أما آن لك أن تتوب! كتاب ( عبرات في محراب التوبة ) في المكتبات الآن

    • أما آن لك أن تتوب! كتاب ( عبرات في محراب التوبة ) في المكتبات الآن

      كتـــــــــــــــــــاب
      عـــــبرات في محراب التوبة
      أم الوارث ميمونة الجامعية
      حفظها الله ورعاها
      ***
      على أبوابكم عبدٌ ذليـــــل *** كثير الشوق ناصره قليلُ
      له أسفٌ على ما كان منه *** وحزنٌ من معاصيه طويلُ
      يمد إليكم كـــــــفَّ افتقارٍ *** ودمعُ العين منهملٌ يسيـلُ
      ***
      إلى التائب ( عبرات في محراب التوبة ص 2 ) :
      أيها التائب الباكي ودموعه تنسكب في قلب الحياة مثلما يتساقط الندى من أجفان الليل في كبد الصباح، أقبل إلى من أعد لك خلوداً أبدياً وعيشاً سرمديا،اسكب عبرات التوبة ....
      بهذه العبارة المشرقة يبحر مركب التائبين مع عبراتهم في محراب التوبة
      ***
      المعصية وآثارها ( عبرات في محراب التوبة ص 6- 34 ):
      حتى إذا سار بهم المركب يشق عباب بحر الظلمات أحاطت بهم المعاصي والآثام من كل مكان، فالمعصية تقتل الإنسان وتقضي على حياته، لأنها تحرمه العلم، والرزق والنعمة، وتحرمه لذة الطاعة والمناجاة، وتورثه وحشة في قلبه، وحشة بينه وبين ربه، وحشة بينه وبين نفسه، وحشة بينه وبين الناس، فتضعف إرادته فينغمس في المعصية ويستمرئها فلا يستطيع الفكاك عنها.
      إن المعصية تقوض المجتمع وتهلك الحرث والنسل وتزيل النعم وتنزل النقم، فلما أحاطت بهم ظلمات العصيان استغاثوا ودعوا الله مخلصين له الدين، لينجيهم من بحار الآثام قائلين:
      يا رب هذا الكون يا الله *** من ذا دعاك فما استجبت دعاهُ
      اليوم جئتك حاملاً لخطيئتي *** فاغفر لعبد ما جنته يداهُ
      ووقفت في الليل البهيم مناديا *** الله ، يا الله ، يا الله ُ
      إن كنت ممن سار خلف جهالة *** فالعفو عندك لا يحيد مداهُ
      يا ويلتى والذنب أثقل عاتقي *** فبأي وجه في غد ألقاهُ
      إني بسطت يدي إليك تضرعا *** أواه مما قد جنت أواهُ
      يا نفس ما هذي بدار إقامة *** فحذار ممن همه دنياهُ
      ***
    • حقيقة التوبة وشروطها وحال التائبين ( عبرات في محراب التوبة ص 36-61 ):
      فلما اعترفوا بالذنوب ونادوا علام الغيوب، واحترقت قلوبهم أسفا وندما ، نجاهم مولاهم الرؤوف الرحيم إلى بر الأمان، ورست سفينتهم على شاطئ التوبة، وانغمسوا في حوض الأوبة، ولبسوا لباس الخاشعين، وتجلببوا بجلباب المخبتين، ودخلوا في محراب التوبة منكسرين، معاهدين ربهم وخالقهم أن لا يعودوا إلى المعصية أبدا كما لا تعود الألبان إلى ضروعها .
      هنالك عرفوا أهمية التوبة، فعرفوا شروطها: الإقلاع عن المعصية، والندم على فعلها، والعزم على عدم العودة إليها، ورد المظالم إلى أهلها، فاستعانوا بالله ولم ييأسوا من روح الله ، فأدركتهم العَبرة ، فسكبوها في محراب التوبة، ونادوا يا الله:
      بك أستجير ومن يجير سواكا *** فأجر ضعيفا يحتمي بحماكا
      رباه ها أنا ذا خلصت من الهوى *** واستقبل القلبُ الخلي هواكا
      وتركتُ أنسي بالحياة ولهوها *** ولقيتُ كل الأنس في نجواكا
      ونسيتُ حبي واعتزلت أحبتي *** ونسيت نفسي خوف أن أنساكا
      ذقت الهوى مُراً ولم أذق الهوى *** يا رب حلواً قبل أن أهواكا
      أنا كنت يا ربي أسير غشاوة *** رانت على قلبي فضل سناكا
      واليوم يا ربي مسحت غشاوتي *** وبدأت بالقلب البصير أراكا
      يا غافر الذنب العظيم وقابلاً *** للتوب قلب تائب ناجاكا
      أترده وترد صادق توبتي *** حاشاك ترفض تائبا حاشاكا
      يا رب جئتك نادما أبكي على *** ما قدمته يداي لا أتباكى
      أخشى من العرض الرهيب عليك يا *** ربي وأخشى منك إذ ألقاكا
      يا رب عدتُ إلى رحابك تائبا *** مستسلماً مستمسكاً بعراكا
      ***
      مشكلات تواجه التائبين ( عبرات في محراب التوبة ص 63-86 ):
      ولما اعترفوا بالمتاب، هجم عليهم داعي الشيطان بأشراكه، وحاول أن يوثقهم بشباكه، فنسج حول توبتهم أوهاما وأحابيل؛ ليصدهم عن رحمة مولاهم الجليل: بأن التوبة غير صحيحة ولا مقبولة، ولا أشعر بارتياح نفسي فتوبتي مردودة، ولما تبت عدت إلى الذنب مرارا وتكرارا، فكيف يعفو عني الرحيم الغفور، لذلك لا أجد للعبادة لذة، ولا أرى في طاعتي إلا وحشة لأني من المحرومين، فلازمتني معصيتي فلم اجد عنها فكاكا، فأذكرها ولا أنساها فأزداد سوءا وهلاكا، بينما مضى ركب الصالحين فلا أستطيع لهم لحاقا ولا سباقا .
      فلما تقطعت بهم الأسباب، وأغلق عليهم الشيطان كل باب، جاء بلسم العبرات الشافي فسكب عليهم من يقين الحق ما زيف كل باطل، ونثر عليهم شآبيب الرحمة ما حفز هممهم، وأثار كامنهم، وبوأهم أعلى المقامات السنية، والإشراقات النورانية، وحضهم على الجد والعمل، وحذرهم الفشل وكيد الحيل ، وأحابيل الشيطان وشراكه القاتلة، فهبوا مستبقين للخيرات، سائلين من الله الأجر الجذيل والهبات:
      بذكرك يا مولى الورى نتنعم *** وقد خاب قوم عن سبيلك قد عَمُوا
      شهدنا يقيناً أن علمك واسع *** فأنت ترى ما في القلوب وتعلمُ
      إلهي تحملنا ذنوبا عظيمة *** أسأنا وقصرنا وجودك أعظمُ
      سترنا معاصينا عن الخلق غفلة *** وأنت ترانا ثم تعفو وترحمُ
      إلهي فجد واصفح وأصلح قلوبنا *** فأنت الذي تولي الجميل وتكرمُ
      وأنت الذي قربت قوما فوافقوا *** ووفقتهم حتى أنابوا وسلموا
      لهم في الدجى أنس بذكرك دائما *** فهم في الليالي ساجدون وقوّمُ
      ***
    • محفزات التوبة ( عبرات في محراب التوبة ص 88-146 )
      فلما وضح لهم السبيل ، وتخلصوا من عوائق التنكيل، تدرّعوا بالعلم والحلم، وعرفوا أن الجهل هو أساس العصيان، وشرك الشيطان لإغواء الإنسان، وبنوا أسرهم على حميد الخصال، وجميل الأقوال والأفعال، وصحبوا الصالحين، وأحبوا المتقين، وأقاموا العبادة على وجهها الأتم، وهذبوا النفوس بتزكيتها، واعتنوا بصقلها وتربيتها، فأداموا الصيام ، وأطالوا القيام، وجعلوا تذكر الموت والحساب من أعظم محركات النفس، ومحفزات الهمم لفعل الصالحات، وتذكروا القبور وأهوالها، ويوم النشور وأحوالها، والجنة ونعيمها، والنار وجحيمها .
      فلما تزينت لهم الجنات، طاروا بأجنحة التوبة شوقا إليها، واعترضتهم النار بحرها وسموها، فبكوا بكاء الوالهة الثكلى، فأطالوا الركوع والسجود، وأنابوا إلى الخالق المعبود، فضمن لهم الجنة، وأتمن لهم المنة، وآمنهم من العذاب:
      قف بالخضوع وناد: ياللهُ *** إن الكريم يجيب من ناداهُ
      واطلب بطاعته رضاه فلم يزل *** بالجود يغني طالبين رضاهُ
      واسأله مغفرة وفضلا إنه *** مبسوطتان لسائليه يــداهُ
      واقصده منقطعا إليه فكل مَن *** يرجوه منقطعا إليه كفاهُ
      ***
      وقفة مع التائبين الباكين المخبتين المنيبين :
      ( عبرات في محراب التوبة ص 148-166 )
      معاشر التائبين:
      تعالوا نبكي على الذنوب، تعالوا نسكب المدامع لعلام الغيوب، أما كفانا الهجران! وأصابنا الخسران!
      إنها حكايات التائبين من الأولين، لترى كيف فاضت عيونهم بالدموع، ولتعرف حقيقة البكاء من خشية الله وفضله، وترى ما يعينك على الخشية، في صور سطرتها العبرات بأحرف من نور للصحابة والتابعين، ومن بعدهم من الصالحين:
      إن جن ليل صفف الأقداما *** ودمعه بخدمه انسجاما
      فشتان بين المحسن والمسيء، ومن تولى لدنياه ومن سجد لمولاه:
      فقوم تولوا لدنياهمُ *** وقوم تخلوا لمولاهمُ
      يصفون بالليل أقدامهم *** وعين المهيمن ترعاهمُ
      فطوبى لهم ثم طوبى لهم *** إذا بالتحية حياهمُ
      ***
      ثمرات التوبة ( عبرات في محراب التوبة ص 168-186 )
      لذلك انقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء، واتبعوا رضوان الله، فآبوا: باليقين بالله، والنصر والفلاح، والطمأنينة والأنس، والعلم وسعة الرزق، والإيمان العميق، وانكسار القلب، ومحبة الرب، ففازوا بعفو الله، وغفرت الذنوب، فلازموا المساجد، وحلق الذكر ، وتلاوة القرآن، وعمروا الأرض بالخيرات والبركات .
      ***
    • معوّقات حصول التوبة ( عبرات في محراب التوبة ص 188-231 ):
      وقد استبان لهم بالتحقيق بأن من أسباب معوقات توبتهم سوء التربية الأسرية، والصحبة السيئة، والتسويف، والغرور، والاستهانة بالذنوب، والاغترار بطول الأمل، والجهل، وضعف الإيمان، والتهاون بالعصيان، وفتور الهمة، والاغترار بالدنيا .
      فحذروا من كل ذلك، وحالفوا العبادة والطاعة، وشحذوا الهمم ، حتى وصلوا إلى أعلى القمم .
      ومن تكن العلياء همة نفسهِ *** فكل الذي يلقاه فيها محببُ
      ***
      الثبات على الاستقامة ( عبرات في محراب التوبة ص 233-317 )
      فلما وضح لهم الطريق، لزموا طريق الحق والاستقامة وساروا عليه، فرتلوا كتاب ربهم ترتيلا، ولازموا الأذكار، واستغفروا بالأسحار، وحاسبوا النفوس بمجاهدتها وتزكيتها، ونهوها عن الهوى، وجمعوا بين العلم والعقل لأنهما متلازمان، وتحلوا بمكارم الأخلاق، وملؤوا أوقاتهم بكل خير؛ لأن الفراغ أساس البلاء والعصيان، وأيقظوا القلب والضمير، وأكثروا من القربات والنوافل، فأقاموا ليلهم، وأنفقوا أموالهم مرضاة لربهم، ووصلوا الرحم، ووقفوا على القبور معتبرين .
      ونظروا إلى بديع خلق الله في هذا الكون متدبرين، فشاهدوا من جلال عظمة الخلق ما طاشت له عقولهم، في أنفسهم آيات، وكذا في الأرض والسموات، وفي الجبال والسهول والنبات عجائب ومغيبات، نهر وشجر ، وخضرة وثمر، ساعتها أيقنوا بسابغ نعم الله عليهم، وافتقارهم إليه، فتفكروا في عاقبة منقلبهم إليه، فهو الملك الديان، صاحب الفضل والكرم والإحسان:
      شملت لطائفه الخلائق كلها *** ما للخلائق كافل إلا هــو
      ملكٌ تدين له الملوك ويلتجي *** يوم القيامه فقرهم بغناهُ
      هو أولٌ هو آخرٌ هو ظاهرٌ*** هو باطنٌ ليس العيون تراهُ
      حجبته أسرارُ الجلال فدونه *** تقف الظنون وتخرس الأفواهُ
      صمدٌ بلا كُفءٍ ولا كيفية *** أبدا فما النظراء والأشباهُ
      شهدت غرائبُ صنعه بوجوده *** لولاه ما شهدت به لولاهُ
      وإليه أذعنت العقولُ فآمنت *** بالغيب تؤثر حبَّها إياهُ
      سبحان من عنت الوجوه لوجهه *** وله سجودٌ أوجهٌ وجباهُ
      طوعا وكرها خاضعين لعزه *** وله عليها الطوع والإكراهُ
      سل عنه ذرات الوجود فإنها *** تدعوه معبودا لها ربَّاهُ
      ما كان يُعبد من إلهٍ غيرُه *** والكل تحت القهر وهو إلـهُ
      أبدى بمحكم صنعه من نطفة *** بشرا سويا جل من سواهُ
      وبنى السموات العلى والعرش والـ *** كرسيَ ثم علا عليه علاهُ
      ودحا بساط الأرض فرشا مثبتا *** بالراسيات وبالنبات حلاهُ
      تجري الرياح على اختلاف هبوبها *** عن إذنه والفلك والأمواهُ
      كم نعمةٍ أولى، وكم من كربةٍ *** أجلى، وكم من مُبتلٍ عافاهُ
      ***

      إنها قصص التائبين، سكبتها عبراتهم، وسطرتها آهاتهم، وكتبوها توبة خالصة، فكانت عبراتهم أنواراً لألاء، في دنيا الأهواء، فإن أردت أن تعرف قصتهم، وترى حالهم، وتعلم تفاصيل توبتهم فاقرأ كتاب ( عبرات في محراب التوبة ص 319-343 ) .
      ***
      وأخيرا :
      ألم يأنِ للمسلم أن يجمع عقاقير التوبة في بوتقة الإخلاص، ويوقد نار الحسرة، على ما فرط في جنب الله، حتى يتصاعد بخار الأسف !
      فإن تصاعد منها بخار الأسف تطهر القلب، فصار نقياً يسطع بنوره صافيا:
      وإذا بليت بغربةٍ أو كربةٍ*** فادعُ الإله ونادِ: يا اللهُ
      لا محسنُ الظنِّ الجميلِ به يرى *** سوءاً ولا راجيه خاب رجاهُ
      ولحِلمه سبحانه يُعصى فلم *** يعجل على عبدٍ عصى مولاهُ
      يأتيه مُعتذراً فيقبل عُذره*** كرماً ويغفر عمده وخطاهُ
      ***
      فهل بعد هذا كله تتردد في اقتناء هذه الدرة المصونة والجوهرة المكنونة!! فبادر بقراءة الكتاب لتكون من أولي الألباب .
      مع تحيات:
      ( عبرات في محراب التوبة )