جديد علي المسكري

    • جديد علي المسكري


      الموضوع الذي كتبته في مجلة (الخزينة) عدد شهر اغسطس 2012
      بعنوان:




      الاسر الفقيرة ..

      كيف تخرج من أزمتها المالية؟



      الفقر ليس حكما مؤبدا على الاسر التي تعاني من أزمات مالية مزمنة ، بل هي مجرد مشكلة ، لها مسبباتها ، ولها حلولها كذلك.



      تقع كثير من الاسر في شباك الفقر نتيجة قلة الوعي المالي ، وهو ما بات يسمى ب(الامية المالية) ونحن هنا نقدم خمسة حلول يمكنها أن تساعد الاسر الفقيرة على تجاوز حالاتها المالية الصعبة ، بل وتنطلق بها إلى فضاءآت أرحب من الرخاء والوفرة والرفاهية ، والمستقبل الثري لكل أفراد الاسرة.



      1- الرؤية الاسرية المشتركة:



      تعاني معظم الاسر الفقيرة من التفكك وعدم الإنسجام بين أفرادها ، وهذا يقلص القدرات الإبداعية عند جميع أفرادها ، ويبطئ بالتالي من نمو الاسرة علميا وفكريا وماليا ، وكلها نتائج تراكمية تدعم بعضها بعضا.



      (الرؤية المالية الاسرية المشتركة) تهدف إلى صياغة أهداف مالية ، يشترك في وضعها كل أفراد الاسرة ، وتبني نظرة مالية ، وخطة عملية يوافق عليها كل أفراد الاسرة ، وهذا هو الضمان الأفضل لعمل الجميع على إنجاح المشروع الذي سوف يحتاج تطبيقه إلى عدة سنوات من الإنضباط ، لأن القرارات الفردية لا تضمن إحترام الجميع لها.



      الحل يبدأ في لم شمل الاسرة ، وإعادة بث روح المودة والثقة والتفاهم بين جميع أفرادها ، الصغار والكبار ، الجميع يعمل من أجل هدف واحد واضح ، وذلك هو الطريق الأمثل للاسرة لخروجها من أزماتها الفكرية والمالية ، ودخولها في عالم الاسر المتفوقة.



      يجب أن لا تغفل (الرؤية المالية الاسرية المشتركة) شيء من الجوانب السلبية التي هي سبب فقر ومعاناة الاسرة ، كما يجب أن تشمل كذلك كل التدابير الكفيلة بانتشال الاسرة من حالتها المتأزمة ، أي يجب أن تكون المشكلة ومسبباتها محددة بدقة و وضوح ، وأن تكون الحلول والبدائل كذلك واضحة وعملية وقابلة للتطبيق.



      2- الإنتاج:



      لا يمكن للاسرة التي ليس لها دخل أن تخرج من دائرة الفقر ، وكذلك الاسر ذات الدخل المنخفض جدا ، خصوصا في ظل التضخم والغلاء المتصاعد.



      بقليل من الجدية والتفهم والإنفتاح يمكن للاسرة أن توجد لها مصادر دخل جديدة ومبتكرة ، حيث أن الله تعالى قد وهب كل إنسان كل الإمكانات التي يحتاجها للإنتاج وللإبتكار ، ولتحقيق دخل محترم يوفر له العيشة الكريمة ، ولكن البعض قد عطلوا تلك الإمكانات ، فالفقر مشكلة فكرية قبل كل شيء.



      إستطاعت كثير من الاسر تحقيق الثراء بعد فقر مدقع ، وذلك بتبني عقلية جديدة متفتحة ، وبالسعي نحو إيجاد مصادر جديدة للدخل ، فهناك مثلا الام التي تمارس الخياطة ، والأب الذي يمارس البيع الحر ، والإبن الذي يبيع الإلكترونيات التي تستهوي المراهقين ، والبنت ذات الموهب الفنية والتي تبيع مشغولاتها اليدوية ، هذا على سبيل المثال فقط ، وإلا فإن الخيارات المتاحة للكسب غير محدودة.



      النصيحة الذهبية هي أن يكتشف كل واحد من أفراد الاسرة ميولاته ومواهبه ، ثم يركز عليها ويطورها وينميها ، ثم بعد ذلك يستطيع تسخيرها للكسب الوفير ، وهو ما سوف يسهم مباشرة في رفع المستوى المالي للاسرة.



      3- تقليص الإنفاق:



      رغم أن كثير من الاسر الفقيرة في مجتمعنا تحصل على بعض الدخل ، سواء من الضمان الإجتماعي ، أو من التبرعات الخيرية ، أو من خلال إنتاج بعض أفراد الاسرة ، إلا أن هذه الاسر تبقى مستمرة في معاناتها ، لأنها تبدد طاقاتها المالية في نفقات غير أساسية يمكن الإستغناء عنها ، وهذا من أكبر تحديات النمو المالي الاسري.



      إذا كانت الاسرة جادة في سعيها نحو النمو المالي والتخطيط من أجل مستقبل أكثر رخاء و وفرة ، فإنه لا بد لها من مراقبة مصروفاتها ، وتوفير كل النفقات التي يمكن توفيرها ، والتي تذهب عادة في أشياء غير أساسية فعلا.



      من أقوى أدوات التحكم في النفقات الاسرية هو كتابة قائما دقيقة وتفصيلية بكل المصروفات التي تنفق خلال شهر كامل ، وهذه القائمة تحدث يوميا ، حيث تدرج فيها النفقات أولا بأول ، ولمدة شهر كامل ، وذلك حتى تصبح الصورة واضحة ، وحتى تكتشف الاسرة الجوانب الإنفاقية غير المهمة ، والتي تهدر ميزانية الاسرة.



      بحسب إحصائيات المسح الرسمي في سلطنة عمان فقد تصدر الطعام النسبة الأعلى بين جميع نفقات الاسرة ، حيث بلغت 31% من إجمالي النفقات ، وتليها القروض البنكية بنسبة 25% ، ثم وسائل النقل والإتصالات مثل السيارات والهواتف بنسبة 22% ، وعليه فإن الترشيد المدروس في إدارة هذه النفقات ، سوف يوفر مبالغ مالية يمكن أن توجه إلى الإدخار والإستثمار ، من أجل ضمان مستقبل أفضل للاسرة.



      4- الإدخار:



      إذا تمكنت الاسرة من تطوير مصادر دخلها ، ومراقبة مصروفاتها ، وضبط نفقاتها ، فإنها تستطيع بسهولة أكبر أن تبدأ في الإدخار والإحتفاض بالمال.



      بالنسبة إلى الاسر فإنه يمكن أن تكون هناك عدة صناديق للإدخار توضع داخل البيت ، فهناك مثلا صندوق للإدخار للطوارئ والامور المستعجلة ، وهناك صندوق آخر للإدخار طويل الأجل ، وهو من أجل الإستثمار وضمان مستقبل الاسرة وأفرادها على المدى البعيد ، وكلا الصندوقين له أهميته الكبيرة.



      ومن المستحسن كذلك تعويد الأبناء على ثقافة الإدخار من خلال إعطائهم صناديقهم الإدخارية الخاصة ، وتشجيعهم على التوفير من مصاريفهم الشخصية ، وتكون أموال الصندوق للأبناء أنفسهم ، لا يتصرف فيها الآباء ، إلا بالتوجيه والنصيحة فقط.



      5- الإستمرار في اكتساب الثقافة المالية:



      النتائج لن تكون فورية ، ولكن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، فلا بد من الإلتزام بخطة التغيير حتى يتحقق التغيير ، وكلما كان أفراد الاسرة أكثر وعيا وإلماما بالثقافة المالية كانوا أكثر قدرة على إكتساب المال وتنميته ، وهذا هو السر الأكبر هنا والذي علينا الإهتمام به ، فالامية المالية هي السبب الأول للفقر والمعاناة المالية.



      لقد أصبحت المعرفة متاحة أكثر من أي وقت مضى ، ولا يمنعنا من الوصول إليها إلا عدم الإهتمام وانعدم الجدية.



      الخبراء ينصحون بالإستعانة بمرشد مالي محترف ، أو أي خبير في مجال الثقافة المالية ، كي تكون بداية سليمة لانتشال الاسرة من مستوى الفقر.



      الاسر التي لا يتسنى لها التوصل إلى مرشد مالي مختص يمكنها أن يبدأ أفرادها بقراءة الكتب المختصة ، ومتابعة الصحف التي تهتم بالثقافة المالية الشخصية ، والتي تنشر مقالات ومواضيع تساعد الشخص على فهم المال وإدارته وتنميته ، وكذلك مواقع الإنترنت المختصة.



      الثقافة المالية هي الوسيلة الحديثة لتعليم الاسر والأفراد أساليب اكتساب المال ، وأساليب إدارته بطريقة صحيحة ، وكيفية تنميته ومضاعفته حتى يكون ثروة حقيقية يمكن الإعتماد عليها.












      المصدر : علي المسكري