ما هو المستشفى، ما هي السيارة وما هو التعليم؟ - جديد عبدالله المهيري

    • ما هو المستشفى، ما هي السيارة وما هو التعليم؟ - جديد عبدالله المهيري

      جرب هذه التمرين، من المفيد أحياناً أن تتذكر أساس الأشياء، بمعنى أن تحذف كل شيء من فكرة ما وتبقي الأساس فقط الذي بدونه ستفقد الفكرة معناها، الأمر يحتاج لممارسة عملية وأمثلة لكي تفهم ما أعنيه، فائدة مثل هذا التمرين ستجدها عندما تريد أن تفكر في قضية أو شيء ما، الناس ينسون أحياناً الهدف من الأشياء، في كل المجتمعات الحديثة هناك قوانين وقواعد تتراكم بمرور الأيام وينسى الناس لم وضعت هذه القوانين وما الهدف منها، وكذلك الأشياء البسيطة تزداد تعقيداً بمرور الأيام وينسى الناس أساس هذه الأشياء، أعني أشياء مثل الرعاية الصحية أو التعليم، ما الهدف منها؟ ما هو أساسها؟ حذف التفاصيل يساعدك على تذكر ما هو أساسي وما هو ثانوي.

      خذ على سبيل المثال المستشفى، احذف كل شيء من المستشفى إلى أن تصل إلى الأساس، فمثلاً لا يمكن للمستشفى أن يكون بدون مرضى أو أطباء، عنصران أساسيان في أي مستشفى، ماذا أيضاً؟ المكان لأن المستشفيات بحاجة لأماكن خاصة بها لكن لا يعني ذلك أن المكان يجب أن يكون مبنى مخصص بل أي مساحة ستكون مستشفى، في أوقات الكوارث أو في مناطق فقيرة جداً قد يكون المستشفى مكاناً ما تحت شجرة كبيرة، لا يهم المكان المهم أطباء ومرضى وكل شيء آخر هو إضافات، بالطبع المستشفى يحتاج لأكثر من هذا لكن كما قلت، هذا مجرد تمرين فقط.

      السيارة مثال آخر، احذف كل شيء وأبقي الأساس فقط الذي بدونه لا يمكن للسيارة أن تكون سيارة، نحتاج إلى إطارات فبدونها لا يمكن للسيارة أن تسير لكن هل نحتاج 4 إطارات؟ لا 3 إطارات ستكون كافية وهناك أمثلة كثيرة في تاريخ السيارات وحتى اليوم، سنحتاج لمحرك وأساس يربط بين المحرك والعجلات، ناقل حركة ينقل قوة المحرك إلى العجلات، كرسي واحد على الأقل للسائق، أدوات القيادة مثل المقود والدواسات، كل شيء آخر في السيارة يمكن حذفه لأن هذه التفاصيل هي أساس كل السيارات وحذف أحدها سيجعل السيارة غير عملية.

      هل فهمت ما أعنيه بحذف التفاصيل لتصل إلى أساس الأشياء؟ جرب هذا التمرين على أشياء تهمك ولا أدري ما الفائدة، شخصياً أجد التفكير في ذلك أمراً ممتعاً خصوصاً عندما أفكر في ما هو ضروري للحاسوب أو لكي يعيش المرء، لو فكر أحدنا في ضروريات الحياة بشكل جدي سيجد أن معظم ما يحيط به نفسه ليس ضرورياً، لكن هل ستجعله النتيجة يغير حياته؟

      الآن لنفكر في أساس التعليم، شخصياً أجد أن التعليم لا يمكن أن يكون إلا بوجود طالب أو المتعلم وكلنا نتفق على هذا، ثم المعلم وهنا قد نختلف لأنني أرى المعلم كل شيء يمكن أن يتعلم منه المرء وليس فقط الشخص الذي يمارس مهنة التعليم، بمعنى آخر الكتاب معلم، الموقع يمكن أن يكون معلماً، الطبيعة من حولنا، اللعب مع الآخرين، وسائل الإعلام على اختلافها، الوسائل البصرية والسمعية، كل هذا الوسائل يمكنها أن تعلم ويمكن لأي شخص أن يستفيد منها دون حاجة لشخص آخر يعلمه.

      في رأيي هذا هو التعليم، المتعلم ومصادر التعليم ولا شيء أكثر من ذلك، التعليم لا يحتاج لمكان خاص به أو وقت خاص به فكل مكان وزمان يمكن أن يكون مناسباً، التعليم لا يفرض عمراً محدداً فالصغير والكبير بإمكانهما أن يتعلما في أي وقت ولا يفرق بين ذكر أو أنثى أو بين ذكي وغير الذكي، ويمكن لأي شخص أن يكون متعلماً ومعلماً في نفس الوقت حتى لو كانت وظيفته بعيدة تماماً عن حقل التعليم.

      الآن فكر في هذا الأساس وفكر في كل شيء يحيط بالتعليم اليوم، المناهج والكتب والمعلمين ونظام التعليم بأكمله ووزارات التعليم ومن يعمل في هذه الوزارات لإدارة النظام التعليمي كل عام والأموال التي تنفق على التعليم والوقت الذي يقضيه كل طالب في هذا النظام، فكر في كل هذا واسأل نفسك: هل كل هذا ضروري؟

      لا أعني بالسؤال هنا أن أقودك لإجابة محددة فليس لدي شك أن هناك حاجة لوجود نظام ما للتعليم بل حتى أنظمة مختلفة للتعليم لكن ليس هناك أي شيء يجبرنا على أن نقبل التعليم الحالي على أنه الشكل الوحيد المقبول للتعليم، هل تستطيع أن تفكر في أنظمة تعليم مختلفة عن المألوف اليوم؟



      المصدر : مدونة عبدالله المهيري