فايزة سويلم الكلبانيـة
faiza@alroya.info
يعاني كثير من البشر ضغوطات متعددة تتوزع ما بين المنزل والعمل، ثم لا تلبث أن تشل هذه الضغوطات قدراتهم على التفكير والإبداع وإنجاز ما هو مطلوب منهم، حيث تجعلهم رهنًا لنتائجها السلبية، وبالتالي يقعون ضحيّة للبؤس والاكتئاب والتقصير؛ ولأهميّة العمل بوصفه قيمة دينية واجتماعية لا يمكن الاستغناء عنها فبالإمكان أن نجعل من عملنا مصدراً للسعادة، وسُلماً كذلك لتحقيق الطموح المنشود.
وتتنوع الآثار الناجمة عن الضغوط النفسيّة أو الجسدية أو الاقتصادية التي تواجهنا كأفراد سواء كنا موظفين أو عاطلين؛ فطبيعة حياتنا اليومية تستوجب علينا المرور بكل انفعالاتنا النفسيّة سواء الإيجابي منها أو السلبي بغض النظر عن السعادة والحزن في كلا أنواع الانفعالات.
غالبًا ما تنعكس نفسيّة الفرد في ميدان العمل على أدائه وإنتاجه؛ لذا فإنّ التعاون لحل المشكلات، والتنافس البناء، والرغبة في العمل وزيادة الدافعيّة، إلى جانب الشعور بالرضا الوظيفي والفخر بالإنجازات، و انخفاض معدلات الغياب والتأخير كثير ما تكون أبرز الآثار الإيجابية التي تنجم عن قلة الضغوطات على نفسية الفرد أو ما تُسمى بالضغوطات الإيجابية، حيث تؤدي إلى إقباله للعمل بكل رضا وطواعية، فينتج عن كل هذه الآثار الإيجابية زيادة في معدل إنتاجيّة الفرد.
أمّا الإحجام والتوقف عن مهام العمل وكثرة الغياب والتأخير إلى جانب تزايد أعداد التظلّمات والشكاوى وضعف الاتصال، واتخاذ القرارات الخاطئة وعلاقات العمل السيئة فكلها آثار ناجمة عن الضغوطات النفسيّة السلبيّة.
يلعب اختلاف الشخصيّة دورًا كبيرًا في إدراك الأفراد، وتفاعلهم مع خصائص بيئة العمل، وتفسيرهم للقرارات الإداريّة والعلاقات التنظيميّة، إلى جانب أنّ اختلاف قدرات الأفراد في التعامل مع أنماط البشر (رؤساء ومرؤوسين وزعماء عمل) لها دور في تفاوت الضغوطات، ويمكن للفرد أن يتحكّم في مقدار الإنتاج إن هو تحكم بعواطفه ونفسيّاته، حيث يوجد العديد من الظروف والسلوكيّات والخصائص التي يمكن أن تمارس دورها كعوامل وسيطة لتقلل الضغوط، فمعالم الشخصية تشكل إحدى أهم وأبرز العوامل الرئيسية في التحكم بالضغوطات التي قد تواجهنا مهما ارتفعت نسبة شدّتها، فالفرد ذو القدرة الأقل على تحمّل الضغوط ستثير المواقف الغامضة في عمله قلقه أو تصيبه بالتوتر أو الغضب؛ خلافًا للشخص الذي يمتلك قوة تحمل أعلى للضغوط، وكلما شعر الفرد بأنّه يمتلك قدراً من السيطرة على الأحداث التي تواجهه في حياته كلما قلّ أن يُظهر نماذج سلوكيّة سلبيّة أو معاكسة، بجانب اتّسامه باحترام الذات بصفة عامة، ولأن الشيء بالشيء يذكر؛ فالأفراد الذين يتّسمون بوجود مستويات مرتفعة لتأكيد ذاتهم يثقون في قدراتهم، وبالتالي هم أقل احتمالاً للشعور بالتهديد أو القلق أو الاستسلام للضغوطات؛ ولهذا فإننا كثيرًا ما نجد أنّ من أهم الشروط الواجب توافرها في أي فرد لشغل وظيفة ما ( أن يكون قادرًا على العمل تحت أيّ ضغوطات)، وبيئة العمل كفيلة لإثبات ذلك من خلال الإنتاجيّة والجديّة والمواظبة في أداء المهام الوظيفية المطلوبة من الموظف بشكل يومي.
ويعد إيجاد سبل للتكيّف مع المناخ العام لبيئة العمل أو التأقلم مع البيئة الوظيفيّة في الشركات من الخطوات المهمّة في التعامل مع الضغط النفسي الناتج عن العمل، لاسيّما عند استلام الشخص لوظيفة جديدة؛ لأنّ بداية الحياة الوظيفية للشخص أو انتقاله إلى عمل جديد هو أمر يولّد أعباء نفسيّة جمّة، ناتجة عن الصعوبة في التأقلم مع البيئات الجديدة، وقد يجد الفرد نفسه مشوشًا في الأيام الأولى من الالتحاق بوظيفته؛ وقد تبدو له الأمور غير واضحة المعالم من حيث مكانته في الشركة، والتي عادة ما تكون مبهمة في أوّل أيّام العمل.
الحل الأمثل لتسهيل مهمّة التأقلم مع العمل الجديد هو أن يستغل الفرد بعض الوقت لمراقبة وتحليل البيئة العامة، والمناخ الوظيفي في مكان عمله الجديد؛ حتى يتمكن من التأقلم والاستقرار.
همسة لأصحاب الأيدي العاملة...
من طبيعة الإنسان أنه يجد نفسه أسير عادة معينة؛ نشأ عليها أو أسير حياة روتينية قد لا تروق له.. ولكن لابد أن نحسم بعض الصراعات؛ لنرقى بأنفسنا ومؤسساتنا ووطننا.
