قصه حب

    • لم يكن للنساء مكان في حياتي ، فانا لم أحاول اكتشاف هذا العالم المجنون ، فلم أعرف من النساء غير أمي وأختي ، أي أنني كنت أنظر لجميع النساء بهذا المنظور ولم أتوقع أن أكون أحد ضحايا هذا العالم المجنون ، فقد كنت أدرس في الجامعة وكنت مضطرا عند ذهابي للجامعة إيصال أختي وابنة جارنا سارة إلى جامعة الملك سعود ، كنت غير مبال بوجود سارة معنا في السيارة كنت أعتبرها كأختي فكنت أتحدث معها ومع أختي بمنتهى اللامبالاة بل أنني لا أحس بوجودها معنا في أكثر الاحيان بل كنت أصرخ في وجهها هي وأختي إذا أغلقوا الباب بقوة ، وفي يوم من الأيام وبعد أن أنزلتهم في الجامعه سقطت ورقة من سارة وحاولت تنبيهها لذلك ولكن دون جدوى .
      نزلت من السيارة وأخذت تلك الورقة وإذا هي بطاقة سارة الجامعية ، ياللهول إنه إسم سارة ولكن الصورة يا إلهي هل هذه سارة لالالا لا أصدق أن يكون هذا الملاك مخلوقة من ضمن البشر ، ما هذا الجمال ما هذه الروعة لقد وقفت في منتصف الشارع حيث وجدت البطاقة مذهول وغير مصدق ما أراه ، تحرك قلبي نعم تحرك ولأول مرة وأحسست بشعور لم أشعر به من قبل ، أخذت البطاقة غير مبالي بجموع البشر لأنني أصبحت في عالم ليس فيه إلا أنا .. إنه عالم الجمال بل إن مركز الجمال أصبح بين يدي . أخذت الصورة ووضعتها في جيبي الأمامي بجوار قلبي الذي لم يتحمل وجود تلك الصورة بجواره فأخذ يدق بسرعة وكأنه يريد الخروج من مكانه ، نعم لقد استطاعت تلك الصورة تحريك قلبي بل إنها أدخلت في قلبي شعور غريب .. شعور لم أعرفه من قبل ، ماذا أعمل فدقات قلبي في ازدياد وكان قلبي يريد أن يعانق تلك الصورة ، ولم أفق من هذا الشعور إلا بصيحات أصحاب السيارات وأبواقهم المزعجة والتي لم أشعر بوجودها يطالبوني بالابتعاد عن الشارع ، ذهبت لسيارتي وأنا لاأعلم أهي سيارتي أم لا فجمال سارة وروعتها جعلت تفكيري يتوقف ، ركبت في السيارة لا أدري أين أذهب ووجدت سيارتي تلك الكتلة من الحديد لا تستطيع أن تتحرك من مكانها وكأنها توافقني نفس الشعور في انتظار سارة حتى تخرج من الجامعة ، وجلست أمام مبنى الجامعة أنتظر خروجهم ، فأخرجت صورة سارة من جيبي وجلست أنظر إلى ملاكي بل إن جميع حواسي أخذت ترتوي من ذلك الجمال ، وفي تلك الأثناء شعرت وكأن أحدا يدق على زجاج السيارة أوه إنها أختي وسارة لقد خرجوا ، ما أسرع الوقت نزلت بدون شعور مني وفتحت الباب لهم وطلبت منهم أن يركبوا السيارة ، ركبوا وهم ينظرون لي باستغراب ، قالت لي أختي هل أنت عبدالرحمن . قلت : نعم . قالت : ما الذي غيرك ؟ ابتسمت وشكرتها بلطف على غير العادة ، وركبوا السيارة ولكن بعد أن ركبوا صرخت أختي انتظر قليلا لقد نسيت بعض حاجاتي في قاعة المحاضرات لن أغيب كثيرا ، وبعد أن ذهبت أختي بقيت أنا وسارة ، إنها فرصة لايمكن تعويضها يجب علي أن أتحدث معها لقد كنت أتحدث معها فيما مضى ولكن الحديث الآن مختلف فالحديث الآن لقلبي .. التفت إليها وقلبي يكاد أن يتوقف وقلت لها كيف حالك ، قالت بصوت لا أكاد أسمعه الحمدالله ، وقلت لها لقد سقطت منك بطاقتك وحاولت إخبارك بذلك دون جدوى وأخرجت البطاقة من جيبي وكأنني أقتطع قطعة من جسدي وأعطيتها البطاقة ، أخذت البطاقة وهي خائفة ولا تعلم ما تقول ، قلت لها سارة أنا لا أعلم شيء عن الحب ولا عن تلك الحركات التي يقوم بها الشباب ، سارة اسمحي أن أقول لك أنني قد رأيت صورتك فصدقيني لو كنت جمادا لما استطعت منع نفسي وفضولي من الاستمتاع بهذا الجمال ، سارة أنا أعرف أنه من الصعب عليك سماع مثل هذا الكلام ، وأعرف كذلك أنك سوف تحتقرينني لانني أستغل وجودنا لوحدنا وفي مكان كهذا وأخذت أفرض عليك مثل هذا الكلام ، اسمعي يا سارة أنا عندما شاهدت صورتك اليوم لم أستطع الذهاب للجامعة ولم أستطع التفكير في أي شيء غيرك ، صدقيني أنني لم أتحدث بهذا الكلام لأحد من قبل ولم أعرف لهذا الكلام معنى إلا اليوم ، وأقول لك أنا قررت أن أعبر عن شعوري الذي شعرته اتجاهك عندما رأيت صورتك والتي جاءت موازية من حيث الجمال والروعة لأخلاقك التي أعرفها ، أنا يا سارة أول مرة يتحرك فيها قلبي وأرجوك أن لا تعتقدي أنني أستغل هذا الموقف فأنا أتحدث الآن دون شعور مني فقلبي هو الذي يحدثك ، إن أختي قادمة الآن ولا أستطيع أن أقول لك سوى أنني قد أحببتك ، هذا هو شعوري إتجاهك وأنا أنتظر الرد بأسرع وقت ، وإذا كان لك رأي آخر فيني فأنا أحترم رأيك وصدقيني سوف أنسى كل شيء .
      وسكت وخيم علينا السكون والذي لم يدم طويلاً لأن أختي قد أتت وفتحت الباب وركبت السيارة ، وذهبنا إلى البيت وعندما وصلنا بيت سارة نزلت دون أن تتفوه بكلمة وداع واحدة على غير العادة ، كنت أتابعها أتمنى أن تنطق بكلمة ، جلست أنظر إليها حتى دخلت إلى منزلهم ، ولم أشعر بنفسي إلا وأختي تضرب كتفي وتقول : هل نمت ؟ ذهبنا إلى بيتنا وبقيت طيلة ذاك اليوم في البيت أنتظر الغد أنتظر رؤية سارة ، المهم أن ذاك اليوم الثقيل قد انقشع وحل الظلام وذهبت إلى أختي وقلت لها : متى تريدون الذهاب غدا ؟ فردت ببرود : مثل كل يوم ، كنت أريد أن أفتح معها أي موضوع عن سارة ، قلت لها : سارة في أي قسم ؟ فأجابت : في قسم الدراسات ، قلت لها وهل هي متفوقة في دراستها قالت وما دخلك أنت بها ، وفجأة رن الهاتف ، رفعته وإذا بسارة هي من على الخط ، قالت السلام عليكم قلت وعليكم السلام من معي قالت أنا سارة هل أختك موجودة . قلت لها نعم نعم ، قلت تلك الكلمات دون شعور ، أخذت تتحدث مع أختي ، طال حديثهم الذي تخللته بعض القهقة والتي أشعرتني بقوة موقفي ، أغلقت أختي سماعة التلفون وأنا كلي شوق لسماع ماقالت سارة ، قلت لها : ماذا تريد . قالت : إنها تريد أن تخبرني أنها لن تذهب للجامعة غدا ، كان هذا الرد بمثابة الكف الذي أفاقني من تلك الاحلام الوردية التي عشتها طوال اليوم ، حاولت أن أتمالك نفسي وقلت لها : هل هي مريضة ما بها أكيد أنها ستغيب غذا فقط . قالت : لا هي لن تذهب للكلية بعد اليوم تقول أنها سوف تتزوج وكان شرط من تقدم لها أن تترك الدراسة ، لم أتمالك نفسي أخذت الدنيا تلف وكأن بيتنا سيسقط ، ياالله لماذا لم تتزوج قبل اليوم ، كنت أذهب بها للجامعة لاكثر من سنتين لم أشعر بوجودها بل كنت أهدد أهلي بأنني لن آخذها معي ، كنت أغضب منها كثيرا عندما تغلق باب سيارتي بقوة ، فلماذا لم تتزوج في ذلك الوقت ولماذا الآن ، أستغفر الله أستغفر الله اللهم لا اعتراض ، حاولت أن لا ترى أختي ضعفي وتأثير هذا الخبر علي وانتقلت إلى غرفتي ولا أعلم كيف وصلت إليها وأنا في تلك الحالة ، فكرت ماذا أعمل وقلت لابد أن أكون قويا وشجاعا مثلما كنت شجاعا معها وأخبرتها بكل شيء ، ذهبت لوالدي وكان جالس امام التلفاز وقلت له بصوت مرتفع أبي أريد الزواج من سارة ابنة جارنا ، أبي أنا إذا لم أتزوجها فصدقني لن أستطيع أن أعيش ، أبي أنا الان منهار انا الآن لا أعلم كيف أتحدث معك ولا أعلم كيف أقف على قدمي ، سارة سوف تضيع مني وضياعها يعني ضياعي ، إن وقوفي أمامك الآن يا أبي هو آخر محاولة لي في الحياة ، شعر أبي بموقفي ولم يقف عند هذا الحد بل نهض مسرعاً من مكانه واحتضنني لأنه عرف أنني لم أقف هذا الموقف ولم أقل هذا الكلام وبهذه الشجاعة إلا وأنا أحمل الكثير في داخلي ، حضنني أبي وهو يقول لا عليك يا بني ، اترك هذا الحمل الثقيل علي سأعمل المستحيل لن يتزوج سارة سواك حتى لو خسرت كل ما أملك ، إنني أشعر بك جيدا إنني لا أريد أن أخسرك فأنت ابني الوحيد ، وبينما أبي يتحدث معي وهو يحتضنني أتت أختي وهي تقهقه بأعلى صوتها وقالت لي إنني أمزح معك ، سارة لن تتزوج ، سارة كانت تتحدث عنك أنها تحبك منذ زمن ، سقطت على الأرض من هول المفاجئة وبقيت في المستشفى أكثر من أسبوع دون أن أشعر بذلك .


      _________ منقول _____________