جولان اليافعية: الأمن والأمان في عُمان نعمةٌ ينبغي الحفاظ عليها - جديد جريدة الرؤية

    • جولان اليافعية: الأمن والأمان في عُمان نعمةٌ ينبغي الحفاظ عليها - جديد جريدة الرؤية




      ترى أن الشعر حالة من التجلي لسبر أغوار الذات


      هي كتاب مفتوح ومتاح لمن يقرأ قصائدها، وتفصح له بما يكفي من الأسرار الدفينة؛ تضمنت مفرداتها النابضة عاطفة ملتهبة، وكأنها قصيدة جميلة جسدت الجمال والألم والنبض والسكون والموت والحياة.. إنها الشاعرة اليمنية جولان أحمد حسين الشرفي اليافعي يتكتبها البوح في زمن الصمت وتشعلها شموع الأمل في ليل مظلم تنير دروب الحائرين لنتعرف عليها عن قرب عبر حبر كتب له البقاء رغم هول العاصفة.
      حين قرأت قصائدها تحاكي إحساسا مفرطا بالحنين، وتجسد ملامح النضوج للنص الشعري كما تتجلى من خلال نصوصها عاطفة مفرطة، وهنا تعبر جولان عن حالة العشق المنبثق من روحها الطاهرة؛ حين تقول: "حبيبي، أنت كلك ذوق"، فبالرغم من استخدامها السهل الممتنع، إلا أن الوقع الموسيقي وسلاسة التعبير الحسي فاق الشعور الكامن خلف الخطاب المباشر والتقليدي. الحب هو الرحى في مجمل قصائد جولان بالرغم من اللحظة التي ينبغي على المظلوم استلال السيف للدفاع عن نفسه فتقول "كل الحقائق باتبان" مصطبرة على نفسها وموقنة بقوة الحب وبقائه أكثر من أي قوة ووجود وخلود.. إنه الحب إله الإغريق الذي ينتصر للمحبين، وتقول أيضا "شنو على قلبي الحرب إلى نهاية القصيدة مابهمرة جور الزمان".

      حوار - محمد حاردان
      من مواليد حضرموت بالجمهورية اليمنية.. بداياتها الشعرية ظهرت مبكرة، وهي في سن الثانية عشرة، شجعها خالها الملحن جمعان أحمد بامطرف، وخالها حسين أيضا. وتقول جولان إن الشعر يعني لها البوح، وهو المتنفس الوحيد لها، والشعر بالنسبة لها حالة من التجلي لسبر أغوار الذات، واستشفاف مشاعر الآخرين.. وأضافت بأن الشاعر هو مرآة للمجتمع، وشاهدٌ على عصره، واستطردت بالمقولة العربية: "الشعر ديوان العرب".
      وتكشف عن مكامن الشعر، فتقول: إن الولوج إلى الحالة الشعرية، حالة خاصة تختلف من شاعر إلى آخر فيتأثر بالبيئة والمعطيات التي حوله والحالة النفسية والأحداث التي تدفعه لاستشفاف وامتلاك تلك اللحظة الشعرية.. وفيما يتعلق بالمدارس الشعرية قالت: إن المدارس الشعرية، وكذلك الموسيقية، متعددة.. وينقسم الشعر اليمني إلى نوعين أحدهما الشعر الحكمي، والآخر الشعر الحميني، وهاتان المدرستان تندرج تحتهما المدارس آنفة الذكر، والمدارس الغنائية في اليمن لا تبعد عن هذا كثيرا.
      وتعبر جولان بنا على المدارس اليمنية الغنائية، قائلة هي المدرسة الصنعانية والعدنية واليافعية واللحجية والحضرمية وتعد المدرسة المهرية لها لونها الخاص بفنونها وأشعارها.
      وأشارت إلى أنها في مسيرتها الشعرية، ومع محبتها لكل فنون اليمن ومدارسها، فإنها تنتمي للمدرسة الحضرمية، وتأثرت كثيرًا بعمالقة الشعر الحضرمي؛ والذين يأتي على رأسهم: السيد الحبيب حداد بن حسين الكاف، والحبيب حسين أبوبكر المحضار، وتأثري بمدى قدرتهم على تطويع المفردة وتجسيد الإحساس ورسم الصورة، وتكاد قصائدهما الشعرية أشبه بشاشات تتراءى أمامك، وإن كان لي من اقتباس من أقوالهما وما نقشا من تعابير حسية في مخيلتي كقول الحداد: "قال الفتى ريت لي تمناه.. وإلا خير صدق في الدنيا تقع لي.. سالي مشوق إلى مغناه.. وديت جاره لميد أسمع مغانيه.. في الدان يا أهل الهوى مسلاه.. دايم على قلبه العاشق مسلي.. ولعاد يفكر قفا دنيا.. فنه صوات الطرب الله يسليه".
      وتضيف بأن شعر المحضار أثّر فيها عند اختزاله لأجمل وأروع لحظات الحب وحددها بين زمنين حين قال: "أسعد زمان الحب من وعدك لين ألقاك".. إنها متعة الانتظار بين زمني الوعد واللقاء.
      وقالت جولان: إن وجودي في سلطنة عمان يجرني إلى الحديث عن عشقي لفنون السلطنة وشعرائها، ويشدني ويروق لي كثيرًا الإبحار في محيطات الشاعر المبدع الاستاذ ذياب بن صخر العامري الذي أوجه له التحية من خلال الرؤية، فقد كان صديقًا مقربًا لخالي الشاعر والملحن جمعان بامطرف - رحمه الله- وكانا أيضًا زملاء دراسة في فترة الستينيات في غيل باوزير، ولاشك أن هناك شعراء كُثر في عمان وأوجه لهم كل التحية والتقدير.
      .. إن اطلاعي على شعراء محافظة ظفار، يستوقفني منهم كثيرًا الشاعر الراحل جمعان ديوان الذي يعتبر شعره مدرسة بحد ذاته لا تقل شأنا عن عمالقة اليمن ومدارسها، ومن لطيف قوله: "إيش خرجك من محلك.. تنسى برادك وظلك.. مليتنا ما نملك.. لو ما فعلنا خطية.. ودعتك الله حبيبي يابو الخدود الندية".
      وكذلك الشاعر أبو سلاسل، ويبدو لمن يسمع شعره وألحانه يلمس مدى تأثره بالمدرسة الحضرمية وأغنيته الرائعة "مسيكين أبو نزوه.. بلاني الهوى بلوة" وأغنية يا حمام الجبل وين مبياتك.
      ومن الشعراء المميزين عندي: الشاعر سالم بخيت المعشني أبو قيس، والشاعر محمد أحمد دعاس وقصيدته الرائعة، ومطلعها: "أنت يا داعي الغرام.. اعتلي مثل الغمام.. وارتوي شوقًا وحنينا.. واعتني برد السلام.. ممتدح زاهي القوام.. النقي من شين".
      ولكوننا في حضرة الشعر الظفاري، فلا ننسى الشاعر الراحل علي بن عبدالله الذي سافر بالأغنية العمانية إلى الخليج والعالم العربي، وليس بغريب على عمان الحبيبة كل هذا الإبداع، ونكاد نلامس إبداع الإنسان العماني في كل جنبات ومناص الحياة ابتداء من نظافة البلد وكياسة الإنسان العماني والتطور الإنمائي الشامل في كل مرافق الحياة، ولا شك أنه خلف كل ذلك تقف إرادة وضعت لنفسها هدفا لم تحد عنه منذ الانطلاقة الأولى لهذا البلد منذ السبعينيات ألا وهي رفاهية الإنسان العماني، وهي مفخرة لنا في اليمن. ونأمل أن نرى التطور الحاصل ونغبطكم عليه على هذه النهضة بقيادة صاحب الجلالة السلطان قابوس المعظم - حفظه الله-.. إن نعمة الأمن والأمان التي تعيشها السلطنة ينبغي على كل عماني أن يعض عليها بالنواجذ، ولا يفرط بها أبدا، فالإنسان لا يدرك قيمة الأشياء ألا حين يفقدها، وحول زياراتها للسلطنة المتكررة من حين لآخر تقول إن هذه الزيارة الثالثة، وقد شاركت خلال زيارتي لمهرجان مسقط 2011، وأثناءها استضافني تليفزيون سلطنة عمان الذي أقدم له كل الشكر.
      ومن بين أشعار جولان الرائعة نورد ما يلي:
      قصيدة سلام الله على مسقط
      سلام الله على مسقط
      وعالأحباب لي فيها
      نعم أنا زرتـها مرَة
      وصـار القلب هاويـــها
      عجبني كل شيء فيها
      خطف قلبي مع الأعيان
      سـلام الله على مسقط
      سـلامي للحبيبـة عمـان

      وهزتني مشاعرصادقة
      في القلب أخفيها
      كـــما ربي بلاني في الهوى
      يا رب يبليــها
      وكم من زين شفته بس
      لمسقط سحرها الفتَان
      سلام الله على مسقط
      سلامي للحبيبة عمـــان

      عشقت السهل والوادي ع
      شقت أمواج شاطيها
      ونور البدر لي هو
      في السماء شارق يضاويها
      وفيها الماء والخضرة
      وفيها أحبابَي والخلاَن
      سلام الله على مسقط
      سلامي للحبيبــة عمـان
      وكـل تمناتي من ربي
      ما فـارق أراضيهـا
      ولا أرضى شيء
      يـزعلـها وإن زعلت أراضيـها
      تراني في الهوى عاشق
      لمسقط من قديم أزمان
      ســلام الله على مسقط
      سلامـي للحبيبـة عمــان
      ****
      تحية من قلب صادق ت
      حية شوق أهديــها
      حفظــها الله ورعــاهـا
      ومـن العيـن يـرقيــها
      الـلي في القلب قلته
      والمستور لـكم قـد بان
      سلام الله على مسقط
      سلامي للحبيبة عمان

      شعر: جولان أحمد الشرفي