النجاسات و حكم الانتفاع بها

    • النجاسات و حكم الانتفاع بها



      بسم الله الرحمن الرحيم
      النجاسات و حكم الانتفاع بها

      اختلفت
      الاراء في النجاسات و خاصة هذه الايام على غير قاعدة شرعية سليمة للخلاف فقد تحكم في الناس في هذه المسألة وكثير مثلها المصلحة فمن تتعرض مصلحته للخطر من خلال وضوح الحكم الشرعي فلا بد له من أن يقول أن هذا الامر ليس صحيحا خاصة من كان اعتاد على هذا الامر من الانتفاع بالواقع الذي بفي سنين طويلة و حكم الشرع خافٍ عنه لاسباب مختلفة.

      و الاوهى من ذلك هو أن
      يقول القائل هذا ما سمعته من الشيخ و لا أعرف سواه و لن ارضى له بديلا و لكن هذا المسكين وقع في احدى ثلاث مشكلات
      الاولى- إما أن شيخه هذا أعطاه حكما غير شرعي فوقع في الاثم و لكن هذا ليس مبررا له في اتباعه لان الله تعالى امرنا ان نتبع النبي صلى الله عليه و اله و سلم و ليس بعضنا بعضا

      الثانية- و إما أنه لم يفهم من شيخه ما قاله له و هذا يبريء ذمة شيخه و يوقعه هو في الخطأ
      الثالثة- و هذه هي مصيبة المصائب و هي أن يكذب على شيخه المدعي بالحكم المدعى فيبوء بإثم الكذب و إثم الافتراء على ذلك الرجل و إثم رفض اتباع الحق لتحقيق مصلحة أو مكسب دنيوي زائل أو دفع ضرر قد يحصل له نتيجة امتثاله للحكم الشرعي.
      و لهذا و نتيجة لما ذكرنا رأينا أن نبحث الموضوع في كتب الفقه
      المعتبرة و نخرج برأي شرعي منها مدعما بالادلة الشرعية المعتبرة التي ساقها الفقهاء المعتبرون و حسب.

      *النجاسة :
      هي القذارة من نَجِسَ أي قَذِرَ و في الشرع لحقته النجاسة و هي قدر معين يمنع جنسُهُ الصلاة كالبول و أمثاله
      .
      و
      القذارة منه ما هو بالغ السوء و يسمى النجاسة و منها ما هو دون ذلك و يسمى الوسخ و ما في معناه و جاء الشرع يحرم النجاسة و يكره الوسخ.

      ومقصودنا في هذا البحث هو النجاسات المحرمة و ليست الاوساخ و من ذلك
      .

      1- البول : و قد ثبتت نجاسته بنصوص صحيحة فعن ابن عباس قال مرّ النبي صلى الله عليه واله و سلم بقبرين فقال((انهما يعذبان وما يعذبان في كثير اما احدهما فكان لا يتنزه من بوله و الاخر فكان يمشي بالنميمة)) رواه احمد و البخاري و مسلم و ابو داود و النسائي.
      و هذا نص صريح صحيح في بول الانسان و معاقبة من لا يتنزه من البول قرينة على حرمة ذلك لنجاسته لان الله تعالى لا يعذب على الوسخ و هذا معلوم.

      و عن ابي هريرة قال قام
      اعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه و اله و سلم (دعوه و هريقوا على بوله سَجْلاً من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين) البخاري واحمدو ابو داود و كذلك رواية اخرى لانس و متفق عليه.

      و سَجلا و ذنوبا أي الدلو العظيمة المملوءة و لا يقال ذلك للفارغة او غير المليئة.

      و
      هنا اذا كان بول الانسان لا يساوي و لا يتعدى في الاعم الاغلب نصف لتر و مع قلته فيحتاج الى دلو عظيمة مملوءة بالماء حتى يطهر سطح الارض الذي سقط عليه البول ثم غار في الارض فهذا يدل على نجاسته ووجوب تطهير المكان بشكل مؤكد و هذا ما يشير إليه كثرة الماء المطلوب لذلك و مع ذلك فهناك بعض الاراء بإزالة التراب من سطحالارض الذي وقع عليها البول مباشرة.

      كذلك
      انقعد إجماع الصحابة على نجاسة بول الادمي مع أخذ الاعتبار بتفصيل ذلك ما بين الذي يأكل الطعام و الصغير الذي لا يأكل الطعام و كذلك بين الذكر و الانثى ممن لا يأكلان الطعام كما ورد في حديث أم قيس التي قالت أنها أتت الرسول صلى الله عليه و آله و سلم بإبن لها لم يبلغ أن يأن يأكل الطعام قال عبدالله أخبرتني أن ابنها ذاك بال في حجر رسول الله فدعا رسول الله بماء فنضحه على ثوبه و لم يغسله غسلا))مسلم و البخاري و أحمد

      و
      كذلك لحديث علي قال قال رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم (بول الغلام يُنضح عليه و بول الجارية يُغسل)) قال قتادة هذا مالم يطعما فإن طعما غُسل
      بولهما ))أحمد والترمذي و أبو داود و صححه ابن حجر و الحاكم و الذهبي


      قال
      الصنعاني : واعلم أن النضح كما قاله النووي في شرح مسلم هو أن الشيء الذي اصابه البول يُغمر و يُكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء و تردده و تقاطره بخلاف المكاثرة في غيره فإنه يُشترط أن تكون بحيث يجري عليها بعض الماء و يتقاطر في المحل و إن لم يُشترط عصره).

      و هذه المكاثرة هي المقصود من صب ذنوب الماء كامل على بول الاعرابي القليل
      .

      و
      كذلك عبد بن حميد شيخ البخاري مرفوعا للنبي صلى الله عليه و اله و سلم بإسناد عدول الا ابو يحي القتات الذي وثقه ابن معين وروى له مسلم في صحيحه(تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ).
      2-الغائط :-
      وقد انعقد الاجماع على نجاسته و كما ورد في حديث الا ستنجاء وكذلك الاحاديث الدالة على ذلك
      عن عائشة أن الرسول صلى الله عليه و آله و سلم قال((اذا ذهب احدكم الى الغائط فليذهب معه ثلاثة أحجار يستطب بهن فإنها تجزيء عنه )) ابو داود واحمد والنسائي و الدارمي ورواه الدارقطني وقال اسناد صحيح
      قال النبي صلى الله عليه و اله و سلم لعمار (( إنما تغسل ثوبك من البول و الغائط و المذي و القيء))أحمد و البزار والدارقطني وقد دخل الغائط مع البول الذي تبين حكمه سابقا مع المذي الذي حكمه الغسل لحديث علي عند البخاري واحمد قال علي رضي الله عنه ((كنت رجلا مذاءا فأمرت رجلا أن يسأل لنبي صلى الله عليه و اله و سلم لمكان ابنته فسأله فقال توضأ و اغسل ذكرك)).
      وورد في كتاب كفاية الاخيار المجلد1//66/67/ ما نصه ((وكل مائع خرج من السبيلين نجس الا المني وغسل جميع الابوال و الارواث واجب الا بول الصبي الذي لم يأكل))
      و إن كانت النجاسة حسية ((عينية))فلا بد مع ازالة العين من محاولة ازالة ما وجد منها من طعم ولون و رائحة فإن بقي منه شيء فو نجس وقال بعضهم ان بقيت الرائحة لا ينجس لعسرة ازالتها.
      و قال المصنف لكفاية الاخيار ((أما سرجين البهائم و ذرق الطيور فهو كالغائط في النجاسة لما روى البخاري عن ابن مسعود قوله((أتيت النبي صلى الله عليه و اله و سلم بحجرين و روثة فأخذ الحجرين و ألقى الروثة وقال إنها ركس)).
      و ذكر الشوكاني في نيل الاوطار الجزء الاول ص 95 ما نصه ((عن ابن مسعود رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه و آله وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين فالتمست الثالث فلم أجد فأخذت روْثة فأتيته بها فأخذ الحجرين و ألقى الروثة وقال إنها ركس ))احمد و البخاري و الترمذي و النسائي .
      واحتج القائلون بنجاسة جميع الابوال و الازبال وهم الشافعية و الحنفية ونسبه في الفتح الى الجمهور.
      *وورد في المحلى الجزء الاول ص169 ما نصه ((و البول كله من كل حيوان انسان و غير انسان مما يؤكل لحمه او لا يؤكل فكل ذلك حرام أكله و شربه إلا لضرورة تداو او إكراه أو جوع.
      *وقال ابو حنيفة أما البول فكله نجس سواء كان مما يؤكل لحمه او مما لا .
      *وكذلك ثبت بالنصوص الصحيحة أن النجس خبيث و كل خبيث دلّت عليه القرائن على حرمته فهو محرم.
      فعن عن عائشة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم يقول((لا يصلي بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الاخبثان))البول و النجو-احمد و الحاكم وابوداود
      و الرجس و الركس بمعنى النجس فقد روي عن أنس قال لما كان يوم خيبر أمر رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم أبا طلحة (زيد بن سهل الانصاري) فنادى أن الله و رسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الاهلية فإنها رجس))متفق عليه
      يتضح مما تقدم أن كل ما خرج من سبيلي الانسان ما عدا المني فهو نجس يجب غسل الثياب و تطهير البدن منه وتمنع مقارفته الا لضرورة على أن يزال مع العذرة فيما بعد.
      أما موضوع الانتفاع به فسنعود اليه بعد بحث حكم باقي الارواث في البحث التالي:-
      إن هذا ليس المعنى فيه بحث مالا يؤكل لحمه فهناك اتفاق على حرمته ونجاسته أما ما يؤكل لحمه فالحق أنه ليس((غير)) مستثنى فهو داخل في النصوص التي تحرمه و لا يوجد ما يخصصه بالحِل إلا أن بعض القائلين بحله اعتمدوا على بعض النصوص التي لم تثبت أصلا و بهذا يكون الاستدلال بها قد تهاوى و من هذه النصوص
      1-حديث ((لا بأس ببول الحمار و ما أكل لحمه)) قال عنه العجلوني موضوع ورواه الخطيب في تاريخه عن علي مرفوعا وفي اسناده مجهولان وهوموضوع و المتهم بوصفه هو اسحاق بن محمد بن ابان النخعي.
      هكذا في الميزان واللسان وتاريخ بغداد5/288 الفوائد المجموعة للشوكاني.
      وعن اسحق ورد في ميزان الاعتدال الجزء 1 ص197 يقول الذهبي اسحاق النخعي (الاحمر) بأختصار:-
      كذّاب مارق من الغلاة روى عن عبدالله العيشي وابراهيم الرمادي قال الخطيب سمعت عبدالواحد ابن علي الاسدي يقول اسحاق كان خبيث المذهب يقول أن عليا هو الله وكان يطلي برصه بما يغيره فسمي بالاحمر قال عنه ابن الجوزي كان كذّابا من الغلاة .
      2-حديث((لا بأس ببول ما يؤكل لحمه )) وحديث ما أكل لحمه فلا بأس ببوله وهذه الاحاديث اوردها الشيخ الالباني في مشكاة المصابيح الجزء 1ص859/860 و قال عنها 515 /26((وعن البراء بن عازب قال رسول الله صلى الله عليه و اله و سلم((لابأس ببول ما يؤكل لحمه))
      516/27:- وفي رواية جابرقال((ما أكل لحمه فلا بأس ببوله ))أحمد والدارقطني
      لوقال رواهما لكان أقرب الى الصواب فإنهما حديثان الاول عن البراء بن عازب و الثاني عن جابر بن عبدالله مرفوعا أما الاول فأخرجه الدارقطني ص47 من طريق سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن ابي الجهم و قال سوار ضعيف
      خالفه يحيى بن العلاء وقال لا تثبت يحيى بن العلاء و عمرو بن الحصين ضعيفان و سوار بن مصعب أيضا متروك.
      قلت((وحديث البراء رواه البيهقي أيضا الجزء1/252 ثم علقه من حديث جابر ثم قال ولايصح شيء من ذلك و صنفهما أيضا ابن الملقن في خلاصته(البدر المنير) 5/2 وقال بل قال ابن حزم في المحلى انه موضوع واورده بن الجوزي في الموضوعات من حديث علي و أقره السيوطي في ((اللالىء المصنوعة2/2 . ثم ابن عراق في تنزيه الشريعة /2/66
      تنبه!!
      عزى المصنف الحديثين لاحمد كما ترى وذلك من أوهامه إذ لا يوجد شيء من ذلك في مسنده.
      وبناءا على ما تقدم يتضح انه لا يوجد أي دليل يشير لا تصريحا ولا تلميحا بأن ما يخرج من السبيلين عدا المني طاهر وكل ما اوردوه في ذلك لم تثبت صلته بنبينا و شريعته و لا يوجد ما يشير الى استثناء بول عن آخر وبذلك صار لدينا ما نستطيع ان نعتبره اساسا للقول بإطمئنان ان كل ما خرج من كل سبيل ((السبيلين)) عدا المني فهو نجس ولايوجد ما يهز هذا الاطمئنان او يزحزحه وهو ما ذهب اليه كثير من فقهاء الامة المعتبرين غير آبهين بالمنفعة الحاصلة من خلال مخالفة هذا الرأي واعتبار أن بعض هذه الاعيان غير نجسه ليتمكن من الاستفادة منها و استغلالها خاصة و أنها قليلة التكاليف .
      و بعد هذا بقي علينا أن نبحث عن جواز الاستخدام و الاستفادة من النجاسات في حياتنا وهو ما سنقوم بالاطلاع عليه كما حصل في بحث تحديد النجاسات.



      حكم الانتفاع بالنجاسات


      حرم الشرع الانتفاع بالنجس تحريما عاما مطلقا و أوجب على المسلمين الابتعاد عنه دون ايجابه على الكافرين فالكافرين سمح لهم بالانتفاع بالنجس كالخمر والخنزير و غيرها فلو خلطوا دمائهم في ادويتهم ولو أكلوا الميتة أو الدم اواصاب ثيابهم من النجاسات ثم ادوا عباداتهم فلن يتدخل الاسلام في ذلك فالتحريم انما ورد على المسلمين وهذا ما تشهد له وبه النصوص.
      أما المسلمون فهم طاهرون متطهرون يأنفون من النجاسات ويعافون الاقتراب منها و يلزمهم ازالتها و عدم الانتفاع بها بأي وجه من الوجوه الا ما خصه الدليل ككلب الصيد والحراسة او عند الضرورة الملجئة و بشروطها التي اعتمدها الفقهاء المعتبرون من اصولها الشرعية كالعلاج ان عُدم غيره على اليقين و دليل ذلك
      1-عن جابر أنه سمع النبي صلى الله عليه و اله و سلم يقول عام الفتح وهو بمكة ((أن الله و رسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير و الاصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنها يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود و يستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال رسول الله عند ذلك قاتل الله اليهود إن الله لما حرم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه ))البخاري واحمد واصحاب السنن
      2-عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم قال((لعن الله اليهود ثلاثا أن الله حرم عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها وان الله اذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه )) ابوداود واحمد والبيهقي
      3-عن ميمونة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم سُئل عن فأرة سقطت في سمن فقال ((ألقوها وما حولها واطرحوه وكلوا سمنكم))البخاري ومالك واحمدوالنسائي ابوداود



      ومن نصوص هذه الاحاديث نرى ان الحديث الاول ذكر ثلاثة أصناف من النجاسات هي الخمر والميتة و الخنزير وفرع على الثاني وهي الميتة الشحوم وذكر أن هذه النجاسات حرام بيعها و حرام الانتفاع بشحومها في طلاء السفن و دهن الجلود و الاضاءة و لم يتوقف عند الاكل فقط فيدل هذا صراحة على عدم جوازالانتفاع بها كلية.
      و في الحديث الثاني قاعدة فقهية عريضة واضحة في موضوع الانتفاع بالمحرمات ومنها النجاسات وهي أن كل ما حرم أكله حرم بيعه ويشهد لذلك جواز بيع الذهب للرجال مع عدم جواز لبسه وكا ورد في الصحابي الذي ألقى الرسول خاتمه فلم يرفض الانتفاع به لحرمة ذلك ولكن احتراما و التزاما لفعل النبي صلى الله عليه واله و سلم اذ لم يمانع الرسول صلى الله عليه واله وسلم في ذلك ولكن الخمر عندما جاء التحريم القاطع لها أراق المسلمون الخمور في طرقات المدينة و لم يقولوا لننتفع بها لمن تحل لهم.
      وفي الحديث الثالث أمر الرسول صلى الله عليه و آله وسلم بإتلاف السمن المتنجس بالميتة فإن كان صلبا تنجس المماس لها وإن كان سائلا تنجس كله.
      فإذا كان هذا بالمتنجس فكيف بالنجس كذلك اذا علمنا ان الشرع نهى عن اتلاف المال و قد نهى عن اضاعة المال لقمة تسقط من اليد فكيف يأمر بإتلاف ما هو أكثر و أثمن كالسمن المتنجس بالفأرة الميتة.
      فقد ورد عن جابر انه سمع النبي صلى الله عليه و اله وسلم يقول((اذا طعم احدكم فسقطت لقمته من يده فليمط ما رابه منها و ليطعمها ولا يدعها للشيطان و لايمسح يده بالمنديل حتى يلعق يده فان الرجل لا يدري في أي طعامه يبارك فيه))ابن حبان ومسلم واحمد



      *ولقد أجاز عدد من كبار الائمة الانتفاع بالنجس ومنهم ابو حنيفة ومالك والشافعي والليث مستدلين على رأيهم بما يلي:-
      1-ما رواه ابن عمر أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم على حجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها و عجنوا به العجين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه واله وسلم أن يهريقوا ما استقوا و يعلفوا الابل العجين))مسلم والبخاري
      2- عن محيصة أخي بني حارثة أنه استأذن النبي صلى الله عليه و اله و سلم في اجارة الحجام فنهاه عنها فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال اعلفه ناضحك و أطعمه رقيقك))الترمذي و حسنه و احمد وابن ماجه ابو داود
      و من النظر في الحديثين نرى أن الحديثين لا يصلحا للاستدلال بهما هنا فهما ليسا في موضوع النجاسات والانتفاع بها انما هما في المحرم و استعماله وليس بالضرورة ان يكون المحرم نجسا فالحشيشة والصلبان و التماثيل و الصور محرمة و ليست نجسة و كذلك كسب الحجام و ماء آبار من ظلموا أنفسهم بل إن كسب الحجام مختلف في تحريمه فقد كرهه قوم و حرمه آخرون.
      أما إن كانوا قد استدلوا بذلك على نجاستها وحل التصرف بالنجس فإننا نرى فقهاء الشافعية يمنعون التصرف بالنجس فقد ورد في كفاية الاخيار للحصني ما نصه((و يصح بيع كل طاهر منتفع به مملوك و لا يصح بيع عين نجسة وما لا منفعة فيه)) إعلم أن المبيع لا بد أن يكون صالحا لان يعقد عليه و لصلاحيته شروط خمسه
      1-كونه طاهر
      2- أن يكون منتفعا به
      3- أن يكون المبيع مملوكا لمن يقع العقد له
      4- القدرة على تسليم المبيع
      5- كونه معلوما واذا صحت هذه الشروط صح البيع
      واحترز بالطاهر عن نجس العين فلا يصح بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الكلب و الاصنام لما روى الشيخان((إن الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة والخنزير و الكلب و الاصنام))
      فإن كانت نجاستها تمنع العقد عليها فمن أين جاءت لمالكها فيفهم من هذا أن المنع على الملكية أصلا ثم البيع وهذا يثبت حرمة منفعتها وليس فقط حرمة أكلها.
      أما ما ورد من الاثار في استخدام عذرة الناس من مثل القول المنسوب لسعد بن ابي وقاص أنه كان يقول مكتل عر و مكتل بر فلا يرقى ليكون دليلا حتى ولو كان قال ذلك بل الادلة في النصوص التي سقناها .
      كذلك من أين كان يأتي بمكاتل العر اذا علمنا أن الصحابة في وقته كانوا يتخلون في الصحراء و لم يكن هناك مجمعات لذلك .
      كذلك ما ورد في الحبير أن النص المرفوع أن ابن عباس كان يقول كنا نكري الارض على عهدرسول الله صلى الله عليه واله و سلم ونشترط عليهم أن لا يزبلوها بعذرة الناس ))ثم يقول:- قلت ان هذا الحديث ضعيف كما يقول ابن حجر وكما تعلم فإن الاحكام الشرعية لا تثبت بالاحاديث الضعيفة.
      ترى فهل تثبت الاحكام الشرعية بقول منسوب لصحابي بغض النظر ثبتت نسبته ام لا ؟! معارضا النصوص المعتبرة
      كذلك ما ورد في الحبير وهو ((فيبقى الحكم على البراءة الاصلية وهو اباحة الزروع و الثمار التي سقيت بالنجاسات او سمدت بها))فهذا القول فيه وجهان
      اذا كانت هذه الاعيان ثبتت نجاستها بلا شك حسب ما اوردنا ولم يرد عكس ذلك و أن النجاسات لا يجوز بيعها ولا شراؤها فمن ذلك يحصل عدم تملكها فمن أين يؤتى بها للتسميد؟!
      هل تشترى أم توهب خاصة أن الشافعية بالذات وهو مذهب صاحب الحبير لا يجيزوا عقد البيع الا على طاهر منتفع به.
      كذلك اختلف الفقهاء بالاستشفاء بالنجس و لم يتفقوا على ذلك وهو لضرورة فكيف يختلفوا على الاستشفاء بالنجس و يبيحوا استخدامه للسماد وهذه نبذة من أقوالهم خاصة الشافعية لان الوارد في الحبير نصه أن الشافعي رحمه الله الذي خالف الى جواز استخدامه:-
      ورد في نهاية المحتاج للرملي8 ما نصه
      ((أما مستهلكه مع دواء آخر فيجوز التداوي به كصرف باقي النجاسات إن عرف او اخبره طبيب عدل بنفعها و تعيينها بأن لا يغني عنها طاهر))فانظر.
      وورد في كتاب بحوث في قضايا فقهية معاصرة/محمد تقي العثماني ص340 ما نصه
      (و أما المالكية و الحنابلة فلا يجوز عندهم التداوي بالمحرم في حال من الاحوال الا عند الاضطرار))
      *فاذا كان كل هذا التشدد في العلاج فلماذا التسامح في الاستعمال للسماد؟!؟؟
      --أما موضوع الاكل من ثمار الشجرة التي سقيت بنجاسات او سمدت بها فهذا موضوع آخرفقد اورد بن تيمية بحثا في جواز الاستفادة من الخمر التي تحولت خلا دون قصد ذلك و من شاء أن يرجع فإاليك الفتاوى لابن تيمية
      *أما موضوع الكلام وهو جوازالا نتفاع بالنجاسات فقد فصلنا فيه ما يكفي لحرمته و الانتفاع بها خاصة و أن النهي لم ينحصر فقط على الاكل بل حتى تعداه الى أي انتفاع آخر فالخمر مثلا يستفاد منها لاطفاء الحريق و لكنها محرمة و أجاز ابن تيمية الجرعة منا اذا علقت لقمة في بلعوم من يفتقد الماء وذلك اقرارا بحرمتها الاصلية و جوازها للتداوي عند الضروروة.
      ورد في كفاية الاخيار للشافعية الجزء 1/241/242ما نصه
      ((قوله صلى الله عليه و آله وسلم ((ان الله تعالى حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام))رواه الشيخان
      وجه الدليل أن فيها منافع الخمرة تطفأ النار بها و الميتة تطعم للجوارح ويوقد شحمها وودكها و يطلى بها السفن و الكلب يصيد ويحرس فدل على أن العلة النجاسة فأما المتنجس فأن أمكن تطهيره كالثوب ونحوه صح لان جوهره طاهر و ان لم يمكن تطهيره كالدبس واللبن ونحوهما فلا يصح لاغماقه بالغسل ووجود النجاسة ونقل النووي في شرح المهذب الاجماع على الامتناع و أما الادهان المتنجسة كالزيت ونحوه فهل يمكن تطهيرها فيه وجهان أصحهما لا لانه صلى الله عليه واله و سلم ((سئل عن الأرة تموت في السمن فقال ان كان جامدا فألقوها وما حولها و ان كان ذائبا فأريقوه))فلو أمكن تطهيره لم يجز اراقته لانه اضاعة مال و النبي صلى الله عليه واله وسلم قد نهى عن اضاعة المال و هل يجوز هبة الزيت المتنجس ونحوه والصدقة به عن القاضي ابي الطيب منعهما.
      **ترى اذا كانت هذه اقوال الشافعية حول النجس و المتنجس وكل هذا التحرز من الاستفادة فأين قولهم بجوازه من كل هذا ؟؟
      فكيف يحمكون بنجاسة عين وبناءا عليه يحرمون الانتفاع بها ثم يقولون بعدم جواز الاستشفاء بها الا اذا قال الطبيب الامين الحاذق أنها نفسها هي العلاج ولا يمكن الاستعاضة عنها بطاهر .
      وبعد ذلك أو قبله يقزلون بجواز استخدامها كسماد او تروى بها الارض
      نقول هذا و كلنا يقين أن فقهاء الامة المعتبرين غالبيتهم من السادة الشافعية والناس عيال عليهم في الفقه
      ونقول في الختام
      كما قال الله تعالى في كتابه العزيز((علم الانسان مالم يعلم ))
      وكما قال الرسول صلى الله عليه واله وسلم ((كل بن آدم خطاء و خير الخطائين التوابون))الترمذي واحمد والدارمي
      وكما قال مالك بن انس رضي الله عنه رحمه الله((كل يؤخذ منه ويرد عليه الا صاحب هذا القبر))يقصد قبر الرسول صلى الله عليه واله وسلم
      وكما قال الشافعي رحمه الله((اذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا برأيي عرض الحائط))


      نسئل الله لنا واياكم نور البصيرة والاجر والثواب . امين


      ( أ ) ( ح ) ( ب ) ( ك ) ( الله ) ( حطك ) ( بقلبي ) ( كلك ) لا للعنصرية لا للتفرد لا للزندقة إن هدف الإنسانية الحديثة هو انصهار الأمة البشرية في قالب تفاعلي موحد من اجل الرقي بالجنس البشري