تمكنت الجهات المعنية بالتحقيق في واقعة وفاة الطفلة “حبيبة” البالغة من العمر “سنتين” وإصابة الطفل عبد الرحمن شقيقها البالغ من العمر 6 سنوات، من الوصول إلى أسباب الحادث بعد الاجتماع الثلاثي الذي عقد بمقر مستشفى القاسمي لعرض ومناقشة نتائج الفحوص والتحاليل والعينات التي تم التوصل إليها من قبل المختبرات المعنية في الشرطة والمستشفى والبلدية التي أثبتت أن تسمماً كيميائياً ناتجاً عن استنشاقهما غاز الفوسفين السام الذي ينبعث من مادة (فوسفيد الألمنيوم) والذي تم اكتشاف وجود أقراص منها في الشقة المقابلة لشقة الطفلين في أحد الأبراج السكنية في مدينة الشارقة وتسرب الرائحة إلى الشقة عبر فتحات التهوية واستنشاق الطفلين لها ما أدى إلى وفاة الطفلة وتدهور حالة شقيقها .
جاء الإعلان عن مجريات القضية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المركز الإعلامي في الشارقة، بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، والشيخة الدكتورة رشا القاسمي مساعد المدير العام لبلدية الشارقة، وأسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي، والعقيد سلطان عبدالله الخيال مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بشرطة الشارقة، والعقيد الدكتور عبدالقادر العامري رئيس المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، والعقيد جهاد سعيد ساحوه مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة، والرائد محمد سعيد الشحي رئيس قسم الشؤون الإعلامية في شرطة الشارقة، وجمع كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية .
في بداية المؤتمر الصحفي قدم أسامة سمرة تفصيلاً لمجريات القضية، وقال: “في التفاصيل أنه في فجر يوم الأحد الموافق 2 سبتمبر/ أيلول 2012 دخل الطفلان إلى مستشفى القاسمي قسم الطوارئ بصحبة والديهما، حيث كانت حالتهما صعبة، وكانت الطفلة تعاني هبوطاً حاداً في الضغط، وجفافاً وقيئاً متكرراً وشقيقها أيضاً، بعدها تم إدخالهما العناية المركزة وإعطائهما محاليل، وتم تشخيص الحالة من قبل الأطباء على أنها اشتباه في حالة تسمم غذائي، وكانت حالة الطفل مستقرة إلى حد ما . وبعد عمل الأشعة للطفلة، وصورة للقلب، تبين أن هناك ضعفاً في عضلة القلب، ما أدى إلى انخفاض عمله وعدم الاستجابة لعمليات الإنعاش وبعد 6 ساعات من دخولهما المستشفى توفيت” .
وأشار العقيد سلطان الخيال إلى أنه تم ورود اتصال هاتفي من مكتب الشرطة بقسم الطوارئ والحوادث بمستشفى القاسمي يفيد قيام إحدى الأسر بإحضار طفليها إلى المستشفى وهما يعانيان أعراض تسمم حاد، حيث فارقت الطفلة، البالغة من العمر سنتين حبيبة هشام عبدالرحمن الحياة، متأثرة بالحادث، بينما أدخل شقيقها المدعو عبدالرحمن البالغ من العمر 6 سنوات إلى غرفة العناية المركّزة وحالته حرجة، وأشار البلاغ إلى أن تقريراً صدر عن المستشفى يفيد أن الطفلين تعرضا لتسمم حاد يعتقد أنه غذائي أو كيميائي نتجت عنه إصابة الطفلين بعوارض قيء وإعياء شديدين، كما أوضح التقرير أن سبب موت الطفلة يعود إلى وجود التهاب مميت في عضلة القلب بسبب الأعراض التي أشير إليها .
وأضاف: “بناءً على ما ورد باشرت الجهات المختصة بشرطة الشارقة التحقيق حول ملابسات الحادث، حيث انتقل فريق من كبار ضباط شرطة الشارقة وخبراء المختبر الجنائي إلى موقع سكن الطفلين بهدف جمع الاستدلالات عن ملابسات تعرضهما للتسمم والتحدث مباشرة إلى ذوي الطفلين ومعاينة الموقع .
وبالوصول إلى الشقة السكنية التي تضم الطفلين وأسرتهما فوجئ الفريق بوجود رائحة قوية تنبعث من الشقة المقابلة للعائلة المذكورة ومن واقع الخبرة المتوفرة لدى خبراء المختبر الجنائي تم الاشتباه في وجود إحدى المواد الكيميائية التي تستخدم بطرق غير مشروعة في مكافحة المبيدات الحشرية داخل الشقة المذكورة، وبالسؤال عن سكان الشقة تبين أنها مستأجرة من قبل إحدى الأسر الآسيوية الموجودة حالياً خارج الدولة .
ومع تزايد الشكوك بوجود مواد كيميائية بالشقة تقرر فتحها والتحقق منها وبعد استيفاء الإجراءات القانونية والتدابير الاحترازية الضرورية وبالدخول إلى الشقة وتفتيشها تبين بالفعل وجود عدد كبير من الأقراص وتبلغ (26) قرصاً من مادة “فوسفيد الألمنيوم” الممنوع تداولها وتم توزيعها في مواقع مختلفة من الشقة بطريقة تدل على أنها استخدمت بهدف تطهير الشقة من القوارض والحشرات بعد سفر قاطنيها .
من هنا ثارت الشكوك في أن الطفلين تعرضا لاستنشاق الغازات السامة المنبعثة من تلك المبيدات عالية السمية، وأشار العقيد الدكتور عبدالقادر العامري رئيس المختبر الجنائي بشرطة الشارقة إلى مدى خطورتها ومسؤوليتها عن قتل الكثيرين من الأشخاص في العديد من دول العالم، إذ إن فوسفيد الألمنيوم الذي يعرف بأسماء تجارية عدة حسب بلد المنشأ ومنها “اسيلفوس”، “يونايتد فوسفورس”، “فوستوكسين”، “فيوميفوس”، يطلق غاز الفوسفين السام عند تفاعله مع الرطوبة .
وأوضح العقيد الدكتورالعامري أن قضايا التسمم بصفة عامة، سواء كانت غذائية أو كيميائية، هي من القضايا المعقدة والمتشعبة التي تحتاج إلى مهنية عالية وإلى تضافر جهود وإمكانات جهات علمية عديدة لإثباتها لأسباب تتعلق بضرورة سرعة التدخل وإجراء التشخيص الإكلينيكي وكذلك بنوعية التحاليل الكيميائية والبكتيرية المطلوبة إجراؤها على العينات البيولوجية (دم ومحتويات معدة وأغذية) حتى تتمكن الجهة المعنية من اتباع العلاج المناسب وفي أسرع وقت ممكن .
وأضاف الدكتور العامري أن نتائج الفحوص المخبرية والمعاينات الفنية لشقة الأطفال وللعينات المرفوعة أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألمنيوم السامة المستخدمة بوصفها مبيداً حشرياً في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث، وهناك أدلة قوية متوفرة لدى الشرطة على وجود تسرب غاز الفوسفين السام إلى شقة الأطفال من الشقة المجاورة لها عبر فتحات، خلف السقف المستعار، وهي غير مرئية للقاطنين .
من جانبها أكدت الشيخة الدكتورة رشا القاسمي أن نتائج الفحوص المخبرية للأغذية المرفوعة لم تثبت وجود علامات على فساد الأغذية المتناولة بواسطة الأطفال، وأضافت الدكتور القاسمي أن العمل التنسيقي الجاري الآن بين المختصين من ثلاث جهات علمية مختلفة، بهدف التشاور والتنسيق لاتخاذ رأي مهم على خلفية القضية المشار إليها يأتي من منطلق الإيمان بأن التخصصات العلمية الدقيقة أصبحت متداخلة بدرجة ولا بد من التكامل والتعاون العلمي في الأمور الفنية لإنجاز العمل بالجودة المطلوبة .
بدوره أكد الدكتور خالد خلفان استشاري الأطفال والمدير الفني لمستشفى القاسمي أنه خلال الأيام الماضية بذل الفريق المعني بمتابعة القضية من الجهات الثلاث جهداً كبيراً وعملاً متواصلاً مستمراً وتبادل المعلومات ونتائج الفحوص المخبرية أولاً بأول للوقوف على المعطيات الرئيسة التي يمكن بواسطتها التوصل إلى التفسير العلمي الدقيق للحالة التي أحدثت جدلاً واسعاً بين الجمهور خلال الأسبوع الماضي .
وأشار الدكتور خلفان إلى أن نظرة المستشفى إلى المعلومات الأولية التي قدمها الأب على أن ما حدث لابنيه هو نتيجة تناولهما لبعض الأطعمة المجففة سرعان ما تغيرت لأسباب متعلقة بعدم تجاوب الطفلين للعلاج المتعارف عليه في حالات التسمم الغذائي، وهي تعويض الجفاف الناتج عن فقد السوائل .
وأضاف د . خلفان أن الأعضاء المجتمعين اطلعوا على نتائج الفحوص المخبرية والإكلينيكية التي تم إجراؤها بالمستشفى وكذلك نتائج تحاليل مختبر الأغذية، إضافة إلى الفحوص والتحاليل والأدلة التي قدمها المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، خاصة نتائج الفحوص المخبرية للمختبر الجنائي التي أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألمنيوم السامة المستخدمة كمبيد حشري في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث .
وبعد التداول والتشاور انتهى الرأي إلى أن التسمم الذي عاناه الطفلان “حبيبة وعبدالرحمن” والأعراض الإكلينيكية المصاحبة لذلك تتماشى مع التسمم بمادة فوسفيد الألمنيوم وليس تسمماً غذائياً، كما ورد سابقاً وتداولته بعض وسائل الإعلام المختلفة، وكما أكد الدكتور خلفان أن مادة فوسفيد الألمنيوم لا يوجد له ترياق خاص به ولذا يتم اتخاذ جميع الإجراءات العلاجية المناسبة لعلاج الطفل عبدالرحمن بأفضل صورة ممكنة .
وعلى الفور بدأ فريق من إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة في البحث عن مصدر تلك المبيدات السامة والجهة التي استخدمتها في الشقة، وأوضح العقيد جهاد سعيد ساحوه أنه بعد البحث والتحري وجمع المعلومات توصل الفريق إلى أن هناك شخصين من الجنسية الآسيوية هما من قاما بمعالجة المنزل بتلك المبيدات الحشرية السامة، وعليه وبعد إتمام كافة الإجراءات القانونية تم ضبط المذكورين واعترفا بأنهما قاما برش المنزل بتلك الأنواع من المبيدات الحشرية، وبسؤالهما عن مصدر تلك المبيدات قاد المشتبه فيهما فريق البحث الجنائي يرافقهما خبراء السموم والمواد الكيميائية من المختبر الجنائي إلى مقر سكنهما ليفاجأوا بأن الشقة عبارة عن مصنع لخلط تلك المبيدات الحشرية السامة وتحويل مقر سكنهما بمشاركة (5) آخرين يسكنون معهما في الشقة نفسها إلى محل تجاري ومعمل غير مرخص لخلط وبيع وتداول المواد الكيميائية السامة في مكافحة الحشرات، معرضين بذلك حياتهما وحياة سكان المبنى للخطر، كما وجدت كميات كبيرة من الأدوات التي تستخدم في عمليات رش المبيدات الحشرية، وكذلك أنواعاً متعددة من بطاقات الإعلانات الوهمية التي يقوم المشتبه فيهما بتوزيعها على الأهالي وأصحاب الشقق السكنية .
وبالتدقيق على الإيصالات الخاصة بهما مع زبائنهما من المتعاملين بادرنا بالاتصال الفوري بالزبائن الذين سبق التعامل معهم من خلال أرقامهم الموجودة على الإيصالات وقمنا بتنبيههم بعدم استخدام مثل هذه المبيدات وإتلافها في حال عدم استخدامها وعدم الوجود في المنزل في حال استخدامها .
وأشار سلطان الخيال إلى أن القيادة العامة لشرطة الشارقة تؤكد أن سبب تأخر نشر تفاصيل القضية عبر وسائل الإعلام هو انتظار الفحوص المخبرية الأخيرة والأكيدة التي اشتركت فيها ثلاثة مختبرات من شرطة الشارقة وبلدية الشارقة ومستشفى القاسمي حتى لا يتم إعطاء أية معلومات مغلوطة نتيجة التسرع، خاصة أن المعطيات الأولى للحادث وبلاغ والدي الطفلين كانت عبارة عن تسمم غذائي .
وقدم الخيال شكر شرطة الشارقة لجميع الجهات المعنية التي بذلت أقصى جهودها للكشف عن ملابسات هذه القضية وجميع الجمعيات الخيرية المتعاونة معها من خلال توفيرهم جميع الاحتياجات اللازمة، وعمل الفحوص الطبية اللازمة لبقية أفراد الأسرة للاطمئنان على صحتهم .
سلطان بن أحمد: أهمية كبرى للإعلام في التوعية المجتمعية
أكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي أهمية دور الإعلام في التوعية المجتمعية وإيصال المعلومات الدقيقة والصادقة إلى مختلف أفراد المجتمع وهو ما يتطلب التوجه إلى المصدر الرئيس للمعلومة وعدم الاعتماد على المصادر البديلة .
وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي “هناك فروق بين وسائل الإعلام الاجتماعي ووسائل الإعلام الرسمي، داعياً جميع الجهات الرسمية إلى توثيق علاقتها مع جميع وسائل الإعلام الرسمية وعدم إعطاء الأولوية في بث الأخبار لمواقع التواصل الاجتماعي” .
ودعا جميع وسائل الإعلام في حال تعذر الوصول إلى المسؤولين في إمارة الشارقة لتحري المعلومات الدقيقة إلى التواصل مع مركز الشارقة الإعلامي لتسهيل مهامهم كونه حلقة الوصل بين الدوائر الرسمية في الإمارة ومختلف وسائل الإعلام .
وأعرب عن شكره وتقديره لجهود مختلف الجهات التي أسهمت في كشف غموض وفاة الطفلة حبيبة وشقيقها الذي يرقد حالياً للعلاج في مستشفى القاسمي، ولفت إلى أن قضايا مماثلة تحدث في مختلف المجتمعات ما يتطلب أخذ العبرة لعدم تكرارها وإيجاد الحلول الملموسة لها التي يكون للإعلام دور مهم في التوعية .
جاء الإعلان عن مجريات القضية خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده المركز الإعلامي في الشارقة، بحضور الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي، والشيخة الدكتورة رشا القاسمي مساعد المدير العام لبلدية الشارقة، وأسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي، والعقيد سلطان عبدالله الخيال مدير إدارة الإعلام والعلاقات العامة بشرطة الشارقة، والعقيد الدكتور عبدالقادر العامري رئيس المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، والعقيد جهاد سعيد ساحوه مدير إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة، والرائد محمد سعيد الشحي رئيس قسم الشؤون الإعلامية في شرطة الشارقة، وجمع كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية .
في بداية المؤتمر الصحفي قدم أسامة سمرة تفصيلاً لمجريات القضية، وقال: “في التفاصيل أنه في فجر يوم الأحد الموافق 2 سبتمبر/ أيلول 2012 دخل الطفلان إلى مستشفى القاسمي قسم الطوارئ بصحبة والديهما، حيث كانت حالتهما صعبة، وكانت الطفلة تعاني هبوطاً حاداً في الضغط، وجفافاً وقيئاً متكرراً وشقيقها أيضاً، بعدها تم إدخالهما العناية المركزة وإعطائهما محاليل، وتم تشخيص الحالة من قبل الأطباء على أنها اشتباه في حالة تسمم غذائي، وكانت حالة الطفل مستقرة إلى حد ما . وبعد عمل الأشعة للطفلة، وصورة للقلب، تبين أن هناك ضعفاً في عضلة القلب، ما أدى إلى انخفاض عمله وعدم الاستجابة لعمليات الإنعاش وبعد 6 ساعات من دخولهما المستشفى توفيت” .
وأشار العقيد سلطان الخيال إلى أنه تم ورود اتصال هاتفي من مكتب الشرطة بقسم الطوارئ والحوادث بمستشفى القاسمي يفيد قيام إحدى الأسر بإحضار طفليها إلى المستشفى وهما يعانيان أعراض تسمم حاد، حيث فارقت الطفلة، البالغة من العمر سنتين حبيبة هشام عبدالرحمن الحياة، متأثرة بالحادث، بينما أدخل شقيقها المدعو عبدالرحمن البالغ من العمر 6 سنوات إلى غرفة العناية المركّزة وحالته حرجة، وأشار البلاغ إلى أن تقريراً صدر عن المستشفى يفيد أن الطفلين تعرضا لتسمم حاد يعتقد أنه غذائي أو كيميائي نتجت عنه إصابة الطفلين بعوارض قيء وإعياء شديدين، كما أوضح التقرير أن سبب موت الطفلة يعود إلى وجود التهاب مميت في عضلة القلب بسبب الأعراض التي أشير إليها .
وأضاف: “بناءً على ما ورد باشرت الجهات المختصة بشرطة الشارقة التحقيق حول ملابسات الحادث، حيث انتقل فريق من كبار ضباط شرطة الشارقة وخبراء المختبر الجنائي إلى موقع سكن الطفلين بهدف جمع الاستدلالات عن ملابسات تعرضهما للتسمم والتحدث مباشرة إلى ذوي الطفلين ومعاينة الموقع .
وبالوصول إلى الشقة السكنية التي تضم الطفلين وأسرتهما فوجئ الفريق بوجود رائحة قوية تنبعث من الشقة المقابلة للعائلة المذكورة ومن واقع الخبرة المتوفرة لدى خبراء المختبر الجنائي تم الاشتباه في وجود إحدى المواد الكيميائية التي تستخدم بطرق غير مشروعة في مكافحة المبيدات الحشرية داخل الشقة المذكورة، وبالسؤال عن سكان الشقة تبين أنها مستأجرة من قبل إحدى الأسر الآسيوية الموجودة حالياً خارج الدولة .
ومع تزايد الشكوك بوجود مواد كيميائية بالشقة تقرر فتحها والتحقق منها وبعد استيفاء الإجراءات القانونية والتدابير الاحترازية الضرورية وبالدخول إلى الشقة وتفتيشها تبين بالفعل وجود عدد كبير من الأقراص وتبلغ (26) قرصاً من مادة “فوسفيد الألمنيوم” الممنوع تداولها وتم توزيعها في مواقع مختلفة من الشقة بطريقة تدل على أنها استخدمت بهدف تطهير الشقة من القوارض والحشرات بعد سفر قاطنيها .
من هنا ثارت الشكوك في أن الطفلين تعرضا لاستنشاق الغازات السامة المنبعثة من تلك المبيدات عالية السمية، وأشار العقيد الدكتور عبدالقادر العامري رئيس المختبر الجنائي بشرطة الشارقة إلى مدى خطورتها ومسؤوليتها عن قتل الكثيرين من الأشخاص في العديد من دول العالم، إذ إن فوسفيد الألمنيوم الذي يعرف بأسماء تجارية عدة حسب بلد المنشأ ومنها “اسيلفوس”، “يونايتد فوسفورس”، “فوستوكسين”، “فيوميفوس”، يطلق غاز الفوسفين السام عند تفاعله مع الرطوبة .
وأوضح العقيد الدكتورالعامري أن قضايا التسمم بصفة عامة، سواء كانت غذائية أو كيميائية، هي من القضايا المعقدة والمتشعبة التي تحتاج إلى مهنية عالية وإلى تضافر جهود وإمكانات جهات علمية عديدة لإثباتها لأسباب تتعلق بضرورة سرعة التدخل وإجراء التشخيص الإكلينيكي وكذلك بنوعية التحاليل الكيميائية والبكتيرية المطلوبة إجراؤها على العينات البيولوجية (دم ومحتويات معدة وأغذية) حتى تتمكن الجهة المعنية من اتباع العلاج المناسب وفي أسرع وقت ممكن .
وأضاف الدكتور العامري أن نتائج الفحوص المخبرية والمعاينات الفنية لشقة الأطفال وللعينات المرفوعة أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألمنيوم السامة المستخدمة بوصفها مبيداً حشرياً في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث، وهناك أدلة قوية متوفرة لدى الشرطة على وجود تسرب غاز الفوسفين السام إلى شقة الأطفال من الشقة المجاورة لها عبر فتحات، خلف السقف المستعار، وهي غير مرئية للقاطنين .
من جانبها أكدت الشيخة الدكتورة رشا القاسمي أن نتائج الفحوص المخبرية للأغذية المرفوعة لم تثبت وجود علامات على فساد الأغذية المتناولة بواسطة الأطفال، وأضافت الدكتور القاسمي أن العمل التنسيقي الجاري الآن بين المختصين من ثلاث جهات علمية مختلفة، بهدف التشاور والتنسيق لاتخاذ رأي مهم على خلفية القضية المشار إليها يأتي من منطلق الإيمان بأن التخصصات العلمية الدقيقة أصبحت متداخلة بدرجة ولا بد من التكامل والتعاون العلمي في الأمور الفنية لإنجاز العمل بالجودة المطلوبة .
بدوره أكد الدكتور خالد خلفان استشاري الأطفال والمدير الفني لمستشفى القاسمي أنه خلال الأيام الماضية بذل الفريق المعني بمتابعة القضية من الجهات الثلاث جهداً كبيراً وعملاً متواصلاً مستمراً وتبادل المعلومات ونتائج الفحوص المخبرية أولاً بأول للوقوف على المعطيات الرئيسة التي يمكن بواسطتها التوصل إلى التفسير العلمي الدقيق للحالة التي أحدثت جدلاً واسعاً بين الجمهور خلال الأسبوع الماضي .
وأشار الدكتور خلفان إلى أن نظرة المستشفى إلى المعلومات الأولية التي قدمها الأب على أن ما حدث لابنيه هو نتيجة تناولهما لبعض الأطعمة المجففة سرعان ما تغيرت لأسباب متعلقة بعدم تجاوب الطفلين للعلاج المتعارف عليه في حالات التسمم الغذائي، وهي تعويض الجفاف الناتج عن فقد السوائل .
وأضاف د . خلفان أن الأعضاء المجتمعين اطلعوا على نتائج الفحوص المخبرية والإكلينيكية التي تم إجراؤها بالمستشفى وكذلك نتائج تحاليل مختبر الأغذية، إضافة إلى الفحوص والتحاليل والأدلة التي قدمها المختبر الجنائي بشرطة الشارقة، خاصة نتائج الفحوص المخبرية للمختبر الجنائي التي أثبتت أن هناك كميات كبيرة من مادة فوسفيد الألمنيوم السامة المستخدمة كمبيد حشري في الشقة المجاورة للشقة موضوع الحادث .
وبعد التداول والتشاور انتهى الرأي إلى أن التسمم الذي عاناه الطفلان “حبيبة وعبدالرحمن” والأعراض الإكلينيكية المصاحبة لذلك تتماشى مع التسمم بمادة فوسفيد الألمنيوم وليس تسمماً غذائياً، كما ورد سابقاً وتداولته بعض وسائل الإعلام المختلفة، وكما أكد الدكتور خلفان أن مادة فوسفيد الألمنيوم لا يوجد له ترياق خاص به ولذا يتم اتخاذ جميع الإجراءات العلاجية المناسبة لعلاج الطفل عبدالرحمن بأفضل صورة ممكنة .
وعلى الفور بدأ فريق من إدارة التحريات والمباحث الجنائية بشرطة الشارقة في البحث عن مصدر تلك المبيدات السامة والجهة التي استخدمتها في الشقة، وأوضح العقيد جهاد سعيد ساحوه أنه بعد البحث والتحري وجمع المعلومات توصل الفريق إلى أن هناك شخصين من الجنسية الآسيوية هما من قاما بمعالجة المنزل بتلك المبيدات الحشرية السامة، وعليه وبعد إتمام كافة الإجراءات القانونية تم ضبط المذكورين واعترفا بأنهما قاما برش المنزل بتلك الأنواع من المبيدات الحشرية، وبسؤالهما عن مصدر تلك المبيدات قاد المشتبه فيهما فريق البحث الجنائي يرافقهما خبراء السموم والمواد الكيميائية من المختبر الجنائي إلى مقر سكنهما ليفاجأوا بأن الشقة عبارة عن مصنع لخلط تلك المبيدات الحشرية السامة وتحويل مقر سكنهما بمشاركة (5) آخرين يسكنون معهما في الشقة نفسها إلى محل تجاري ومعمل غير مرخص لخلط وبيع وتداول المواد الكيميائية السامة في مكافحة الحشرات، معرضين بذلك حياتهما وحياة سكان المبنى للخطر، كما وجدت كميات كبيرة من الأدوات التي تستخدم في عمليات رش المبيدات الحشرية، وكذلك أنواعاً متعددة من بطاقات الإعلانات الوهمية التي يقوم المشتبه فيهما بتوزيعها على الأهالي وأصحاب الشقق السكنية .
وبالتدقيق على الإيصالات الخاصة بهما مع زبائنهما من المتعاملين بادرنا بالاتصال الفوري بالزبائن الذين سبق التعامل معهم من خلال أرقامهم الموجودة على الإيصالات وقمنا بتنبيههم بعدم استخدام مثل هذه المبيدات وإتلافها في حال عدم استخدامها وعدم الوجود في المنزل في حال استخدامها .
وأشار سلطان الخيال إلى أن القيادة العامة لشرطة الشارقة تؤكد أن سبب تأخر نشر تفاصيل القضية عبر وسائل الإعلام هو انتظار الفحوص المخبرية الأخيرة والأكيدة التي اشتركت فيها ثلاثة مختبرات من شرطة الشارقة وبلدية الشارقة ومستشفى القاسمي حتى لا يتم إعطاء أية معلومات مغلوطة نتيجة التسرع، خاصة أن المعطيات الأولى للحادث وبلاغ والدي الطفلين كانت عبارة عن تسمم غذائي .
وقدم الخيال شكر شرطة الشارقة لجميع الجهات المعنية التي بذلت أقصى جهودها للكشف عن ملابسات هذه القضية وجميع الجمعيات الخيرية المتعاونة معها من خلال توفيرهم جميع الاحتياجات اللازمة، وعمل الفحوص الطبية اللازمة لبقية أفراد الأسرة للاطمئنان على صحتهم .
سلطان بن أحمد: أهمية كبرى للإعلام في التوعية المجتمعية
أكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي رئيس مركز الشارقة الإعلامي أهمية دور الإعلام في التوعية المجتمعية وإيصال المعلومات الدقيقة والصادقة إلى مختلف أفراد المجتمع وهو ما يتطلب التوجه إلى المصدر الرئيس للمعلومة وعدم الاعتماد على المصادر البديلة .
وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي “هناك فروق بين وسائل الإعلام الاجتماعي ووسائل الإعلام الرسمي، داعياً جميع الجهات الرسمية إلى توثيق علاقتها مع جميع وسائل الإعلام الرسمية وعدم إعطاء الأولوية في بث الأخبار لمواقع التواصل الاجتماعي” .
ودعا جميع وسائل الإعلام في حال تعذر الوصول إلى المسؤولين في إمارة الشارقة لتحري المعلومات الدقيقة إلى التواصل مع مركز الشارقة الإعلامي لتسهيل مهامهم كونه حلقة الوصل بين الدوائر الرسمية في الإمارة ومختلف وسائل الإعلام .
وأعرب عن شكره وتقديره لجهود مختلف الجهات التي أسهمت في كشف غموض وفاة الطفلة حبيبة وشقيقها الذي يرقد حالياً للعلاج في مستشفى القاسمي، ولفت إلى أن قضايا مماثلة تحدث في مختلف المجتمعات ما يتطلب أخذ العبرة لعدم تكرارها وإيجاد الحلول الملموسة لها التي يكون للإعلام دور مهم في التوعية .
