صناعة التغيير - جديد جريدة الرؤية

    • صناعة التغيير - جديد جريدة الرؤية


      سمية النبهانية
      -
      ما وقع مؤخرًا من أحداث مثل انتشار الحمى في إحدى قرى ولاية الرستاق، والقلاعيّة في الحيوانات، وهروب السجناء وغيره؛ سرى في الشارع العماني بسرعة انتشار النار في الهشيم؛ ومن خلال الإعلام البديل، فقد حرّكت هذه الأحداث الإعلام للضغط على الجهات الحكوميّة وعكس ما سبق من أحداث للجمهور، الذي وجه أصابع اتهامه للإعلام والحكومة على حد سواء؛ في عدم وضع الشارع العماني في الصورة بالنسبة لما يحدث من حوله؛ بينما كان حري بالمجتمع أن يدين نفسه قبل كل ذلك، فالأمور تجر بعضها؛ فالأعين لا ترى من المخبأ إلا ما يفيض منه.
      وسيلة التعامل مع هذه الأحداث والكثير مما سبقها، أظهرت قلة ثقافة مجتمعنا، فالصحافة - على سبيل المثال – تمّ إلقاء اللوم عليها وتحميلها جزءًا من مسؤولية الأحداث ونعتها بأنّها تهاونت في نقل الحقيقة، وأنّ الصحف في مجملها لا تهتم إلا بالإعلانات وما تدره عليها من دخل؛ في حين أنّ المجتمع نفسه لا يهتم بهذه الصحف التي ينتقدها، بل هو لا يقرأها حتى؛ برغم ما تحويها من قضايا مطروحة تحتاج لأن يتفاعل معها ذلك المجتمع؛ إَضافة إلى اهتمامه أكثر بالحفظ والترديد دون إعمال العقل في التحليل والتوصّل إلى الحلول المعرفة.
      بربكم كيف يمكن للمؤسسات والصحافة أن تتغير وتحدث تغييرًا في المجتمع دون أن يغير هو من نفسه؟ فالأمر عبارة سلسلة وحلقات مترابطة؛ كل دائرة منها تفضي إلى الأخرى.. فالمجتمع لا يمكن أن يتغير إن لم تتغير العائلة التي ترضخ لأفكار الجيل القديم؛ حتى وإن كانت مجافيّة للصواب.. نعم نحن نشعر بحاجتنا للتغيير في كل شيء، ونطالب بالحرية والشفافية في مناقشة الآخر، ونظن أننا مختلفون؛ ولكن عندما نأتي إلى التفاصيل الصغيرة في حياتنا نجد أننا جميعًا في نفس القارب الخشبي العتيق.. لماذا نشعر بالراحة حينما نسافر ونتصرّف بحرية تامة بدون أن نخالف الدين الإسلامي أو أطر الآداب العامة؟ أمجتمعاتنا المحافظة هي من تشعرنا بكل هذا القهر؟ أيمكن أن نطلق على مجتمعنا المحافظ بأنّه مجتمع منافق؟ ولم لا مادام مجتمعنا منغلقًا على نفسه في أمور عديدة.. ينتقد أفراده كل ما هو مختلف وحديث؛ بل يعتبرونه خاطئًا تحت ذريعة "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" ثمّ لا يقوون على النطق به في خلوتهم ناهيك عن مرآى ومسمع الجميع.
      ما يستفزني حقًا في مجتمعنا هو التقيّد بأساليب تربوية تحد من إستخدام نعمة التفكير التي وهبها الله لنا، وهذا بلاشك يحرمنا من الاستفادة من العلم والإبداع.. فالطفل مثلاً من يرى كل شيء وكل إنسان بصورة زاهية وبساطة صادقة، وعندما بكبر قليلا يخرج للعالم محملا بالقيم والآداب التي على شاكلة الصدق والتمسك بالمبادئ؛ لكن يكتشف لاحقًا أنّها ليست إلا "هتافات وشعارات" لا يطبقها أحد؛ بدءًا بوالديه اللذين عبآه بكل ذلك.. فلا تخفى على عاقل تلك الاتكالية والخمول التي رُبي الطفل عليها، إضافة إلى ما يُزرع في ذهنه من تمييز بين مكانة الذكر والأنثى في الأسرة والمجتمع، وعنونة كل فكر وتصرف بالاستهجان والتذرّع بالعيب والحرام.
      وبعد كل هذا ألا نكون قد ساهمنا في تعليم أفراد المجتمع كيفية إخفاء الحقيقة؟ ومن ثمّ لا نرى مما ربينا أبناءنا عليه إلا ما فاض!
      إنّ أول ما يجب تغييره هو ثقافة المجتمع، ونظرة كل منّا لذاته ومكانته ودوره؛ حتى نستطيع أن نرتقي بأنفسنا ونتسامى من أجل صنع التغيير.. فكلنا راع وكلنا مسؤول عن رعيته.
      Sumaya@alroya.info