<font color="#b22222"><font size="4">
حوادث المرور المؤلمة إلى متى !!
أود أن أنبه إلى أن أنظمة المرور ما وضعت إلا لضبط حركة الناس ومنع الفوضى، وحتى يكون المجتمع آمناً ومستقراً لابد لكل فرد في المجتمع أن يعرف ما له وما عليه، خاصة في هذا الزمان الذي ضعف فيه الوازع الديني عند كثير من الناس فلا يردعهم إلا النظام والعقوبات.
يقول ابن باز رحمه الله: لا يجوز لأي مسلم أن يخالف أنظمة الدولة في شأن المرور لما في ذلك من الخطر العظيم عليه وعلى غيره، والسلطنة -وفقها الله- إنما وضعت ذلك حرصاً منها على مصلحة الجميع، ورفع الضرر عن المسلمين، فلا يجوز لأحد أن يخالف ذلك، وللمسئولين عقوبة من فعل ذلك بما يردعه وأمثاله؛ لأن الله سبحانه يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، والله يقول: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103].ومما يوصى به الالتزام بحزام الأمان، أفلا يستطيع أحدنا أن يجر حزام الأمان بمجرد ركوبه لسيارته، والأمر أصلاً لا يستغرق إلا ثوان، وكم كان التقيد بهذه الأمور سبباً في نجاة الكثيرين، من منا يضمن ألا يأتيه قضاء الله وقدره في أي مكان، فعليك أخي المسلم أن تعقلها وتتوكل، وحقيقة التوكل بذل الأسباب مع اعتماد القلب على الله.
فأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظني وإياكم بحفظه، وأن يجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين، وأسأله سبحانه أن يهيئنا لاستخدام كل ما أنعم به علينا الاستخدام الأمثل، وألا نستخدم نعمه في معاصيه.
السيارة نعمة أم نقمة ؟
إن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، ومنها هذه السيارات التي نتنقل بها من مكان إلى مكان في يسر وسهولة، فالسيارة تعد من ضرورات الحياة اليوم لما فيها من منافع كثيرة، ولما يقضى بها من مصالح وفيرة، فشكر هذه النعمة واجب على كل مسلم، ومن شكرها استخدامها في الأمور المشروعة، وعدم استخدامها في أغراض سيئة، كفعل المعاصي والذنوب.
أحبتي! إن نعم الله علينا لا تعد ولا تحصى، ومنها هذه السيارات التي نتنقل بها من مكان إلى مكان في يسر وسهولة واطمئنان، قال سبحانه: وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ [النحل:5-8] أي: ويخلق من الوسائل التي يركبها الناس في الجو والبر والبحر، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم، ومن هذه الوسائل السيارة التي لا تخفى منافعها الكثيرة، ومصالحها الوفيرة، حتى صارت ضرورة من الضروريات في هذا العصر وفي هذا الزمان، حيث لا يستغنى عنها في قضاء الحوائج، وتحقيق المصالح، فالواجب علينا أن نشكر الله على هذه النعمة، ومن شكرنا له ألا نستخدم هذه النعمة في أغراض سيئة، أو نسيء استعمالها، أو نستعين بها على فعل المعاصي والذنوب، قال فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: لقد استعمل بعض الناس هذه السيارة في أغراضه السيئة والوصول إلى مآربه السافلة، فصار يفر بها إلى البراري ليقترف ما تهواه نفسه بعيداً عن أعين الناس، وعن أيدي الإصلاح، وتناسى أن الله يراه في كل مكان، يخرج بعض الناس بعيداً عن البلد ليضيع ما أوجب الله عليه من إقامة الصلاة في وقتها، فهل يصح أن يقال لمثل هذا: إنه شاكر لنعمة الله؟ وهل يصح أن نقول: إنه سالم من عقوبة الله جل في علاه؟ كلا، فهو لم يشكر نعمة الله، ولن يسلم من عقوبة الله إلا أن يرجع إلى الحق والصواب.السيارة نعمة أم نقمة؟ أحبتي! كم سمعنا عن أولئك الذين ماتوا في حوادث السيارات وهم سكارى، وبعضهم كان يسمع الغناء، وبعضهم كان سائراً إلى أماكن الخنا واللهو والغناء وما يكره الله جل في علاه.أحبتي! كم تسببت الحوادث في وفيات، وإصابات، وإعاقات! كم خسرنا من شباب! وكم ترملت من نساء وتيتم من أطفال! كل ذلك بسبب الاستخدام الخاطئ للسيارة، وبسبب مخالفة الأنظمة التي وضعت لحماية الجميع, كم تسبب متهور بسرعته وعدم مبالاته في فقد كثير من الأبرياء! وكم تسببت الحوادث في إعاقات مستديمة لكثير من الناس!قال أحدهم: أصبت في حادث مرور منذ عشرين عاماً بسبب السرعة الزائدة، وكانت الإصابة في ظهري فأدت إلى شلل كامل، وأنا الآن طريح الفراش منذ عشرين سنة، هكذا انقلبت حياتي رأساً على عقب بسبب التهور والسرعة، وبسبب عدم مبالاتي ضاعت أحلامي، وانتهت طموحاتي. أقول: وهذا مثله كثير، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ [الحشر:2]، فالكيس الفطن هو الذي يعتبر بالآخرين، واعلم بارك الله فيك أنك إن لم تعتبر فستكون في يوم من الأيام عبرة للغادين والرائحين.
التفحيط محرقة تحرق زهرة شباب الأمة
من الأشياء التي ابتلي بها كثير من الشباب اليوم (التفحيط) في الشوارع العامة، أو (التطعيس) على الكثبان الرملية في البراري، ولا شك أن فيهما إتلافاً للمال الذي بين أيديهم وهو السيارة، فهؤلاء لم يدفعوا قيمة هذه السيارات؛ لذلك لم يعرفوا قيمتها، لكني لا ألومهم وإنما ألوم الذي أعطاهم ذلك المفتاح حتى يقودوا تلك السيارة؛ لأن كثيراً منهم لا يعلم ماذا يصنع هؤلاء خلف أظهرهم، فكم وقعت من حوادث بسبب هذا (التفحيط) و(التطعيس) ذهب ضحيتها السائق وكثير من أولئك الذين يتفرجون أو بعض الذين ليس لهم علاقة بالأمر لا من قريب ولا من بعيد.شهدت أحد مواقع التفحيط بعد حادث بدقائق معدودة، فرأيت أسرة كانت تمر بسلام في ذلك الطريق فاعترضها أحد هؤلاء الأشرار وقضى عليها بكاملها، ولم تدر تلك الأسرة من أين أتاها الموت في تلك اللحظة. فهؤلاء في ذمة من؟ ومن المسئول؟ هل هو الذي قاد السيارة أم ذاك الذي أعطى السيارة لمن لا يعرف ولا يستشعر قيمة المسئولية فقتل نفسه وقتل الآخرين؟ .
فتاوى العلماء حول حكم التفحيط وخطره على الفرد والمجتمع
بين علماؤنا حفظهم الله حكم (التفحيط) و(التطعيس)، والمفاسد والأضرار على الفرد والمجتمع.يقول ابن جبرين موجهاً كلامه للآباء: أربعوا على أنفسكم وتفكروا في العواقب، ولا تتهاونوا بدماء المسلمين، ألا تعلمون أنكم تحملون إثماً كبيراً متى حصل حادث بسبب هذه السيارات التي وليتم قيادتها هؤلاء الشباب الذين هم ليسوا على قدر المسئولية؟!
عليكم أن تعتبروا بمن حولكم، وبمن تسمعون خبره من الآباء وأولياء الأمور الذين تساهلوا مع أولادهم.الثقة مطلوبة، لكن الإفراط في الثقة هو الذي لا نطلبه، الثقة مطلوبة حتى يتربى هؤلاء وهم واثقون بأنفسهم، لكن الثقة المفرطة بغير حسيب ولا رقيب هي التي دمرت الشباب.فنصيحتنا للآباء: ألا يمكنوا أولادهم من القيادة إلا بعد سن الثامنة عشرة، وأنا أقول:
حتى أصحاب الثامنة عشرة لا يعرفون قيمة المسئولية اليوم، فلا نستأمنهم على أرواح الآخرين إلا بعد التمرين والتدريب الطويل، وبعد التأكد من أنهم سيقودونها في تأن وبعد عن التهور والمخاطرة، فعلى كل الآباء التقيد بذلك ليريحوا أولادهم، ويحفظوا فلذات أكبادهم، وليأمن الآخرون من أخطارهم وتعدياتهم، والله أعلم.وسئل ابن عثيمين رحمه الله عن حكم الصعود على الكثبان الرملية المرتفعة وهو ما يعرف بـ(التطعيس)، وهل يعد آثماً من يشاهد ذلك، فضلاً عمن يقود السيارة؟ فأجاب رحمه الله بقوله: أولاً: خروج الشباب إلى البر على هذا الوجه ربما يفضي إلى مفاسد، منها: تركهم للجماعات في المساجد، وبعدهم عن الأهل، وإتلاف الأموال؛ لأن السيارات تتلف بمحاولة إجبارها على أن تصعد على الكثبان الرملية، وإذا تضررت كان هذا من إتلاف الأموال، وإتلاف المال لغير مصلحة شرعية دينية أو دنيوية محرم، قال الله: وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ [النساء:5]، ولقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال. ثم قال رحمه الله: ثم إني أسمع كثيراً من الناس يشكون من هذه السيارات، حيث إنها تفسد الأرض والنبات، ومعلوم أنه إذا كثر تردد السيارات على أرض بعينها فإنها تتلف، وتموت زروعها ومواشيها، وإذا تبين أن مثل هذا العمل مضيعة للمال، وقد يكون سبباً لأمور محظورة، فيكون تشجيعه والخروج له والتفرج عليه محرماً.إذاً: الذي يقود يأثم، والذين يجتمعون هناك ليتفرجوا هم أيضاً آثمون؛ لأن فعلهم فيه إقرار للمحرم، ومساعدة عليه، وهؤلاء ما تجمعوا هنا إلا لإظهار مهاراتهم لهؤلاء الذين تجمهروا من حولهم، والله يقول: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2].
اعتراف شاب مفحط على كرسي الإعاقة
اسمع هذا الخبر وقل: إنا لله وإنا إليه راجعون، يقول أحد ضحايا التفحيط: أنا شاب أبلغ من العمر ثلاثين سنة أمضيت تسع سنوات منها على كرسي الإعاقة، والسبب هو التفحيط، فقد كنت أتباهى بمقدرتي وبراعتي في قيادة السيارة، وبينما كنت أفحط في يوم من الأيام أمام إحدى المدارس، سقطت سيجارتي من يدي فوقعت على قدمي، وعندها اختل توازني فاصطدمت سيارتي بعمود كهرباء وحصل ما حصل، فأحذر الشباب من خطورة التفحيط الذي جنيت عاقبته بإحراق زهرة شبابي، ولن ينفعني إلا رحمة الله. أقول: وهذا مثله كثير، فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ [الحشر:2.
من لم تعلمه المواعظ أدبته الحوادث
يقول صاحب القصة: كنت شاباً غافلاً بعيداً عن الله غارقاً في لجج المعاصي والآثام، فلما أراد الله لي الهداية قدر لي حادثاً أعاد إلي رشدي وصوابي، ففي يوم من الأيام -وبعد أن قضينا أياماً جميلة في نزهة عائلية في مدينة الدمام- انطلقت بسيارتي عبر الطريق السريع بين الدمام والرياض ومعي أخواتي الثلاث، وكن في مقتبل العمر كالورود والأزهار، وبدل أن أدعو بدعاء السفر المأثور استفزني الشيطان بصوته وأجلب علي بخيله ورجله، وزين لي سماع لهو الحديث المحرم؛ لأظل ساهياً غافلاً عن الله، لم أكن حينئذ أحرص على سماع إذاعة القرآن أو الأشرطة الإسلامية النافعة للمشايخ والأئمة والعلماء؛ لأن الحق والباطل لا يجتمعان في مكان واحد وكما قيل:حب الكتاب وحب ألحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان إحدى أخواتي كانت صالحة مؤمنة ذاكرة لله حافظة لحدوده - نحسبها كذلك والله حسيبها- طلبت مني أن أسكت صوت الباطل، وأن أستمع إلى صوت الحق، ولكن أنى لي أن أستجيب وقد استحوذ علي الشيطان وملك علي جوارحي وفؤادي فأخذتني العزة بالإثم؟! رفضت طلبها، وقد شاركني في ذلك أختاي الآخرتان، فقد كانتا غافلتين كحالي، كررت أختي المؤمنة طلبها فازددت عناداً وإصراراً، وأخذنا نستهزئ بها ونسخر منها، وقلت لها: إن أعجبك الحال وإلا أنزلتك على قارعة الطريق، فسكتت على مضض، وقد كرهت هذا العمل بقلبها بعد أن أنكرته بلسانها وأدت ما عليها، والله سبحانه يقول: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وفجأة وبقدر سبق من الله انفجرت إحدى عجلات السيارة ونحن نسير بسرعة شديدة فانحرفت السيارة عن الطريق وهوت في منحدر جانبي وأصبحت رأساً على عقب بعد أن انقلبت عدة مرات، صرنا في حال لا يعلمها إلا الله العلي العظيم، اجتمع الناس حول سيارتنا المنكوبة، وقام أهل الخير بإخراجنا من بين الحطام والزجاج المتناثر، ولكن ما الذي حدث؟ لقد خرجنا جميعاً سالمين، إلا من بعض الإصابات البسيطة، ما عدا أختي الصالحة الصابرة الطيبة فقد أصيبت إصابات بالغة وماتت من حينها، لقد ماتت أختي الحبيبة التي كنا نستهزئ بها، واختارها الله إلى جواره، وإني لأرجو أن تكون في عداد الشهداء الأبرار، وأسأل الله عز وجل أن يرفع منزلتها، ويعلي مكانها في جنات النعيم، أما أنا فقد بكيت على نفسي قبل أن أبكي على أختي، وانكشف عني الغطاء فأبصرت حقيقة نفسي وما كنت فيه من الغفلة والضياع، وعلمت أن الله قد أراد بي خيراً، وكتب لي عمراً جديداً لأبدأ حياة جديدة ملؤها الإيمان والعمل الصالح.أما أختي الحبيبة فلا تكاد تغيب عن مخيلتي، أراها في كل حين، وأتخيلها وأذرف دموع الحزن والندم، فكم وجهت لنا تلك النصائح، وكم دعت لنا تلك الدعوات، لقد كان موتها سبباً لاستيقاظي وانتباهي من غفلتي، أتذكر تلك الذنوب والمعاصي وأتساءل في نفسي: هل سيغفر الله لي؟ فأجد الجواب في قوله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53].هذه نصيحتي للغافلين والمدبرين والمعرضين عن الصراط المستقيم، أقول: من لم تعلمه المواعظ أدبته الحوادث، أفيقوا من غفلتكم، وخذوا من غيركم العبرة، قبل أن تكونوا لغيركم عبرة، والكيس من اعتبر بغيره، قبل أن يكون عبرة للآخرين.
احفظ الله يحفظك
يقول عبدالله راوي هذه القصة: في ضحى أحد الأيام وحين كانت درجة حرارة الجو عالية انطلقت أنا وزميل لي إلى منطقة بعيدة في مهمة عمل، وكان صاحبي يتولى القيادة، وكنت بجانبه بين نائم ويقظان، وكنت أثناء ذلك أنبهه إلى عدم تجاوز السرعة المحددة، وكنا نستمع إلى شريط لأحد المشايخ، وكان يتكلم فيه عن الجنة ونعيمها، وقبل وصولنا إلى تلك المنطقة حدث ما لم يكن على البال ولا في الحسبان، انفجر الإطار الخلفي لسيارتنا من شدة الحرارة، وسبب انفجاره صوتاً عالياً مما أربك صاحبي وأفقده السيطرة تماماً على السيارة التي أخذت تسير بنا كسفينة بلا ربان تتقاذفها الأمواج، ازداد الموقف شدة وسوءاً حين اتجهت سيارتنا إلى الطريق المعاكس، وأخذت تتجه نحو شاحنة أقبلت علينا بسرعة عظيمة، لم يبق على الموت إلا لحظات، حينها مرت بخاطري أمور وذكريات استرجعت بها شريط الحياة، فتذكرت أمي التي ودعتها في الصباح على أن أرجع إليها في المساء، وقلت في نفسي: كيف سيكون حالها وهي تتلقى الخبر؟ مر بي شريط حياتي الماضية في لحظات، أخذت أردد: باسم الله.. لا إله إلا الله.. الله أكبر.. لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87]..
الأعمال بالخواتيم
خرج رجل من الصالحين ومعه زوجته، وكانت هذه الزوجة صوامة قوامة ولية من أولياء الله -نحسبها كذلك والله حسيبها- خرجا يريدان العمرة، وهكذا الأسفار، إما أسفار طاعة، أو أسفار معصية، فخرجا شوقاً لله، واستجابة لأوامر الله، والغريب أنه كأنما ألقي في روعها أنها لن ترجع، فودعت أهلها، وقبلت أطفالها وهي تبكي، وكتبت وصيتها، ثم ذهبت، فلما وصلا إلى مكة طافا وسعيا وقصرا ودعوا الله وتضرعا، وسألا الله خير الدنيا وخير الآخرة، وفي طريق العودة كانت الزوجة على موعد مع ملك الموت حين انفجر إطار السيارة فخرجت عن مسارها وانقلبت، وأصيبت المرأة في رأسها، وخرج زوجها الذي لم يصب ووقف عليها وهي في سكرات الموت فسمعها تقول: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فلما رأت زوجها تبسمت وقالت له: بلغ أهلي السلام وقل لهم: الملتقى الجنة، ثم فاضت روحها إلى بارئها. الكل سيموت، لكن على أي حال؟ قدر الله ماض على الصغير والكبير، لكن الأعمال بالخواتيم، ويختم للمرء على ما عاش عليه، فإن عاش على طاعة يموت على طاعة ويحشر على طاعة، والعكس بالعكس، وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [آل عمران:117]. التقينا أنا وإياكم هنا وسنفترق، وكل منا ينتظر منيته، فمنا من سيموت في أرض، ومنا من سيموت في بحر، ومنا من سيموت في سماء، ولكن على أي حال سيكون الوداع؟ وأين سيكون الملتقى؟ أسأل الله أن يجمعني وإياكم في جنات النعيم.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظني وإياكم بحفظه، وأن يجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين، وأسأله سبحانه أن يهيئنا لاستخدام كل ما أنعم به علينا الاستخدام الأمثل، وألا نستخدم نعمه في معاصيه.اللهم من قاد السيارة بأمن وأمان، ومراعاة للآخرين فاحفظه في سيارته يا رب العالمين، ومن قادها بتهور فرده إلى الحق يا حي يا قيوم.اللهم احفظنا بحفظك في الغدوة والروحة يا رب العالمين.اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين، لا ضالين ولا مضلين.
اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين.اللهم اجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.اللهم وفق ولاة الأمر للحكم بكتابك، وسنة نبيك، واجعلهم سلماً لأوليائك، حرباً على أعدائك يا رب العالمين، اللهم ارزقهم بطانة صالحة تعينهم على الخير إذا فعلوه، وتذكرهم به إذا نسوه.
اللهم احفظ الشباب والشيب، واحفظ النساء والأطفال يا رب العالمين.اللهم انصر من نصر الدين، واخذل من خذل عبادك الموحدين.. انصر المجاهدين في سبيلك، الذين يقاتلوا من أجل إعلاء كلمة دينك، اللهم انصر من نصرهم، واخذل من خذلهم، وصن أعراضهم واحقن دماءهم، وفك أسرانا وأسراهم يا رب العالمين.اللهم اكبت أعداءهم فإنهم لا يعجزونك، ولا يخفون عليك، يا عليم يا خبير، يا قوي يا عزيز، عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير.أستغفر الله العظيم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تم نقله للفائدة
حفظكم الباري وكل عام وانتم بخير
اخوكم فخر السلطنة