مـكـُران على مـائـدة الـناهـبـيـن

    • مـكـُران على مـائـدة الـناهـبـيـن

      مـكـُران على مائدة الناهبين
      للكاتب: أبوحنبل طاهرزئي 5/4/2004
      البريد الإلكتروني: binfrar@hotmail.com


      في زمن الأطماع والمصالح السياسية والاقتصادية وتميّز شعب البلوش بالعنفوانية والأنفة الشديدة وشدّة البأس والثبات والإقدام في ساحات الوغى أدى ذلك إلى تآلف الأطماع والقوى السياسية التي لم تجتمع إلا للنيل من الحقوق، فرتّبت الأمور فيما بينها وعملوا على تحقيق أهدافهم المنشودة من سياساتهم الطامعة.

      الاستعمار البريطاني على رغم تمكّنها من قتل الملك مهراب بن محمود في سنة 1803 م مع سبعة ملايين شهيد بلوشي، لم تتمكّن من الاستيلاء على أراضي بلوجستان وفرض فرضياتها الاستعمارية فيها لتمسّك الشعب البلوشي بعقيدتهم الثابتة في داخلهم فخرجوا كبارا وصغارا لصد الفرنجة وإخراجهم من أراضيهم وهناك العديد من القادة الذين سطّروا في التاريخ أروع صور البطولات في الدفاع عن الدين والوطن.

      وكذلك السياسات الكاجاريّة الفارسية بمملكتها لم تتمكّن من الاستيلاء على أراضي بلوجستان إلا بعد تآمرها مع القوّات البريطانية الغازية فقاتلوا الملك دوست محمّد باركزئي في موقعة قلعة فهرة المشهورة التي أدت إلى إلقاء القبض على الملك البلوشي وترحيله إلى طهران لأن الملك البلوشي لم يتعاون مع المحتلين في ضم بلوجستان إلى أراض الفرس وتمسّكه الشديد بذلك، ورفضه للأمر أدى إلى إعدامه سنة 1929م ليدخل ضمن قوافل الشهداء البلوش في التاريخ البلوشي العريق.

      على رغم سقوط الحكم البلوشي بالقضاء على مملكة بلوجستان الغربية التي كان يحكمها الملك دوست محمّد لم تتجرأ القوات الإحتلالية من الدخول في أراضي البلوش لفرض سيطرتها الفارسية ولصق الأراضي البلوشية للأراضي الكاجارية، لأن القبائل البلوشية تميّزت بشدّة المراس في المعارك وعدم التنازل عن أراضيها، فلجأت السياسات الكاجاريّة الفارسية إلى سياسة الحكم الذاتي وخلق نظام السر دارية لتمثيل القبائل البلوشية ومناطقها في البرلمان الفارسي كنوع من كسب ود الشعب البلوشي لئلا ينهضوا أو يحسـّـوا بأن أراضيهم البلوشية تديرها سياسات أجنبية فكانت فكرة الحكم الذاتي التي في كل الأحوال لم تطمئن الحكومة الفارسية بتاتا لأن ولاء البلوشي لعقيدته ووطنه وقبيلته أعظم من أن يناله أجنبي وأيضا لمعرفة البلوش للأحقاد الفارسية تجاه البلوش منذ الإمبراطوريات الفارسية قبل الإسلام، ورغبة السلطات الفارسية في السيطرة على جزء جدا حساس ألا وهي قوس الخليج المشدود " بلوجستان " لأن البلوش بتاريخهم الإسلامي القديم هم من حملوا رايات التوحيد مع إخوانهم المسلمين ونشروها في تلك البقاع من الأرض وكان للبلوش مواقف تاريخية كبيرة للدفاع وصون حمى العرب على رغم تفاوت قوة البلوش من فترة لأخرى ولكن أثبتت فصول التاريخ بأن في عز السلطة البلوشية لم يتوانى البلوش في مساعدة العرب للتخلص من الاحتلال كما حصل في عمان والإمارات المتصالحة والبحرين. ففرضت الكاجر (الفرس) سياسات لتهميش الهويّة البلوشية بالقضاء على اللغة البلوشية ومنع اللباس والزى البلوشي وأيضا تسهيل دخول المخدرات والآفات القادمة من بلاد الأفغان لأراضي البلوش ليًـذهب بالعقل البلوشي ويضعف البلوش بالبطالة، فحاول الفرس مرارا وتكرارا إلى فرض الثقافة الفارسية بأنها نوع من التمدّن والتحضّر وترك القيم البلوشية وعاداتها العقائدية بصفتها قديمة وتخص المجتمع البدوي المحافظ فأدّى ذلك إلى محاولة الكاجر (الفرس) عن طريق نظام السر دارية تسهيل مرور الدوريات الكاجارية في بقاع البلوش، فعلى رغم ذلك لم يتقبل عموم البلوش ذلك فحصلت مواقف كثيرة أشارت إلى رفض أهالي بلوشستان لمثل هذه الأمور في أراضي البلوش.

      بينما الأمور تسير إلى تزييف الوطن البلوشي ولصقه جورا وظلما لـلبلاد الكاجارية الفارسية، كانت هناك سلطة وحكم بلوشي لأسرة الملوك -أحمد زهي- في بلوشستان الشرقية وكان الاستعمار الأجنبي قد أعطى للحكم البلوشي كل المزايا الإدارية لإدارة شؤونهم الخاصة، بعد تأجج المشاعر لدى الهنود التي أوقدها مهاتير غاندي، فأراد الاستعمار البريطاني أن يكسر شوكة المسلمين في المنطقة ونفوذهم القوي وأن يجعل فيها فئة تحارب المسلمين وتكسر من شوكتهم، ومن هذا المنطلق سعت قوات الاحتلال لتقسيم الهند لدولة هندوسية ودولة أخرى مسلمة تعرف اليوم بـ باكستان وقد تم مسألة الانقسام بعدما ساد المسلون الهند وحكموها لمئات السنين فأظهروا من رحم الدولة الهندية المسلمة ابناً باسم الإسلام وفي حقيقة الأمر لا يتصل بالإسلام بصلة، فغدت بلاد الهند هندوسية على رغم الملايين من المسلمين الذين يذوقون أصناف الاضطهاد الطائفي بفعلة خسيسة ألا وهي تزاوج هندي مسلم من مستعمر نصراني كافر ليوجدوا باكستان ابنا بارا للنصرانية باسم الإسلام، فسعت القوات الاستعمارية لنيل الأراضي المحيطة لحمى ابنها ( باكستان ) لكي تضمن قوتها ونفوذها فأخذت الكثير من بلاد الأفغان وحاولت مع الملك البلوشي أحمد يار ولكن الملك رفض مرارا وتكرارا حتى أصدرت قوات الاستعمار وثيقة رسمية تعبر عن استقلال مملكة تعرف بمملكة بلوشستان لها علمها الخاص وبرلمانها الخاص وخزينتها المالية الخاصة، ولكن هذا الأمر لم يعجب باكستان نفسها والفرس لأن نهوض هذه الدولة سوف يؤثر بأي حال من الأحوال أبناء جلدتهم التي قد تمكنت منهم السياسات الإحتلالية الفارسية المدروسة، فتمّ تزويد باكستان بأحدث الأسلحة البريطانية للدفاع عن نفسها ولكن في حقيقة الأمر مسألة التسليح لم تكن إلا للاعتداء على أراضي بلوشستان المستقلة، وبمباركة فارسية بحته تم الاعتداء على الملك أحمد يار أحمد زهي بعد مفاوضات عقيمة لضم بلوشستان أدت إلى إلقاء القبض عليه وسجنه وإرغامه للتنازل، بالتالي احتلت القوات الباكستانية بلوجستان الشرقية سنة 1948 م بعد 6 شهور من إعلان وثيقة استقلال بلوشستان والتي لا تزال محفوظة في متحف المستعمرات البريطانية في المملكة المتحدة.

      بالتالي إقتسم الناهبون أراضي البلوش لتكون وجبة دسمة للأطماع الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية بل ولأهم عامل ألا وهي العقائدية، لأن الشعب البلوشي تزامن نكستهم مع نكسة كل العرب بالتشتت والتقسيم وعدم الوحدة وهم أهل الرسالة الإسلامية الخالدة، ولكن هذا الأمر لم يمنع الشعب البلوشي المجاهد من مواصلة بطولاته وفرض شيمه ومبادئه العظيمة فكثرت الثورات البلوشية والثورات الانفصالية للتحرر من أصحاب العقيدة الرافضية ومن ابن الحرام التي تعرف بـ باكستان للنيل من الإسلام والمسلمين وأيضا استرداد البقاع التي وهبتها الاستعمار وتغط في مكبّة بلاد البشتون بعد معاهدة دورا ند لاين التي كانت في سنة 1894م، أقامتها بريطانيا لإيهاب البشتون أراضي البلوش هبة للأفغان خاصة بعد سقوط الملك مهراب بن محمود.


      تعود جذور الوطن البلوشي إلى الأمد البعيد من مراحل التاريخ، فالبلوش سادوا أنفسهم ولم يسدهم غيرهم إلا اليوم في زمن الكيل بمكيالين وزمن هيئة أكلة الأمم النصرانية التي ترسم وتحدد المشاريع لعودة الهيمنة النصرانية في العالم أجمع. البلوش على رغم سقوط قياداتهم وحكوماتهم هذا لم يمنع من سرعة ظهور قائد آخر يحمل لواء الوطن البلوشي وإن كان من قبيلة لا تمت للقائد الأول بصله لأن الحياة القبلية وسماتها في العرف البلوشي تتركّز على أن كل بلوشي قائد وصاحب حميّة وغيرة وشرف فإن تقاعس البعض فلا بد من ظهور قائد بلوشي يعيد تلك الأمجاد وسيرة الأجداد في الفتوحات، وفكرة الوطن البلوشي لم تخمد بتاتا في فكر البلوش على رغم السياسات الخبيثة الرامية لشق الصف البلوشي وتقسيمه لتكوينات سياسية كل منها داعية لأمر حسب توجهها الفكري والتطلعي ولكن هذا لن يغفل كل بلوشي مهاجر أو مشرّد في كل بقاع الأرض أن حبّه لوطنه من الإيمان فعلينا العمل كالنحل نرتحل لأبعد المسافات أملا في أن نرجع يوما ما بأطيب الأفعال وأخلصها لخدمة وبناء وطن يأمله كل مسلم شريف وبلوشي أصيل
      .
    • [frame='8 90']

      الحمد الله رب العالمين .. يا رب ... يا رب نسألك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وجلاء همنا وذهاب حزننا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك بالندم فأقبضنا إليك غير فاسدين ولا مفتونين اجعل خير أعمالنا خواتيمها وخير أيامنا يوم لقائك اللهم أنصرنا على أعدائنا اللهم ارفع راية القرءان في كل مكان اللهم إرفع راية الإسلام على جميع البلدان اللهم انصر عبادك المجاهدين وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمّدا رسول الله ..

      استمر التوتر الذي تشهده بلوشستان اليوم بفضل سياسة ضياء الحق وعسكره ، والتي هي أحد الأسباب الرئيسية لقلق النظام الباكستاني وتضعضعه. وقد فشل ضياء الحق في اجراء مفاوضات جدّيه وفعّالة مع الوطنيين البلوش حول حقوقهم الديموقراطيّة ومطالبهم في الحكم الذاتي. ظلّت مشكلة البلوش ، مشكلة تهدد استقرار كل حكم عرفته باكستان من أول يوم لقيامها في 1947 م. ويعارض البلوش أيّة محاولات لتسليح باكستان لأن تجارب الماضي قد علّمتهم بأنهم سيكونون ضحايا التسلّح الباكستاني الجديد، وسيدفعون ثمنه بدمائهم لا بأموال العرب التي يتهافت عليها ضياء الحق. فعندما أعيد تسليح باكستان سنة 1962م وسنة 1972م وسنة 1981م أعطى هذا التسلاح الجديد مزيدا من الثقة للعسكر الباكستانيين في قدرتهم على اخضاع البلوش نهائيا.(أتحفظ عن التفاصيل بالإمكان مراجعة المصدر)

      سقط نظام الشاه تحت أقدام الثورة الخمينيّة الإسلاميّة ،بعد أن حاول طوال حكم اسرته (البهلوي) أن يلغي الشخصيّة البلوشيّة. وترك الشاه فراغا لم تكن بلوشستان الغربيّة ( الإيرانيّة) مهيّأة له. وأدرك البلوش الغربيون ( الإيرانيون ) أن خيارهم مع الثورة الإيرانيّة لا بد أن يكون خيارا تاريخيا حاسما إمّا إيجابيا بقيام كيان ذي استقلال ذاتي ، لا تزال الثورة الإيرانيّة ترفض التسليم به وبغيره من الكيانات القوميّة التي تتألف منها ايران وإمّا سلبيا بالخضوع لسياسة الشاه القديمة أو الاصطدام بالثورة. وإذا كان البلوش سيتحولون إلى الثورة التامة والمطالبة باستقلال كامل، فلا بد من تنسيق للجهود بين البلوش في كل المكان.
      هناك سبب عميق وهام جدا وهو أن البلوش وهم من السنّة ، وجدوا في التأكيد على شيعيّة ثورة خميني محاولة أخطر من محاولات نظام الشاه في سحق هويتهم الدينيّة والتاريخيّة. ورفضت ثورة خميني السماح بتعليم اللغة البلوشيّة في المدارس كما كان الشاه قد رفض ذلك من قبل وطوال ثلث قرن من الزمن لأن سقوط إقليم بلوشستان غربيّة(الإيرانيّة) كانت في 1928م. وعلى الرغم من محاولات الشاه في " تفريس " بلوشستان فقد ظل البلوش لا يتقنون اللغة الفارسيّة ، ويتكلمون لغتهم الخاصة التي هي مزيج من العربية والأوردو والفارسية ، الأمر الذي أصبح حاجزا عائقا في وجه توظيفهم وتعاملهم مع الدولة الإيرانيّة بقدر ما ظل لباسهم الوطني وشكلهم المميّز عائقين دون اندماجهم كاملا في المجتمع الإيراني.

      وظلّت مطالب بلوشستان مطالب متواضعة بالنسبة لمطالب القوميات الإيرانيّة الأخرى. وبرز بعد الثورة " حزب الوحدة الإسلاميّة " المعبّر عن مطالب النخبة البلوشيّة النخبة البلوشيّة. وسافر عند بداية الثورة أحد زعماء الحزب وأحد رجال الدين السنّة المرموقين في بلوشستان ( عبد العزيز ملا زاده البلوشي)- شقيق أبو منتصر البلوشي- لمقابلة آية الله الخميني حاملا مطلبا واحدا " أن البلوش يؤيدون الثورة الإيرانيّة ما دامت الثورة تحترم شعائرهم الدينيّة والثقافيّة ولا تحاول أن تفرض عليهم مذهب الأغلبيّة وما دامت حقوقهم القوميّة مصانة ". لكن المطالب الغير الرسمية كانت تشمل برنامجا كاملا للامركزيّة والإستقلال الذاتي وتعليم اللغة البلوشيّة في المدارس وتعيين البلوش في المراكز والوظائف الأساسيّة في بلوشستان ، والحق في حريّة الإتصال مع بلوشستان الشرقيّة ( الباكستانيّة وحصّة أكبر من موازنة الدولة العامة للتنمية.
      ولم يكن جواب الخميني وحكومته في طهران بأكثر من وعد بالنظر في المطالب التي تقدم بها البلوش ، والتي لم يتحقق منها شيء إلى الآن ولم ترضي الوعود الكلاميّة البلوش وخاصة بعد مواجهة الحكومة مع الأكراد. وبدأ الخوف يعم الحركة البلوشيّة وينتقل الحديث تصعيدا من الكلام حول الفيدرالية والإستقلال الذاتي إلى الكلام عن الإستقلال التام والوحدة مع بلوشستان الشرقية ( الباكستانية ) وظل خوف البلوش الأساسي بعد تجربتهم لحكم الشاه يكمن في الشوفينيّة ( الحقد ) الفارسيّة والتعصّب الشيعي .

      منقول من كتاب العرب وجيرانهم للكاتب رياض نجيب الريّس ، رياض الريّس للكتب والنشر ، لندن – قبرص ولكن بتصرّف
      .



      يبقى الحلم بالوطن. صحيح أن الحس القومي الوطني ليس ناميا عند البلوش بالشكل المتعارف عليه عند العرب أو الأوروبيين، إنما كانت هناك أمة بلوشيّة أقامت دولة في الجزء الأخير من القرن الثامن عشر، قبل وصول البريطانيين إلى شبه القارة الهنديّة وبلاد الفارس. والحلم يتجدد اليوم بوطن اسمه "بلوشستان" يضم البلوش في دولة واحدة تمثلهم وخاصة بلوش الشرقيّة (في باكستان ) أو الغربيّة ( في إيران ) وحتى الشماليين ( في أفغانستان)
      [/frame]
    • مرحبا بك اخي معنا بمشاركتك بهذا الموضوع الرائع في ساحتنا

      بطولات رائعة تدل على مدى قوة وصبر هذه القبائل البلوشية والحمد لله التاريخ يشهد بذلك وحافل بما قامه البلوش في ردع العدو ومعاونة اخوانه واشقاؤه الدول العربية والاسلامية

    • أشكر مرورك الكريم أختي البلوشية واليوم بعد ما يقارب 4 سنوات من كتابة الموضوع أعلاه أشعر بنضوج وسعة في الإدراك لما يخص شؤون البلوش الخارجية وأشعر أن الحماس الزائد عن حجمه لا يعطينا مخرجات طيبة فأنصح الشباب بالتروي وتمحيص الفكرة قبل الإتيان بخطوات في النهاية لا تكون سوى جري خلف العاطفة فالحكمة والتروي خير من العجلة والعاطفة..
    • والله والنعم بولاد محمد ، الشاهد الله انك تصادق رجال اذا احترمتهم
      يشيلوك على الراس من فوق ،
      وهم حسب ما قرات في كتاب تحفة الاعيان في سيرة اهل عمان للامام نور الدين السالمي احفاد سلمة بن مالك بن فهم (الذي قتل والده مالك بن فهم وخرج من عمان )ف الصفحة 38 وذكرت مكران باسمها الثاني كرمان