اشتكى إلي وهو في حالة من القنوط وقال: ساستقيل وأنتقل لعمل آخر ولكني لا أعرف إلى أين! قلت له ماذا تريد أن تكون؟ فقال: وزيرا.
بينما تستنفر الدولة أملا في توفير وظائف للباحثين عنها، هناك قطاع كبير من الموظفين يسعون لتغيير وظائفهم والأسباب كثيرة. في علم الإدارة يسمى ذلك ب "الدوران الوظيفي" وهو شيء صحي عند معدلات معينة ينقلب إلى مشكلة في المؤسسات إن استفحل فيها، وينقلب عكسيا على الفرد نفسه إن كان معدل دورانه كبير.
ولكن ما هي المشكلة في حالة عدم رضى البعض عن وظائفهم؟ أعتقد أن اختيار التخصص منذ البدء فيه مشكلة، يجب أن تختار تخصص يدفع فيك الحماس للتعلم، ثم تعمل في وظيفة تشحنك بالشغف. ولكن قليلون هم أولائك البشر التي تكون مسيرتهم المهنية بهذا الشكل.
إن لم تستطع أن تعمل ما تحب، فأحب ما تعمل.. أو على أقل تقدير أحب ما تعمل حتى تعمل ما تحب. إن العمل بدون شغف هو الذهاب إلى السجن يوميا ما بين 6 إلى 8 ساعات!
ثم الطموح إلى منصب بعينه هو أول خطوات الفشل، لأن المناصب تأتي والأموال تأتي والجاه يأتي حين تكون أنت ممتلأ من الداخل. ومنصب "الوزير" هي أحد الوظائف التي ليس لها معيار يحدد الطريق إليها.
كم من الذين سعوا إلى هذا المنصب بكل وسيلة وعاشوا في ذلك الوهم لسنوات طويلة وفاتهم قطار العمر؟! فلا هم عملوا على أنفسهم تعليما وخبرة، ولا هم ذاقوا نعومة كرسي معاليه!
ومنصب الوزير لم يصبح محاطا بتلك الهالة في مجتمعات ما بعد الربيع العربي. بعض أعضاء مجلس الشورى أكثر شهرة من بعض الوزراء. وبعض الرؤساء التنفيذيين يكسبون من المال أضعاف ما يتقاضاه بعض الوزراء. ولموظفي المؤسسات الدولية كالفيفا والبنك الدولي واليونيسيف من الجاه ما يضاهي رؤساء الحكومات!
لذلك نصحت صديقي أن يعمل على ذاته فيطورها، وأن يسلح نفسه بالعلم والمعرفة والخبرة، ثم يبحث عما يحب. لأن الحسابات السياسية تتغير، والولاءات الوظيفية تتبدل، والتوزانات الاجتماعية إلى ضمور. وتبقى محصلة الإنسان المعرفية وخبرته التراكمية هي وسيلته الأنجع للنجاح.
ملحق أنوار
المصدر : عمود انارة