فقه المرأة
“فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”
صدق الله العظيم
أختي المسلمة.. أدوارك عديدة ومتشعبة، وهذه الزاوية جاءت لتنير لك الطريق عندما تصعب عليك الرؤية.
لا تخلعي الحجاب
أنا فتاة متدينة وقد خُطبت لشاب يحضر كل يوم للجلوس معي في منزلنا بهدف التعرف والتفاهم قبل عقد القران وقد فوجئت به يطلب مني خلع الحجاب اثناء الجلوس معه فهل هذا من حقه؟
تقول لجنة الفتوى بالازهر: المرأة المخطوبة أجنبية عن خاطبها مادام عقد الزواج لم يتم فلا يحل لها أن تخلع الحجاب ليرى ما أمر الله بستره، كما يحرم عليه النظر إلى غير وجهها وكفيها، والادلة في ذلك معروفة، واذا كان الغرض من خلعها الحجاب أن يعرف عنها الشيء الكثير فليكن عن طريق والدته أو احدى قريباته أو سؤال من رآها.
هذا هو هدي الدين والانحراف عنه حرام، وربما لا تتم الخطبة ولا العقد فيكون التعليق المر، بل ربما يجر خلع الحجاب إلى ما لا تحمد عقباه، فتكون المأساة التي يصعب علاجها.
ونحذر الشباب من الجنسين أن يتورط في تجاوز حدود الشرع مادام لم يتم عقد الزواج بينهما، ولا يجوز للشاب أن يضغط عليها لتعطيه ما يريد، فذلك دليل على عدم أمانته وعدم الاطمئنان له وهو لا يحب ذلك لأخته مثلا إن كان مؤمنا، كما لا يجوز لها أن تطيعه وتعطيه ما يريد ليتمتع بالنظر إلى محاسنها أو ما هو اكبر من النظر واللمس. على أمل أنه سيتزوجها فربما يكون من الذئاب الذين يأنفون من الفريسة بعد أن يشبعوا منها، وتكون الصدمة عليها اشد منها عليه.
إن الشرع لمصلحة الطرفين معا ولمصلحة المجتمع كل فلنلتزمه ليكون بناء الاسرة على اساس متين.
لا تعصي زوجك
انا على خلاف دائم مع زوجي ولذلك ارفض كل ما يأمرني به فهل أنا آثمة بسبب ذلك؟
يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الازهر: أيتها السائلة الفاضلة لا تستنكفي من طلبات زوجك، لماذا تعتبرينها أوامر؟ إن للزوجة أن تجعل من زوجها أبا وأخا وكل شيء في حياتها، ولماذا تعتبرين طلباته منك أوامر؟ لماذا لا تعتبرينها كلاما عاديا؟ وأنت أيتها الاخت الفاضلة تعترفين بأن بينكما خلافات ومشكلات ولعل هذا الموقف منك بسبب وجود هذه الخلافات مما جعلك ترفضين طلباته ونصائحه والحياة الزوجية تقوم على المودة والرحمة ولا يعتبر كلام أحدهما للآخر أوامر بل هو لغة التخاطب.
وإذا كان الكلام من المحبوب أمرا، والإنسان يحب أن يأمره محبوبه، فإذا كانت بينكما المودة والرحمة والألفة فانك لا تعتبرين كلامه أوامر بل هي أوامر من محب فاستوعبي زوجك ووسعي صدرك وقلبك له لكي يدوم الود بينكما ويربط الله بينكما بالعشرة إن شاء الله.
زواج المسيار
بعض العلماء يبيحون زواج المسيار والبعض الآخر يعترضون أو يتحفظون فما رأيكم في هذا الزواج؟ وهل يجوز للزوجة أن تتنازل عن بعض حقوقها الشرعية؟
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر الاسبق واستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الازهر: الزواج في شريعة الإسلام من اقدس العلاقات الانسانية والبشرية والاجتماعية التي رعاها وحافظ عليها وامر باتخاذ كل السبل لتيسيره بين بني الانسان الذكر والانثى وحمايته بميثاق غليظ بين الحقوق والواجبات الزوجية والاسرية مباركا بكلمة الله تعالى ومأمورا به في كتابه الكريم بقوله سبحانه وتعالى “وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم” النور (32).
وقوله تعالى “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” الروم (21).
وقوله صلى الله عليه وسلم “النكاح سنتي ومن رغب عن سنتي فليس مني”.
وبالنكاح يتحقق الاستخلاف الشرعي الذي اراده الله للانسان في هذه الحياة في قوله تعالى: “إني جاعل في الأرض خليفة” وبهذا الاستخلاف تتم العبادة التي ارادها الله وامر بها في قوله تعالى: “وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين” سورة الذاريات (56 - 58).
والزواج الذي يحقق هذه الغاية النبيلة والكريمة هو الزواج المشروع الذي توفرت فيه اركانه وشروطه الشرعية التي أمر بها الله ورسوله في الكتاب والسنة واجمع عليها فقهاء الإسلام في كل العصور والأزمان لان هذه الأركان والشروط هي التي تفرق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حرمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة.
ونحن نرى أن زواج المسيار إن تحققت فيه هذه الشروط والأركان وهي الرضا الكامل من كلا الزوجين والصيغة التي تدل على التأييد والولي من قبل الزوجة والشاهدان اللذان تتوافر فيهما الاهلية الكاملة للشهادة والاشهار والاعلان بشتى الطرق فهو زواج صحيح بصرف النظر عن مسماه مادام أنه غير محدد بمدة.
ومن حق المرأة في الإسلام أن تتنازل عن حقوقها المقررة لها شرعا ومنها النفقة والمسكن والقسم في المبيت ليلا.
فلقد ورد في الصحيحين أن السيدة سودة وهبت يومها للسيدة عائشة، ولو كان هذا غير جائز شرعا لما اقره الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل شرط لا يؤثر في الغرض الجوهري والمقصود الأصلي لعقد النكاح فهو شرط صحيح ولا يخل بعقد الزواج ولا يبطله.
ونحن لا نقصد من كل هذا أن نحث الناس على مباشرة هذا النوع من الزواج، وانما نعمل جاهدين على بيان الحكم الشرعي الصحيح فيه بناء على دليله من الكتاب والسنة وما ثبت لدينا من فقه الائمة الاعلام اصحاب المذاهب الفقهية الإسلامية قديما وحديثا.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في أمور ديننا ودنيانا وينفعنا بما علمنا إنه على ما يشاء قدير وهو بالإجابة قدير. والله سبحانه وتعالى أعلم.
عضل الولي
تقدم شاب مناسب للزواج مني وفوجئت بوالدي يرفضه دون إبداء الأسباب رغم انه إنسان كفء بكل المقاييس.. فهل هذا من حق أبي شرعا؟
يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إذا تقدم رجل يطلب الزواج من المرأة ووافقت على الزواج، ولكن الولي منع الزواج مع تحقق الكفاءة في الرجل واستعداده لدفع مهر مثلها فليس من حقه المنع.
أما إذا دعت المرأة وليها إلى أن يزوجها من غير كفء لها، فإن لوليها الحق في الامتناع عن تزويجها لأن له حقا في الكفاءة، والمقصود بالكفاءة الا يكون الرجل اقل في مكانته وخلقه ومركزه الاجتماعي من المرأة.
ومنع المرأة من الزواج من الرجل الكفء الذي يدفع للمرأة مهر مثلها هو ما يطلق عليه “العضل”، هو ظلم من الولي للمرأة، فلا يجوز للولي أن يمنع المرأة من الزواج بمن ترضاه زوجا لها، مادامت الكفاءة محققة منه باتفاق أئمة المسلمين، وانما الإجبار ومنع المرأة من الزواج ممن ترضاه كان يحصل من أهل الجاهلية والظلم الذين يزوجون نساءهم غير مراعين لمصلحتهن وإنما لأغراض لهم في الزواج، فيعضلون المرأة عن الزواج بمن يكون كفئا لها، لوجود عداوة أو غرض لهم، وهذا عمل من أعمال الظلم والعدوان التي كان يمارسها الجاهليون، وقد حرمه الله ورسوله واتفق العلماء على تحريمه، فإن الله تعالى قد أوجب على أولياء النساء أن يراعوا مصلحتهن ولا يسيرون مع أهوائهم، كما هو المطلوب من كل ولي أو وكيل، فإن الذي يتصرف لغيره بناء على ولاية أو وكالة يجب عليه أن يقصد مصلحة ذلك لغيره ولا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله تعالى أن ترد إلى أهلها، فقال: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء: 58)، وهو النصيحة الواجبة على كل مسلم ومسلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة”.. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: “لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”.
تمييز محرم شرعا
والدنا يفضل شقيقنا علينا في كل شيء بدعوى أنه “ولد” ونحن بنات وهذا التصرف يسبب لنا ألما نفسيا ورغم تدخل أمنا إلا أنه يصر على موقفه فما موقف الشرع من سلوك الاب؟
يقول الشيخ عطية صقر الرئيس الاسبق للجنة الفتوى بالازهر: قال تعالى “لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور” الشورى “49” وقال “وإذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون” النحل (58 - 59).
الله سبحانه هو الذي خلق الذكر والأنثى بإرادته وحكمته، ولابد منهما لاستمرار التناسل وعمارة الكون فالواجب أن ينظر إليهما نظرة واحدة من هذه الزاوية، وان كان الله سبحانه جعل لكل منهما حقوقا تتناسب مع مهمته، ودرج الناس قديما على كراهتهم لإنجاب البنات، وكان العرب في الجاهلية يدفنونهن أحياء، واذا تركوهن يعشن عوملن معاملة سيئة، فأكرم الإسلام البنت، ضمن إكرامه للمرأة بوجه عام، وحرم وأدها، أو ظلمها في ما تستحقه، وكرد فعل لهذه المعاملة القاسية أوصى النبي صلى الله عليه وسلم- بشدة على حسن معاملتها في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: “من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار” وفي حديث مسلم “من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو” وضم أصابعه وفي حديث آخر: “من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ادخله الله الجنة” وفي حديث آخر “من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة” قيل: يا رسول الله فإن كانتا اثنتين؟ قال: “وإن كانتا اثنتين”. إلى غير ذلك من النصوص التي تحث على إكرام البنت.
ولذلك يسن عدم التفرقة بينها وبين الابن في التربية والمعاملة الحسنة، ومما يروى من الأحاديث المقبولة في فضائل الأعمال: “إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل، سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء على الرجال”.
_
مبيوق
“فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون”
صدق الله العظيم
أختي المسلمة.. أدوارك عديدة ومتشعبة، وهذه الزاوية جاءت لتنير لك الطريق عندما تصعب عليك الرؤية.
لا تخلعي الحجاب
أنا فتاة متدينة وقد خُطبت لشاب يحضر كل يوم للجلوس معي في منزلنا بهدف التعرف والتفاهم قبل عقد القران وقد فوجئت به يطلب مني خلع الحجاب اثناء الجلوس معه فهل هذا من حقه؟
تقول لجنة الفتوى بالازهر: المرأة المخطوبة أجنبية عن خاطبها مادام عقد الزواج لم يتم فلا يحل لها أن تخلع الحجاب ليرى ما أمر الله بستره، كما يحرم عليه النظر إلى غير وجهها وكفيها، والادلة في ذلك معروفة، واذا كان الغرض من خلعها الحجاب أن يعرف عنها الشيء الكثير فليكن عن طريق والدته أو احدى قريباته أو سؤال من رآها.
هذا هو هدي الدين والانحراف عنه حرام، وربما لا تتم الخطبة ولا العقد فيكون التعليق المر، بل ربما يجر خلع الحجاب إلى ما لا تحمد عقباه، فتكون المأساة التي يصعب علاجها.
ونحذر الشباب من الجنسين أن يتورط في تجاوز حدود الشرع مادام لم يتم عقد الزواج بينهما، ولا يجوز للشاب أن يضغط عليها لتعطيه ما يريد، فذلك دليل على عدم أمانته وعدم الاطمئنان له وهو لا يحب ذلك لأخته مثلا إن كان مؤمنا، كما لا يجوز لها أن تطيعه وتعطيه ما يريد ليتمتع بالنظر إلى محاسنها أو ما هو اكبر من النظر واللمس. على أمل أنه سيتزوجها فربما يكون من الذئاب الذين يأنفون من الفريسة بعد أن يشبعوا منها، وتكون الصدمة عليها اشد منها عليه.
إن الشرع لمصلحة الطرفين معا ولمصلحة المجتمع كل فلنلتزمه ليكون بناء الاسرة على اساس متين.
لا تعصي زوجك
انا على خلاف دائم مع زوجي ولذلك ارفض كل ما يأمرني به فهل أنا آثمة بسبب ذلك؟
يقول الدكتور صبري عبد الرؤوف استاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الازهر: أيتها السائلة الفاضلة لا تستنكفي من طلبات زوجك، لماذا تعتبرينها أوامر؟ إن للزوجة أن تجعل من زوجها أبا وأخا وكل شيء في حياتها، ولماذا تعتبرين طلباته منك أوامر؟ لماذا لا تعتبرينها كلاما عاديا؟ وأنت أيتها الاخت الفاضلة تعترفين بأن بينكما خلافات ومشكلات ولعل هذا الموقف منك بسبب وجود هذه الخلافات مما جعلك ترفضين طلباته ونصائحه والحياة الزوجية تقوم على المودة والرحمة ولا يعتبر كلام أحدهما للآخر أوامر بل هو لغة التخاطب.
وإذا كان الكلام من المحبوب أمرا، والإنسان يحب أن يأمره محبوبه، فإذا كانت بينكما المودة والرحمة والألفة فانك لا تعتبرين كلامه أوامر بل هي أوامر من محب فاستوعبي زوجك ووسعي صدرك وقلبك له لكي يدوم الود بينكما ويربط الله بينكما بالعشرة إن شاء الله.
زواج المسيار
بعض العلماء يبيحون زواج المسيار والبعض الآخر يعترضون أو يتحفظون فما رأيكم في هذا الزواج؟ وهل يجوز للزوجة أن تتنازل عن بعض حقوقها الشرعية؟
يقول الدكتور نصر فريد واصل مفتى مصر الاسبق واستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الازهر: الزواج في شريعة الإسلام من اقدس العلاقات الانسانية والبشرية والاجتماعية التي رعاها وحافظ عليها وامر باتخاذ كل السبل لتيسيره بين بني الانسان الذكر والانثى وحمايته بميثاق غليظ بين الحقوق والواجبات الزوجية والاسرية مباركا بكلمة الله تعالى ومأمورا به في كتابه الكريم بقوله سبحانه وتعالى “وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم” النور (32).
وقوله تعالى “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة” الروم (21).
وقوله صلى الله عليه وسلم “النكاح سنتي ومن رغب عن سنتي فليس مني”.
وبالنكاح يتحقق الاستخلاف الشرعي الذي اراده الله للانسان في هذه الحياة في قوله تعالى: “إني جاعل في الأرض خليفة” وبهذا الاستخلاف تتم العبادة التي ارادها الله وامر بها في قوله تعالى: “وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ما اريد منهم من رزق وما اريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين” سورة الذاريات (56 - 58).
والزواج الذي يحقق هذه الغاية النبيلة والكريمة هو الزواج المشروع الذي توفرت فيه اركانه وشروطه الشرعية التي أمر بها الله ورسوله في الكتاب والسنة واجمع عليها فقهاء الإسلام في كل العصور والأزمان لان هذه الأركان والشروط هي التي تفرق بين عقد النكاح المشروع وعقود النكاح التي حرمها الإسلام إلى أن تقوم الساعة.
ونحن نرى أن زواج المسيار إن تحققت فيه هذه الشروط والأركان وهي الرضا الكامل من كلا الزوجين والصيغة التي تدل على التأييد والولي من قبل الزوجة والشاهدان اللذان تتوافر فيهما الاهلية الكاملة للشهادة والاشهار والاعلان بشتى الطرق فهو زواج صحيح بصرف النظر عن مسماه مادام أنه غير محدد بمدة.
ومن حق المرأة في الإسلام أن تتنازل عن حقوقها المقررة لها شرعا ومنها النفقة والمسكن والقسم في المبيت ليلا.
فلقد ورد في الصحيحين أن السيدة سودة وهبت يومها للسيدة عائشة، ولو كان هذا غير جائز شرعا لما اقره الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل شرط لا يؤثر في الغرض الجوهري والمقصود الأصلي لعقد النكاح فهو شرط صحيح ولا يخل بعقد الزواج ولا يبطله.
ونحن لا نقصد من كل هذا أن نحث الناس على مباشرة هذا النوع من الزواج، وانما نعمل جاهدين على بيان الحكم الشرعي الصحيح فيه بناء على دليله من الكتاب والسنة وما ثبت لدينا من فقه الائمة الاعلام اصحاب المذاهب الفقهية الإسلامية قديما وحديثا.
ندعو الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا في أمور ديننا ودنيانا وينفعنا بما علمنا إنه على ما يشاء قدير وهو بالإجابة قدير. والله سبحانه وتعالى أعلم.
عضل الولي
تقدم شاب مناسب للزواج مني وفوجئت بوالدي يرفضه دون إبداء الأسباب رغم انه إنسان كفء بكل المقاييس.. فهل هذا من حق أبي شرعا؟
يقول الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية: إذا تقدم رجل يطلب الزواج من المرأة ووافقت على الزواج، ولكن الولي منع الزواج مع تحقق الكفاءة في الرجل واستعداده لدفع مهر مثلها فليس من حقه المنع.
أما إذا دعت المرأة وليها إلى أن يزوجها من غير كفء لها، فإن لوليها الحق في الامتناع عن تزويجها لأن له حقا في الكفاءة، والمقصود بالكفاءة الا يكون الرجل اقل في مكانته وخلقه ومركزه الاجتماعي من المرأة.
ومنع المرأة من الزواج من الرجل الكفء الذي يدفع للمرأة مهر مثلها هو ما يطلق عليه “العضل”، هو ظلم من الولي للمرأة، فلا يجوز للولي أن يمنع المرأة من الزواج بمن ترضاه زوجا لها، مادامت الكفاءة محققة منه باتفاق أئمة المسلمين، وانما الإجبار ومنع المرأة من الزواج ممن ترضاه كان يحصل من أهل الجاهلية والظلم الذين يزوجون نساءهم غير مراعين لمصلحتهن وإنما لأغراض لهم في الزواج، فيعضلون المرأة عن الزواج بمن يكون كفئا لها، لوجود عداوة أو غرض لهم، وهذا عمل من أعمال الظلم والعدوان التي كان يمارسها الجاهليون، وقد حرمه الله ورسوله واتفق العلماء على تحريمه، فإن الله تعالى قد أوجب على أولياء النساء أن يراعوا مصلحتهن ولا يسيرون مع أهوائهم، كما هو المطلوب من كل ولي أو وكيل، فإن الذي يتصرف لغيره بناء على ولاية أو وكالة يجب عليه أن يقصد مصلحة ذلك لغيره ولا يقصد هواه، فإن هذا من الأمانة التي أمر الله تعالى أن ترد إلى أهلها، فقال: “إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل” (النساء: 58)، وهو النصيحة الواجبة على كل مسلم ومسلمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة”.. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: “لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم”.
تمييز محرم شرعا
والدنا يفضل شقيقنا علينا في كل شيء بدعوى أنه “ولد” ونحن بنات وهذا التصرف يسبب لنا ألما نفسيا ورغم تدخل أمنا إلا أنه يصر على موقفه فما موقف الشرع من سلوك الاب؟
يقول الشيخ عطية صقر الرئيس الاسبق للجنة الفتوى بالازهر: قال تعالى “لله ملك السموات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور” الشورى “49” وقال “وإذا بشر احدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون” النحل (58 - 59).
الله سبحانه هو الذي خلق الذكر والأنثى بإرادته وحكمته، ولابد منهما لاستمرار التناسل وعمارة الكون فالواجب أن ينظر إليهما نظرة واحدة من هذه الزاوية، وان كان الله سبحانه جعل لكل منهما حقوقا تتناسب مع مهمته، ودرج الناس قديما على كراهتهم لإنجاب البنات، وكان العرب في الجاهلية يدفنونهن أحياء، واذا تركوهن يعشن عوملن معاملة سيئة، فأكرم الإسلام البنت، ضمن إكرامه للمرأة بوجه عام، وحرم وأدها، أو ظلمها في ما تستحقه، وكرد فعل لهذه المعاملة القاسية أوصى النبي صلى الله عليه وسلم- بشدة على حسن معاملتها في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم: “من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار” وفي حديث مسلم “من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو” وضم أصابعه وفي حديث آخر: “من كانت له أنثى فلم يئدها ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها ادخله الله الجنة” وفي حديث آخر “من كان له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة” قيل: يا رسول الله فإن كانتا اثنتين؟ قال: “وإن كانتا اثنتين”. إلى غير ذلك من النصوص التي تحث على إكرام البنت.
ولذلك يسن عدم التفرقة بينها وبين الابن في التربية والمعاملة الحسنة، ومما يروى من الأحاديث المقبولة في فضائل الأعمال: “إن الله يحب أن تعدلوا بين أولادكم حتى في القبل، سووا بين أولادكم في العطية فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء على الرجال”.
_
مبيوق