فاجعة إمطي
مرت عليها صباحا وهي في الحافلة وربما انتظرتها قليلا حتى تخرج، واتجهن كالعادة في رحلة طلب العلم.
مشهد يكاد يتكرر كل صباح دراسي جميل، لكنه اليوم يتكرر ظهرا بعالم مختلف وموكب مختلف ولباس مختلف ومشاعر مختلفة، فما أهول مشهد جنازة الطالبة اﻷولى وهي تحمل على اﻷكتاف وتدخل في سرح بيت زميلتها الراحلة في انتظار جاهزيتها، وما هي إلا دقائق وجيزة جدا حتى يخرجن سويا كما خرجن صباحا سويا!
مشهد مخيف واعظ زاجر طوبى لمن اقشعر منه بدنه، وخشع قلبه، وسالت عبرته، واعتبر به. وما أعظم مشهد من شاهد هذا الموقف المهيب وهن بلباس اﻷكفان لا بلباس الدراسة الذي ارتدينه قبل ساعات، محملات على النعوش لا على حافلة الكلية التي ركبنها قبل ساعات، وهن متجهات إلى عالم القبور واللحود لا إلى عالم الدراسة والتخصصات الذي اتجهن إليه قبل ساعات، وبمشاعر الاستعداد لهول السؤال والحساب وضمة القبر التي لا يسلم منها أحد لا بمشاعر فرحة البنات لحب الدراسة والتفوق!
ساعات وجيزة غيرت العوالم والملابس والمشاعر والوجهات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ويا رب رحماك للأحياء واﻷموات، وسلوانك لكل مصاب.
وتمر تلك الحشود الغفيرة حاملين على أكتافهم حصاد الشوارع، ويبدو أن حوادث الحافلات والشاحنات التي كانت نادرة الحدوث أصبحت اليوم تنافس حوادث المركبات اﻷخرى.
وفي خضم هذه المصائب التي تحمل بين جنباتها مصائب أخرى، أراني مضطرا لطرح بعض التساؤلات والتناقضات وغيرها مما يدور في الذهن من استفهامات.
تساؤل،
إذا لم تتوقف أحاديث الدينا الجانبية، ويحاسب اﻹنسان نفسه ويتذكر هول الموت والقبر وقت الجنائز فمتى سيكون ذلك؟!
إذا لم تخشغ القلوب وتتساقط العبرات وقت مشاهد الرحيل إلى عالم الحياة البرزخية، فمتى يكون ذلك؟!
من لم يعظه الموت، فبم عساه أن يتعظ؟!
أين نحن من أولئك الذين كانوا يقولون: وكنا نحضر الجنائز فلا نرى إلا متقنعا باكيا.
وقول آخرين: وكنا نحضر الجنائز فلا نعرف أهلها؛ لكثرة الباكين حولها.
نعم يبكون على أنفسهم من الأجل المجهول والخاتمة المجهولة والمصير المجهول وضمة القبر وهول السؤال.
لكننا اليوم نحضر الجنائز فلا نرى ونسمع إلا حديثا جانبيا.
تناقض،
توافدت الرسائل واحدة تلو اﻷخرى بأهمية الدعاء للفقيدتين الراحلتين، ولكن في أهم محطات الدعاء وهي صلاة الجنازة تجد الغالبية العظمى تعتزل الصلاة.
سبحان الله.
صلاة الجنازة بأجرها ودعائها وإيجازها وحاجة الحي والميت لها ونحن نتركها.
ليتهم تركوها فقط، بل كانت أحاديثم الدنيوية مشوشة على المصلين.
عجبا للمرء يؤمر ولا يعذر من الدعاء وقت النعماء والسراء، وهو يتركه وقت المصائب والضراء!
أيرضيك أيها الحي اليوم الميت غدا أن يبخل الناس بالصلاة عليك ويترفعون عن ذلك، حتى مع كونها فرض كفاية؟!
أيرضيك قلة يصلون وكثير عنك غافلون؟!
بشرى،
إلى أولئك الذين لديهم الفضول الزائد، ويبقون واقفين متفرجين لمراسم تلحيد الميت ودفنه ولا يسمعون نصح ناصح، ولا زجر زاجر.أقول:لا تستعجلوا ولا تتفرجوا، بل أبشروا فكل واحد منكم طال الزمان أم قصر سيخوض تجربة تلحيده ودفنه، فلا داعي للاستعجال والاستغراب.
حسافة،
يبدو واضحا أن عاداتنا المحمودة وقيمنا اﻷصيلة أصبحت تتهاوى شيئا فشيئا في ظل التقنيات الحديثة، فلست أدري ما الهدف من نشر أسماء الوفيات ﻷشخاص ليسوا من تلك المناطق ولا يعرفونهم خاصة إذا كانت الوفيات فتيات؟! أيرضينا أن تتناقل أسماء أمهاتنا وأزواجنا وأخواتنا وبناتنا عند وفاتهن في كل حدب وصوب، ومن يعرفهن ومن لا يعرفهن؟!
هل هذا هو استثمتار التقنية الحديثة؟!
ولست أدري ما الهدف الذي يتحقق عندما ننال السبق في نشر أخبار الحوادث ووفياتها قبل أن نتأكد، فكم قرأنا خبر وفاة فلان أو فلانة، واﻷمر بخلاف ذلك؛ لتبقى الشائعات شعارا دائما، والله المستعان
>>>>>>>>> الله يرحمهن ..
مرت عليها صباحا وهي في الحافلة وربما انتظرتها قليلا حتى تخرج، واتجهن كالعادة في رحلة طلب العلم.
مشهد يكاد يتكرر كل صباح دراسي جميل، لكنه اليوم يتكرر ظهرا بعالم مختلف وموكب مختلف ولباس مختلف ومشاعر مختلفة، فما أهول مشهد جنازة الطالبة اﻷولى وهي تحمل على اﻷكتاف وتدخل في سرح بيت زميلتها الراحلة في انتظار جاهزيتها، وما هي إلا دقائق وجيزة جدا حتى يخرجن سويا كما خرجن صباحا سويا!
مشهد مخيف واعظ زاجر طوبى لمن اقشعر منه بدنه، وخشع قلبه، وسالت عبرته، واعتبر به. وما أعظم مشهد من شاهد هذا الموقف المهيب وهن بلباس اﻷكفان لا بلباس الدراسة الذي ارتدينه قبل ساعات، محملات على النعوش لا على حافلة الكلية التي ركبنها قبل ساعات، وهن متجهات إلى عالم القبور واللحود لا إلى عالم الدراسة والتخصصات الذي اتجهن إليه قبل ساعات، وبمشاعر الاستعداد لهول السؤال والحساب وضمة القبر التي لا يسلم منها أحد لا بمشاعر فرحة البنات لحب الدراسة والتفوق!
ساعات وجيزة غيرت العوالم والملابس والمشاعر والوجهات، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ويا رب رحماك للأحياء واﻷموات، وسلوانك لكل مصاب.
وتمر تلك الحشود الغفيرة حاملين على أكتافهم حصاد الشوارع، ويبدو أن حوادث الحافلات والشاحنات التي كانت نادرة الحدوث أصبحت اليوم تنافس حوادث المركبات اﻷخرى.
وفي خضم هذه المصائب التي تحمل بين جنباتها مصائب أخرى، أراني مضطرا لطرح بعض التساؤلات والتناقضات وغيرها مما يدور في الذهن من استفهامات.
تساؤل،
إذا لم تتوقف أحاديث الدينا الجانبية، ويحاسب اﻹنسان نفسه ويتذكر هول الموت والقبر وقت الجنائز فمتى سيكون ذلك؟!
إذا لم تخشغ القلوب وتتساقط العبرات وقت مشاهد الرحيل إلى عالم الحياة البرزخية، فمتى يكون ذلك؟!
من لم يعظه الموت، فبم عساه أن يتعظ؟!
أين نحن من أولئك الذين كانوا يقولون: وكنا نحضر الجنائز فلا نرى إلا متقنعا باكيا.
وقول آخرين: وكنا نحضر الجنائز فلا نعرف أهلها؛ لكثرة الباكين حولها.
نعم يبكون على أنفسهم من الأجل المجهول والخاتمة المجهولة والمصير المجهول وضمة القبر وهول السؤال.
لكننا اليوم نحضر الجنائز فلا نرى ونسمع إلا حديثا جانبيا.
تناقض،
توافدت الرسائل واحدة تلو اﻷخرى بأهمية الدعاء للفقيدتين الراحلتين، ولكن في أهم محطات الدعاء وهي صلاة الجنازة تجد الغالبية العظمى تعتزل الصلاة.
سبحان الله.
صلاة الجنازة بأجرها ودعائها وإيجازها وحاجة الحي والميت لها ونحن نتركها.
ليتهم تركوها فقط، بل كانت أحاديثم الدنيوية مشوشة على المصلين.
عجبا للمرء يؤمر ولا يعذر من الدعاء وقت النعماء والسراء، وهو يتركه وقت المصائب والضراء!
أيرضيك أيها الحي اليوم الميت غدا أن يبخل الناس بالصلاة عليك ويترفعون عن ذلك، حتى مع كونها فرض كفاية؟!
أيرضيك قلة يصلون وكثير عنك غافلون؟!
بشرى،
إلى أولئك الذين لديهم الفضول الزائد، ويبقون واقفين متفرجين لمراسم تلحيد الميت ودفنه ولا يسمعون نصح ناصح، ولا زجر زاجر.أقول:لا تستعجلوا ولا تتفرجوا، بل أبشروا فكل واحد منكم طال الزمان أم قصر سيخوض تجربة تلحيده ودفنه، فلا داعي للاستعجال والاستغراب.
حسافة،
يبدو واضحا أن عاداتنا المحمودة وقيمنا اﻷصيلة أصبحت تتهاوى شيئا فشيئا في ظل التقنيات الحديثة، فلست أدري ما الهدف من نشر أسماء الوفيات ﻷشخاص ليسوا من تلك المناطق ولا يعرفونهم خاصة إذا كانت الوفيات فتيات؟! أيرضينا أن تتناقل أسماء أمهاتنا وأزواجنا وأخواتنا وبناتنا عند وفاتهن في كل حدب وصوب، ومن يعرفهن ومن لا يعرفهن؟!
هل هذا هو استثمتار التقنية الحديثة؟!
ولست أدري ما الهدف الذي يتحقق عندما ننال السبق في نشر أخبار الحوادث ووفياتها قبل أن نتأكد، فكم قرأنا خبر وفاة فلان أو فلانة، واﻷمر بخلاف ذلك؛ لتبقى الشائعات شعارا دائما، والله المستعان
>>>>>>>>> الله يرحمهن ..