وفاة الطفلة حبيبة بمادة كيميائية وخطرها يهدد شقيقها - البيان

    • وفاة الطفلة حبيبة بمادة كيميائية وخطرها يهدد شقيقها - البيان

      كشفت الجهات المعنية في إمارة الشارقة عن ملابسات وفاة الطفلة "حبيبة" وإصابة شقيقها عبدالرحمن - 6 سنوات، حيث أعلن رسمياً، عبر مؤتمر صحافي عقد صباح امس في مركز الشارقة للإعلام، أن الوفاة سببها تسمم كيميائي نتج عن استنشاقهما غاز الفوسفين السام الذي ينبعث من مادة فوسفيد الألمنيوم، حيث تسربت الرائحة إلى الشقة عبر فتحات التهوية، ما أدى إلى استنشاق الطفلين لهما ثم وفاة الطفلة وتدهور حالة شقيقها، الذي مازال يرقد على سرير الشفاء في حالة حرجة.
      وعزت القيادة العامة لشرطة الشارقة تأخرها في نشر تفاصيل القضية عبر وسائل الاعلام الى انتظار الفحوص المخبرية الأخيرة والدقيقة والتي اشتركت فيها ثلاثة مختبرات من شرطة الشارقة وبلدية الشارقة ومستشفى القاسمي، حتى لا يتم إعطاء اية معلومات مغلوطة نتيجة التسرع، خصوصاً أن التشخيص الاولي للحادث وبلاغ والدي الطفلين كان عبارة عن اشتباه بتسمم غذائي، فيما اكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مؤسسة الشارقة للإعلام، رئيس المركز الاعلامي ان الكشف عن ملابسات القضية يأتي في إطار الشفافية التامة التي تتبعها مختلف الدوائر في الشارقة، لافتا الى عدم ممانعتهم التطرق الى أي موضوع سلبيا كان أم إيجابيا، لكنه شدد على ان يكون الطرح ضمن نطاق دقيق وصائب على ان يحقق المصلحة العامة للمجتمع وهو الهدف الأسمى لوسائل الاعلام.
      رقابة
      وأكد المتحدثون في المؤتمر أنه سيتم فرض مزيد من الرقابة على المنافذ حتى لا يتم ادخال مواد سامة محظورة الى الدولة، مع اقتراح إعداد مجموعة من الموظفين القادرين على التعامل مع هذه المواد ومعرفة الكميات المسموح بها، والإشراف على الشركات التي تعمل في هذا المجال، كما أهابوا بأفراد المجتمع عدم التعامل مع من يتركون أسماءهم وعناوينهم على أبواب الشقق، فيما ستوجه التهمة الى الذين تم القبض عليهم، حيث سيأخذ القانون مجراه .
      واعتبر متابعون "عن كثب" للقضية ان حادثة وفاة الطفلة حبيبة كشفت عن قصور في رقابة هذه العمالة السائبة وحاجة ماسة الى متابعتها وتجريمها في حال القبض عليها، مع العمل جنبا الى جنب على رفع مضمار الوعي لدى الأسر التي تتعامل مع هذه الفئات على اعتبار انها ليست بعيدة عن المساءلة أيضا.
      وشهد المؤتمر الصحفي الذي حظي بحضور مكثف لوسائل الاعلام المقروءة والمرئية العربية والاجنبية، الشيخة رشا القاسمي، مساعد المدير العام لبلدية الشارقة، ومدير العلاقات العامة والإعلام في شرطة الشارقة، والعقيد سلطان الخيال، ورئيس المختبر الجنائي لشرطة الشارقة، العقيد الدكتور عبد القادر العامري، ومدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة العقيد جهاد بن ساحوه، ومدير مركز الشارقة للإعلام أسامة سمرة.
      وأكدت الشيخة الدكتورة رشا القاسمي مساعد المدير العام لبلدية الشارقة، أن "نتائج الفحوص المخبرية للأغذية المرفوعة لم تثبت وجود علامات على فساد الأغذية المتناولة بواسطة الأطفال"، مشيرة الى ان مفتشي رقابة الأغذية أخذوا عينات من المنتجات الغذائية التي تناولها الطفلان للتأكد من مدى صلاحيتها بعد ان تم إبلاغهم بأن هناك حالة اشتباه بتسمم غذائي، فيما تم تحويل القضية للمختبر الجنائي عقب تردد وجود مبيدات في الشقة المجاورة.
      التفاصيل
      واستقبل قسم الطوارئ في مستشفى القاسمي يوم الثاني من سبتمبر "حبيبة" وشقيقها بصحبة والديهما، حيث كانت الطفلة تعاني هبوطاً حاداً في الضغط، وجفافاً وقيئاً متكرراً وشقيقها أيضاً، بعدها تم إدخالهما العناية المركزة وإعطاؤهما محاليل، وتم تشخيص الحالة من قبل الأطباء على أنها اشتباه في حالة تسمم غذائي، وكانت حالة الطفل مستقرة إلى حد ما. وبعد عمل الأشعة للطفلة، وصورة للقلب، تبين أن هناك ضعفاً في عضلة القلب، ما أدى إلى انخفاض عمله وعدم الاستجابة لعمليات الإنعاش وبعد 6 ساعات من دخولهما المستشفى توفيت.
      وتم ورود اتصال هاتفي من مكتب الشرطة بقسم الطوارئ والحوادث بمستشفى القاسمي يفيد بقيام إحدى الأسر بإحضار طفليها إلى المستشفى وهما يعانيان من أعراض تسمم حاد، حيث فارقت الطفلة البالغة من العمر سنتين وتدعى حبيبة هشام عبد الرحمن الحياة متأثرة بالحادث، بينما أدخل شقيقها عبد الرحمن البالغ من العمر ست سنوات إلى غرفة العناية المركّزة وحالته حرجة، وأشار البلاغ إلى أن تقريراً صدر عن المستشفى يفيد بأن الطفلين تعرضا لتسمم حاد يعتقد أنه غذائي أو كيميائي نتج عنه إصابة الطفلين بعوارض تقيؤ وإعياء شديدين، كما أوضح التقرير بأن سبب موت الطفلة يعود إلى وجود التهاب مميت في عضلة القلب بسبب الأعراض التي أشير إليها.
      وباشرت الجهات المختصة بشرطة الشارقة التحقيق حول ملابسات الحادث، حيث انتقل فريق من كبار ضباط شرطة الشارقة وخبراء المختبر الجنائي إلى موقع سكن الطفلين بهدف جمع الاستدلالات حول ملابسات تعرضهما للتسمم والتحدث مباشرة إلى ذوي الطفلين ومعاينة الموقع. وبالوصول إلى الشقة السكنية التي تضم الطفلين وأسرتهما فوجئ الفريق بوجود رائحة قوية تنبعث من الشقة المقابلة لشقة العائلة المذكورة، ومن واقع الخبرة المتوفرة لدى خبراء المختبر الجنائي تم الاشتباه بوجود إحدى المواد الكيميائية التي تستخدم بطرق غير مشروعة في مكافحة المبيدات الحشرية داخل الشقة المذكورة.
      وبالسؤال عن سكان الشقة تبين أنها مستأجرة من قبل إحدى الأسر الهندية المتواجدة حالياً خارج الدولة. ومع تزايد الشكوك بوجود مواد كيميائية بالشقة تقرر فتحها والتحقق منها وبعد استيفاء الإجراءات القانونية والتدابير الاحترازية الضرورية وبالدخول إلى الشقة وتفتيشها، فقد تبين بالفعل وجود عدد كبير من الأقراص وتبلغ (26) قرصاً من مادة فوسفيد الألومينيوم الممنوع تداولها وقد تم توزيعها في مواقع مختلفة من الشقة بطريقة تدل على أنها استخدمت بهدف تطهير الشقة من القوارض والحشرات بعد سفر قاطنيها.
      ومن هنا ثارت الشكوك بأن الطفلين تعرضا لاستنشاق الغازات السامة المنبعثة من تلك المبيدات عالية السمية، والتي أشار رئيس المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، العقيد الدكتور عبدالقادر العامري، إلى مدى خطورتها ومسؤوليتها عن قتل الكثيرين من الأشخاص في العديد من دول العالم، إذ إن فوسفيد الألومينيوم الذي يعرف بأسماء تجارية عدة حسب بلد المنشأ ومنها اسيلفوس، ويونايتد فوسفورس، وفوستوكسين، وفيوميفوس، ويطلق غاز الفوسفين السام عند تفاعله مع الرطوبة.
      قضايا التسمم
      وأوضح العقيد الدكتور العامري أن قضايا التسمم بصفة عامة، سواء كان غذائياً او كيميائياً هي من القضايا المعقدة والمتشعبة التي تحتاج إلى مهنية عالية وإلى تضافر جهود وإمكانات جهات علمية عديدة لإثباتها، لأسباب تتعلق بضرورة سرعة التدخل وإجراء التشخيص الإكلينيكي، وكذلك بنوعية التحاليل الكيميائية والبكتيرية المطلوب إجراؤها على العينات البيولوجية (دم ومحتويات معدة وأغذية) حتى تتمكن الجهة المعنية من اتباع العلاج المناسب وفي اسرع وقت ممكن.
      وأضاف الدكتور العامري أن نتائج الفحوص المخبرية والمعاينات الفنية لشقة الأطفال وللعينات المرفوعة أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألومينيوم السامة المستخدمة بوصفها مبيداً حشرياً في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث، وهناك أدلة قوية متوفرة لدى الشرطة على وجود تسرب غاز الفوسفين السام إلى شقة الأطفال من الشقة المجاورة لها عبر فتحات، خلف السقف المستعار، وهي غير مرئية للقاطنين.
      وأكد نائب المدير الفني لمستشفى القاسمي، الدكتور خالد خلفان، أنه خلال الأيام الماضية بذل الفريق المعني بمتابعة القضية من الجهات الثلاث جهداً كبيراً وعملاً متواصلاً مستمراً وتبادل المعلومات ونتائج الفحوص المخبرية أولاً بأول للوقوف على المعطيات الرئيسة التي يمكن بواسطتها التوصل الى التفسير العلمي الدقيق للحالة التي أحدثت جدلاً واسعاً بين الجمهور خلال الأسبوع الفائت.
      وأشار الدكتور خلفان إلى أن نظرة المستشفى إلى المعلومات الأولية التي قدمها الأب على أن ما حدث لابنيه هو نتيجة تناولهما لبعض الأطعمة المجففة سرعان ما تغيرت لأسباب متعلقة بعدم تجاوب الطفلين للعلاج المتعارف عليه في حالات التسمم الغذائي، وهي تعويض الجفاف الناتج عن فقد السوائل. وأضاف أن الأعضاء المجتمعين اطلعوا على نتائج الفحوص المخبرية والإكلينيكية التي تم إجراؤها بالمستشفى، وكذلك نتائج تحاليل مختبر الأغذية، بالإضافة إلى الفحوص والتحاليل والأدلة التي قدمها المختبر الجنائي بشرطة الشارقة.
      *
      خصوصاً نتائج الفحوص المخبرية للمختبر الجنائي التي أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألومينيوم السامة المستخدمة كمبيد حشري في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث. وبعد التداول والتشاور انتهى الرأي إلى أن التسمم الذي عانى منه الطفلان حبيبة وعبدالرحمن والأعراض الإكلينيكية المصاحبة لذلك تتماشى مع التسمم بمادة فوسفيد الألومينيوم وليس تسمماً غذائياً. وأكد الدكتور خلفان أن مادة فوسفيد الألومينيوم لا يوجد لها ترياق خاص بها، ولذا يتم اتخاذ جميع الإجراءات العلاجية المناسبة لعلاج الطفل عبدالرحمن بأفضل صورة ممكنة.
      مصدر المبيدات
      أوضح مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة، العقيد جهاد بن ساحوه، بأنه على الفور بدأ فريق من إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة في البحث عن مصدر تلك المبيدات السامة والجهة التي استخدمتها في الشقة، مبينا أنه بعد البحث والتحري وجمع المعلومات توصل الفريق إلى أن هناك شخصين من الجنسية البنغالية هما من قاما بمعالجة المنزل بتلك المبيدات الحشرية السامة، وعليه وبعد إتمام كافة الإجراءات القانونية تم ضبط المذكورين واعترفا بأنهما هما من قاما برش المنزل بتلك الأنواع من المبيدات الحشرية.
      وبسؤالهما عن مصدر تلك المبيدات قاد المشتبه بهما فريق البحث الجنائي يرافقهم خبراء السموم والمواد الكيميائية من المختبر الجنائي إلى مقر سكنهما ليفاجأوا بأن الشقة عبارة عن مصنع لخلط تلك المبيدات الحشرية السامة وتحويل مقر سكنهما بمشاركة (5) آخرين يسكنون معهما في نفس الشقة إلى محل تجاري ومعمل غير مرخص لخلط وبيع وتداول المواد الكيميائية السامة في مكافحة الحشرات، معرضين بذلك حياتهم وحياة سكان المبنى للخطر.
      كما وجدت كميات كبيرة من الأدوات التي تستخدم في عمليات رش المبيدات الحشرية، وكذلك أنواع متعددة من بطاقات الإعلانات الوهمية التي يقوم المشتبه بهما بتوزيعها على الأهالي وأصحاب الشقق السكنية. وبالتدقيق على الإيصالات الخاصة بهم مع زبائنهم من المتعاملين بادرنا بالاتصال الفوري بالزبائن الذين سبق التعامل معهم من خلال أرقامهم الموجودة على الايصالات وقمنا بتنبيههم بعدم استخدام مثل هذه المبيدات وإتلافها في حال عدم استخدامها وعدم التواجد في المنزل في حال استخدامها.