أحيانا كثيرة يصادف المرء مسؤولا يتجنب المشاركة في أية برامج تدريبية خشية أن يظهر بمظهر غير العارف أمام زملائه، مضيعا على نفسه فرصا عظيمة لاكتساب المعرفة والمهارات ، وسيتجنب البعض هذه البرامج بالذات إذا كانت من مستويات وظيفية مختلفة تجنبا لوجوده هو وموظف بدائرته في البرنامج نفسه، وخشية أن يظهر الموظف بمظهر العارف أمام الحضور مسببا الإحراج للمسؤول الذي قد لا يملك الجرأة للنقاش والتعبير عن رأيه فيفضل الانزواء جانبا، المشكلة التي لا يعرفها المسكين أنه الوحيد الذي يعتقد بأن لا أحد يعرف عن مشكلته ، في حين أن ضعفه و جهله في كثير من الأمور هي موضوع جلسات الموظفين، و متداولة في أروقة المكاتب ، لكن البعض يستمر في تمثيل هذا الدور الذي هو الوحيد الذي يصدقه ، جميع من في المؤسسة يدرك أنه تخلف عن الاجتماعات لأن الدعوة ارسلت عن طريق البريد الالكتروني، الذي لا يجيد استخدامه، ولا يملك الجرأة لأن يطلب من زميل مساعدته في التعرف على اسراره، سيحمل المؤسسة الكثير من الغرامات لأنه لم يكن يدرك بان النظام يرسل له تذكيرا بمواعيد انتهاء العقود، سيجلس في آخر قاعة الاجتماعات وفي الصف الأخير للمؤتمرات حتى لا يلحظه أحد ويطلب منه التعليق على موضوع ، وسيمضي صديقنا هذا حياته المهنية هاربا من مواجهة فشله، الذي هو في الغالب ليس فشلا بالمعنى الحقيقي وإنما مهارة لا يتطلب تعلمها سوى سويعات قليلة من التمرس و التجربة، لكن الخطأ عند البعض مؤلم و سيعمل المستحيل على تجنب الدخول في تجربة قد يتعرض فيها إلى الفشل ، وسيفضل أن يبقى في الظل ما تبقى له من عمر عوضا عن المواجهة ، و سيذهب البعض بفشله إلى أبعد من ذلك و سيلقي باللوم على الرئيس المباشر الذي يتجاهل كفاءته العالية و تأهيله العالي، و سيتصيد الفرص لمهاجمة زملائه ممن تعينوا بعده بسنوات وهاهم يصعدون السلم الوظيفي بأسرع من البرق بينما يبقى هو مكانك سر، ليس لسبب سوى أن المسؤول الأعلى يحابيهم من وجهة نظره ، و الحقيقية أننا أحيانا ندفن ذواتنا في حفرة عميقة من الفشل و الاحباطات نظرا لأننا لا نملك الشجاعة بان نواجه ذواتنا بالحقيقية ، التي يكون فيها احيانا خلاصنا من براثن الفشل و يتقاعد البعض منا بعد عشرين سنة أو اكثر من الخدمة وهو ما زال موظفا أو سائقا، حتى ليتساءل المرء كيف مرت عليه هذه العقود وهو لم يتحرك قيد أنملة ، إلقاء اللوم على الاخرين في كل ما يحدث لنا هو سبب هلاكنا في كثير من الأحيان ، ذلك اننا نفشل في اخذ مسؤولية حياتنا، نعجز عن مصارحة ذواتنا، ليس مطلوبا منا أن نعلن ذلك للملأ لكن كل المطلوب أحيانا ان يقف المرء أمام المرآة ويصارح ذاته بما فيها من عيوب ، و يتخذ قرارا آنيا في معالجتها كما في المثل العماني الدارج: (ألم يوم ولا وجع دوم) قد توجعك الخطوة الصغيرة التي ستتخذها متمردا على واقعك، قد يزعجك الشعور بالاحراج وانت تطلب من منسق مكتبك أن يعلمك بعض ابجديات التعامل مع البريد الالكتروني، لكن ثق بأن ذلك سيرفع قدرتك في عينه ولن ينزله، لأنك تصغر في عينه كثيرا كل يوم وهو يراك امامه عاجزا عن الرد على رسائل بريدك الالكتروني، كما أن ذكر عجزك شئت ام ابيت هو حديث الأروقة كل يوم بين الموظفين، موظفوك يعلمون عنك مالا تعلم أنت عن نفسك احيانا خاصة إذا طالت العشرة ، لكن في أغلب الأحيان يرى الاخرون فيك صورة اكبر و اعظم بكثير مما تراها انت، عيوبك الصغيرة التي تضخمها لنفسك وتختفي خلفها، لا تشكل بالنسبة للمحيطين بك أهمية على الاطلاق، نصيحتي لك أن تتجاوزها، فمن الظلم في حق نفسك ومن تحب ان تدمر مستقبلك المهني وتحرم نفسك من نجاح أنت تعرف أنك تستحقه لكونك لا تستطيع ان تواجه بعض العيوب التي تكاد لاتذكر في شخصيتك، ليس عيبا أن لا نعرف، لم يولد المرء وهو يعرف كل شيء، ولايوجد على وجه الأرض من يمكن أن يقول بأنه أحاط بكل شيء علما والعياذ بالله، لكن الحياة تجارب و دروس نتعلمها كل يوم، وكل يوم يأتي بالجديد، حتى ان كنت قد حصلت على شهادة جامعية منذ عشر سنوات في المحاسبة، لا يغنيك ذلك عن التعلم، لأن مهنة المحاسبة مرت بتغييرات جذرية منذ انهيار انرون، و كذلك الأمر بالنسبة لتقنية المعلومات و الادارة و خاصة إدارة الموارد البشرية و الادارة المالية، انها شأن جميع العلوم و المجالات التي أحدثت فيها التقنيات الحديثة ثورة معلوماتية لم يشهدها التاريخ من قبل، لذا اصبح لزاما علينا ايا كانت مستوياتنا ان نواكب هذا التغيير و هذا التطور بالتدريب و التأهيل و الاطلاع الدائم خاصة في جال العمل
المصدر : مدونة ابداعات قلم