د.طارق السويدان يتحدث في حوار عن اداء حكومات الربيع العربي وثمرات التغيير
الأحد 19 مايو 2013
حاوره: مجدي محروس

الإصلاح نت – خاص:
قال الدكتور طارق السويدان ان الدول تمر بعد الثورات والحروب بفترة شديدة من عدم الاستقرار لا ينجح فيها أحد مهما كان مستواه وبسبب حجم التركة الثقيلة التي يتركها النظام السابق وحجم الفوضى التي تخلفها الثورات والحروب.
واوضح السويدان ان ثمرة الثورات في دول الربيع العربي جيدة بما فيها من ضغوطات وتحديات على الإسلاميين.
صحيفة "البشائر" الصادرة عن دائرة طلاب الإصلاح، حاورت الدكتور والمفكر "طارق السويدان" ولأهمية الحوار، "الإصلاح نت" يعيد نشره..
[FONT="]حاوره: مجدي محروس[/FONT]
[FONT="]-لقد كان لأفكاركم و آراءكم دوراً كبيراً في صناعة جيل التغيير وقادة الربيع العربي لكننا لم نرى لها أثراً على شباب الخليج لماذا؟[/FONT]
التغيير له أكثر من صورة وخلال كلامي عن الثورات العربية سئلت كثيراً عن هذا السؤال وكنت أجيب بأمرين :
الأول :أن من طبيعة الدول الجمهورية استعمال الترهيب في قمع التغيير بينما تستعمل الملكيات الترغيب والاغراء.
الثاني :أن من طبيعة الدول الجمهورية أن يحدث فيها الثورات والقفزات التغييرية بعكس الدول الملكية فالتغيير يكون فيها تدريجياً وكنت أقولها بالإنجليزية في الجمهوريات yevolutionsثورات وفي الملكية evolution تطورات وحجم هذه التطورات كبير جداً ودول الخليج طبعا ليست دولة واحدة فدولة مثل الكويت في ربيع منذ عقود والحرية فيها تحتل الرقم واحد من بين الدول العربية ولا ينافسنا فيها إلا لبنان اضافة الى أن نظامها مؤسسي ولا توجد فيها الإشكالات التي في الدول الأخرى.
وهناك التغيير بإرادة توافقية وتفاهم كبير بين الشعب والحكومة بدون صراع حقيقي وهو ما حصل في قطر فدول الخليج النظر إليها أنها شكل واحد هي نظرة قاصرة والنظر بأن التغيير الذي ننشده والأفكار التغييرية التي نطمح إليها تأخذ شكلا واحداً هو الثورات أيضا نظرة قاصرة والشعور بأن شباب الخليج لم يتأثروا أيضا نظرة قاصرة والجواب على سؤالك أن هناك تغيرا ضخما يجري في كل مكان بما في ذلك الخليج .
[FONT="]-ثمة من يعتقد بأن الربيع العربي فخ سيق إليه الإسلاميين لإظهار فشلهم ما تعليقكم؟[/FONT]
الربيع العربي صناعة شبابية بامتياز ليس بتخطيط من الحركات الإسلامية ولا بتوجيه منها والحقيقة أن هذه الحركات تبعت حركة الشباب فكان لها شرف اللحاق بهم.
[FONT="]-لماذا لم يجني الشباب ثمار ثورتهم؟[/FONT]
حينما قام الشباب بالثورة لم تكن لديهم رؤية ولا خطة واضحة لمرحلة ما بعد الثورة فكان من الطبيعي أن ترث الأحزاب التقليدية نتائج الثورة ولا يرثها هؤلاء الشباب.
[FONT="]هل صحيح أن الإسلاميين ركبوا موجة التغيير للوصول إلى الحكم؟[/FONT]
لا يستطيع أحد أن ينكر دور الإسلاميين في توعية مجتمعاتهم من خلال وسائل الدعوة المتعددة والتي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إعداد هذا الجيل الطامح والمتطلع والغيور الثائر فليس من الانصاف القول أنهم ركبوا موجة التغيير.
[FONT="]-هل فعلاً أن زمن الإسلاميين لم يحن بعد وأن الوضع الطبيعي لهم في المعارضة كما يقال؟[/FONT]
بعد سقوط أنظمة الحكم الاستبدادية كان أمام الإسلاميين خيارين :
إما التقدم والمنافسة أو التراجع والعزوف وكنت أرى ألا يتقدموا للحكم خلال هذه المرحلة ليس لان زمانهم لم يحن بعد فبعض الشباب يستطيع إدارة الدولة أحسن من حسني مبارك وعلي صالح.
[FONT="]-لماذا إذا ترى عدم مشاركتهم ؟[/FONT]
لان الدول تمر بعد الثورات والحروب بفترة شديدة من عدم الاستقرار لا ينجح فيها أحد مهما كان مستواه وبسبب حجم التركة الثقيلة التي يتركها النظام السابق وحجم الفوضى التي تخلفها الثورات والحروب.
[FONT="]-ما جدوى أن يقدم الإسلاميون التضحيات ليحكم غيرهم ؟[/FONT]
ما كنت أراه وأفضله أن يترك المجال لبقية القوى الثورية من غير الإسلاميين كي تدير المرحلة الانتقالية حتى لا يتهم الإسلام بالفشل في حين فشل الإسلاميون فالخوف على الإسلام السياسي والمشروع الإسلامي وليس على الإسلاميين كأشخاص فهم بشر يخطئون ويصيبون ومنهم الكفء ومنهم غير ذلك وقد أوصلت لهم هذه الرؤية بشكل مباشرو مع ذلك فإن مسألة التقدم للحكم من عدمها تظل من المواقف التي تبنى على الاجتهاد وليست من المبادئ التي لا ينبغي التنازل فيها والتفريط والتساهل عنها.
[FONT="]-هل فشل الإسلام السياسي في إدارة الحكم اذاً؟[/FONT]
الفشل تحكمه معادلات كما أن النجاح أيضاً تحكمه معادلات وإدارة الحكم في بلادنا العربية تكون نجاحها أو فشلها عن طريق ثمان سلطات إن تم استقرارها واستقلالها أقررنا بالنجاح للحاكم وإن اختلت هذه المعادلة حكمنا عليه بالفشل وتتمثل هذه السلطات في السلطات التقليدية )السلطة التنفيذية ،السلطة التشريعية، السلطة القضائية) بجانب سلطة الاقتصاد والاعلام والجيش والداخلية والمخابرات وفي بعض الدول تكون الداخلية والمخابرات سلطة واحدة.
[FONT="]تقيمكم لأداء هذه السلطات بعد الربيع العربي وفي ظل حكم الاسلاميين؟[/FONT]
فيما يتعلق بالجيش والداخلية والمخابرات أعتقد أن هذه السلطات قد عادت الى وضعها الطبيعي بعد أن كانت تدير السياسوتتدخل في كل شؤون البلد فهي المخولة بتعيين مدير المدرسة ورئيس الدولة معاً.
أما السلطات التقليدية في مصر مثلاً السلطة التنفيذية مختارة بإرادة شعبية فهي تقوم بمهامها باستقلالية أما السلطة التشريعية فتم اختيارها أيضاً بطريقة ديمقراطية غير أنه تم الاعتراض عليها بقانون قضائي من قبل السلطة القضائية وبصرف النظر عن مشروعيته من عدمها فقد استطاع الاخوان فعل حركة في منتهى الذكاء وهي اقرار دستور ينقل سلطات البرلمان الى مجلس الشورى القائم حتي يحين انتخاب برلماناً جديداً وبهذا تكون السلطة التشريعية استقرت أما السلطة القضائية فقد صار لها نظام ودستور يحكمها وينظم عملها بعد أن كانت تتوغل على كل شيئ والرئيس يتوغل عليها ويوظفها متى وكيف شاء ونحن الآن نسمع بتطهير القضاء في مصر وعندي أن أهم من هذا هو اختيار دستور جديد يحكم هذه السلطات وبأراده شعبية بعيداً عن نسبة %99 والأمر الأخر فيما يتعلق بالسلطة القضائية هو تحجيم المحكمة الدستورية من ثمانية عشر عضوا الى أحد عشر عضوا وقد كان من الصعوبة تغيير أعضاء هذه المحكمة الا بالوفاة او الاستقالة ومن الذكاء أيضاً أن الذين تم استبعادهم من المحكمة هم من الجدد وبقي القدامى وكبار السن الذي تبقت لهم أيام حتى يتقاعدوا وهذا التغيير رائع ويسير بشكل دستوري.
فيما يتعلق بالاقتصاد فلا يمكن له أن يستقر مالم يتم القضاء على الفساد المالي الضخم والمتمثل في الأراضي التي توزع بدون وجه حق وأعرف عن قرب بأن الحكومة المصرية بدأت تعيد النظر في تلك الأراضي التي وزعها النظام السابق هذا بجانب وجود أكثر من خمسين مشروعاً عملاقاً في مصر وأنا مطلع على تفاصيل مشروع واحد من هذه المشاريع لأنه طلب مني أن أدير المدارس والجامعات فيه.
أما الاعلام فلابد أن يكون مستقلا ومحايدا لا يتحكم فيه شخص ولا حزب وقد بدأ يعود الى وضعه الطبيعي قبل دقائق كنت في مقابلة مع التلفزيون اليمني الذي كان يسبني قبل عام هذا بالنسبة للإعلام في اليمن.
أما الاقتصاد فمع الوضع السيئ بدأت تظهر ملامح للتعافي فيه و كنت بالأمس استمع إلى الأخبار فسمعت أن السياحة زادت بنسبة %9عن العام الماضي وهذا يدل على تحسن واستقرار ملحوظ أما الجيش فاليمن قامت بثورتين وليس ثورة واحدة الثورة الأولى تمثلت بإسقاط رأس النظام والثورة الثانية كانت بإعادة ترتيب المؤسسة العسكرية وفرحتي بهذه الثورة لا تقل عن فرحتي بالأولى .
[FONT="]لكنك وصفتها في محاضرتك بمجلس شباب الثور بأنها ربع ثورة؟[/FONT]
نعم قلت أن الثورة الكاملة هي التي تطيح بالنظام السابق بشكل كامل وهذا لم يتم الا في ليبيا أما تونس ومصر فكانت نصف ثورة واليمن الحبيب قدم أروع أنموذج في الثورات لكن نسبة ما تحقق من أهداف الثورة الربع.
[FONT="]ماذا عن بقية السلطات في اليمن؟[/FONT]
السلطة الفضائية في اليمن لم تكن فيها نفس المشاكل التي في مصر والآن الحوار الوطني سينتج عنه دستوراً جديدا يعيد صياغة مهام السلطات بما يحقق استقلالها واستقرارها وبإنجاحه سيكون التغيير جذرياً في اليمن والجميل أن مخرجات الحوار تتم بالتوافق وهذا شيء لم يسبقكم اليه احد وهذه تجربة رائعة فلا تكثروا من جلد الذات وقارنوا أنفسكم بالوضع السابق وبالدول التي حرمت من الحرية .
بشكل عام كل النتائج في دول الربيع العربي جيدة وأنا سعيد بها بما فيها من ضغوطات وتحديات على الإسلاميين لأني أدرك أنه اذا لم تكن هذه الضغوطات وتلك التحديات موجودة سنشهد استبدادا باسم الإسلام وهو الأخطر لأنه يتكلم باسم الله والناس تحترم الدين .
[FONT="]كلمة أخيرة تود قولها[/FONT]
أهنئكم بما وصلتم إليه ومزيدا من التقدم والنهضة .
just_f