جهاز الرقابة المالية والإدارية.. تطور منظومة الرقابة على المال العام بالسلطنة أخبار عمان

    • جهاز الرقابة المالية والإدارية.. تطور منظومة الرقابة على المال العام بالسلطنة أخبار عمان

      بيان أوجه النقص في القوانين واللوائح المعمول بها -
      منذ اطلالة فجر النهضة المباركة خلال عام 1970، حرص جلالة السلطان -حفظه الله- على إرساء مقومات ميلاد سلطنة عمان كدولة حديثة تحافظ على تراث وتاريخ وحضارة الأجداد وتقوم على التخطيط الذي يرتكن إلى الجديد والحديث من العلوم والفنون التي كان من أبرزها إنشاء المجالس المتخصصة وإرساء التنظيم الإداري الكامل لأداء دوره في حركة البناء والتنمية بكافة صورها وأشكالها.
      وكانت الرقابة المالية والإدارية واحدة من هذا البناء العملاق والتنظيم الكبير التي ولدت ونشأت وترعرعت في ركابه كدائرة صغيرة لتدقيق الحسابات ضمن هيكل وزارة المالية وتدرجّ نماؤها عبر مسيرة النهضة المباركة إلى مديرية عامة تتبع ديوان البلاط السلطاني في عام 1983، حيث شهد صدور أول قانون جديد للرقابة المالية بالمرسوم السلطاني السامي رقم 36/ 85، تحولت بعده إلى أمانة عامة للرقابة المالية وصدور قانون جديد للرقابة المالية بالمرسوم السلطاني السامي رقم 129/ 91، ثم طفرة جديدة خلال عام 1999 تحولت معه الأمانة العامة إلى جهاز الرقابة المالية لدولة يتمتع باستقلاله ويعين رئيسه بمرسوم سلطاني بمرتبة وزير.
      وتمضي مسيرة عمان بقيادة جلالته في التدرج الحكيم لتشكل منعطفاً مهماً في تاريخها المعاصر، حيث صدر المرسوم السلطاني رقم (101) في عام 1996 ليضع للسلطنة نظامها الأساسي الذي نصت الفقرة الرابعة من المادة (11) منه على أن:
      "للأموال العامة حرمتها، وعلى الدولة حمايتها وعلى المواطنين والمقيمين المحافظة عليها".
      إن كل هذه المتغيرات على أرض السلطنة جعلت المرحلة الماضية لدور الرقابة -التي كانت مناسبة لذلك الوقت- في حاجة إلى إدخال تعديلات جوهرية كي يتفاعل مع المتغيرات ويستجيب لمتطلبات المرحلة الجديدة من تحديث الدولة والتعامل بإيجابية ومقدرة مع الرؤية المستقبلية للاقتصاد العماني.
      وتقديراً من جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- بدور الرقابة، وإيماناً من جلالته برسالتها، شهدت الرقابة طفرة كبيرة أخرى عام 2011 بتوسيع اختصاصات جهاز الرقابة المالية ليشمل الرقابة الإدارية وصدر المرسوم السلطاني رقم 27/ 2011 بتعديل مسمى جهاز الرقابة المالية ليصبح جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، يتمتع بكامل استقلاله وينعم بحيادة سلطاته ويتبع مباشرة لجلالته -حفظه الله ورعاه- يحاكي في هيئته الجديدة أعرق الأجهزة الدولية للرقابة المالية والإدارية، ومتغيراً جوهرياً يعتبر من المتغيرات الكيفية التي سيظل لها مستقبلاً الأثر الكبير في حماية الأموال العامة.
      ووضع الجهاز منذ البداية برنامجاً للعمل ومنهجية للأداء تقوم على أسس علمية وتتماشى مع الواقع العملي الذي يتناسب والمرحلة الجديدة من مسيرة النهضة وبناء الدولة المعاصرة، من بينه:
      وإعادة النظر في قانون الرقابة المالية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 55/ 2000 ليشمل صلاحيات جديدة أوسع بما في ذلك الرقابة الإدارية، حيث تضمن قانون الرقابة المالية والإدارية للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 111/ 2011 ملامح جديدة تتلخص أبرزها في ما يلي:
      إعادة صياغة الأهداف، حيث شملت:
      1- حماية الأموال العامة للدولة والأموال الخاصة التي تديرها أو تشرف عليها أي من الوحدات الخاضعة لرقابة الجهاز والتثبت من مدى ملاءمة أنظمة الضبط والرقابة الداخلية وسلامة التصرفات المالية والإدارية واتباعها للقوانين واللوائح والقرارات التنظيمية.
      2- التحقق من تنفيذ القوانين واللوائح والنظم والقرارات فيما يتعلق باختصاصاته.
      3- تجنب وقوع تضارب المصالح والمخالفات المالية والإدارية.
      4- بيان أوجه النقص أو القصور في القوانين واللوائح والأنظمة المالية والإدارية المعمول بها واقتراح وسائل علاجها.
      5- الإلتزام بمبدأ الشفافية في التصرفات المالية والإدارية.
      6- الرقابة الوقائية والتأكد من حسن سير العمل.
      7- تقييم أداء الجهات الخاضعة لرقابة الجهاز والتحقق من استخدام الموارد بطريقة إقتصادية وبكفاءة وفاعلية.
      8- الكشف عن أسباب القصور في الأداء والانتاج وتحديد المسؤولية.
      - التأكيد على استقلال الجهاز وحياده وتبعيته المباشرة لجلالة السلطان، يستمد قوته وهيبته من جلالته -حفظه الله- فهو مستقل بمركزه القانوني ومستقل في موارده المالية وله الحرية الكاملة في إدارة موارده دون تدخل من أية جهة تنفيذية وله اختيار مواضيع الفحص وتوقيتها بالأساليب والإجراءات التي يراها.
      - امتداد رقابة الجهاز إلى قطاعات وجهات لم تكن خاضعة للرقابة.
      - الأخذ بمفهوم الرقابة الشاملة التي تتضمن الرقابة المالية بشقيها المالي والقانوني والرقابة الإدارية ورقابة الأداء.
      - إضافة اختصاصات جديدة كرقابة الحاسب الآلي والرقابة البيئية وتقييم الأداء وكفاءة أنظمة الرقابة الداخلية ومراجعة تقارير تقييم الأصول للوحدات المراد تخصيصها ومشروعات العقود والإتفاقيات المحررة بشأنها قبل إتخاذ القرار النهائي، وبحث الشكاوي التي ترد للجهاز عن الإهمال أو مخالفة القوانين واللوائح والقرارات المعمول بها.
      - إعطاء الجهاز صلاحية إبلاغ الإدعاء العام بأي مخالفة تشكل شبهة أو جريمة جنائية بدلاً من اقتصار دوره على مطالبة رئيس الوحدة بالجهة محل الفحص بإجراء التحقيق اللازم مع الموظف المسؤول كما كان الحال في القانون السابق.
      - منح أعضاء الجهاز صفة الضبطية القضائية والحصانة الوظيفية بما يسمح لهم أداء واجباتهم بالحيدة والموضوعية ومهنية عالية واستقلال تام دون تأثير، حيث لا يجوز في غير حالات التلبس القبض على عضو الرقابة أو حبسه احتياطياً إلا بإذن من الرئيس، كما لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوة العمومية عليه إلا بإذن من الرئيس بناءً على طلب من المدعي العام.
      - تعزيز الشفافية وتطبيق مبدأ المساءلة، كما جاء بالمادة (29) التي تقضي بأن يرسل الجهاز نسخة من تقريره السنوي الذي يرفع للمقام السامي -حفظه الله ورعاه- إلى مجلس الدولة ومجلس الشورى ومجلس الوزراء.
      - مد رقابة الجهاز لتشمل الشركات التي تساهم الحكومة في ملكيتها بنسبة تزيد عن 40% من رأسمالها.
      - إعادة النظر في الهيكل التنظيمي بما يتماشى مع المرحلة الجديدة في ضوء الطفرة التي شهدها وإضافة اختصاص الرقابة الإدارية وتضمين الهيكل الجديد الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 6/ 2012 إنشاء مديريات عامة للرقابة تتماشى مع التقسيم النوعي لميزانية الدولة ووفقاً للقطاعات العاملة، كما صدرت العديد من القرارات التنظيمية التي اقتضاها الهيكل التنظيمي الجديد، بحيث أكتمل للجهاز إطاره التنظيمي الكامل ليتولى مسؤوليته بالكفاءة المنشودة.
      - إعادة النظر في قانون حماية المال العام وتجنب تضارب المصالح وقد استهدف القانون الجديد الذي صدر بالمرسوم السلطاني رقم 112/ 2011 حماية الأموال العامة وتجنب تضارب المصالح واستغلال الوظيفة أو المنصب والعمل على تحقيق المصلحة العامة وتعزيز الشفافية في التصرفات المالية والإدارية، حيث أوجب على المسؤول الحكومي في مادته الخامسة أن يحول دون إساءة استعمال المال العام، وأن يبلغ الجهات المختصة فوراً بما يثبت لديه من مخالفات تتعلق بالمال العام وحضرهم التعامل مع أي شركة أو مؤسسة تكون لهم مصلحة فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أو القيام بدور الوسيط أو الوكيل أو الكفيل لأي شركة أو مؤسسة يتصل نشاطها بجهة عمله، كما حضر المسؤول الحكومي استعمال الأموال العامة في أغراض شخصية أو في غير الأغراض المخصصة لها، وإلزام المسؤول الحكومي تقديم إفصاح سنوي إلى الجهاز يتضمن جميع التعاملات مع الوحدات الحكومية والمنشأة التي تمتلك الحكومة أكثر من (40%) من رأسمالها ويحظر القانون أيضاً أي مسؤول حكومي أو أبناءه القصر أن تكون له حصة في أي شركة أو مؤسسة أو عمل يهدف إلى الربح ويتصل بجهة عمله، كما ألزم القانون الجديد المسؤول بتقديم إقرار بذمته المالية إلى جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة يتضمن بياناً بجميع الأموال المنقولة والعقارية المملوكة له ولأزواجه وأولاده القصر ومصدر هذه الملكية.
      وتجدر الإشارة إلى أن القانون قد عرف المسؤول الحكومي "كل شخص يشغل منصباً حكومياً أو عملاً بصفة دائمة أو مؤقتة في إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة بمقابل أو دون مقابل، ويعتبر في حكم المسؤول الحكومي أعضاء مجلس عُمان، وممثلو الحكومة في الشركات، والعاملون بالشركات المملوكة للحكومة بالكامل أو تلك التي تساهم فيها بنسبة تزيد عن 40% من رأسمالها".
      - إعادة النظر في اللائحة التنفيذية لقانون الرقابة المالية الصادر بالقرار رقم 10/ 2003.
      - إعادة النظر في لائحة تنظيم شؤون أعضاء وموظفي الجهاز ليشكل أساساً سليماً لاستكمال مقومات استقلالهم الوظيفي وحيادهم الرقابي.
      - إعادة النظر في اختصاصات التقسيمات الإدارية للهيكل التنظيمي.
      - إعادة النظر في الوصف الوظيفي لأعضاء وموظفي الجهاز.
      - إصدار لائحة بأخلاقيات المهنية.
      - استكمال مشروع أدلة العمل الرقابي لضمان الإلتزام بالمعايير الدولية للرقابة واتباع أفضل الممارسات.
      - وضع أسس ومنهجية جديدة للعلاقة بين الجهاز والجهات المشمولة برقابته حيث حرص الجهاز على أن يحدد إطاراً واضحاً وملامح محددة لعلاقته مع الجهات الخاضعة لرقابته يقوم على التعاون البناء والتآزر الصادق لتكون الرقابة عاملاً للبناء ووسيلة لتصحيح الأخطاء والإنتقال بالعمل الرقابي من مجرد إكتشاف الانحرافات وهو المنظور التقليدي إلى تحقيق قيمة مضافة للمجتمع من خلال مساعدة الجهات على تحسين الأداء وتعزيز الشفافية وتأمين المساءلة وثقة العموم.
      - وضع النظم الكفيلة لمتابعة التقارير الصادرة عن الجهاز للوقوف على مدى استجابة الجهات للعمل بمضمونها والالتزام بالتوصيات الواردة فيها بإعتبارها الوثيقة التي تتضمن مخرجات العمل الرقابي سواء في عرض الملاحظات والمخالفات التي يكشف عنها الفحص، أو التوصيات والمقترحات التي تستوجبها كل حالة وفقاً لظروفها وطبيعتها، حيث تم إنشاء دائرتين للقيام بذلك الدور، واحدة للجهاز الإداري للدولة وأخرى للهيئات والمؤسسات العامة والشركات.
      - استكمال مقومات الموارد البشرية ورفع نسبة تغطية الفحص والتدقيق، حيث تم تعيين جانب كبير من الأعضاء ورفع نسبة التغطية، حيث ارتفعت هذه النسبة إلى ما يزيد عن 55% شملت قطاعات فنية ومهنية واسعة كقطاع النفط والغاز والاستثمارات والاتصالات والكهرباء والمياه والبيئة ومشاريع البنية الأساسية، ومع الزيادة المضطردة للإيرادات العامة للدولة ومصروفاتها، وتنوع اقتصاد السلطنة والتوسع الكبير في الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطنين في كافة ولايات السلطنة تطلب إنشاء ثلاثة فروع جديدة في كل من ولاية صحار وولاية نزوى وولاية صور ومن المخطط أن تصل نسبة التغطية إلى أكثر من 80% مع نهاية الخطة الخمسية الثامنة عام 2015.
      - وضع البرامج الفترية والسنوية لأداء الجهاز، حيث تم الانتهاء من مشروع سياسات وإجراءات إعداد خطط الفحص ومتابعة تنفذها وتبني أسلوب التدقيق المبني على تقييم المخاطر في تحديد أولوليات الفحص والتدقيق والتي من بينها الأهمية النسبية لحجم الأعمال وقيمة الاعتمادات المالية المقررة وأهمية الخدمات التي تقدمها المؤسسات للمواطنين ومستوى أداء الرقابة الداخلية.
      - تفعيل دور مشاركة المجتمع في الرقابة وإيماناً من الجهاز بأهمية اطلاع المجتمع وحقه في معرفة ما يقوم به الجهاز، تم إنشاء دائرة التواصل المجتمعي للعمل على توفير التآزر والتلاحم الإجتماعي وبحث الشكاوي التي ترد للجهاز عن أي إهمال أو مخالفة القوانين والقرارات.
      - تفعيل دور مشاركة الجهاز في المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بالرقابة المالية والإدارية، حيث يشارك الجهاز بفاعلية في أسرة الرقابة الدولية خلال عضويته في المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأنتوساي) حيث يتمتع الجهاز بشرف انتخابه بتولي فحص وتدقيق التصرفات المالية والإدارية لهذه المنظمة العريقة لمدة أربعة أعوام، كما يشارك الجهاز في عضوية المجموعة الآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأسوساي) والمجموعة العربية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة (الأرابوساي) والمجموعة الخليجية لدواوين وأجهزة الرقابة والمحاسبة وهو عضو فاعل أيضاً في بعض اللجان المنبثقة عن المنظمة الدولية كلجنة معايير الرقابة الداخلية ومجموعة عمل الرقابة على الخصخصة ولجنة تدقيق نظم المعلومات ولجنة بناء القدرات وفي مبادرة تنمية الأنتوساي (IDI) المنهجية الخاصة بالتدريب.