أكّد أهمية التعاون الصحفي للاستفادة المتبادلة من الخبرات
المغرب يؤكّد على ضرورة الانتقال السلمي للسلطة في سوريا ووقف "المذابح" ضد الشعب
العمل جارٍ على تطوير قوانين الصحافة والنشر بما يتماشى مع متغيرات العصر
نعمل على وضع خارطة طريق لـ"الانطلاقة الثانية" للسينما المغربية
الرباط- سعاد العريمية- فايزة الكلبانية
-
أكّد معالي مصطفى الخلفي وزير الاتصال (الإعلام)، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية أنّ علاقات السلطنة مع مملكة المغرب تشهد تطورًا ملحوظًا على كافة الأصعدة، مشيرًا إلى أهميّة التعاون الصحفي لتحقيق الاستفادة المتبادلة من الخبرات الفنيّة في كلا البلدين.
جاء ذلك خلال لقاء الوفد الإعلامي العماني المشارك في برنامج دورة الإعلام المغاربي، والمقامة في المملكة حاليًا.
وتوجّه معاليه بالشكر للوفد العماني الزائر للمغرب، مشددًا على حرصهم على التعرف على مؤسسات وإمكانات البلد، بما يتيح تعزيز التعاون، لافتًا إلى أنّ هذه الزيارة تأتي في ظروف استثنائية تمر بها الشعوب العربية من خلال التطلع للإصلاح والتوجه نحو تعزيز السيادة، وتأكيد الشعوب على صيانة الوحدة بين البلدان. وأكّد الخلفي الارتباط الوثيق بين البلدان والاصلاحات السياسيّة والتنمية الاقتصادية، مشيرا إلى أن الإعلاميين في هذه الظروف يضطلعون بأدوار استثنائية؛ باعتبار أنّ الصحافة تتحمل جانبًا من المسؤولية فضلا عما تتمتع به من حرية وإبداع.
التعاون العماني المغربي
وأكّد معاليه أنّ آفاق التعاون بين سلطنة عمان والمملكة المغربية متعددة ومستمرة، حيث إنّ الزيارات المتبادلة تعكس التطور المطروح على مستوى التكوين والتدريب، مستشهدًا بالتواصل القائم بين الصحفيين بما يشكل فرصًا جيّدة لتقوية أواصر التعاون. وقال الخلفي إنّ بلاده على استعداد لدعم ذلك التوجه والتشجيع عليه، بالإضافة إلى العمل على دعم القضايا الدوليّة الأخرى المشتركة سواء تلك المرتبطة بالملكية الفكرية أو القضايا المرتبطة بمواجهة تحولات التكنولوجيا، ودعم المؤسسات الصحفية وتبادل الخبرات. وأوضح أنّ لدى المغرب منظومة للدعم انطلقت في 2005 وتمّ إجراء عملية تقييم لها بين عامي 2010 و2011، مبيّنا أنّه وفي ظل تحديات التكنولوجيا، ستواجه المؤسسات الصحفية خطر الاندثار إذا لم يوجد استثمار حقيقي لهذه التكنولوجيا.
وأشار إلى أنّ هناك العديد من مجالات التعاون والتي من المفترض أن تتبلور بين وزارة الإعلام والاتصال من خلال الأقسام الدولية بالوزارات، معربًا عن أمله في أن تشهد تطورًا مستقبلا بشكل أوسع.
الأحداث السورية
وحول موقف الحكومة المغربية من الأحداث الجارية في سوريا والعالم، أوضح معاليه أنّ المغرب من الدول السبّاقة التي أعلنت عن موقفها بكل صراحة ووضوح من الأحداث الجارية في سوريا، حيث أعلنت المغرب في وقت مبكر أنّ السفير السوري في المغرب "شخص غير مرغوب فيه"، بعد أن تصاعدت عمليات القتل والمذابح هناك. وأضاف أنّ المغرب طالب بتنفيذ المبادرة العربية في مجلس الأمن- بحكم العضوية الحالية للملكة في المجلس- موضحا أنّ هذه العضوية جعلته يتحمّل مسؤولية الدفاع عن المبادرة العربية. وتابع أنّ هذه المبادرة واضحة؛ حيث إنّها تتمثل في الانتقال السلمي للسلطة إلى الشعب، وإنهاء العنف الدموي الذي يمارسه النظام ضد الشعب السوري. وشدد على ضرورة وضع أسس تمكين الشعب السوري من حقه في الحرية والديمقراطية والعيش بكرامة، ويتم ذلك في إطار وحدة وسلامة الأراضي السورية.
الإعلام المغاربي
وأشار معالي الوزير في حديثه إلى الإعلام المغاربي، قائلا إنّ برنامج الحكومة نصّ على ضرورة القيام بالإصلاحات المطلوبة، ولهذا تمّ الانخراط على مستوى وزارة الاتصال في سلسلة خطوات للقيام بعدد من الإصلاحات. وقال إنّ أيّ إصلاح تعترضه إشكاليات، وينبغي الإصرار عليه حتى يكتب له النجاح، مشددًا على أهمية إشراك وإدماج مختلف الفئات والتوجهات وتيارات الرأي والفكر، بما يهدف في نهاية الأمر إلى تجاوز العراقيل وتحقيق الاستقرار والإنتاج. وتابع أنّ وزارة الإتصال تعمل في الوقت الحالي على 5 مجالات أساسية؛ المستوى الأول يهتم بإصلاح قوانين الصحافة والنشر وتدعيم قوانين الصحافة المكتوبة، وهذه من التحديات المطروحة على البلد حاليا. وأوضح أنّ آخر قانون صحافة صدر في عام 2002، وقد حدثت تطورات في التكنولوجيا بشكل ملحوظ وظهرت الصحافة الإلكترونية، كما ظهرت الحاجة إلى وجود هيئة مهنية بمثابة مجلس وطني للصحافة لتمثل المهنيين وتعمل على النهوض بأخلاقيات المهنة. وأشار إلى أن هناك حاجة ماسة لضرورة تدعيم مقومات القوة الذاتية في الصحافة، من خلال تطوير منظومة الدعم، ومؤخرا تم الإعلان عن لجنة علمية ستعمل على دراسة أخيرة للمشاريع قبل اعتمادها على مستوى مجلس الحكومة وإحالتها بعدها للبرلمان.
وأضاف أن المحور الثاني الذي تعمل الوزارة على تطويره يتمثل في النهوض بالقطاع السينمائي؛ حيث سيتم تنظيم مناظرة وطنية للسينما حول قطاع السينما السمعي الوطني بمناسبة اليوم الوطني للسينما، وسيتم وضع خارطة طريق للانطلاقة الثانية للسينما المغربية، حيث تصنف الثانية على المستوى العربي والأفريقي حيث ينتج ما يقارب 25 فيلما سنويا، ونحو 100 فيلم قصير سنويا، وعلى مستوى الصحافة يوجد في المغرب 500 مطبوعة مصرح لها، وحوالي 70 مقاولة (شركة) صحفية، و3300 حامل بطاقة صحفية مهنية. وتابع أن السينما في المغرب تواجه تحديات آخرى لا تختلف كثيرا عن التحديات التي تواجه الصحافة المكتوبة كتحسين الدعم السينمائي، وسنسعى للنهوض بها مستقبلا.
واشار إلى أنّ المحور الثالث الذي تسعى المغرب لتطويره يتمثل في القطاع السمعي والبصري، والمغرب في 2003 عمل على إضفاء منظومة جديدة للإتصال السمعي والبصري، ولكن لم يتم المصاقة عليه إلا في 2006، وهذا القانون يؤطر عمل القطاع، حيث يوجد لدينا بشركة المغرب العربي 8 قنوات على مستوى الإذاعة والتلفزة، و11 مجطة إذاعية جهوية والقناة الثانية، و5 محطات إذاعية وطنية، و15 إذاعة خاصة، لافتا إلى أنّ القانون الذي صدر يشكل الإطار المؤسساتي، والآن نحن في المرحلة الأخيرة من اعتماد التعديلات.
وأوضح الوزير اهتمام بلاده بعملية الانتقال إلى العالم الرقمي، والاهتمام بمنظومة الإشهار، واستكمال مرحلة التحرير للأتصال السمعي والبصري ولاسيما مع وجود الثورة التنافسية نتيجة لوجود عدد كبير من القنوات. فالسيادة الرقمية ستصبح مهدد، والثورة التكنولوجية تفتح فرص للتطوير.
وفيما يتعلّق بالمحور الرابع، ذكر الخلفي أنّه يتمثل في تطوير منظومة التكوين (التدريب والتأهيل)، مشيرا إلى أنّ أي إنطلاقة على المستوى السمعي أو البصري أو حتى الصحافة المكتوبة أو السينما لن تتم في غياب التكوين والتدريب، حيث يتوفر حاليًا بالمغرب ما يزيد عن 31 فضاء للتكوين تتمثل في 11 تخصصات دراسية على مستوى الكليات، و3 مؤسسات تتعلق بالوزارة تتمثل في المعهد العالي للإعلام والإتصال، والمعهد العالي للمهن السمعي والبصري والسينما، والمعهد العالي للإشهار في طور التكوين، ومؤسسات في المجال المهني والتقني، ومؤسسات آخرى خاصة.
وقال إنّ المغرب يعمل حاليًا على الارتقاء بمنظومة التكوين وتعزيزها، حيث إنّ المعهد المهني السمعي البصري وصل مراحلة الأخيرة لاستكماله ليكون مؤسسة رائدة للتكوين، والعمل على مستوى إطلاق برامج للتكوين المستمر. وأضاف أنّه في هذه السنة وقعت الحكومة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية والفيدرالية الوطنيّة الناشرة للصحف اتفاقية تقضي بدعم قدرات الصحفيين من خلال برنامج لمدة 3 سنوات بهدف توفير مساحة أكبر لعمليات التكوين والتدريب، وحاليًا لدينا أكثر من 100 صحفي أجنبي معتمد بشكل دائم بالبلد، ونقدم 600 رخصة تصوير سنويًا، فضلا عن تدبير كل ما يهم التواصل المؤسساتي والحكومي من زيارات متبادلة وغيرها، واستضافة صحفيين، وهناك ورش يتم تنسيقها مع المهنيين فيما يخص الملكية الفكرية. والمغرب من الدول الرائدة في هذا المجال.
قانون الإشهار (الإعلانات)
وحول التساؤل المطروح عمّا تمت ملاحظته من أنّ الإشهار (الإعلان) يفتقد قانونًا منظمًا له، أكّد معاليه أنّ هناك تصور لاعتماد قانون لتنظيم الإشهار وإقرار الشفافية داخله والنهوض بالأخلاقيات في هذا المجال كما هو متعارف عليه على المستوى العالمي. وتابع أنّ هناك أخلاقيات تنظم مجال الإشهار حتى لا يتم استغلال الأطفال على سبيل المثال، وكذلك على المستوى اللغوي. واشار إلى أنّ هناك تصورا ستتم صياغته بطريقة تشاركية مع الفاعلين المعنيين بما يؤدي إلى تعزيز مساهمة الإشهار في النموذج الاقتصادي للمقولة الصحفية يمكن من ضمان حماية الخط التحريري، وتأسيس علاقة قائمة على الشفافية بين المعلنين والناشرين، وأيضًا توفير شروط الحكامة الجيدة والتنافسية على مستوى هذا القطاع الذي يتجاوز وعاؤه المالي 500 مليار درهم.