ابتسم أمامك إنسان - جديد ابداعات قلم

    • ابتسم أمامك إنسان - جديد ابداعات قلم


      [h=1][/h]

      صففت سيارتي بانتظار دوري لتعبئة خزانها بالوقود في إحدى صباحات مسقط الجميلة، وكنت أراقب خلالها حركات العامل الآسيوي وهو يأخذ الطلبات ويمارس مهام عمله بتعب ووجه متجهم، عندما جاء دوري ألقيت عليه تحية صباحية مصحوبة بابتسامة جادت بها عضلات وجهي، مدفوعة بحماس استيقظ معي ذلك الصباح، أمام دهشتي الشديدة تغيرت هيئة الرجل كلية، وسرى نشاط غريب في حركاته، وانتقلت عدوى الابتسامة اليه ووجدته يوزعها على زبائنه هو الاخر بكرم! سبحان من جعل في التبسم في وجه أخيك صدقة!.
      بدأ الضيق يتسرب إلى ملامح رفيقتي أمام تعامل البائعة الجاف والتي ظهرت عليها علامات الضجر والتعب والارهاق، تقدمت منها وسألتها إن كانت مغربية فردت ببرود بل أنا تونسية، قلت: أنت جميلة جدا ايتها التونسية، ملامحك رقيقة للغاية، أذهلتني أناقتك، واحسدك على رشاقتك، ثم ان شخصيتك مريحة جدا! نظرت إلي بدهشة وبدأت عضلات وجهها تنفرد شيئا فشيئا، حتى غطت وجهها ابتسامة عريضة زادتها سحرا، وانتقل تأثيرها إلى رفيقتي التي بدت حركات توترها تقل سريعا، بالنسبة لي حصلت على معاملة كبار الشخصيات ذلك اليوم، وخصم استثنائي ايضا! للكلمة الطيبة مفعول السحر حقا!.
      كانت غاضبة ونحن نترك كارفور بعد أن دفعنا ثمن مشترياتنا وقالت لي مستنكرة، هل لاحظت وقاحة تلك الفتاة العمانية وهي تأخذ مني الحساب، إنها حتى لم تبتسم عندما ألقيت عليها التحية، قلت: لاحظت ذلك، لا شك أن وقوفها الطويل طوال النهار، وممارستها لعمل تزدريه خفية، وكم البشر الذين يمرون عليها طوال اليوم قد أتعب وجهها فلم يعد قادرا على الابتسامة!.
      تقدمت مني الصغيرة على استحياء إثر انتهائي من تقديم حلقة العمل وكانت الطفلة الوحيدة من بين الحضور النسائي لتلك الأمسية واحتضنتي بدفء قائلة: شكرا لك على محاضرتك الرائعة، أعدك بأن انفذ كل ما طلبته منا! أقسم بالله أن كل التعب الذي كنت اشعر به بعد ثلاث ساعات متواصلة من العرض في تلك اللحظة تبخر في الهواء، وسرت في جسدي طاقة غريبة، وانتشيت كطفلة قدم لها قالب حلوى تحبه! ليت الكبار يدركون مدى تاثير كلمة «شكرا» على الاخرين عندما تكون صادقة بهذا الشكل!.
      اشتكاني إلى مسؤولي المباشر بتهمة (تحفيز) الموظفين، الأمر الذي يرى معه أن هذا قد يفسدهم ويجعلهم (يتبطرون) على مسؤوليهم، ليته فقط كان حاضرا معي تلك اللحظة، وشعر بما شعرت به أنا من لمست التقدير الصادق التي جادت بها علي تلك الطفلة، للتحفيز قدرة هائلة على شحذ الهمم، وإثارة الطاقات الكامنة في الأفراد، فلا تبخلوا بها على من حولكم!.
      أرسلت لي صديقتي خبر تخرج (طلابها) من برنامج (الاتكيت) الذي استمر ثلاثة اشهر، وهو برنامج تدريبي تطوعي تنفذه للصغيرات في منزلها، ولمدة ساعتين في الاسبوع، في صفحتها على شبكة التواصل الاجتماعي (الفيسبوك) وضعت صورة بطاقة شكر صغيرة صممتها لها إحدى الصغيرات وأعطتها اياها في ختام البرنامج، قالت: هذه البطاقة وحدها تكفي لأن أعيد التجربة مرارا وتكرارا، فتخيلي مقدار الفرح الذي أدخلته على قلبي تلك الصغيرة وصاحباتها..خذ الحكمة من أفواه الصغار!.
      تقدمت مني بعض المشاركات في حلقة (كل ذلك الضفدع) عند ختام الحلقة وشكرتني إحدى النساء بلسان صاحباتها قائلة: شكرا جزيلا لك، لقد أضحكتينا كثيرا هذا المساء، فشكرا لك على ذلك، دهشت فعلا أن الضحكة كانت أهم ما خرجت به تلك المشاركات من الحلقة، وتقولون لنا بأن الضحك يميت القلوب؟!.
      جاءت لزيارتي بعدها بأيام قائلة: لست آسفة على عدم الفوز في التصفيات النهائية للمسابقة فقد حصلت على جائزة التي اثمنها أكبر من اي جائزة عينية، فعندما فزت في الجولات السابقة، كنت تقتربين مني بعد كل فوز وتحتضنيني بحنان وتعبرين لي عن فخرك بي وبإنجازاتي، وعندما لم أفز تقدمت مني واحتضنتيني بذات الحنان وعبرت لي عن فخرك بي مرة اخرى، شعرت بأن جوائز الدنيا ليست بذات أهمية في تلك اللحظة!
      قالت لي لكشمي وأنا أحاول اقناعها بترك الخدمة لدي عارضة عليها العمل لدى اسرة أخرى مقابل راتب أكبر بكثير: المال ليس هدفي، فأنا استطيع أن احصل على ثلاثة أضعافه اذا عملت بالساعات! لم استوعب بعد فقلت لها: بل المال مهم جدا لأن هذا هو سبب تركك لبلدك، الا تريدين تقديم حياة أفضل لأطفالك كما تدعين، أجابت: نعم أنا تغربت من أجل أولادي، وقدمت تنازلات وتضحيات لن تفهميها من أجلهم، ولم يتبق لي سوى كرامتي والاحساس بالأمان الذي وجدته في منزلك، بالتالي أنا لست مستعدة للتضحية بآخر ما تبقى لي حتى لو كان ذلك من أجل أولادي، خذي حياتي كلها فدعي لي هذا الشيء أرجوك!.
      أحيانا كثيرة كل ما نريده هو التقدير










      المصدر : مدونة ابداعات قلم
    • إبدااااااااااااااااااااااااااااااع .. كلام في قمه الروعه
      سبحان من جعل الإبتسامه صدقه والكلمه الطيبه غذاء للروح..:)
      أمي .. غلا الدنيـا ولو فيه غالين يالله عسانـي بالعمـر ماآعدمْها ماقد حنيـت الهامـه إلاّ لـ ثنتيـن عند السجود وعند بوسة قدمها