عرفنا التسوق فأين مهرجان الإنتاج؟ - جديد عبدالله المهيري

    • عرفنا التسوق فأين مهرجان الإنتاج؟ - جديد عبدالله المهيري

      للاستهلاك مواسم فأين هي مواسم الإنتاج؟ ستقول: "العام كله للإنتاج" وستكون على حق ومع ذلك يبقى السؤال، أين مواسم الإنتاج؟ لأننا نعلم جيداً أن يوماً في مؤسسة قد لا يكون منتجاً لكثير من الموظفين لأنه يضيع بين الصحف والشاي والاجتماعات والعمل المتكرر غير المنتج والبيروقراطية التي تأكل الإنتاجية بإجراءات لا منطق لها، ثم تحريك الأوراق وتوقيعها وكتابتها وكل هذه الأمور المكتبية لا أعتبرها إنتاجية خصوصاً في المكاتب التي تحوي من الموظفين أكثر من حاجتها الفعلية.

      تصور معي أحد هؤلاء الموظفين الذين يعملون في وظيفة مكتبية تقليدية، حاسوب وأوراق واجتماعات كل يوم، تصور معي هذا الموظف وقد فقد وظيفته لأن المؤسسة مثلاً اكتشفت أخيراً أن لديها فائضاً من الموظفين وكان هذا أحدهم وهو في الحقيقة لا يضيف شيئاً للمؤسسة، بمعنى آخر لدينا عاطل عن العمل يضاف لقائمة طويلة من العاطلين.

      هذا الشخص كيف يمكنه أن يكون منتجاً خارج دائرة الوظيفة؟ العمل في القطاع الخاص ليس إجابة هنا خصوصاً إن كان العمل يعني وظيفة لا تتطلب مهارة كبيرة، ما أشير له هو الإنتاج الفعلي، أن يصنع المرء خدمة أو منتجاً ويبيعه للآخرين ويقدم لهم قيمة وفائدة مقابل أموالهم، أي ممارسة التجارة والأعمال الحرة، للأسف هذا خيار لا يفكر به أناس ولا يريده البعض لأسباب مختلفة ومن بينها ارتفاع تكلفة إنشاء مؤسسة خاصة وكم مرة كتبت عن الأمر ولسنوات عديدة، أين الرخصة الرسمية للمؤسسات الفردية؟

      أعرف شخصاً من أبوظبي افتتح مكتباً له في عجمان لأن الإيجار أرخص هناك، ما الذي يجعلنا ندفع الناس لفعل ذلك؟ كثير من الأعمال الحرة يمكنها أن تبدأ رسمياً وبتكلفة قليلة بشرط أن نسمح للأفراد أن يبدأوا شركاتهم الخاصة الفردية في منازلهم، هذا أمر معروف ويمارسه أناس في دول مختلفة كاليابان وأمريكا وأوروبا ودول أخرى فلم لا تصل الفكرة إلينا؟

      فكر بالأمر، ذلك المصمم الذي يحب تصميم المنازل والغرف ويمارس عمله بشكل غير رسمي يمكنه أن يجعل عمله رسمياً ومنظماً أكثر من خلال افتتاح مكتب له في منزله، لا يحتاج لدفع إيجار ثقيل لكي يبدأ وهذا لوحده عامل سيشجع الناس على أن يبدأوا أعمالهم الخاصة، سواء كانوا يعملون في البرمجة أو التصميم أو الكتابة أو صنع الحلويات أو الأعمال اليدوية الصغيرة أو غير ذلك مما تعرفه أو لا تعرفه، كثير من الأشياء يمكن أن تبدأ ببساطة وبحجم صغير ومن المنزل.

      خذ على سبيل المثال شركة أبل، في الغالب لديك آيفون أو آيباد أو على الأقل تعرف الجهازين، هذه الشركة الكبيرة التي توظف آلاف الموظفين ولديها دخل بمليارات الدولارات ورأس مالها يفوق ميزانيات دول عديدة بدأت في بيت وبالتحديد في "كراج" سيارات أو مرآب سيارات وهي ليست الشركة الوحيدة التي بدأت بهذا الشكل، ديل بدأت بفرد واحد وفي غرفة واحدة، أتش بي (HP) بدأت بفردين وفي مرآب سيارات.

      مهرجان للإنتاج يدور حول هذه الأفكار ويشجع الناس على أن يبدأوا بالاعتماد على أنفسهم وبحجم صغير ومن منازلهم ويجمع بين المنتجين ليتبادلوا الخبرات ويتعلموا من بعضهم البعض، ويمكن للمهرجان أن يكون نقطة بداية لمن يريد أن يتعلم حرفة أو مهارة تكسبه رزقه، هذه هي الفكرة، لكن لكي تنجح لا بد من تحرك رسمي يجعل الشركات الفردية قانونية، ألغوا شرط استئجار مكان لكي لا يضطر الناس للذهاب إلى مدن أخرى لافتتاح مكاتبهم.

      أعرف أن هناك رخص رسمية في هذه الإمارة أو تلك، أن تخبرني بها لن يعالج مشكلة، ما أطلبه هو قانون يشمل كل الإمارات وللجنسين، أقول ذلك لأنني أعرف رخصة فردية مخصصة للنساء ولأعمال محدودة، لماذا؟ لنوسع الأمر وليشمل الجميع رجالاً ونساء.



      المصدر : مدونة عبدالله المهيري