صورة حطها في جيبك

    • صورة حطها في جيبك

      أتعجب من سخاء (بعض) الناس ، نجدهم يصنعون وليمة كاملة لفرد واحد في حين
      أنها تكفي لخمسة أفراد ، وعندما نسألهم عن ذلك يجيبون بأنها من باب السخاء.
      كيف لنفسي أن ترضى أن أضع أمام فرد واحد وليمة خمسة أفراد في الوقت الذي
      نجد فيه الآلاف الذين لايستطيعون الحصول على قطعة خبز ، وبإمكاني أن أسدي
      نصيحة لأصحاب الولائم وفي ذات الوقت أعتبرها حلاً مناسبا لظاهر السخاء المبالغ فيها ، بأن يضعوا في جيوبهم صورة انسان فقير لايملك قوت يومه وحالما يشرع في صنع الوليمة المقصودة عليه أن ينظر لتلك الصورة ، لنظرات الفقير ، لوجهه المتهشم ، لكفيه المتقطع وقد برز بها النتوءات والتشققات لجسمه النحيل المتهتك ، لكفيه المتلاصق ، لساقيه المتعانق ، لشعره المغبر ، لأسنانه المصفرّ ، لنحيم جوفه ، لحشرجة صدره ، بل لكلمة (آه) تخرج من فَيه أظنها كافية لقرن كامل من العظة والإعتبار ، فالناظر على حال من حالتين ، إما واعظ ومعتبر فطوبى له ، وإما لامبالٍ بها فعليه أن يكرّس فكره على مقولة راسخة قالت:
      رُبّ وليمة اليوم تورث غداً فقرا.
      ان السخاء هو التوسط في الإعطاء ، وهو أن ينفق الأموال فيما ينبغي على مقدار ماينبغي وعلى ماينبغي.