تكون جالسا في مكانك .. فتجد من يشتمك فجأة وبلا مقدمات ..
كلمات مريرة بسرعة صاروخية وعليها دباجة تحمل اسمك ..
بعد تلقي المكالمة يهتز بدنك وتنتفض غضبا وتتحرك فيك كوامن الدفاع
وتنشط فيك روح العداء متحفزا لصد أي طارئ جديد ..
تتحرك بسرعة من مكانك .. شيء اشبه بالركض .. قبضتك معلقة
في الهواء كل خلجة فيك .. تقف في وجه من اساء اليك
تلطمه....
تضربه على وجهه ...
وتفقأ له عينيه ... !
يتكاثر حولك الناس .. يتبرع احدهم بالاتصال الفوري .. تاتي سيارة
مشحونة ... ارقام متسلسلة .. ينزل اثنان وبدون أي مقدمات يمسكان بك
وياخذانك الى داخل السيارة .. تحاول الاحتجاج .. لا احد يستمع اليك ..
تنفجر صارخا ... لقد شتمني دون اسباب .. لا احد يسمعك
بالداخل وجوه كثيرة متباينة .. البعض صامت .. والبعض يحاول تغيير مجرى الامور بالصراخ المستمر .. تجد انت نفسك بينهم كاليتيم ..
تنام بين صمتك وثورة العقل فيك ثم تصحو على الضجيج ....
لماذا ضربته ؟!
لانه شتمني دون مقدمات..
وهل غاب القانون ... ؟!
لم يترك لي فرصة للتفكير
اذن انت مذنب
"انتهى التحقيق"
تحاول ان تتكلم .. ثمة اشياء تود تقولها .. لا احد يسمعك .. تحاول ان تضيف
عبارات .. ولكن الامل يموت بداخلك وانت ترى الملف الكبير وقد اغلق ..
تحاول ان تصرخ .. ولكن صراخ الاخرين يفتت المحاولة فيك .. تتأهب لان تلتمس .. ولكن لمن .. ؟!
فقد انتهى وقت الدوام وانصرف الجميع الى الخارج .. تحاول ان تبكي
فتجف الدموع في عينيك ... ثم تحاول ان تضحك .. فتنجح اخيرا ..
وتضحك وتضحك وتضحك ... وتظل تضحك حتى بعد صدور الحكم عليك ..
يجتمعون .. يحيلونك الى الطب الوقائي ثم الى الطب النفسي
هناك ايضا يجتمعون .. اطباء تباينت وجوههم وسحناتهم ..
اشقر ...
أسمر ...
أبيض ...
شيوخ ورجال .. شباب ونساء .. الكل يتحرك نحوك عبر الدهاليز البيضاء
وانت على الطاولة مستلق .. عيونك مغلقة على الستائر الحمراء ..
وعلى شفتيك بقايا ضجكة ممطوطة بلهاء ....