها وأشعر بكل نبضة حرف نطق بها قلمك ...... وقد كانت النهاية مؤلمة كثيرا وبقدر ما كانت مؤلمة الا أنني استفدت كثيرا من قصتك هذه أن على الانسان ولآخر لحظة في حياته ألا بفقد ثقته بالله ويتوكل عليه دائما مهما بلغت شدة المصيبة وشدة الضراء ..... ويتذكر أن الله عز وجل عليم بالعباد وبما يجري عليهم وما يكون هذا الا عن ارادته عز وجل

      كتبت يا أخي فأبدعت وتألق قلمك كثيرا في سماء القصص
      تمنياتي لك بالتوفيق الدائم والله يعطيك العافية
      وها أنا ذا أنتظر منك قصة أخرى ان شاء الله

      تحياتي الحيدرية أبعثها اليك
      أم حيدر علي
    • رسام الغرام كتب:


      قصة رائعة يتكنفها حزن عظيم إبان كل لحظة من لحظاتها
      أستاذي دندنة
      تبقى حروفك ذات سجية تغلبها العواطف , فتأسر مشاعرنا , وتقتبس منا أحاسيسنا لمنحها أبطال قصتك .
      أستاذي الكريم دائماً تبهرني بعرضك المتميز , الأسلوب البسيط , واللغة الميسرة البعيدة عن التكلف والتصنع , فتقرب من القلب , ومن لغة كل قارئ , لذا تجد قبولاً ياسر النفوس , ويجذب القراء .
      أستاذي دندنة
      على الرغم من روعة ما قرأت هنا إلا إنني أرى من وجهة نظري هذه الأمور :
      - وصفك للربان الفطن بأنه شارد الذهن في أكثر من موضع يهز من شخصيته , خاصة في موقف الأمواج العاتية , فينبغي أن يكون أكثر حضوراً ذهناً وقلبياً .
      - طريقة الحوار القصصي التي اتبعتها غير محبب في الكتابة القصصية , ولأضرب نماذج للحوار القصصي :
       الحوار في القصة القصيرة : غير محبب في الغالب , والابتعاد عنه أفضل .

       الحوار المسرحي : وهو أقرب ما يكون للحوار الذي انتهجته في هذه القصة , وكذلك في قصتك السابقة عفراء .

       الحوار الروائي : وهو أن تقوم بصهر الحوار ضمن السرد القصصي وهو أفضل أنواع الحوار للقصص ( إن كان لا محاله )

      وإليك مثالاً من صلب قصتك :

      خلفان لكن ياحاج ... الم تصادف من قبل مثل هذه الحالة ؟
      عبدالله ( ضاحكا ) بلى لقد صادفت أشد من هذه المحنة ؟
      خلفان حدثني عنها ؟
      الحاج ( سكوت قصير ، وبنبرة حزن ) كنا يا شيخ خلفان في عرض البحر وتلك المرة لم تكن للصيد بل كنا قاصدين الهند للتجارة وبعد أن مضى علينا ما يقارب الشهر في عرض البحر ....


      فالأفضل كتابة الحوار على النحو التالي :

      نظر خلفان إلى عبدالله والغموض ظاهر على وجنتيه : لكن ياحاج ... الم تصادف من قبل مثل هذه الحالة ؟ تبسم الربان , وأربت على كتف خلفان وقال : بلى لقد صادفت أشد من هذه المحنة ؟ طلب خلفان وبشوق كبير من الحاج عبدالله أن يخبره عن تلك المحن , والذي صمت قليلاً , ثم أخذ يتحدث بنبرة حزنٍ كبيرة : كنا يا شيخ خلفان في عرض البحر وتلك المرة لم تكن للصيد بل كنا قاصدين الهند للتجارة وبعد أن مضى علينا ما يقارب الشهر في عرض البحر ....



       تحوير القصة : وهو تناول قصة قصيرة أو رواية وكتابة الحوار لها , أو بمعنى أكثر دقة , تحويل كتابتها كحوار بين شخصياتها بهدف التمثيل ( التلفزيوني أو السينمائي أو المسرحي ) , ولكلاٍ طريقته .

      وأخيراً النهاية أظنها غير مناسبة فلا أرى من موت الحاج عبدالله أي داعٍ , وربما لو عاد الحاج بقصص أخرى عن أعراض البحر وهمومه كان افضل .

      وفي الختام لا يسعني إلا أن أشكر أستاذي الجليل على هذه القصة الجميلة , والتي أسرت مشاعرنا وطافت بنا بين ذكريات الأجداد , وتطلعات الأحفاد .

      أستاذي دندنة
      بقيت للقلم الحر نبراساً

      وفقك الله

      رسام الغرام


      مشرفي المتألق رسام الغرام ...
      شكرا حبيبي على هذه الملاحظات القيمة جدا ، وخاصة وهي من قلما قاص مبدعا مثلك .. فبارك الله فيك عزيزي ... وشكرا على كلمات الاطراء ، فأنا ما زلت إلا كطفل صغير يتعلم ابجديات الهجاء ....

      وانتظر مني قصة قصيره خاصة بالاطفال ...
    • المرتاح كتب:



      دندنة على سن قلم ..


      بعد التحية ..


      قرأت القصة .. ووجدتُ أن ظهور الذروة وعنصر التشويق يختلف عن مضمون القص .. وهو أن السرد التقليدي أضاع فرصى اللتأثير بدرجات مُتباينة .. رغم أن البحر والبحارة ، ظهروا في موقف مُغلّف من الاسرار ومًحملين بالألغاز .. وهذا جيدُ جدا.. لكن إزدادت رغبة لدى القاري العادي في معرفة النتائج واستجلااء ما استغلق من الحقائق .. ((
      وهنا سكت الحاج عبدالله ، ودمعة حزن تنحدر على خديه ...

      خلفان ما هذا الذي أراه ، أتبكي يا حاج ؟
      عبدالله ( ماسحا دموعه براحة يده ) أعذرني ، لأنني فقدت في هذه الرحلة أخي حمد ..
      خلفان لا حول ولا قوة إلا بالله ، كيف حدث هذا ؟
      الحاج كنا في منتصف النهار في فترة القيلولة ، وفجأة اسودت السماء وبدأت علامات العاصفة تطهر رويدا رويدا ، الأمواج ترتفع ، الأمطار تتساقط ، وخلال لحظة لم نتمكن من عمل أي شيء إذ كثرت الأمطار في الهطول ، وارتفعت الأمواج عاليا واشتدت الرياح أكثر وأكثر ، فصرنا بين أن نقف على قمة الموجه وبين أن نكون بين قبضتي جبلين من الماء .... ( سكت الحاج قليلا ......

      الحاج البحارة يهتفون ويبتهلون للمولى عز وجل ليذهب عنا هذه الغمة ، وبعد صراع مع البحر ، انقلبت السفينة ، ولم يبقى منها إلا خمسة على قيد الحياة أنا واحدا منهم ، وكان حمد وآخرون ضمن الموتى ...
      خلفان لا تحزن يا أخي عبدالله لا مفر من الموت ، وكل نفس ذائقة الموت ..
      الحاج والنعم بالله ، وبعد انقلاب السفينة قضينا ساعات طويلة في عرض البحر والأمواج تقذفنا يمينا وشمالا ، تعلقنا بقطعة خشب عائمة من حطام السفينة ، ورب الرحمة لا ينسى عباده كنا في حالة يرثى لها ، ولمحتنا سفينة صيد فأنقذتنا ...
      خلفان أنا أسف يا حاج ، اكرر أسفي مرة أخرى ...
      الحاج لا داعي للأسف هذه سنة الحياة ، والبحر متقلب بين يوم ضاحك ويوما عابس ))
      وحيث أن الكاتب ، وككاتب مُبتدىء .. إستطاع وبحسه الأبداعي /المعرفي / الثقافي .. أن يُظهر لنا اتصاله مع الحدث .. إضطراب البحر .. والموقف المخيف .. لكن البحارة كان لديهم شبه عادي ( وهو ما لانُريده ..) لكن الصورة المفتعلة من الحاج .. بحسب الكاتب / قدّم لنا صُورة صادقة للحاية / البحر .. / الحس الوجداني / الأيماني .. بما يضطرب فيها من أحداث .. وما يتقلّب على سطحها من شخصيات .. ( على غرار الحياة الطبيعية ) .

      ورأي الشخصي .. كان لابُد من القصة / تحتاج إلى حِبْكة قصصية مُحكمة / وتستند إلىحركة مختلفة في إتيان أحداث ومواقف ربما يكون بها عنصر التشويق أعمق من هذه السطحية .. فالقاري الفاحص ، يحتاج إلى دليل يقنعه أو يأخذه إلى حيث النهاية .. وإن كانت مفتوحة .. لكنه سوف يتفاعل معها ، وسوف يأتي هو بالنهاية المتوقعة ، حسب رؤيته لها .. أو على الاقل من وجهة نظره ، خاصة إذا كانت قصة ذات نهايات مفتوحة ( مثلاً ) لكني أنا كقاري / لا أجيد مثلها .. ربما ، لأني لا أجد في فُجاج القصة ما يجعلني أسير ، على أحداثها ، أتقافز تلك النهاية .. من خلال مداخلها وشُعبها ..

      أشكر الأخ العزيز / كاتب هذه القصة .. دندنة قلمه .. الذي يُجيد التمهيد في عرض القصص .. ونؤكد له أننا سوف نقرأ له لاحقاً قصص ذات حوادث ومواقف ، تُفاجئنا وتُداهمنا بمعرض تشويقها .. وعليه أن يأخذ بمبدأ السببية ، إذا أراد لقصته الرائعة أن تتحوّل إلى قصة ذات مكانة قرائية واسعة . وعليه أن يُعيدها مرات ومرات .. في المستقبل .. بعد قراءات له في القصص المماثلة ( الواقعية / الكلاسيكية ) .
      أتمنى لللكاتب دوام القراءة والمواصلة معنا في أدبيتنا هذه
      .
      تحياتي ..


      شكرا وأتمنى فعلا اني استفيد من الكل وملاحظاتك على العين والراس ...