قصص من السلف الصالح (1)

    • [h=3][ATTACH=CONFIG]112937[/ATTACH]

      فتح كامل العراق وفارس[/h]مهَّدت لفتح العراق وفارس غارات صغيرة كان يشنُّها المثنى بن حارثة الشيباني عقبَ انتهاء حروب الردة على أطراف الإمبراطورية الساسانية.
      قرَّر أبو بكر تسيير جيوش المسلمين إلى العراق لفتحها، ووضع خطَّة مفادها أن ينطلق جيشان إسلاميَّان من جنوب وشمال العراق،
      فيطبقان عليها ويلتقيان بالحيرة التي كانت آنذاك تعد عاصمة البلاد.

      فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد في شهر محرم سنة 12 هـ وهو باليمامة بعد أن فرغ من قتال مسيلمة الكذاب أثناء حروب الردة،
      وأمره بالسَّير إلى العراق، وألا يُكره أحداً ممن قاتلوا معه في اليمامة على المجيء.
      وبعد أن وصلت إلى خالد تعزيزات كثيرة كان قد طلبها من أبي بكر، وصل إلى العراق ومعه 18,000 جنديّ.

      من جهة أخرى، أمر أبو بكر عياض بن غنم بالسير إلى دومة الجندل، فيأتي هو من الشمال وخالد من الجنوب، ويُطبِقان معاً على الحيرة.
      وبدأ خالد بدخول العراق، فخاضَ معارك كثيرة متتالية ضدَّ الفرس كان النصر حليفه فيها جميعاً، في ذات السلاسل والمذار والولجة وأُليس والمقرّ، وأخيراً،
      حاصر الحيرة وفتحها في شهر ربيع الأول من سنة 12 هـ نفسها.

      الصور
      • 800px-معارك_خالد_بن_ا&#1.PNG

        114.57 kB, 800×589, تمت مشاهدة الصورة 242 مرة
    • [h=3]مجاعة الحجاز وطاعون عمواس
      [/h]
      كانت سنة 639م الموافقة لعام 18 هـ، سيئة على الدولة الإسلامية التي تعرضت لنكبتين: المجاعة في المدينة المنورة والطاعون في بلاد الشام.
      وقيل حدث ذلك آخر سنة 17 هـ الموافقة لذات العام الميلادي سالف الذكر.

      عمّ الجدب أرض الحجاز واسودت الأرض من قلّة المطر فمال لونها إلى الرمادي مدة تسعة أشهر فسميت "عام الرمادة".
      والتجأ المسلمون إلى المدينة المنورة، فأخذ عمر بن الخطاب يُخفف عنهم، وكتب إلى أبي موسى الأشعري بالبصرة فبعث إليه قافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات،
      ثم قدِم أبو عبيدة بن الجراح من الشام ومعه أربعة آلاف راحلة تحمل طعامًا فوزعها على الأحياء حول المدينة المنورة. فخفف ذلك من الضائقة بعد أن هلك كثير من المسلمين.


      أما الطاعون فبدأ في عمواس، وهي قرب بيت المقدس، فسُمي "طاعون عمواس"،
      ثم انتشر في بلاد الشام. وكان عمر بن الخطاب يهم بدخول الشام وقتها، فنصحه عبد الرحمن بن عوف بالحديث النبوي:
      «إذا سمعتم بهذا الوباء ببلد، فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيه فلا تخرجوا فرارًا منه»،
      فعاد عمر وصحبه إلى المدينة المنورة. حاول عمر بن الخطاب إخراج أبا عبيدة بن الجراح من الشام حتى لا يُصاب بالطاعون فطلبه إليه،
      لكن أبا عُبيدة أدرك مراده واعتذر عن الحضور حتى يبقى مع جنده، فبكى عمر. ويبدو أن الطاعون انتشر بصورة مريعة،
      عقب المعارك التي حدثت في بلاد الشام، فرغم أن المسلمين كانوا يدفنون قتلاهم،
      فإن عشرات آلاف القتلى من البيزنطيين بقيت جثثهم في ميادين القتال من غير أن تُدفن،
      حيث لم تجد جيوشهم المنهزمة دائمًا الوقت الكافي لدفن القتلى. استمر هذا الطاعون شهرًا،
      مما أدى إلى وفاة خمسة وعشرين ألفًا من المسلمين وقيل ثلاثين ألفًا، بينهم جماعة من كبار الصحابة أبرزهم:
      أبو عبيدة بن الجراح وقد دُفن في "عمتا" وهي قرية بغور بيسان،
      ومعاذ بن جبل الأنصاري ومعه ابنه عبد الرحمن، ويزيد بن أبي سفيان، وشرحبيل بن حسنة، والفضل بن العباس بن عبد المطلب،
      وأبو جندل بن سهيل. وقيل أن الطاعون أصاب البصرة أيضًا فمات بشر كثير.


      وبعد انحسار طاعون عمواس، خرج عمر بن الخطاب من المدينة المنورة متجهًا نحو بلاد الشام عن طريق أيلة.
      فلمّا وصلها قسّم الأرزاق وسمّى الشواتي والصوائف وسدّ فروج الشام وثغورها،
      واستعمل عبد الله بن قيس على السواحل ومعاوية بن أبي سفيان على جند دمشق وخراجها. ثم قسم مواريث الذين ماتوا،
      بعد أن حار أمراء الجند فيما لديهم من المواريث بسبب كثرة الموتى.
      وطابت قلوب المسلمين بقدومه بعد أن كان العدو قد طمع فيهم أثناء الطاعون.


    • [h=3]فتح مصر[/h]كثرت الأقوال حول السنة التي فتحت فيها مصر، فوردت في كتب التاريخ سنوات 16 و20 و21 و22 و25 هـ،
      وقد كان ذلك عندما سمح عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص بالتوجه إلى مصر بعد انتهائه من فتح الشام،
      وذلك بعد إلحاح طويل من عمرو ودخل عمرو مصر على رأس 4,000 رجل، فكان أول ما فتحه هو حصن الفرما بعد حصار دام شهراً،
      ونفس الأمر في بلبيس، ثم سار إلى أم دنين بعد أن أمده عمر بأربعة آلاف آخرين، وانتصر قربها في معركة عين شمس.
      ثم سار إلى حصن بابليون، أقوى الحصون الحدودية في مصر آنذاك، وفرض عليه حصاراً دام نصف سنة كاملة.
      وأخيراً وبعد أن تسلق الأسوار الزبير بن العوام، وفتح الحصن من الداخل تمكن المسلمون من دخوله، وفُتِحَ حصن بابليون.
      وبعد فتح الحصن بنى المسلمون مدينة الفسطاط قربه. ثم سار عمرو إلى الإسكندرية،
      وفرض عليها حصاراً دام ثلاثة شهور حتى فٌتِحَت عنوة، وبفتح الإسكندرية كان قد تمَّ فتح مصر،
      ووليها عمرو ثم عبد الله بن سعد بن أبي السرح من بعده.

    • [h=3]فتح برقة وطرابلس الغرب[/h]
      بعد أن أتمَّ عمرو بن العاص فتح الإسكندرية سار إلى إقليم برقة، الواقع اليوم شرق ليبيا.
      وأرسل بداية عقبة بن نافع ليستطلع الأوضاع ويعطيه تقريراً عن المنطقة، ثم فتح برقة بسهولة وسرعة،
      وصالح أهلها على جزية يدفعونها له مقدارها 13,000 دينار، وكان ذلك في سنة 22 هـ.
      ثمَّ فرَّق عمرو قواده وأرسلهم إلى مختلفة أجزاء برقة ومحيطها،
      فأرسل عبد الله بن الزبير إلى مصراتة وعقبة بن نافع إلى زويلة (ثم عينه قائداً لحامية برقة) وبسر بن أرطاة إلى ودان، فنجحوا في فتح كل هذه المدن.

      وأخيراً سار عمرو إلى طرابلس الغرب وحاصرها لمدة شهر، غير أنه لم يتمكن من فتحها،
      حتى تمكن بعض جنوده من اقتحام المدينة، ففرَّ الروم إلى سفنهم للهرب، ودخل جيشه المدينة وفتحها.
      وفتحت معها المناطق المحيطة بها مثل غريان والزاوية وسائر جبل نفوسة. وبعد طرابلس سار عمرو إلى سبرة،
      ففتحها هي الأخرى، وتم بذلك فتح ليبيا. غير أن عمر لم يأذن له بالسير أكثر حتى إفريقية، فعاد عمرو إلى مصر.

    • [h=2]إدارة الدولة[/h]
      يُعتبر عمر بن الخطاب أحد عباقرة السياسة والإدارة في التاريخ الإسلامي خصوصًا والعالمي عمومًا.
      فقد اتسعت حدود الدولة الإسلامية خلال عهده اتساعًا عظيمًا جعله يُقدم على إنشاء تنظيم إداري فعّال لابقائها متماسكة وموحدة،
      وقد استتبع هذا الأمر تنظيم وإنشاء عدّة مرافق مهمة لم تعرفها العرب من قبل،
      أو عرفتها ولكن على نحو ضيّق بسبب طبيعة حياة الناس داخل شبه الجزيرة قبل الفتوح الإسلامية.

      ومن مآثر عمر بن الخطاب الأخرى توسيعه وترميمه للمسجد الحرام في مكة والمسجد النبوي في المدينة المنورة،
      لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج بعد أن اعتنق الكثير من رعايا الشام والعراق ومصر وغيرها الإسلام.

    • [h=3]التنظيمات السياسية والإدارية[/h]
      اتسعت أقاليم الدولة الإسلامية الأولى، نتيجة انتشار المسلمين في الأقاليم المتاخمة لشبه الجزيرة العربية،
      لذلك عمد عمر بن الخطاب إلى تقسيم الأمصار المفتوحة إلى خمس مناطق كبيرة تنقسم بدورها إلى ولايات، وهي:
      العراق (الأحواز، الكوفة، البصرة)، فارس (سجستان ومكران وكرمان، طبرستان، خراسان)،
      الشام (قسم قاعدته حمص، وقسم قاعدته دمشق)، فلسطين (قسم قاعدته أيلة وقسم قادته الرملة)،
      أفريقية (صعيد مصر، مصر السفلى، غرب مصر، وصحراء ليبيا).

      أما في شبه الجزيرة العربية فأبقى على تقسيمها كما فعل أبو بكر الصديق، واستمرت تضم اثنتي عشر ولاية، هي: مكة المكرمة، المدينة المنورة،
      الطائف، صنعاء، حضرموت، خولان، زبيد، مرقع، الجند، نجران، جرش، والبحرين.
      كما قسّم الخليفة ولايات الشام إلى مقاطعات عدة دُعي كل منها جُندًا، وهي: جند قنسرين، جند دمشق، جند حمص، جند الأردن،
      وجند فلسطين. وكان عمر يختار لكلِّ إقليم واليًا، وكان يختارهم ممن يَتَوَسَّم فيهم الصلاح والمقْدرة على إدارة شؤون الولاية،
      والقِيام بالمهام المُلْقاة على عواتقِهم. وكان عمر يوصِي أولئك الوُلاةَ بحُسْن معامَلة الرعية،
      والرِّفْق بهم، وعدم تكْليفهم فوق طاقتهم، ويحملهم مسؤولية تطْبيق شرائع الإسلام وسُننه؛ فقال مُوَضِّحًا واجباتِهم:
      «أيُّها الناس، إنِّي والله ما أرسل إليكم عمَّالاً ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أعْشاركم؛ ولكن أرسلهم ليعلِّموكم دينكم وسُننكم، فمَن فُعل به شيءٌ سوى ذلك، فليرفعه إليَّ، فوالَّذي نفس عمر بيده، لأقتصّنَّ له منه».

      كذلك كان لعمر مُفوَّضون رسميُّون يسافِرُون إلى الأمصار، ويراجعون أعمال الوُلاة، وكان على رأس أولئك المفتِّشين محمد بن مسلمة،
      وهو رجلٌ حازم فائق الأمانة. وحرصًا منه على استقرار الوُلاة، وعدم انشغالهم بأمْرٍ غير الولاية؛
      فقد أجْرى عليهم مرتباتٍ من شأنِها أن تعينَهم على التفرُّغ لعَمَلِهم المنوط بهم، ومثال ذلك:
      أنه أجْرى على عمار - والي الكوفة - ستمائة درهم، له ولكاتبه ومؤذِّنيه كلَّ شهر، وأجْرى على عثمان بن حنيف رُبع شاة وخمسة دراهم كل يوم،
      مع عطائه - وكان خمسةَ آلاف درهم - وأجْرى على عبد الله بن مسعود مائة درهم في كل شهر وربع شاة كل يوم.

    • [h=3]تنظيم الجيش[/h]
      أدرك عمر بن الخطاب أهمية الجيش في نشر الإسلام، لذلك أوجد فرقًا نظامية تُقدّر كل منها بأربعة آلاف فارس لترابط في كل مصر من الأمصار.
      وهذا يعني تأسيس جيش نظامي ثابت يُقدّر بإثني وثلاثين ألف فارس عدا المشاة والمتطوعين،
      مما يكفل حماية الدولة، ونظّم الرتب في الجيش مثل "أمير الجيش" على عشرة آلاف أو تزيد، و"أمير الكردوس" على ألف، و"القائد" على مئة.

      كان العرب يُشكلون قوام الجيش في بداية عهد عمر بن الخطاب، ومع اتساع رقعة الدولة الإسلامية،
      انضم إليهم عدد من الفرس والروم والقبط الذين اعتنقوا الإسلام، وعرف الجيش الإسلامي خلال هذا العهد استخدام أسلحة الحصار التي اقتبست عن الروم،
      ومنها المنجنيق وأبراج الحصار والدبابة وأكباش الدك.
      وأصدر عمر أيضًا أمرًا بوجوب تعلّم الجنود ركوب الخيل والرماية والمشي حفاة والسباحة،
      وأنشأ مراكزًا عسكرية في المدينة والكوفة والبصرة والموصل والفسطاط ودمشق والأردن وفلسطين،
      بُنيت فيها ثكنات مخصصة لإقامة العساكر، كما شُيدت اصطبلات كبيرة يأوي كل منها قرابة أربعة آلاف حصان مخصصة لدعم الجند عند الحاجة.

      بالإضافة إلى المراكز العسكرية، أنشأ الخليفة معسكرات في المدن الكبيرة والأماكن ذات الأهمية الاستراتيجية.
      وكان عمر يكره ركوب البحر ونهى قوّاده عن القتال فيه،
      وقد قام بعزل العلاء بن الحضرمي والي البحرين لأنه ركب البحر في اثني عشر ألفًا غازيًا بلاد فارس.
      كما أنشأ عمر ديوان الجند وكفل للجنود معيشتهم ومعيشة عائلاتهم، مقابل انصرافهم إلى أعمال الجندية.

    • [h=3]الشرطة والأمن[/h]
      يعتبر عمر بن الخطاب أول من أنشأ حبسًا خاصًا بالمتهمين بعد أن كان هؤلاء يُعزلون في المسجد،
      وعُرف هذا الحبس باسم "السجن". كما كان أول من أدخل نظام العسس للتجول والمراقبة ليلاً من أجل مساعدة القاضي في إثبات التهم وتنفيذ الأحكام ضد المذنبين،
      ويُعتبر هذا النظام بمثابة النواة التي قامت عليها فيما بعد "الشرطة"، ويتولاها صاحب الشرطة.
      وأول من أسندت إليه هذه المهمة هو عبد الله بن مسعود، فهو أول عسّاس في الإسلام،
      و"العسس" اسم مشتق كما تورده بعض المصادر من "عسَّ يَعُسُّ عَسَساً وعَسّاً أَي طاف بالليل".

    • [h=3]القضاء[/h]
      ولم يُهمل عمر بن الخطاب القضاء، فكان يتولَّى الفصل بين الناس، وتطبيق الحدود والأحكام،
      ولمّا توسَّعَتِ الدولة واختلط العربُ بسكان البلاد المفتوحة، وازدادَتِ القضايا في هذه الأمصار - تعذَّر على الخليفة النظرُ فيها، وكذلك الولاة،
      فعمل عمر بن الخطاب على فصل القضاء عن الولاية، وشرع في تعيين القضاة في البلاد المفتوحة، فولَّى أبا الدرداء قضاءَ المدينة،
      وشريحًا الكندي قضاء الكوفة، وعثمانَ بن أبي العاص قضاء مصر، وأبا موسى الأشعري قضاء البصرة،
      وقد أجرى عمر عليهم الرواتب، فجعل للقاضي سليمان بن ربيعة خمسمائة درهم في كل شهر،
      وجعل لشريح مائةَ درهم ومؤْنته من الحنطة. وكان عمر يحث القضاة على إحقاق الحق،
      وإقامة العدل بين الناس؛ مما دفع القضاةَ إلى العمل على تنفيذ أحكام الشريعة الإسلامية بحذافيرها.
      كما سن عمر لهؤلاء القضاة دستوراً يسيرون على هديه في الأحكام، وقد لبث هذا الدستور مرجعاً للقضاء.

    • [h=3]الفاروق[/h]
      لقبه "الفاروق" وكنيته "أبو حفص"، أما كنيته، فقد قيل أن الرسول محمد كنّاه بذلك يوم بدر ويرجع سبب إطلاق المسلمين السنّة لقب "الفاروق" على عمر ابن الخطاب،
      لأنه حسب الروايات أنه أظهر الإسلام في مكة وفرّق بين الحق والباطل.

      وكان الناس يهابونه، فعندما آمن وجاء إلى الرسول في دار الأرقم بن ابي الارقم قال له
      : «ألسنا على حق؟» قال: «بلى» قال: «والذي بعثك بالحق لنخرجن».
      وخرج المسلمون في صفين صف يتقدمه حمزة بن عبد المطلب وصف يتقدمه عمر فيعتبرون أن فرق الله به بين الكفر والإيمان.
      وقيل أول من سماه بذلك النبي محمد.


      [h=3]أمير المؤمنين[/h]
      على خلاف مع الشيعة، يرى أهل السنة أن عمر بن الخطاب أول من سُمي بأمير المؤمنين،
      فبعد وفاة النبي محمد خلفه أبو بكر والذي كان يُلقب بخليفة رسول الله كما يروي ذلك أهل السنة.
      فلما توفي أبو بكر أوصى للخلافة بعده لعمر بن الخطاب، فقيل لعمر "خليفة خليفة رسول الله".

      فاعترض عمر على ذلك قائلاً: «فمن جاء بعد عمر قيل له خليفة خليفة خليفة رسول الله فيطول هذا ولكن أجمعوا على اسم تدعون به الخليفة يدعى به من بعده الخلفاء» فقال بعض أصحاب الرسول: «نحن المؤمنون وعمر أميرنا». فدُعي عمر أمير المؤمنين.

    • موت الفاروق

      بينما كان يصلي عمر صلاة الفجر أتاه أبو لؤلؤة عليه لعنة الله، مجوسي مجرم ما سجد لله سجدة،
      فقد دبر المجوس قتل عمر لينهوا هذا الطود الشامخ.



    • نسب عثمان بن عفان


      هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن لؤي بن غالب بن فهر العدوي القرشي.

      أمه: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها: أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي البيضاء توأمة عبد الله بن عبد المطلب فهي عمة الرسول صلى الله عليه وسلم. وأم أم حكيم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهي جدة رسول الله صلى الله عليه وسلم.






    • لقب عثمان بن عفان

      لُقب عثمان بن عفان رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما؛ حيث زوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم رضي الله عنهما، وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟ قلت: لا أدري. قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين.كنية عثمان بن عفان
      كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولد له من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غلام سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله. مولده ولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح.


      صفة عثمان بن عفان الخلقية

      كان رضي الله عنه رجلاً ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كث اللحية عظيمها، عظيم الكراديس[1]، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع[2]، أروح الرجلين[3]، أقني[4]، خدل الساقين[5]، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته[6] أسفل من أذنيه، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.

      زوجات عثمان بن عفان

      تزوج عثمان رضي الله عنه ثماني زوجات كلهن بعد الإسلام وهنّ: رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنجبت له عبد الله بن عثمان، ثم تزوج أم كلثوم بنت رسول الله بعد وفاة رقية، وتزوج فاختة بنت غزوان، وهي أخت الأمير عتبة بن غزوان، وأنجبت له عبد الله الأصغر، وتزوج أم عمرو بنت جندب الأزدية، وقد أنجبت له عمرًا وخالدًا وأبان وعمر ومريم، وتزوج فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية وأنجبت له الوليد وسعيد وأم سعد، وتزوج أم البنين بنت عيينة بن حصن الفزارية، وأنجبت له عبد الملك، وتزوج رملة بنت شيبة بن ربيعة الأموية وأنجبت له عائشة وأم أبان وأم عمرو، وقد أسلمت رملة وبايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتزوج نائلة بنت الفَرافصة الكلبية وكانت على النصرانية وقد أسلمت قبل أن يدخل بها وحسن إسلامها.



    • أبناء عثمان بن عفان:


      كانوا تسعة أبناء من الذكور من خمس زوجات، وهم:
      - عبد الله: ولد قبل الهجرة بعامين، وأمه رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي أوائل أيام الحياة في المدينة نقره الديك في وجهه قرب عينه، وأخذ مكان نقر الديك يتسع حتى مات في السنة الرابعة للهجرة، وكان عمره ست سنوات.
      - وعبد الله الأصغر: أمه فاختة بنت غزوان.
      – وعمرو: وأمه أم عمرو بنت جندب، وقد روى عن أبيه وعن أسامة بن زيد، وروى عنه علي بن الحسين وسعيد بن المسيب وأبو الزناد، وهو قليل الحديث، وتزوج رملة بنت معاوية بن أبي سفيان، توفي سنة ثمانين للهجرة.
      - وخالد: وأمه أم عمرو بنت جندب.
      - وأبان: وأمه أم عمرو بنت جندب كان إمامًا في الفقه يكنى أبا سعيد، تولى إمرة المدينة سبع سنين في عهد الملك بن مروان، سمع أباه وزيد بن ثابت، له أحاديث قليلة.
      - وعمر: وأمه أم عمرو بنت جندب.
      - والوليد: وأمه فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس بن المغيرة المخزومية.
      - وسعيد: وأمه فاطمة بنت الوليد المخزومية، تولى أمر خراسان عام ستة وخمسين أيام معاوية بن أبي سفيان.
      - وعبد الملك: وأمه أم البنين بنت عينية بن حصن، ومات صغيرًا.
      وأمَّا بناته فهن سبع من خمس نساء، منهن: مريم: وأمها أم عمرو بنت جندب، وأم سعيد: وأمها فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس المخزومية، وعائشة: وأمها رملة بنت شيبة بن ربيعة، ومريم: وأمها نائلة بنت الفرافصة، وأم البنين: وأمها أم ولد.


      زواجه من رقية بنت رسول الله


      وقصة ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد زوج رقية من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد: 1-5]. قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حرب بن أمية: فارقا ابنتي محمد. ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، كرامةً من الله تعالى لهما، وهوانًا لابنَيْ أبي لهب.
      وما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار فرحًا وبادر، فخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه:
      أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان.


      زواجه من أم كلثوم بنت رسول الله


      عرفت أم كلثوم -رضي الله عنها- بكنيتها، ولا يعرف لها اسم إلا ما ذكره الحاكم عن مصعب الزبيري أن اسمها (أمية)، وهي أكبر سنًّا من فاطمة رضي الله عنها.
      قال سعيد بن المسيب: "تأيم عثمان من رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتأيمت حفصة بنت عمر من زوجها، فمر عمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة؟ وكان عثمان قد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه، وذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلِكَ؟ أَتَزَوَّجُ حَفْصَةَ وَأُزَوِّجُ عُثْمَانَ خَيْرًا مِنْهَا: أُمَّ كُلْثُومُ".
      وعن أم المؤمنين بنت الصديق -رضي الله عنها- قالت: لما زوج النبي ابنته أم كلثوم قال لأم أيمن: "هَيِّئِي ابْنَتِي أُمَّ كُلْثُومٍ، وَزِفِّيهَا إِلَى عُثْمَانَ، وَاخْفِقِي بَيْنَ يَدَيْهَا بِالدُّفِّ". ففعلت ذلك، فجاءها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الثالثة، فدخل عليها فقال: "يَا بُنَيَّةُ، كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟" قَالَتْ: خَيْرَ بَعْلٍ".
      وعن أبي هريرة رضي الله عنه، "أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند باب المسجد فقال: يَا عُثْمَانَ، هَذَا جِبْرِيلُ أَخْبَرَنِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ زَوَّجَكَ أُمَّ كُلْثُومٍ بِمِثْلِ صَدَاقِ رُقَيَّةَ، وَعَلَى مِثْلِ صُحْبَتِهَا". وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.
      ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، "ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: لَوْ كَانَ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَجَّنَاكَهَا يَا عُثْمَانُ".
      وهذا دليل حب الرسول صلى الله عليه وسلم لعثمان، ودليل وفاء عثمان لنبيه وتوقيره، وفيه دليل على نفي ما اعتاده الناس من التشاؤم في مثل هذا الموطن، فإن قدر الله ماضٍ وأمره نافذ، ولا راد لأمره.
      كان رضي الله عنه في أيام الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرا قبل الإسلام، وكان يقول: إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه.
      يقول عن نفسه رضي الله عنه: "مَا تَغَنَّيْتُ وَلاَ تَمَنَّيْتُ، وَلاَ مَسَسْتُ ذَكَرِي بِيَمِينِي مُنْذُ بَايَعْتُ بِهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلاَ شَرِبْتُ خَمْرًا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ إِسْلاَمٍ، وَلاَ زَنَيْتُ فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلاَ فِي إِسْلاَمٍ".
      وكان رضي الله عنه على علم بمعارف العرب في الجاهلية ومنها: الأنساب والأمثال وأخبار الأيام، وساح في الأرض، فرحل إلى الشام والحبشة، وعاشر أقواما غير العرب، فعرف من أحوالهم وأطوارهم ما ليس يعرفه غيره. واهتم بتجارته التي ورثها عن والده، ونمت ثروته وأصبح يعد من رجالات بني أمية الذين لهم مكانة في قريش، فقد كان المجتمع المكي الجاهلي الذي عاش فيه عثمان يقدر الرجال حسب أموالهم، ويُهاب فيه الرجال حسب أولادهم وإخوتهم وعشيرتهم وقومهم، فنال عثمان مكانة مرموقة في قومه، ومحبة كبيرة.
      يروي ابن إسحاق: لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مؤلفًا لقومه محببًا سهلاً، وكان أنسب قريش، وكان رجلاً تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فانطلقوا ومعهم أبو بكر، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام وبما وعدهم الله من الكرامة، فآمنوا وأصبحوا مقرين بحق الإسلام، فكان هؤلاء النفر الثمانية -يعني مع علي وزيد بن حارثة- الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى.
      كان عثمان رضي الله عنه قد ناهز الرابعة والثلاثين من عمره حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤًا أو تلعثمًا بل كان سبَّاقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين، فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال، ولعل هذا السبق إلى الإسلام كان نتيجة لما حدث له عند عودته من الشام، وقد قصه رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل عليه هو وطلحة بن عبيد الله، فعرض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن، وأنبأهما بحقوق الإسلام، ووعدهما الكرامة من الله، فآمنا وصدقا، فقال عثمان: "يا رسول الله، قدمت حديثًا من الشام، فلما كان بين معان والزرقاء، فنحن كالنيام فإذا منادٍ ينادينا: أيها النيام هبُّوا، فإن أحمد قد خرج بمكة. فقدمنا فسمعنا بك".
      لا شك أن هذه الحادثة تترك في نفس صاحبها أثرًا عجيبًا لا يستطيع أن يتخلى عنه عندما يرى الحقيقة ماثلة بين عينيه، فمن ذا الذي يسمح بخروج النبي قبل أن يصلي إلى البلد الذي يعيش فيه، حتى إذا نزله ووجد الأحداث والحقائق تنطق كلها بصدق ما سمع به، ثم يتردد في إجابة الدعوة؟ فقد تأمل في هذه الدعوة الجديدة بهدوء كعادته في معالجة الأمور، فوجد أنها دعوة إلى الفضيلة ونبذ الرذيلة، دعوة إلى التوحيد وتحذير من الشرك، دعوة إلى العبادة وترهيب من الغفلة، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة وترهيب من الأخلاق السيئة، ثم نظر إلى قومه فإذا هم يعبدون الأوثان ويأكلون الميتة، ويسيئون الجوار، ويستحلون المحارم، وإذا بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم صادق أمين يعرف عنه كل خير ولا يعرف عنه شر قط، فلم تُعهد عليه كذبة، ولم تحسب عليه خيانة.

      أسلم رضي الله عنه على يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه ومضى في إيمانه قدمًا، قويًّا هاديًا، وديعًا صابرًا عظيمًا راضيًا، عفوًّا كريمًا محسنًا رحيمًا سخيًّا باذلاً، يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين، حتى اشتدت قناة الإسلام.

      صبر عثمان بن عفان على التعذيب وهجرته إلى الحبشة


      أوذي عثمان وعُذب في سبيل الله تعالى على يد عمه الحكم بن أبي العاص بن أمية الذي أخذه فأوثقه رباطًا، وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين محدث؟ والله لا أحلك أبدًا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين. فقال عثمان: والله لا أدعه أبدًا، ولا أفارقه. فلما رأى الحكم صلابته في دينه تركه، وكان ممن هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الأولى والثانية، ومعه امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    • زادك الله علما و نفع بك
      .جعلك الله في الطليعة وسدد خطالك
      وأوصلك الى مبتغاك وحماك وحفظك ورعاك
      وهدى الله بك وهداك
      .وجعلك من أحباب حبيبه المصطفى

      عَنْ أبي أيوبَ الأنصَاريِّ رضي اللَّه عَنْهُ عَن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ قالَ لا إله إلاَّ اللَّه وحْدهُ لا شَرِيكَ لهُ ، لَهُ المُلْكُ ، ولَهُ الحمْدُ ، وَهُو على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، عشْر مرَّاتٍ : كان كَمَنْ أَعْتَقَ أرْبعةَ أَنفُسٍ مِن وَلِد إسْماعِيلَ » متفق عليه