سارة وايت.. "ملكة القلوب" ترحل في صمت وتبقى سيرتها نابضة بالحياة

    • سارة وايت.. "ملكة القلوب" ترحل في صمت وتبقى سيرتها نابضة بالحياة

      غيَّب الموت، الأسبوع الماضي، الفنانة البريطانية المقيمة في عُمان، سارة وايت مستشارة الفنون ومدير عام متحف بيت الزبير، والتي عملت به منذ إنشائه قبل أكثر من عشر سنوات.. عرفت سارة وايت بلوحاتها المعبِّرة عن التراث العُماني؛ ومنها: أبواب القلاع، خاصة قلعة جبرين، التي كانت حاضرة وبقوة في العديد من لوحاتها. ويمكن مشاهدة لوحاتها في الكثير من الأماكن والمؤسسات؛ ومنها: ردهات فندق شانجريلا.. أقامت سارة وايت العديد من المعارض الخاصة بها، وشاركت في العديد من المعارض المشتركة مع فنانين عُمانيين، وامتدت رحلة العشق بينها وبين عُمان لأكثر من 25 عامًا؛ عاشت خلالها متيَّمة بالحضارة العُمانية ومفردات ثقافتها. وساهمت بالعديد من المقالات والدراسات عن الثقافة العُمانية المنشورة باللغة الإنجليزية، خاصة حول الفضيات العُمانية.-
      الرؤية - مدرين المكتومية-
      وفي السنوات الأخيرة، كرَّست الكثير من وقتها للرسم؛ حيث عملت على التصعيد الشعري للبيوت الطينية والقرى المهجورة في داخلية عُمان كأدم وبركة الموز؛ لتتضاد ألوان الهجير والغياب بألوان مليئة بالحيوية والحياة؛ مثل: اللون الأحمر، والبنفسجي، والطيني. وطوال فترة عملها بمتحف بيت الزبير، كانت شعلة من النشاط والحيوية؛ حيث إنها من المؤسسين للمتحف، وأشرفت على الفكرة منذ أن كانت حلمًا وتابعت الإشراف على المتحف حتى أيامها الأخيرة. ولها إسهاماتها البارزة في العديد من الفعاليات، وورش العمل، وكانت حريصة على حضور الكثير من عروض دار الأوبرا السلطانية التي كانت تقول عنها إنّها فخر لعُمان. عانت سارة وايت طويلا مع المرض، ولم يتوقع أصدقاؤها ومحبوها أنّ دخولها لمستشفى مسقط قبل شهر سيكون الوداع الأخير لها.. سلامٌ على روحك الطاهرة.
      بكل أسى وحزن، تحدَّث الفنان التشكيلي أنور سونيا؛ قائلا: سارة وايت لم تكن مجرد زميلة أو شخصية بعيدة عن حدودنا، بل كانت دائما تقترب منا كأشخاص، كأخت وأكثر تعايشنا معنا وشاركنا معا في العديد من المحافل، رحيلها لم يكن سهلًا أبدًا؛ لأنها كانت جزءًا من عُمان فقد عبرت عن تاريخ عُمان كثيرًا من خلال مشاركاتها المختلفة، لكن هذه هي حال الدنيا؛ كل شخص يؤدي واجبه ويذهب لعالم آخر، قامت بالعديد من المناشط المختلفة، وشجَّعت الفنانين التشكيليين كثيرًا، كانت معنا حاضرة؛ لذلك رحيلها ليس سهلًا علينا، ولا على الساحة الفنية بالسلطنة. وما علينا القيام به أن نُكمل مسيرتها الفنية، وأن نهتم بكل ما قدمته للساحة العُمانية التشكيلية، نشعر بالحزن الشديد في دواخلنا على رحيلها؛ لأنها لم تكن شخصية عادية فقد كانت قريبة من الجميع وشخصيتها مرحة جدًّا، والتعامل معها يعني الإنجاز وتخطي صعاب المواجهات، كانت دافعًا للجميع للعمل بروح الفريق، التمسنا منها كل الحب والتقدير وكانت دائمًا بالقرب ممن يحتاج إليها، لكنها عانت من المرض حتى توفاها الله، وانتقلت روحها للسماء لترتاح من معاناتها المرضية.
      شريك حقيقي-
      ومن جهتها، قالت مريم الزدجالية مديرة جمعية الفنون التشكيلية: سارة وايت تلك الشخصية التي تعرفتُ عليها في بداية التسعينيات، ولكنها كانت في عُمان قبل ذلك بكثير، عملت في متحف بيت الزبير، وكانت صديقة لكل الفنانين العُمانين، وقد كنا -أنا وهي- نتبادل الآراء في كل شيء حتى مفردات حياتنا الخاصة كنا نتشاركها، فهي لم تكن ضيفاً عابرًا بالنسبة لنا، بل كانت تعني الاستقرار والعطاء، وقد خدمت الحركة التشكيلية لفترة طويلة جدًّا، وقدمت الكثير من المشاريع الكبيرة والمتنوعة التي عادت بالنفع على الفنانين العُمانيين؛ وأهمها: مشروع "بر الجصة"، والذي تم التنسيق فيه مع الفنانين لعرض لوحاتهم، وقد كانت داعمة لهم بشكل كبير من خلال اقتناء لوحاتهم وأعمالهم بمبالغ كبيرة.
      ما أود قوله بالفعل أنها كانت أكثر من صديقة، ومن أخت نعمل كفريق واحد حتى قبل إدارتي للجمعية، والتي عملت بها في العام 1993؛ حيث قمنا بعمل مجموعة من المعارض المختلفة في الجمعية وبمركز البهجة، ودائمًا ما كنا نحضر لمعارض جماعية نشترك فيها أنا وسارة وايت ورادكا هيملايا وطاهرة فدى، وهي من أهم أعمدة الفن التشكيلي العُماني، ولا تتذمر من أي عمل يقدم إليها، وساهمت في تأسيس متحف بيت الزبير وقدَّمت الكثير وهو ما يحسب لها، ويُعد بصمة كبيرة في مسيرتها الفنية بالسلطنة.. ومهما ذكرت محاسنها وما قدمته لنا، فلا يمكنني أن أوفيها حقها؛ لأنها كانت حاضرة رغم كل التحديات التي واجهتنا، كنا نجتمع في الشهر مرة أو مرتين في أحد المطاعم لنتبادل الأحاديث حول المشاريع التي نسعى لتقديمها، وقد أحبها الفنانون حتى الذين تعرفوا عليها لفترة قصيرة؛ لأن المشاعر الصادقة تترجم على وجهها.
      وأضافت: فقدنا إنسانة تستحق منا أن نطلق عليها "ملكة القلوب"، ونود أن نجمع جميع أعمالها في معرض بالتعاون مع بيت الزبير كردِّ فعل بسيط، يُقدم لروحها، وتأليف كتاب عن سيرتها الذاتية وحياتها خاصة، وما زالت هناك الكثير من التصورات والمشاريع التي تحملها الأوراق المكتوبة؛ فهي صادقة وتعطي دون مقابل وتضحي بوقتها لأجل الآخرين، ولأجل أعمالها الفنية، وساهمت في العديد من الورش وحلقات العمل لتشجيع الفنانين.. وقد فازت بجائزة الفنانين الوافدين ضمن المعرض السنوي.
      وتابعت قائلة: سارة وايت.. بصمة رائعة يذكرها الصغير قبل الكبير، والمبتدئ قبل المحترف.. فمعظم الفنانين حققوا نجاحاتهم بمساعدتها ووقفتها الدائمة بقربهم، وهي من سعت إلى الترويج للعديد من الفنانين؛ سواء بإقامة معارض لهم أو نشرات أو طباعة بطاقات دعوات لهم، ومهما قلت فلا يمكنني اختصار شعوري في كلمات، ولكن كنت أتمنى لو جلست معها بالمستشفى لفترة أطول لأنني لم أكن أعلم أن القدر سيأخذها منا.
      [ATTACH=CONFIG]119505[/ATTACH]
      الصور
      • sarah03.jpg

        61.64 kB, 640×480, تمت مشاهدة الصورة 594 مرة
    • جميل منكم هذا الوفاء لها ....

      الله يرحمها ....


      عمان ..... لا يملك من يعيش فيها سوى أن يحبها ويعشقها وينجذب لكل زواياها المتنوعة ....
      سبحان الله وبحمد