ما بين الرسم على الجدران في الحارة ومرسم الشباب.. رحلة إبداع -

حوار - أحمد الجهوري ومحمد حاردان-
أعرب الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن الفائز بالجائزة الأولى بمسابقة جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في مجال الفنون، وذلك عن لوحة "أرزاق" عن شكره وامتنانه لصاحب الجلالة بدعمه اللامحدود لخدمة الفن التشكيلي كما تقدّم بأسمى آيّات التهاني والتبريكات إلى المقام السامي بمناسبة العيد الوطني الثاني والأربعين المجيد.
وقال: نثمّن ونقدر اهتمام مولانا بالفن وما وصلنا له من ارتقاء هو بفضل السلطان ودعمه المتواصل في سبيل التطوير والمساهمة في الحراك الفنّي بالسلطنة.
وسلط رشيد الضوء على لوحته التي تحمل عنوان "أرزاق" قائلا: هي عبارة عن تجسيد لأواني منزلية قديمة محاطة بعصافير وهي تأكل بقايا الطعام العالق بالقدر وهو تثمين للنعمة وهي نظرة إنسان وفنان مغايرة عن النظرة النمطية لبقايا الطعام على أنّها فضلات ومن عناصر اللوحة وجود حذاء كدلالة ترمز لاحترام النعم التي يهبها الله للإنسان وهي رسالة للمتلقي بعدم إهانة النعم والسعي للمحافظة عليها ويعتبر العمل من المدرسة الواقعيّة التأثيرية.
وقد امتدت تجربة الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن عبر رحلة إبداعيّة حفلت بالعطاء المتواصل والنجاحات المستمرة وتكللت بالحصول على عدة جوائز منها الجائزة التقديرية في بينالي آسيا ببنجلاديش الدولي 2006م والذي ضمّ أكثر من ثلاثة وثلاثين دولة مشاركة.
وتعتبر المادة الأساسيّة والغاية الكبرى في تجربة رشيد عبد الرحمن هي الإبداع، فهو باستطاعته أن يطوّع المادة الخام إلى عمل تشكيلي وخير شاهد على ذلك تلك الأعمال الفنيّة التي استطاع عبر عقدين من الزمن أن يتباهى بها وأخذت دائمًا الرقي والتميز ونالت إعجاب المتلقي.
وقد كانت البداية التي شكلت فكر الفنان رشيد وغيّرت مساره إلى طريق الفن بسن 12 عامًا حينها كان يرسم على جدران المنزل والحارة في مسقط القديمة باستخدام أدوات بسيطة للرسم مثل الطباشير والفحم وكذلك للكرتون العادي لتكون مادة يجسد فيها هوايته وكان يعشق رسم الخيل وعليه فارس راعي البقر، وكان معلم التربية الفنية بالمدرسة التي درس بها رشيد بمرحلته الابتدائية أول من قام بتشجيعه وحثّه على الاستمرار في الرسم وذلك بعدما رأى فيه حس الفنان والرسام والذي بإمكانه أن يكون ذا شأن مستقبلا حيث كان يتابع باستمرار رسوماته، كما كان يجمع الأصداف والأحجار لتشكيل لوحات فنية يكوّن منها مجسّمات لها تعابير ومعانٍ معينة ولم يسبق له أن تعرف على مدارس الفن التركيبي أو التجريد ولكن الحس الفنّي الذي تنامى في أعماقه مبكرًا قاده إلى هذه الأدوات حيث كان لا يعتمد برسم لوحاته على أفكار الآخرين وإنّما من واقعه وخياله الراقي والواسع وكان المجتمع حينها يعاني شح المصادر في الفنون التشكيلية فأضحى خياله مدرسة .
في عام 1980 التقى مصادفة بالفنان التشكيلي أنور سونيا، ويعتبر ذلك اللقاء نقلة نوعية في حياته حيث عرض عليه مجموعة من رسوماته وأعماله والتي اندهش حينها من جمالية اللوحات وشجعه على الاستمرار والغوص بعمق في هذا الفن وقام بتوجيهه للالتحاق بمرسم الشباب الموجود حينها في الوداي الكبير ليتمكن من صقل وتطوير موهبته والحصول على الأدوات والمكونات اللازمة التي يحتاج لها الفنان التشكيلي.
واعتبر رشيد مرسم الشباب أرضا خصبة ساعدته على ممارسة هوايته والاحتكاك ببقية الفنانين التشكيليين وأول ما وطئت قدماه ذاك المكان أحس بالانتماء وأنّ كل ما فيه يشده ويجذبه إليه، إنّها حالة من التواصل الروحي بينه وبين الجدران التي تزيّنها اللوحات المعروضة وأدرك حينها أنّ الفن التشكيلي هو قدره المحتوم ومصيره الذي لا مفر منه، جذور ارتبطت بالمكان والزمان والتفاصيل والعشق المنبعث من روحانية التعابير المنبثقه من مرسم الشباب.
كان للفنان التشكيلي رشيد عدة هوايات تنوعت بين النحت والرسم والموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية فهو عازف متمكّن لآلة العود والأورغ وكان رئيسًا لفرقة موسيقية في فترة سابقة ولكن أخذه الفن التشكيلي عن كل هواياته ليشكل أسلوب حياته ونمط عيش بالنسبة له .
وقد ترك الفنان بصمته في عيون الآخرين فقال عنه الفنان التشكيلي صالح الشكيلي اللقاء والوداع والحزن والفرح والشك واليقين والأمل واليأس كل هذه الثنائيات لونت الأحاسيس المبثوثة بشكل إبداعي رأيتها تخرج من ثنايا أعمال الفنان التشكيلي رشيد عبدالرحمن في لحظات مختلفة وأوقات متباينة رمت بجمالها على ذهني وجسدي عندما كنت ألملم أوراق هذا الفنان وأجمع شتات أعماله المبدعة من أماكن وزوايا مختلفة.
أمّا الفنان والناقد العراقي محمد عبد الجبار الناصري إذا كانت لغة الفن وهي تحمل الشذرات الأولى لوجودها، فيضًا من الأخيلة والأساطير فإنّ غزارة الحياة بكافة أشكالها وموادها المتنوعة يطرحان من ناحية أخرى الموقف الإنساني في الفنون بشكل عام والفن التشكيلي بشكل خاص والمبدع بواسطة ذلك كله يحاول إثبات قيمته الفنيّة والتعبيريّة أذ أنّها طريقته الوحيده لنقل الحدس والأحلام والأفكار من أفق السرية والغياب إلى حضوره، والعلن، وحيث يتمثل هذا التعبير في الأعمال الفنيّة في أشكالها المباشرة من حيث الظاهر فإنّ تنسيقها الفنّي، وتنفيذها كسلاسل تجريبيّة يقترحان علينا أن تراها كدراسة جماليّة تحليلية لنفوذ الفراغ واستقلاله الموضوعي، وتعدد وظائفه، الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن بهذا التحديد يتمسك بتحولات المرئي وبتضادات الماضي ذاته وبرغبة للتطهر على صعيد تقاليد السطح التصويري في لحظة مواجهة يتجلّى فيها خياله الخصب ومهارته الأدائية وكأنّها تعلن عن حساسية البصر وتخزين الذاكرة.
عوالم داخلة
إنّ الطقوس اللونية للفنان رشيد عبد الرحمن تتحرك ضمن عوالم متعددة ومتباينة بنغمات مقصودة من العذاب الجمالي والإنساني معا. فعوالمه الداخلية تثيرها محفزات بصرية يومية يلتقطها برهافة ويجمعها بزوايا مختلفة داخل تكوين تتجامع فيه التضادات وتتحرك عبر وحدة تشكيلية مكونة علاماته ورموزه، ليتسنى لها أن تنطق من موسيقاها عبر انتقالات الفنان في فضاءات بلا حدود، فثمة محركات تكمن في البصر لصالح اليد في أداء مهمّاتها الجمالية لتحاكي مثاله الداخلي غير الملموس وليضع بعضًا من الابتهالات والهالات في دوامات متواصلة وحركة متجددة، وما يظهر على سطوحه هما: الطاقة والفعل في آثارهما ونزوعهما وتحدراتهما التي لا تخفي الكثير من الحنين والكثير من العاطفة الشفافة المتسائلة، المشحونة بالمفارقات والسوداوية والفكاهة اللاذعة.. إجمالا فالرموز في أعماله لا تنفصل عن تجربته الواقعية بل تتخذ بعدا لصالح رؤيته الواقعية لأنها لا تتحول إلى تجريد أو لغز غامض ولكنّها ترتبط برؤية الفنان العامه ونظرته للحياة، ورغم أن في بعض أعماله نراه يدرس الطبيعة والإنسان من الخارج بيد أنه يحاول دائما التوغل في المناطق المحرمة للحياة، تلك المناطق التي تكشف لنا عن علاقة الداخل بالخارج والسري بالعلني والشكل بالمضمون في محاولة منه لفهم مكونات البيئة وعلاقة الإنسان بها فبعض أعماله لا تبتعد عن الحكايات الشعبية أو المشاهد ذات الطابع الاجتماعي المعروف وتصوير المعاناة الإنسانية والمرأة وحياة البؤس والفقر والاهتمام بالمناخ العام للمدينة، وعذابات الإنسان بالدرجة الأولى، إضافة إلى اهتمامه بالمكان أي الشكل الخارجي المحيط بالإنسان وهذا الاهتمام ذاته دفعه إلى التوغل في أعماقه والانتقال من السطح إلى ما بعده، ولكن هذا الانتقال لم يحدث بصورة عفوية بل جاء نتيجة تأمل للواقع ودراسته بعمق.
يذكر أنّ الفنان التشكيلي رشيد عبدالرحمن مواليد 1965 عضو الجمعيّة العمانية للفنون التشكيلية وعضو مرسم الشباب وعضو بالرابطة الدولية للفنون التشكيلية اليونيسكو وعضو النادي الثقافي شارك في العديد من المعارض؛ ومنها التي نظمها مرسم الشباب من عام 86- 2005 م، كما شارك في المعرض السنوي الأول للفنون الشكيليّة بالنادي الثقافي 1998 م، وجميع المعارض التي نظّمتها الجمعيّة العمانية للفنون التشكيلية من 93- 2005 وشارك في معارض خارجية منها كوريا الجنوبية وإيران والشارقة وهولندا وفرنسا والكويت وغيرها من المعارض، حصل على العديد من الجوائز أهمها الجائزة الأولى بمسابقة جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في مجال الفنون وذلك عن لوحة "الأرزاق" 2012 والجائزة الذهبية في المعرض السنوي الحادي عشر للفنون التشكيلية 2004 م والجائزة الكبرى في المعرض السنوي العاشر للفنون التشكيلية 2002.

حوار - أحمد الجهوري ومحمد حاردان-
أعرب الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن الفائز بالجائزة الأولى بمسابقة جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في مجال الفنون، وذلك عن لوحة "أرزاق" عن شكره وامتنانه لصاحب الجلالة بدعمه اللامحدود لخدمة الفن التشكيلي كما تقدّم بأسمى آيّات التهاني والتبريكات إلى المقام السامي بمناسبة العيد الوطني الثاني والأربعين المجيد.
وقال: نثمّن ونقدر اهتمام مولانا بالفن وما وصلنا له من ارتقاء هو بفضل السلطان ودعمه المتواصل في سبيل التطوير والمساهمة في الحراك الفنّي بالسلطنة.
وسلط رشيد الضوء على لوحته التي تحمل عنوان "أرزاق" قائلا: هي عبارة عن تجسيد لأواني منزلية قديمة محاطة بعصافير وهي تأكل بقايا الطعام العالق بالقدر وهو تثمين للنعمة وهي نظرة إنسان وفنان مغايرة عن النظرة النمطية لبقايا الطعام على أنّها فضلات ومن عناصر اللوحة وجود حذاء كدلالة ترمز لاحترام النعم التي يهبها الله للإنسان وهي رسالة للمتلقي بعدم إهانة النعم والسعي للمحافظة عليها ويعتبر العمل من المدرسة الواقعيّة التأثيرية.
وقد امتدت تجربة الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن عبر رحلة إبداعيّة حفلت بالعطاء المتواصل والنجاحات المستمرة وتكللت بالحصول على عدة جوائز منها الجائزة التقديرية في بينالي آسيا ببنجلاديش الدولي 2006م والذي ضمّ أكثر من ثلاثة وثلاثين دولة مشاركة.
وتعتبر المادة الأساسيّة والغاية الكبرى في تجربة رشيد عبد الرحمن هي الإبداع، فهو باستطاعته أن يطوّع المادة الخام إلى عمل تشكيلي وخير شاهد على ذلك تلك الأعمال الفنيّة التي استطاع عبر عقدين من الزمن أن يتباهى بها وأخذت دائمًا الرقي والتميز ونالت إعجاب المتلقي.
وقد كانت البداية التي شكلت فكر الفنان رشيد وغيّرت مساره إلى طريق الفن بسن 12 عامًا حينها كان يرسم على جدران المنزل والحارة في مسقط القديمة باستخدام أدوات بسيطة للرسم مثل الطباشير والفحم وكذلك للكرتون العادي لتكون مادة يجسد فيها هوايته وكان يعشق رسم الخيل وعليه فارس راعي البقر، وكان معلم التربية الفنية بالمدرسة التي درس بها رشيد بمرحلته الابتدائية أول من قام بتشجيعه وحثّه على الاستمرار في الرسم وذلك بعدما رأى فيه حس الفنان والرسام والذي بإمكانه أن يكون ذا شأن مستقبلا حيث كان يتابع باستمرار رسوماته، كما كان يجمع الأصداف والأحجار لتشكيل لوحات فنية يكوّن منها مجسّمات لها تعابير ومعانٍ معينة ولم يسبق له أن تعرف على مدارس الفن التركيبي أو التجريد ولكن الحس الفنّي الذي تنامى في أعماقه مبكرًا قاده إلى هذه الأدوات حيث كان لا يعتمد برسم لوحاته على أفكار الآخرين وإنّما من واقعه وخياله الراقي والواسع وكان المجتمع حينها يعاني شح المصادر في الفنون التشكيلية فأضحى خياله مدرسة .
في عام 1980 التقى مصادفة بالفنان التشكيلي أنور سونيا، ويعتبر ذلك اللقاء نقلة نوعية في حياته حيث عرض عليه مجموعة من رسوماته وأعماله والتي اندهش حينها من جمالية اللوحات وشجعه على الاستمرار والغوص بعمق في هذا الفن وقام بتوجيهه للالتحاق بمرسم الشباب الموجود حينها في الوداي الكبير ليتمكن من صقل وتطوير موهبته والحصول على الأدوات والمكونات اللازمة التي يحتاج لها الفنان التشكيلي.
واعتبر رشيد مرسم الشباب أرضا خصبة ساعدته على ممارسة هوايته والاحتكاك ببقية الفنانين التشكيليين وأول ما وطئت قدماه ذاك المكان أحس بالانتماء وأنّ كل ما فيه يشده ويجذبه إليه، إنّها حالة من التواصل الروحي بينه وبين الجدران التي تزيّنها اللوحات المعروضة وأدرك حينها أنّ الفن التشكيلي هو قدره المحتوم ومصيره الذي لا مفر منه، جذور ارتبطت بالمكان والزمان والتفاصيل والعشق المنبعث من روحانية التعابير المنبثقه من مرسم الشباب.
كان للفنان التشكيلي رشيد عدة هوايات تنوعت بين النحت والرسم والموسيقى وصناعة الآلات الموسيقية فهو عازف متمكّن لآلة العود والأورغ وكان رئيسًا لفرقة موسيقية في فترة سابقة ولكن أخذه الفن التشكيلي عن كل هواياته ليشكل أسلوب حياته ونمط عيش بالنسبة له .
وقد ترك الفنان بصمته في عيون الآخرين فقال عنه الفنان التشكيلي صالح الشكيلي اللقاء والوداع والحزن والفرح والشك واليقين والأمل واليأس كل هذه الثنائيات لونت الأحاسيس المبثوثة بشكل إبداعي رأيتها تخرج من ثنايا أعمال الفنان التشكيلي رشيد عبدالرحمن في لحظات مختلفة وأوقات متباينة رمت بجمالها على ذهني وجسدي عندما كنت ألملم أوراق هذا الفنان وأجمع شتات أعماله المبدعة من أماكن وزوايا مختلفة.
أمّا الفنان والناقد العراقي محمد عبد الجبار الناصري إذا كانت لغة الفن وهي تحمل الشذرات الأولى لوجودها، فيضًا من الأخيلة والأساطير فإنّ غزارة الحياة بكافة أشكالها وموادها المتنوعة يطرحان من ناحية أخرى الموقف الإنساني في الفنون بشكل عام والفن التشكيلي بشكل خاص والمبدع بواسطة ذلك كله يحاول إثبات قيمته الفنيّة والتعبيريّة أذ أنّها طريقته الوحيده لنقل الحدس والأحلام والأفكار من أفق السرية والغياب إلى حضوره، والعلن، وحيث يتمثل هذا التعبير في الأعمال الفنيّة في أشكالها المباشرة من حيث الظاهر فإنّ تنسيقها الفنّي، وتنفيذها كسلاسل تجريبيّة يقترحان علينا أن تراها كدراسة جماليّة تحليلية لنفوذ الفراغ واستقلاله الموضوعي، وتعدد وظائفه، الفنان التشكيلي رشيد عبد الرحمن بهذا التحديد يتمسك بتحولات المرئي وبتضادات الماضي ذاته وبرغبة للتطهر على صعيد تقاليد السطح التصويري في لحظة مواجهة يتجلّى فيها خياله الخصب ومهارته الأدائية وكأنّها تعلن عن حساسية البصر وتخزين الذاكرة.
عوالم داخلة
إنّ الطقوس اللونية للفنان رشيد عبد الرحمن تتحرك ضمن عوالم متعددة ومتباينة بنغمات مقصودة من العذاب الجمالي والإنساني معا. فعوالمه الداخلية تثيرها محفزات بصرية يومية يلتقطها برهافة ويجمعها بزوايا مختلفة داخل تكوين تتجامع فيه التضادات وتتحرك عبر وحدة تشكيلية مكونة علاماته ورموزه، ليتسنى لها أن تنطق من موسيقاها عبر انتقالات الفنان في فضاءات بلا حدود، فثمة محركات تكمن في البصر لصالح اليد في أداء مهمّاتها الجمالية لتحاكي مثاله الداخلي غير الملموس وليضع بعضًا من الابتهالات والهالات في دوامات متواصلة وحركة متجددة، وما يظهر على سطوحه هما: الطاقة والفعل في آثارهما ونزوعهما وتحدراتهما التي لا تخفي الكثير من الحنين والكثير من العاطفة الشفافة المتسائلة، المشحونة بالمفارقات والسوداوية والفكاهة اللاذعة.. إجمالا فالرموز في أعماله لا تنفصل عن تجربته الواقعية بل تتخذ بعدا لصالح رؤيته الواقعية لأنها لا تتحول إلى تجريد أو لغز غامض ولكنّها ترتبط برؤية الفنان العامه ونظرته للحياة، ورغم أن في بعض أعماله نراه يدرس الطبيعة والإنسان من الخارج بيد أنه يحاول دائما التوغل في المناطق المحرمة للحياة، تلك المناطق التي تكشف لنا عن علاقة الداخل بالخارج والسري بالعلني والشكل بالمضمون في محاولة منه لفهم مكونات البيئة وعلاقة الإنسان بها فبعض أعماله لا تبتعد عن الحكايات الشعبية أو المشاهد ذات الطابع الاجتماعي المعروف وتصوير المعاناة الإنسانية والمرأة وحياة البؤس والفقر والاهتمام بالمناخ العام للمدينة، وعذابات الإنسان بالدرجة الأولى، إضافة إلى اهتمامه بالمكان أي الشكل الخارجي المحيط بالإنسان وهذا الاهتمام ذاته دفعه إلى التوغل في أعماقه والانتقال من السطح إلى ما بعده، ولكن هذا الانتقال لم يحدث بصورة عفوية بل جاء نتيجة تأمل للواقع ودراسته بعمق.
يذكر أنّ الفنان التشكيلي رشيد عبدالرحمن مواليد 1965 عضو الجمعيّة العمانية للفنون التشكيلية وعضو مرسم الشباب وعضو بالرابطة الدولية للفنون التشكيلية اليونيسكو وعضو النادي الثقافي شارك في العديد من المعارض؛ ومنها التي نظمها مرسم الشباب من عام 86- 2005 م، كما شارك في المعرض السنوي الأول للفنون الشكيليّة بالنادي الثقافي 1998 م، وجميع المعارض التي نظّمتها الجمعيّة العمانية للفنون التشكيلية من 93- 2005 وشارك في معارض خارجية منها كوريا الجنوبية وإيران والشارقة وهولندا وفرنسا والكويت وغيرها من المعارض، حصل على العديد من الجوائز أهمها الجائزة الأولى بمسابقة جائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والآداب في مجال الفنون وذلك عن لوحة "الأرزاق" 2012 والجائزة الذهبية في المعرض السنوي الحادي عشر للفنون التشكيلية 2004 م والجائزة الكبرى في المعرض السنوي العاشر للفنون التشكيلية 2002.
