[frame='9 90']
إنها الرشوة الكاملة.
هذا ما قلته لنفسي وأنا أرى الطفل الصغير لا يأكل من يد أمه.
والأم تصر على أن الطفل لا يتناول غذائه جيداً لذلك يجب أن يأكل.
وينظر الطفل إلى الطعام ويشمئز منه.
وتتعجب الأم بدهشة تقترب بها من حافة الجنون: ((لماذا لا تأكل يا بني؟ إنه الطعام الذي قلت إنك تحبه!)).
ويجيب الطفل ببراءة: ((كنت أحب هذا الطعام أمس أما اليوم فأنا أكرهه)).
وتقول الأم: ((إن أكلت طعامك ستخرج إلى حديقة الحيوان)).
فيجيب الطفل: ((لا. لنذهب إلى حديقة الحيوان أولاً ثم آكل بعد ذلك)).
وبين الإلحاح والوعد والرفض والإصرار تدور مباراة حامية. وتنتهي بأن يأكل الطفل بعض الطعام ليبدأ هو رحلة إلحاح من نوع آخر. إنه التساؤل المختلط بصوت التوسل والتذكير: ((ألن نذهب إلى حديقة الحيوانات)).
إن الطفل يطالب بحقه من الرشوة. إنه قد أكل لا لأه جائع ولكن الأم وعدته بالذهاب إلى حديقة الحيوانات. ويستطيع الطفل بلون من المثابرة والمناورة والإصرار أن ينقل أقفاص حديقة الحيوان فوق رأس أمه وأبيه. إنه يسير ويحمل الوعد الذي لم يتحقق. لقد أكل لأن هناك وعداً. والوعد لم يتم تنفيذه. هنا تقول الأم للأب: ((يجب أن نأخذ الولد إلى حديقة الحيوانات)). ويقول الأب الذكي الذي يراقب موقف الطفل من أوله: ((هيا نلعب مع قطة الجيران)).
ويأتي الطفل ذو الثلاثة أعوام إلى القطة ويحاول أن يربت على شعرها فتنفر منه وتنكمش وكأنها ستهاجمه. فيربت عليها الأب أو يربت عليها ابن الجيران فتستكين، وتتحرك القطة بعيداً، فينظر الطفل إليها نظرته إلى كائن غريب، ويقول: ((صارت القطة صديقتي)). ومن بعد ذلك قد يأخذ الأب الطفل إلى منطقة تجري فيها حفريات للشوارع لأن هناك ما سورة مياه جديدة يتم تركيبها مثلاً. فيشاهد الطفل الجرافات والمحركات الكبيرة و ((يبحلق)) في هذه المعدات ثم ينتابه الملل فيطلب العودة إلى المنزل.
وفي المنزل يمكن للأب أن يفتح كتاباً لقصص الأطفال ويقرأ فيه للابن بصوت مرتفع وبتمثيل، وهنا يشعر الطفل بسعادة بالغة فينتهز هذه الفرصة ليبدأ بتنظيف أذنه بقلم رصاص، وينتبه الأب فيصرخ في الطفل، ويتمادى الطفل في الانزعاج فيبكي وينفجر بركان عدم الصبر في صدر الأب فيوسع ابنه ضرباً، ويقول: ((لقد كنت لك كالأراجوز أيها اللعين ... )) ويبكي الطفل وينام وتنتابه الكوابيس فيستيقظ صارخاً وتضرب الأم كفاً بكف وتحاول تهدئة الطفل، ويرى الأب نظرات الاتهام في عيون الأم، فيقول ليبعد عن نفسه نظرات الاتهام تلك: ((إنه ولد مدلل. إنك تفسدينه بالاستجابة لكل رغباته)). فتقول الأم: ((إنك أنت الذي تفسد الولد بالانتقال من الحنان المبالغ فيه إلى القسوة)). ويصمت الأب ويفتح الطفل عينيه ليجد أمه وأباه معه فيصمت وينام ويصمتان فينامان.
وفي مثل هذا الجو المضطرب يعلن الأب لنفسه: ((أنا لا أصلح أن أكون أباً ... كيف أربي ابناً وأنا بلا تجربة؟)). وقد تقول الأم لنفسها: ((أنا جلبت لنفسي وجع القلب. كان يكفي أن اصدق زوجي عندما قال لي بعد إنجاب ابننا الأكبر أن لا داعي لمزيد من الأبناء)). ورحلات الندم والقلق تنتقل بسرعة إلى أعماق الابن. إنه يشعر أنه كائن منزعج فيتمادى في الإزعاج ثم إنه يشعر أن الأب والأم قد ألقيا به في الحضانة وتركاه دون أي سبب.
إن هذا النمط من الآباء والأمهات قد ارتكب بتصرفه هذا عدة أخطاء منها:
ـ الخطأ الأول: هو إحساس الوالدين بعدم أهليتهما للقيام بمهمة الأب والأم. إن هذا الإحساس يجب أن نزيله من حياتنا فوراً، لأننا إذا كنا قد أنجبنا طفلاً وربيناه، فقد نكون اكتسبنا قليلاً من الخبرة في تربية الأبناء. وإذا كنا لم ننجب بعد فيحسن بنا أن نتذكر أن التربية لا تحتاج إلى نظريات وإنما تحتاج إلى إحساس. إن الإحساس هو الذي هدى الإنسان إلى أن له رباً قبل أن ينتبه الناس إلى أن الله قد أرسل الرسل. وعندما جاء الرسل صدقوا وآمنوا ومن بعد ذلك جاءتهم الغفلة، فقادهم الإحساس إلى ضرورة الإيمان حتى لا يعم الفساد الكون. وتوالى الموكب الرسالي حتى ختم الأنبياء. إذن فالهداية إلى أن للعالم خالقاً كانت موجودة. وهذه الهداية وحدها كانت كفيلة بأن تجعل البشرية تصدق الرسل. فما بالنا بتربية الأطفال؟ إنها ليست أمراً عسيراً، فهي تحتاج منا إلى إعلان هذا القدر من العجز.
ـ الخطأ الثاني: هو ربط الطعام بجائزة ما. يجب أن تعرف أن إعلانات التليفزيون والصحف ومجلات الحلوى تقتنص من دخل الآباء الكثير. وما دام الطفل يلهو بفمه المشغول بالحلوى ويصمت عنا، فنحن نعتبر أن ذلك هو المطلوب. ثم يأتي موعد الطعام ليجد الطفل نفسه غير قابل لتناول الطعام. إن علينا أن نراعي عدم تقديم أية حلوى للطفل نظراً لضررها على أسنانه. وعلينا كذلك أن نراعي عدم تقديم أية ألوان من الأطعمة المحفوظة داخل أكياس أو زجاجات المياه الغازية، لاشتمالها على مواد حافظة لها وعلى ألوان الصباغة، إذ قد ثبت علمياً ضرر هذه المواد الملونة وتلك المواد الحافظة على صحة الإنسان.
ـ الخطأ الثالث: هو الذهاب بالطفل في نزهات لا يرغب فيها الأب أو الأم. إنها ألوان من التنزه التي تشبه العقاب للكبار، إنها محاولات من الكبار للحصول على صمت الصغار لا محاولات للتفاعل مع الأطفال. وكذلك يمكن أن ينفجر عدم الصبر كقنابل موقوتة في صدور الأمهات والآباء ... وهذا أمر مرفوض ... إن علينا أن نخصص أوقاتاً للترفيه مع الأبناء. صحيح أن لنا أعمالنا وصحيح أن لنا مشاغلنا، ولكن من الصحيح أيضاً أننا نشعر بالأسى عندما نسمع عن انحراف شاب في السادسة عشرة من العمر أو إدمانه للمخدرات أو خروجه عما يعتبره المجتمع أساسياً. ومهما كانت مشاغلنا فلابد من أن نخلق لأنفسنا متعة التواجد مع الأبناء وأن نعرف أننا نتعلم منهم وأنهم يتعلمون منا. إن في داخل كل طفل قدراً هائلاً من الحكمة نحتاجه نحن الكبار كما أن في داخل كل منا طفلاً يرغب في الانطلاق للعب مع الصغار. إن التنزه مع الأطفال ليس عقاباً نوقعه بنفسنا ولكنه حق طبيعي لنا ولأطفالنا.
ـ الخطأ الرابع: يجب أن نذهب بالطفل إلى الحضانة منذ العام الثالث، لأن بقاء الطفل مع أمه قد يكون مرهقاً لها جداً. ثم إن الأم قد تترك الابن مع الخادمة وليس مع المربية. فليست لكل الأسر تلك الإمكانات لتعيين مربية متعلمة حاصلة على قدر من التدريب العلمي الكافي للتعامل مع الطفل. ولذلك فذهاب الطفل إلى الحضانة أمر مرغوب فيه شرط أن يكون الذهاب إلى الحضانة بالتدريج، بمعنى أن تقضي الأم مع الطفل ساعة من اليوم الأول ثم تغيب عنه ساعة وتعود لتجلس معه ربع ساعة أخرى ثم تنصرف. وفي اليوم التالي تجلس معه نصف ساعة ثم تتركه لمدة ساعة وتعود لتجلس معه بضعة دقائق ثم تأخذه وتنصرف. ويستمر هذا الحال لمدة أسبوع ثم تتركه ليذهب مع والده في الصباح إلى الحضانة. إنه بذلك يتعلم الانغماس في مجتمع جديد.
ـ الخطأ الخامس: هو تبادل الاتهامات بين الأب والأم حول أسلوب تربية الابن. إن هذا الجو المحموم بالإحساس بالعجز يجعل الزواج نفسه محل اهتزاز وعدم ثبات. ورغم أن الزوج أحب الزوجة قبل الزواج ورغم أن الاثنين تعاهداً كثيراً على الحب والإخلاص، فها هي لحظة عملية يحتاج فيها الإثنان إلى تدعيم الحب والإخلاص. وتدعيم هذا الحب لا يأتي بالبحث عن متهم، ولكن بأن نعلم أن كلاً منا مسؤول عن تربية الابن شرط أن نناقش معاً الصواب الذي نعتقده والخطأ الذي نظنه وأن نعرض الأمر على الطبيب المعاون لنا في تربية الطفل. إن الاتفاق بين الكبار على أسلوب واحد للتعامل مع الطفل يجعل الطفل يتعلم أن الأب والأم يرتبطان معاً برابطة الحب له ورابطة الحب بينهما وهذا ما يدفعه إلى الاطمئنان العاطفي اللازم له حتى ينضج نفسياً.
أخي، أقول إنه ليس من المطلوب أن تصحب معك ابنك في رحلة للترفيه عنه وتحس خلالها بالنكد والضيق لتصرخ آخر النهار في الطفل ولتعاقبه. إنك بذلك تزرع في نفسه قدراً من التوتر أنت في غير حاجة إليه. والطفل نفسه في غنى عن التوتر أو التعب في نهار طويل وممل. إنه يحتاج إلى نظرة حنان منكب بعد فسحة قصيرة تشعر بعدها أنك سعيد لمجرد التواجد معه .
منقول
[/frame]
إنها الرشوة الكاملة.
هذا ما قلته لنفسي وأنا أرى الطفل الصغير لا يأكل من يد أمه.
والأم تصر على أن الطفل لا يتناول غذائه جيداً لذلك يجب أن يأكل.
وينظر الطفل إلى الطعام ويشمئز منه.
وتتعجب الأم بدهشة تقترب بها من حافة الجنون: ((لماذا لا تأكل يا بني؟ إنه الطعام الذي قلت إنك تحبه!)).
ويجيب الطفل ببراءة: ((كنت أحب هذا الطعام أمس أما اليوم فأنا أكرهه)).
وتقول الأم: ((إن أكلت طعامك ستخرج إلى حديقة الحيوان)).
فيجيب الطفل: ((لا. لنذهب إلى حديقة الحيوان أولاً ثم آكل بعد ذلك)).
وبين الإلحاح والوعد والرفض والإصرار تدور مباراة حامية. وتنتهي بأن يأكل الطفل بعض الطعام ليبدأ هو رحلة إلحاح من نوع آخر. إنه التساؤل المختلط بصوت التوسل والتذكير: ((ألن نذهب إلى حديقة الحيوانات)).
إن الطفل يطالب بحقه من الرشوة. إنه قد أكل لا لأه جائع ولكن الأم وعدته بالذهاب إلى حديقة الحيوانات. ويستطيع الطفل بلون من المثابرة والمناورة والإصرار أن ينقل أقفاص حديقة الحيوان فوق رأس أمه وأبيه. إنه يسير ويحمل الوعد الذي لم يتحقق. لقد أكل لأن هناك وعداً. والوعد لم يتم تنفيذه. هنا تقول الأم للأب: ((يجب أن نأخذ الولد إلى حديقة الحيوانات)). ويقول الأب الذكي الذي يراقب موقف الطفل من أوله: ((هيا نلعب مع قطة الجيران)).
ويأتي الطفل ذو الثلاثة أعوام إلى القطة ويحاول أن يربت على شعرها فتنفر منه وتنكمش وكأنها ستهاجمه. فيربت عليها الأب أو يربت عليها ابن الجيران فتستكين، وتتحرك القطة بعيداً، فينظر الطفل إليها نظرته إلى كائن غريب، ويقول: ((صارت القطة صديقتي)). ومن بعد ذلك قد يأخذ الأب الطفل إلى منطقة تجري فيها حفريات للشوارع لأن هناك ما سورة مياه جديدة يتم تركيبها مثلاً. فيشاهد الطفل الجرافات والمحركات الكبيرة و ((يبحلق)) في هذه المعدات ثم ينتابه الملل فيطلب العودة إلى المنزل.
وفي المنزل يمكن للأب أن يفتح كتاباً لقصص الأطفال ويقرأ فيه للابن بصوت مرتفع وبتمثيل، وهنا يشعر الطفل بسعادة بالغة فينتهز هذه الفرصة ليبدأ بتنظيف أذنه بقلم رصاص، وينتبه الأب فيصرخ في الطفل، ويتمادى الطفل في الانزعاج فيبكي وينفجر بركان عدم الصبر في صدر الأب فيوسع ابنه ضرباً، ويقول: ((لقد كنت لك كالأراجوز أيها اللعين ... )) ويبكي الطفل وينام وتنتابه الكوابيس فيستيقظ صارخاً وتضرب الأم كفاً بكف وتحاول تهدئة الطفل، ويرى الأب نظرات الاتهام في عيون الأم، فيقول ليبعد عن نفسه نظرات الاتهام تلك: ((إنه ولد مدلل. إنك تفسدينه بالاستجابة لكل رغباته)). فتقول الأم: ((إنك أنت الذي تفسد الولد بالانتقال من الحنان المبالغ فيه إلى القسوة)). ويصمت الأب ويفتح الطفل عينيه ليجد أمه وأباه معه فيصمت وينام ويصمتان فينامان.
وفي مثل هذا الجو المضطرب يعلن الأب لنفسه: ((أنا لا أصلح أن أكون أباً ... كيف أربي ابناً وأنا بلا تجربة؟)). وقد تقول الأم لنفسها: ((أنا جلبت لنفسي وجع القلب. كان يكفي أن اصدق زوجي عندما قال لي بعد إنجاب ابننا الأكبر أن لا داعي لمزيد من الأبناء)). ورحلات الندم والقلق تنتقل بسرعة إلى أعماق الابن. إنه يشعر أنه كائن منزعج فيتمادى في الإزعاج ثم إنه يشعر أن الأب والأم قد ألقيا به في الحضانة وتركاه دون أي سبب.
إن هذا النمط من الآباء والأمهات قد ارتكب بتصرفه هذا عدة أخطاء منها:
ـ الخطأ الأول: هو إحساس الوالدين بعدم أهليتهما للقيام بمهمة الأب والأم. إن هذا الإحساس يجب أن نزيله من حياتنا فوراً، لأننا إذا كنا قد أنجبنا طفلاً وربيناه، فقد نكون اكتسبنا قليلاً من الخبرة في تربية الأبناء. وإذا كنا لم ننجب بعد فيحسن بنا أن نتذكر أن التربية لا تحتاج إلى نظريات وإنما تحتاج إلى إحساس. إن الإحساس هو الذي هدى الإنسان إلى أن له رباً قبل أن ينتبه الناس إلى أن الله قد أرسل الرسل. وعندما جاء الرسل صدقوا وآمنوا ومن بعد ذلك جاءتهم الغفلة، فقادهم الإحساس إلى ضرورة الإيمان حتى لا يعم الفساد الكون. وتوالى الموكب الرسالي حتى ختم الأنبياء. إذن فالهداية إلى أن للعالم خالقاً كانت موجودة. وهذه الهداية وحدها كانت كفيلة بأن تجعل البشرية تصدق الرسل. فما بالنا بتربية الأطفال؟ إنها ليست أمراً عسيراً، فهي تحتاج منا إلى إعلان هذا القدر من العجز.
ـ الخطأ الثاني: هو ربط الطعام بجائزة ما. يجب أن تعرف أن إعلانات التليفزيون والصحف ومجلات الحلوى تقتنص من دخل الآباء الكثير. وما دام الطفل يلهو بفمه المشغول بالحلوى ويصمت عنا، فنحن نعتبر أن ذلك هو المطلوب. ثم يأتي موعد الطعام ليجد الطفل نفسه غير قابل لتناول الطعام. إن علينا أن نراعي عدم تقديم أية حلوى للطفل نظراً لضررها على أسنانه. وعلينا كذلك أن نراعي عدم تقديم أية ألوان من الأطعمة المحفوظة داخل أكياس أو زجاجات المياه الغازية، لاشتمالها على مواد حافظة لها وعلى ألوان الصباغة، إذ قد ثبت علمياً ضرر هذه المواد الملونة وتلك المواد الحافظة على صحة الإنسان.
ـ الخطأ الثالث: هو الذهاب بالطفل في نزهات لا يرغب فيها الأب أو الأم. إنها ألوان من التنزه التي تشبه العقاب للكبار، إنها محاولات من الكبار للحصول على صمت الصغار لا محاولات للتفاعل مع الأطفال. وكذلك يمكن أن ينفجر عدم الصبر كقنابل موقوتة في صدور الأمهات والآباء ... وهذا أمر مرفوض ... إن علينا أن نخصص أوقاتاً للترفيه مع الأبناء. صحيح أن لنا أعمالنا وصحيح أن لنا مشاغلنا، ولكن من الصحيح أيضاً أننا نشعر بالأسى عندما نسمع عن انحراف شاب في السادسة عشرة من العمر أو إدمانه للمخدرات أو خروجه عما يعتبره المجتمع أساسياً. ومهما كانت مشاغلنا فلابد من أن نخلق لأنفسنا متعة التواجد مع الأبناء وأن نعرف أننا نتعلم منهم وأنهم يتعلمون منا. إن في داخل كل طفل قدراً هائلاً من الحكمة نحتاجه نحن الكبار كما أن في داخل كل منا طفلاً يرغب في الانطلاق للعب مع الصغار. إن التنزه مع الأطفال ليس عقاباً نوقعه بنفسنا ولكنه حق طبيعي لنا ولأطفالنا.
ـ الخطأ الرابع: يجب أن نذهب بالطفل إلى الحضانة منذ العام الثالث، لأن بقاء الطفل مع أمه قد يكون مرهقاً لها جداً. ثم إن الأم قد تترك الابن مع الخادمة وليس مع المربية. فليست لكل الأسر تلك الإمكانات لتعيين مربية متعلمة حاصلة على قدر من التدريب العلمي الكافي للتعامل مع الطفل. ولذلك فذهاب الطفل إلى الحضانة أمر مرغوب فيه شرط أن يكون الذهاب إلى الحضانة بالتدريج، بمعنى أن تقضي الأم مع الطفل ساعة من اليوم الأول ثم تغيب عنه ساعة وتعود لتجلس معه ربع ساعة أخرى ثم تنصرف. وفي اليوم التالي تجلس معه نصف ساعة ثم تتركه لمدة ساعة وتعود لتجلس معه بضعة دقائق ثم تأخذه وتنصرف. ويستمر هذا الحال لمدة أسبوع ثم تتركه ليذهب مع والده في الصباح إلى الحضانة. إنه بذلك يتعلم الانغماس في مجتمع جديد.
ـ الخطأ الخامس: هو تبادل الاتهامات بين الأب والأم حول أسلوب تربية الابن. إن هذا الجو المحموم بالإحساس بالعجز يجعل الزواج نفسه محل اهتزاز وعدم ثبات. ورغم أن الزوج أحب الزوجة قبل الزواج ورغم أن الاثنين تعاهداً كثيراً على الحب والإخلاص، فها هي لحظة عملية يحتاج فيها الإثنان إلى تدعيم الحب والإخلاص. وتدعيم هذا الحب لا يأتي بالبحث عن متهم، ولكن بأن نعلم أن كلاً منا مسؤول عن تربية الابن شرط أن نناقش معاً الصواب الذي نعتقده والخطأ الذي نظنه وأن نعرض الأمر على الطبيب المعاون لنا في تربية الطفل. إن الاتفاق بين الكبار على أسلوب واحد للتعامل مع الطفل يجعل الطفل يتعلم أن الأب والأم يرتبطان معاً برابطة الحب له ورابطة الحب بينهما وهذا ما يدفعه إلى الاطمئنان العاطفي اللازم له حتى ينضج نفسياً.
أخي، أقول إنه ليس من المطلوب أن تصحب معك ابنك في رحلة للترفيه عنه وتحس خلالها بالنكد والضيق لتصرخ آخر النهار في الطفل ولتعاقبه. إنك بذلك تزرع في نفسه قدراً من التوتر أنت في غير حاجة إليه. والطفل نفسه في غنى عن التوتر أو التعب في نهار طويل وممل. إنه يحتاج إلى نظرة حنان منكب بعد فسحة قصيرة تشعر بعدها أنك سعيد لمجرد التواجد معه .
منقول
[/frame]