@*@ كـــــاتب و كتـــــاب @*@* 1- رمــزه بنت الحريم

    • @*@ كـــــاتب و كتـــــاب @*@* 1- رمــزه بنت الحريم


      [ATTACH=CONFIG]123439[/ATTACH]
      [ATTACH=CONFIG]123440[/ATTACH]

      سنبحر معا في المكتبة العربية والعالمية وسنبحث عن كاتب موهوب ..

      وسنقرأ قليلا في أحد كتبه ..

      معا ..


      سويا ...


      كطيور فكرية رائعة ...


      لن نمل من القراءة

      لن نتعب من البحث..

      سنزيد ذائقتنا القرائية

      الأدبية

      الفكرية

      الثقافية


      معا ..


      لن يبقى حلما طويلا


      بل سنحوله لواقع



      معا ...


      [ATTACH=CONFIG]123441[/ATTACH]
      الصور
      • 155113703.jpg

        27.09 kB, 399×200, تمت مشاهدة الصورة 2،957 مرة
      • 1302170535264d1S.jpeg

        34.84 kB, 335×425, تمت مشاهدة الصورة 1،757 مرة
      • 1310689792.jpg

        28.51 kB, 360×311, تمت مشاهدة الصورة 994 مرة
      سبحان الله وبحمد

      تم تحرير الموضوع 1 مرة, آخر مرة بواسطة بنت قابوس ().

    • قوت القلوب الدمرداشية

      [ATTACH=CONFIG]123442[/ATTACH]
      كاتبة مصرية ولدت عام (1892) ،توفيت عام (1968) في إيطاليا عن 76 عاماً.
      ابنة الشيخ عبد الرحيم الدمرداش مؤسس الطريقة الدمرداشية.

      خصصت جائزة أدبية لرعاية الكتاب الموهوبين نالها كل من نجيب محفوظ و عادل كامل، و غيرهما.

      هي واحدة من الكاتبات المصريات اللاتي أبدعن أدبهن باللغة الفرنسية، و هي اللغة التي كان يزيد استخدامها بين عائلات مصر الاستقراطية قبل ثورة (1952)، و ربما كانت كتابتها بالفرنسية هي السبب وراء عدم اهتمام كتب النقد و التأريخ الأدبي كثيرا بها، و جعلها أديبة مجهولة على المستويين العربي و المصري، رغم ما تحظى به أعمالها من اهتمام في العالم الغربي..
      ترجمت رواياتها إلى لغات عالمية عديدة، منها الألمانية و الانجليزية.
      حسبما جاء في كتاب {الأدب العربي المكتوب بالفرنسية}، فإنها تنتمي إلى أسرة تنحدر من سلالة أحد أمراء المماليك، الذي كان بدوره قادما من القوقاز مع العثمانيين الذين جاءوا إلى مصر عام (1517)،
      كان اسم هذه الأسرة "تيمور تاش" تم تحول بمضي الوقت اسم العائلة إلى "الدمرداشية".
      و قد فسر ناصر الدين النشاشيبي في كتابه {نساء من الشرق الأوسط} سر تغير اسم العائلة حين قال: "إنها من عائلة رائدة في التصوف، و كانت الطريقة الدمرداشية في التصوف تمتاز بالتربية الذاتية، و الخلوات الفردية، و من خلال هذه الطريقة الصوفية عاشت قوت القلوب و هي تسبح عكس التيار بالنسبة لانتمائها الصوفي، أو مسلكها العام، أو تصرفاتها الشخصية".

      كان والدها على جانب كبير من الثراء، فوفر لها هذا مساحة هائلة من الرفاهية بعيدة تماما عن الانتماء الصوفي للأسرة الذي قد يفرض على القارئ انطباعا بالزهد.
      و حسبما يضيف النشاشيبي فإن قوت القلوب تزوجت من رجل أقل منها في المكانة الاجتماعية، و اشترطت لنفسها حق العصمة، و أنجبت منه ثلاثة أولاد و ابنة واحدة، و حين ماتت تركت وراءها ميراثا ضخما و مستشفى خيريا خاصا يحمل اسمها حتى اليوم.

      و قد جاء في كتاب {الأدب العربي المكتوب بالفرنسية} عن هذه السيدة، أنها كانت مصرية و ليست متفرنسة، و أنها عرفت طريق الأدب حين تجاوزت الخامسة و الأربعين في فترة أصبح فيها ظهور المرأة المصرية في الشارع قويا و قد نشرت كتابها الأول عن دار المعارف باللغة الفرنسية في عام (1937) تحت عنوان {مصادفة الفكر}..
      و في نفس العام نشرت روايتها {حريم} عن دار جاليمار،
      ثم تنوعت أعمالها بين اليوميات و الرواية و القصة القصيرة، لكن القارئ المصري لم يتعرف عليها إلا مرة واحدة فقط حين نشرت في مجلة الهلال -عدد ديسمبر (1949)- ملخصا لروايتها {زنوبة}.
      من أهم أعمالها : {الحريم}، {زنوبة}، {ليلة القدر} (1954)، {رمزة}،
      الصور
      • 2685952.jpg

        211.25 kB, 678×933, تمت مشاهدة الصورة 8،328 مرة
      سبحان الله وبحمد
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أسعد الله أوقاتكم بالخير

      أُثني على مثل هذهِ الصروح والتي تفتح لنا أُفقاً أُخرى
      وزوايا فكرية مُتعددة من خلالكم

      حقيقة أول عرض هو لكاتبة لا أعرفها ومتشوقة لقراءة كُتبها
      وطريقة كتابتها من حيث الأسلوب والشخصية

      يُشرفني التواجد هُنا سيدتي

      تقديري
    • السلام عليكم ..

      لقد بحثت كثيرا عن رابط تنزيل لأي من مؤلفات قوت القلوب الدمرداشية ..

      حتى نقرأه معا

      ولكن للأسف الشديد الرابط الوحيد الذي يتم تداوله لا يعمل...يبدو أنه رابط قديم ...

      يومان من البحث ..

      أعذروني أحبتي..

      ولكني وجدت بعض النقد لروايتها أو شرح مفصل لها

      وخصوصا رواية رمزة ابنة الحريم

      وقد وجدت خبرا أيضا بأن روايتها هذه سوف يتم عمل مسلسل مصري مقتبس منها بإسم حريم السلطان وسوف يتم عرضة في شهر رمضان الكريم لهذا العام 2013...



      المهم ...

      سأنقل لكم النقد الذي يتحدث قليلا عن روايتها وعن قضيتها التي تحاول دائما أن تنشرها في رواياتها ...
      سبحان الله وبحمد
    • بقلم: د. فاتن حسين... تتحدث عن قوت القلوب الدمرداشية

      خرجت هذه السيدة برواية عن الحريم، الذي كانت هي واحدة منه، إنها شاهدة على هذه العصر. وبقلم رشيق، وأسلوب بسيط، كتبت روايتها، التي تعد سيرة ذاتية لها، أظهرت من خلالها عالماً غريباً مليئاً بالأسرار، لم يعرف عنه أحد الكثير؛ لأنه عاش سنوات خلف الجدران، هي رواية: “رمزة”، قدمت فيها قوت القلوب صورة لأوضاع الجواري والنساء في حرملك القصور الخديوية والأرستقراطية المصرية، أثناء عهد الخديوي إسماعيل، ومن جاء بعده طوال القرن الماضي. ورغم أن هذه الفترة غير بعيدة عن تاريخنا، فإن الرواية تكشف الكثير من المفاجآت والأسرار في عالم “الحرملك”، الذي سحر المستشرقينن، فلهثوا وراءه، كتابةً ورسماً. ترى، هل كانت النساء سعيدات في عالم الجواري؟ وهل لتلك الرواية علاقة بأدب نجيب محفوظ؟ وهل هناك ثمة تشابه بين أسلوب نجيب محفوظ وأسلوب قوت القلوب؟ هذا ما ستكشف عنه هذه الرواية، إنها مفاجأة تنشر لأول مرة باللغة العربية، حيث كتبت هذه الرواية بالفرنسية، ثم ترجمت إلى الألمانية، ومن الألمانية ترجمت إلى العربية، ونشرت في طبعة الهيئة العامة للكتاب عام2004، عن مكتبة الأسرة، قام بترجمتها دسوقي سعيد، وهكذا خرجت رواية “رمزة” إلى القاريء العربي، ليطلع عليها لأول مرة باللغة العربية، قرأها قليل من المثقفين وهواة القراءة، والقليل منهم فقط اهتموا بها وشدت انتباههم، حيث قاموا بالربط بين ما ذكر في الرواية عن وضع المرأة في ذلك العصر، وبين ما تمر به المرأة من كفاح لنيل حريتها على مدى أكثر من نصف قرن، فعقدوا مقارنة بين دنيا المرأة الآن، ودنيا الحريم داخل الحرملك. لقد صُدّرت الطبعة الألمانية بكلمة للسيدة جيهان السادات، تصف فيها قوت القلوب الدمرداشية، بأنها “سيدة جديرة بالتقدير والاحترام والإعجاب”.
      سبحان الله وبحمد
    • بقلم د فاتن حسين:


      ولنقترب الآن من قوت القلوب وحياتها،

      من خلال روايتها: “رمزة”،

      ونتعرف تفاصيل سر هذا العالم،
      لأول مرة، استغرقت الرواية جيلين؛ جيلها وجيل أمها، وبدأت بجيل أمها التي كانت تحبها حباً شديداً، كانت تنتمي أمها لعالم الحريم، عالم الجواري، وتبدأ في استعادة ذكرياتها مع أمها فتقول: “حين أستعيد بذاكرتي تلك الأيام، أتساءل: هل هؤلاء النساء اللاتي عرفتهن وشاركتهن حياتهن، كن تعيسات؟ لا أعتقد ذلك، لقد كن، على الأرجح، غير ذلك، لم يكن في أذهانهن أي معنى للحرية، لم يفتقدن الحرية، كن يمتلكن كل ما يتمنين، كن راضيات بالراحة التي يتمتعن بها،

      وكانت هناك نساء قليلات جداً – مثلي – لديهن حاجات مختلفة، في هذا الجو، ولدت رمزة وترعرعت، في حريم عائلة غنية بين الجواري من كل نوع، كلهن تم شراؤهن، أو كن بنات لجوار، وحتى اللاتي تم تحريرهن، لم تجروؤن على الخروج للحياة العامة، فقد عشن أيضاً مثل الأخريات، في عالم غامض، ينتهي عند أسوار الحرملك”، و
      ”الحرملك” كلمة تركية، تعني مكاناً مرتفعاً ونائياً في البيت، أو القصر المخصص للحريم، وهو بعكس “السلملك”، مكان اجتماع الرجال، ولابد أن يبعد “الحرملك” عن “السلملك” بمئات الأمتار، كن يقضين حياتهن داخل هذا الحرملك، جالسات ساعات طوال خلف المشربيات،

      والمشربية تعني التراس، أو البالكون، وله ضلفة خشبية، عليها نقوش وثقوب، لترى من ورائها من بالخارج، ولا يراها أحد، وهذه الضلفة تفتح لأعلى، فتغطي من يقف بالمشربية، إذا فتحها، كانت كل علاقتهن بالعالم الخارجي، تتوقف عند حدود ما يرين من خلف تلك المشربيات،


      قصت الأم قصتها على ابنتها في سنوات عمرها الأخيرة، حينما هاجمها المرض، وأقعدها في الديوان فترة طويلة، والديوان هو الفراش باللغة التركية، كانت رمزة تسمع سعال أمها، فتبكي، وعندما تنادي الأم عليها، تسرع إليها وتلتصق بها، فتدلك الأم رأسها بحنو، وتقول لها: أنت غزالتي، وفي هذه الأثناء، كانت تقص عليها قصتها على مدى أيام متوالية،

      وكانت رمزة تستمع باهتمام، وفي كل يوم، كانت تندهش من هول ما تسمعه، عن هذا العالم المليء بالأسرار، حتى امتلأ قلبها غيظاً وحنقاً منه، ولم تر أمها غضاضة في ذلك، بل على العكس من ذلك، كانت الأم تجتر تلك الذكريات بسعادة، وكأنها تحكي عن أجمل سنوات عمرها! فتتعجب رمزة من حال هؤلاء النسوة، اللاتي جبلن على العبودية، من هنا بدأت رمزة تضع يدها على جذور هذه القضية، التي مازالت تشغل العالم إلى الان.

      لم تستطع الأم ذكر القرية التي ولدت بها، ولكنها كانت تذكر أنها قرية محاطة بسياج من الجبال ذات اللون البنفسجي، وحينما كانت تلعب وهي طفلة، في حديقة بجانب منزل صغير، بالقرب من كنيسة، كانت دائمة الذهاب إليها والوقوف بالمذبح، حين كان يحنو عليها القسيس حنو الوالد على ابنته، فقد كانت الأم مسيحية، وكانت من الصرب، فذلك ما عرفته الأم في وقت متأخر، حينما سمعت صوت خادمة تغني بلغة أجنبية، فتعرفت على لحنها المألوف، حينئذ، أدركت أنها من الصرب. وفي أثناء لعبها بالحديقة، ومع اقتراب المساء، حين كانت صور القديسين بالكنيسة تتلألأ أمام الشموع الموقدة، اقترب منها رجل، كانت تعرفة، ولذا، لم تخف منه، ولكنه أمسك بها فجأة، وأغلق فمها، وقيد ساقيها بعنف، وسمعت صوت أمها يناديها: “أولجا”، ولكنها لم تستطع الرد، كانت تلك ذكريات اختطافها من قريتها، لبيعها رقيقاً، ذهب بها المختطف إلى استانبول، وأودعها مدرسة للراهبات، وهناك قضت معظم طفولتها، وقد كانت محظوظة عن غيرها من الأطفال المخطوفين، لأنها صادفت توفيقة هانم، التي عوضتها عن حنان أمها، تلك المرأة التي اشترتها من التاجر، وعاملتها كابنتها، كانت تناديها “كِسْ” أي الابنة، وهي تناديها “نينا”، أي ماما، ومر زمن، نسيت الفتاة لغتها، ونسيت أنها من الصرب، وتعلمت التركية، وأصبحت هي لغتها، وأدانت بالإسلام، وهناك ذهبت إلى مدرسة تسمى “روميلي-هزار”، فتعلمت فيها التركية، والفرنسية، والأشغال اليدوية، كما أتقنت العزف على البيانو، وتدربت على الإيتيكيت، وقد كانت جميلة جداً، أطلقت عليها أمها اسم “إندشا”،


      وماتت توفيقة هانم، وتحول جزء من ميراثها لأخيها العجوز، وكان من ذلك الجزء، “إندشا”، وقد كان ضابطاً إنكشارياً سابقاً، والإنكشاري في التركية هو أحد ضباط الجيش المحاربين، وتم بيع إندشا بسعر غال، لتاجر رقيق، كان دائم المجيء إلى استانبول لشراء الجواري، وبيعها للأسرة المالكة بمصر، وهو “رستم أغا”، أشهر تاجر رقيق بالقاهرة، أخذها مع عشرين بنت أخرى، وتم شحنهم في سفينة، أبحرت عبر المتوسط لميناء الإسكندرية، وفي السفينة، تعرفت إندشا على فتاة مخطوفة من جبل القوقاز، تسمى نرجس، اقتربا من بعض، وتعاهدا على ألا يفترقا، ودعتا الله ألا يفرقهما، فلبى الله دعاءهما، ومن الإسكندرية إلى ميناء بولاق عبر رحلة نيلية داخل “ذهبية”، والذهبية هي منزل عائم على النيل، به حجرات ليست بها نوافذ، ومن بولاق، انتقلن، بواسطة الحناطير المغطاة بستائر كثيفة، إلى بيت رستم أغا، حتى يتم البيع، والحنطور عربة كانت تسير في شوارع القاهرة تجرها الخيل لتوصيل الناس، ومازالت موجودة إلى الآن،


      كان عمر إندشا، حينئذ، أربع عشرة سنة، لم تمكث كثيراً في بيت رستم، فبيعت هي ونرجس أختها، لمفتش مالية مصر، ومفتش تعني الوزير، أي وزير المالية، فرحت إندشا ببيعها، لا لأنها ستكون عند أقوى مفتش بمصر، ولكن لأنها ستكون مع أختها المشتراة، نرجس، مدى الحياة، حينئذ، نشأت علاقة أخوية قوية بينهما، وكان ذلك الرباط مألوفاً في عالم الحريم، حينذاك، حيث تعقد صلة أخوة بين اثنتين من الجواري، بمجرد أخذ العهد، فيصير ذلك أقوى من رباط الدم بين الأخوات، ويؤكد ذلك في حق التوريث، كان هذا العرف سائداً، كانت تنادي كل منهما الأخرى “أبلة” أي: أختي بالتركية.

      وبعد بيعهما بقليل، أعفي مفتش المالية من منصبه، بل حوكم، وحكم عليه بالنفي خارج البلاد، وقد أحس المفتش بنهايته، فخشي على نرجس وإندشا، لأنهما حظيا عنده، فأراد إنقاذهما من التفريق والبيع، حين يتم التصرف في تركته، فدفع بهما لرستم مرة ثانية، كي يظلا عنده، حتى تمر العاصفة بسلام ويستردهما، وإن لم تمر يكون قد أنقذهما من مصير مجهول.

      ومما كانت ترويه الأم لابنتها عن ذكرياتها في بيت المفتش، أنه كانت تقام هناك حفلات موسيقية راقصة، لتسلية الباشا وزوجاته الأربع، وأولادهن، وجواري الزوجات وأولادهن أيضاً، حيث كان ينسب ابن الجارية من الباشا، للزوجة التي تتبعها الجارية، وكانت كل زوجة تلبس جواريها لوناً خاصاً، يختلف عن جواري الزوجات الأخريات، حتى يُعرفن، ومن أغرب الاحتفالات التي كانت تقام هناك، سباق لعربات خفيفة مبطنة بالحرير، فتحضر أربع عربات، وأربع جوار، وتلبس كل جارية لونها الخاص بها، حسب الزوجة التي تتبعها، ثم تشد بحبل إلى العربة، بدلاً من الخيل، وتجلس كل زوجة من الزوجات الأربع في عربة، وتُعطى إشارة البدء، ومع تصاعد الموسيقى الصاخبة، ووسط ضحكات وقهقهات الحضور، تجري الجواري بالعربات، بطول طريق ذي أشجار أمام القصر، وعندما ينتهي السباق، وتفوز إحدى العربات، تنزل السيدة من العربة، وتنحني للباشا، فيعطيها “بروش” من الماس، ويلقي على بناتها، ملء يديه، من القطع الذهبية، كمكافأة،


      كانت تحكي الأم ذلك، وهي في منتهى السعادة، ولم تشعر بغضاضة في ذلك، وتتعجب رمزة، بل يمتليء قلبها غضباً،
      كيف تعامل المرأة معاملة الخيل، فتجر عربة؟! بل تكون فرحة بذلك! وتتباهى بفوزها في السباق أمام الأخريات! أإلى هذا الحد لم تشعر المرأة بآدميتها؟ تقول رمزة: “كنت أرفض هذا، وكانت نرجس تندهش من علامات تمردي، وترى ذلك أمراً طبيعياً، ولم تستطع فهم تمردي، وفي الحقيقة، كانت مثل هذه القصص المكررة التي أسمعها، هي التي أنبتت في روحي بذور التمرد”.

      وفي أغسطس عام 1873، منع الخديوي تجارة الرقيق، وأطلق الضباط في بيوت تجار الرقيق، للتفتيش عن جوار، حتى لا يحتفظ أي “أغا” بالجواري، و”الأغا”، رتبة في المماليك، كانت تطلق على تجار الجواري الكبار. غضب رستم من حملة التفتيش على منزله، وقد كان يحتفظ بنرجس وإندشا، وأربعة أخريات، ولكنه أفهمهن أن يقلن للجنود أنهن لسن جواري، بل قريبات زوجته وخادمات في المنزل، وبذلك، استطاع رستم أغا أن يحمي نفسه من المساءلة القانونية، واندهشت رمزة من ذلك التصرف من أمها وخالتها، وعندما سألت أمها وخالتها: لم لا تعلن الحقيقة وتحصلن على حريتكن؟
      فقالت الأم: الحرية جميلة، ولكنها حرية تؤدي إلى التسول، الحرية من أجل لاشيء، إنهم يلعنون قسوة تجار الرقيق، هل كان رجل مثل رستم ظالماً، وهو يعامل العبيد مثل بناته، هل كان من الضروري إلغاء أحد فروع التجارة المزدهرة، من أجل رغبة الإنجليز؟ إن الأجانب كانوا يملون على الخديوي قراراتهم، هل العبيد اشتكوا؟ إن الجواري يضمن حياتهن بطولها، طعام وملابس، وزواج من شخصيات مرموقة، وإذا استحققن الحرية، فإنهن يحصلن عليها، والعبيد السود الذين يخدمون في بيوت الأثرياء، يعيشون في هذه البيوت الفخمة، حياة أفضل من تلك التي يعيشها أقاربهم في أحراش السودان والحبشة.

      ودمدمت رمزة: “لم تكن العبودية لها جذور عميقة إلا في أرواح العبيد أنفسهم”. وفي اليوم التالي، أرسلت السيدة جولستان إلى رستم أغا، تطلب منه جاريتين عذراويتين، لحريم فريد بك، حمد الله أن إندشا ونرجس مازالتا عذراوات، فطلب منهما ألا يذكرا قصة ذهابهما لمفتش المالية، بما أنهما مازالتا عذراويتين، فكأن شيئاً لم يكن، ولم يكن فريد بك بعيداً عن منزل رستم، فسارت زوجته رقية بالجاريتين، والوجوه محجبة بالأبيض، وملفوفات من الرأس حتى القدم بالحبرات السود، فلم يتصور أحد من المارة أنهما اثنان من الجواري، وتاجرة أرادت بيعهما، وفي الطريق من بيت رستم أغا لبيت فريد بك، تصف الكاتبة تفاصيل ذلك الطريق، حسبما سمعت من أمها، بالصوت والصورة والرائحة؛ فتقول: “وكان ذلك هو الطريق الوحيد الذي مشت فيه أمي على رجلها، ولم يبق في ذاكرتها منه سوى الكوبري على الخليج، ونافورة قديمة في سور أحد المساجد، ورائحة وصوت مزعج لمعصرة زيت مررن بها”. خلعت إندشا ونرجس الحجاب والحبرة، وقدمتا نفسيهما لسيدتي البيت، وهما جوليسار، والدة فريد بك، وجولستان زوجته الأولى، ولأنها لا تنجب، أحضرت الأم هذين الجاريتين لفريد بك، ومن هنا، بدأ الفحص الدقيق للبضاعة، فكانت الأم تفتح باب الحمام عليهما أثناء الاستحمام، للتأكد من سلامة الجسد، والنظر في أظافرهما، وشد شعورهما، للتأكد من أنهما لا تضعان شعراً مستعاراً، وفي المطبخ، يطلب إليهن كسر قطعة سميكة من الكراملة بأسنانهما، للتأكد من أنها أصلية، فإن كانت مستعارة، تلتصق في الكراملة وتقع، ويتم إيقافهما فترات طويلة أمام الموقد، لشم رائحة عرقهما، ثم يطلب منهما طلوع السلم بسرعة، ثم تضع جولستان الزوجة يدها على صدورهما، لتسمع النفس ودقات القلب، وكأنها الطبيب يضع السماعة على صدر المريض، للتأكد من خلوه من أمراض الصدر والسل، الذي كان منتشراً آنذاك، ألم تذكرنا تلك المشاهد، بالمشهد الكوميدي الشهير في السينيما لماري منيب، وهي تتفحص البضاعة، أقصد زوجة ابنها، التي كانت تؤدي دورها لبنى عبد العزيز؟ فلابد أن تكون هناك جذور في الماضي، لكل شيء في الحاضر، وفي ذلك تقول رمزة:”حين كنت أفكر في هذا، وأتخيل أمي التي بيعت كالخيول في سوق الماشية، أبكي، وكنت أكره جدتي وجولستان، وزوجة أبي، وخاصة جدتي، التي أعتبرها مسؤولة عن كل هذا، رغم أنها لم تكن ترى فيما تفعل، أي شيء غير عادي، وأخيراً،


      فهمت أنها كانت تتصرف، طبقاً لتقاليد عصرها، فهي الأخرى كانت جارية، وفخورة بذلك، أما المذنبون، فيمكن البحث عنهم في مكان آخر! المذنبون.. هل هو الأغا رستم؟ تاجر الرقيق؟ هل من حقي أن ألوم على أبي؟ أو على الرجال جميعاً أسياد الحريم؟ وكان علي أن أغير مشاعري تلك، فهذا أسهل من كرههم، إلى حد ميلاد مشاعر داخلي برغبتي في قتلهم، قتل جدتي، وقتل رستم، وقتل رقية زوجته، بل قتل أبي وكل سيد للحريم. وحان موعد تزويج الجاريتين من فريد بك، فبدأ تجهيز واحدة، هي إندشا، فقد اختارها البك، حيث كان لها وقع في قلبه، وإعجاب بجمالها الأوروبي الهاديء، وصوتها الجميل في الغناء، وعزفها على البيانو. حملت إندشا بعد الزواج مباشرة في رمزة، ولكن الأم بدأت صحتها في الاعتلال، بعد ولادتها مباشرة، حتى أنها لم تستطع أن ترضع ابنتها، فأحضروا لها مرضعة، ولاعتلال صحة إندشا الدائم، وفقد الأمل في الشفاء، تم تزويج فريد بك من أختها نرجس، ولم يحدث ذلك الزواج أية غيرة بين الأختين، فقد استمر رباط الأخوة بينهما. أنجبت نرجس حوالي خمسة أولاد، ماتوا كلهم صغاراً، ولم يتبق سوى رمزة، التي تولت شؤون تربيتها خالتها نرجس، نظراً لاعتلال صحة الأم.


      وهكذا انقضى عهد. فبميلاد رمزة، بدأ عهد الجيل الثاني، بقيت هي المدللة في القصر، شاهدت رمزة كثيراً من الخرافات في معتقدات الحريم، كالعلاج بالرقية من الحسد والنظرة الشريرة، والخوف من الجن والعفاريت، ورش الملح لطرد العين الشريرة، وعمل عروسة من الورق، وتخريمها بإبرة، ثم إلقائها في النار، لتقضي على عين الحسود، وعندما مرضت رمزة بالتيفود، كدن يقتلنها بتلك الخرافات، ولم ينقذها منهم سوى أبيها الذي أحضر لها طبيباً، أمر بتجريدها من ملابسها، وإلقائها في ماء مثلج لتخفيف الحرارة، وأقام على علاجها حتى شفيت،

      كان الأب يمتلك مكتبة كبيرة، ويعقد فيها صالوناً أدبياً، يحضره أدباء وشعراء،
      كشوقي بك، ومحمد عبده، وغيرهم، وفي غياب أبيها، دخلت رمزة، ذات الأعوام الأربعة، المكتبة، وأرادت الكتابة، وكانت النتيجة، سكب الحبر على الكتب وعلى ملابسها وجسدها، فخافت، واختبأت طوال اليوم من أبيها، الذي توقعت منه أشد العقاب، كما توعدتها بذلك خالتها نرجس، ولكن الأب ضحك لشكلها، وعلم مدى احتياج ابنته للعلم، فأحضر لها الأقلام الرصاص والورق، وبدأ في تعليمها،

      أحضرت جدتها إليها في البيت، الشيخ حفني سليمان، ليعلمها القرآن وقراءته وكتابته وحفظه، وبمرور السنوات، كانت تتقدم في التعليم، فأحضر لها أبوها أساطير “تشارلز بيرو”، وكان يقرأها عليها بالفرنسية، وكان لهذه الأساطير الفضل في تعليمها الأبجدية الفرنسية، بالحروف والصور، ثم أحضروا لها مدموازيل هورتان، لتعلمها الفرنسية، كما علمتها أمها التركية والفرنسية، والعزف على البيانو وآلة الكمان وقراءة النوتة الموسيقية، فكانت تعزف الموسيقى الكلاسيك لكبار العازفين أمثال: شوبان وباخ وبتهوفن وموتزارت. وأحضر لها أبوها الشيخ ناصف، ليعلمها الشعر والأدب، وقد كان طالباً بالأزهر، فأعطاها دروساً في النحو واللغة والحساب. وكانت في هذه الأثناء، تذهب مع جدتها لزيارة أولياء الله الصالحين، وتشاهد الموالد، وكان مولد السيد البدوي بطنطا، من المشاهد التي أخذتها وتأثرت بها، فأجادت في وصفها في الرواية، وخاصة وصف الراقصة ذات الكحل الأسود في العينين. دخلت بعد ذلك مدرسة “الميرديديو” التي يقوم بالتدريس فيها الراهبات، وهي مدرسة كانت منشأة حديثاً في حي الإسماعيلية الجديد، الذي أنشأه الخديوي إسماعيل، وقد اشتهرت هذه المدرسة بتعليم الفرنسية لأولاد الطبقة الأرستفراطية. تحدثت رمزة عن أبيها، كيف كان فكره متنوراً، كما كان صديقاً شخصياً للشيخ محمد عبده، الذي أصبح فيما بعد، مفتياً للديار المصرية،


      كان الشيخ محمد عبده، يعارض، باسم العدالة، كل من يعامل المرأة على أنها مخلوق أقل من الرجل، وكان يرى أن هذا هو أساس تجديد الأمة، فأرسل بناته إلى مدرسة السَّنِية، ليكون قدوة، في وقت كانت تمنع البنت من حق التعليم، حتى لا تفسد خصالها المرغوبة، كانت رمزة سعيدة بحياتها الجديدة في المدرسة، فدرست اللغات التركية والفرنسية والإنجليزية، كما تعلمت الرسم والغناء من مغنيات إيطاليات. وفي المدرسة، تعرفت على بهيجة، التي أصبحت صديقتها، وكانت نقطة تحول في حياتها. تخرجت رمزة ومعها بهيجة من المدرسة، قدمت رمزة بهيجة لأبيها، لم تكن بهيجة من أسرة أرستقراطية، مثل رمزة، كان أبوها تاجراً غنياً، وعندما توفيت زوجته، تزوج بأخرى، فأذاقت خديجة وأخاها ماهر الويل، تم تبادل للزيارات بين بهيجة ورمزة، وهناك قدمتها خديجة لماهر أخيها، كان طالباً في الكلية الحربية، لم يكن مسموحاً لرمزة الخروج بغير حجاب، إنها في الرابعة عشر من عمرها، كما لم يعد مسموحاً لها بترك الحرملك، والذهاب إلى مكتبة أبيها لحضور الندوات، كما كانت تفعل وهي طفلة،

      وبعد مداولات، سمح لها أبوها أن تستمع للندوات من خلف الستائر في الغرفة المجاورة، بشرط ألا يظهر منها شيء، أو يطلع لها صوت، وفي ذلك تقول: “كنت أختفي خلف الباب، وأحياناً أفتح ضلفة منه
      كي أسمع بوضوح أصوات الشيخ محمد عبده، الذي قام بإعادة إصلاح جامعة الأزهر في عصره، وقد حركت أفكاره العالم الإسلامي كله، وأصوات شوقي بك، وإسماعيل صبري، وشاب له ضحكات رنانة تعجبني، إنه البرنس حيدر علي، وذات مرة، حين كنت في السادسة عشرة، اجتذبتني مناقشة حامية، كدت أقربها، خشية أن يكتشفني أحد، لم أستطع، سمعت كلاماً عن إتاحة الفرصة لتعليم السيدات، ومنحهن نفس حقوق الرجال، وتحريرهن من الحجاب، وتغيير قوانين الزواج، وألا يسمح بزواجهن دون إرادتهن، أو يطردن دون سبب، كنت أتمنى أن أرى وجه المتحدث الشاب،


      وفي اليوم التالي، دخلت المكتبة، فوجدت على مكتب أبي كتاب تحرير المرأة، وعرفت أن صاحبه هو صاحب الصوت،
      قاسم أمين، الاسم الذي لا ينسى، لقد كتب بيده إهداء لوالدي، افتخرت به، وكأن الإهداء لي، وفي اليوم التالي، حكيت لزملائي عنه، فلم يعرفن شيئاً عن الكتاب، ولكن كثيرات منا اشترينه وحفظته بعضهن عن ظهر قلب، وصار ترسانة لأفكارنا. وراحت رمزة تقرأ كل شيء، تلتهم الروايات الإنجليزية والفرنسية، وفي عام واحد، توفيت جدتها، ثم توفيت زوجة أبيها جولستان، وبعدها بسنوات قلائل، توفيت أمها، وبقيت رمزة مع نرجس وأبيها ومدموزيل هورتان، وفي هذه الأثناء، توطدت الصداقة بين رمزة وبهيجة، زميلة الدراسة، حتى أنهما لم يفترقا، ثم أخبرتها بهيجة بنبأ زواجها، وعندما سألتها عن زوجها، عمله شكله صفاته، أخبرتها بأنها لا تعلم عنه شيئاً! فأبوها اختاره، وذلك هو العرف السائد،


      كادت رمزة تجن، وكأنها لا تنتمي لهذا العالم، “لقد استسلمت بهيجة لقدرها، كما فعلت أمها، وكما فعلت كل نساء مصر قبلها، كنت أرغب في شتمها، لكني كنت مشفقة عليها، لم أستطع أن أساعدها، فكيف ألومها، ولكني أقسمت ألا أكون مثل بهيجة.

      وذات يوم، وجدت رمزة خالتها تجلس مع سيدة ممتلئة، علمت أنها الخاطبة، طلبت نرجس من رمزة تقديم القهوة، فأطاعتها حتى لا تحدث مشكلة أمام الخاطبة، وبعد انصرافها، سالت رمزة خالتها عما يحدث، فأخبرتها بتزويجها، تشاجرت مع خالتها، لأنها ترفض الزواج بهذه الطريقة، ولكنها سرعان ما اقتنعت، عندما سمعت من نرجس معلومات تفصيلية عن العريس، وطلبت منها ألا تخبر والدها بذلك، فقد كان من العرف ألا تعرف البنت شيئاً عن عريسها، قبل الزواج، اضطرت رمزة إلى التخلي عن مبادئها مؤقتاً، لترى نهاية تلك التمثيلية، أو على الأقل لتراه شخصياً، وفي اليوم التالي، جاء أربع سيدات، منهم أم العريس، لرؤية العروسة، قدمت رمزة لهن القهوة، وكانت مطيعة لخالتها في ذلك اليوم، بعد أن كانت دائمة الشجار معها، وبعد أيام، عرضت مدموزيل هورتان على رمزة صورة عريسها، فأعجبت بشكله، ولكن من أين حصلت هورتان على الصورة؟ أنبأتها هورتان بأن العريس هو الذي أعطاها لها لتراه، وأخبرها بأنه سيزور والدها في اليوم التالي، مع مجموعة من الأصدقاء، وسوف يضع وردة في عروة الجاكيت لتتعرف عليه، فاطمأنت رمزة لفكره المتنور، وخاصة بعد أن عرفت أنه درس الهندسة في فرنسا، لمدة أربع سنوات،

      وفي اليوم التالي، أطلت عليه من الشرفة؛ شاب وسيم، هو مدحت صفوت. وبدأت هدايا العريس تنهال على بيتهم، على مدى أيام متتالية، فمن عادات الزواج في ذلك العصر، يجلب أهل العريس الهدايا الثمينة إلى بيت العروس، قبل موعد الزفاف، وبدأت نرجس تشرف على إعداد ملابس الزفاف لرمزة، وبعد عدة أيام، توقفت الهدايا، وتوقف عمل الفساتين، وتوقفت كل حركة في البيت، وبعد حيرة، سألت رمزة عن السبب، فأنبئت بخبر وفاة العريس فجأة، حزنت رمزة، ولكنها لا تعرف سبب حزنها، ولكنها استأنفت أيامها في اليوم التالي، بتقديم القهوة المعتادة لأبيها في الصباح، قبل الذهاب لعمله، وقضت يومها في القراءة، وكأن شيئاً لم يكن. وبعد عدة أيام، سافر أبوها لأسوان، لمدة خمسة عشر يوماً، وهي رحلة يقوم بها كل شتاء، بصحبة الخديوي وحاشيته، وفي أثناء سفر الأب، تستغل رمزة المكتبة، لا تتركها ليلاً ولا نهاراً، تجلس لتقرأ بالساعات الطوال، ولا تسمح لأحد بإزعاجها، حتى مدموازيل هورتان التي كانت تجلس بجوارها صامتة.

      وبعد عودة أبيها، جلس معها يخبرها عن الرحلة، كما أطلعها على بعض الصور، فمن بين الصور، فوجئت بصورة ماهر، أخو بهيجة، لقد رأته مرة في بيتها عندما كانت تزورها، وعرفت أنه أصبح ضابطاً، والتحق بحرس الخديوي، وفي تلك اللحظة، وجدت شيئاً يتسلل لقلبها، وفي اليوم نفسه، رأته، وذلك عندما دعتها أخته لرؤية عرض عسكري من نافذة بيتهم في عابدين، حيث سيكون الخديوي ومعه الحرس الخاص، راكباً الخيل وممسكاً بالسيف، وسيكون ماهر من بينهم، لأنه في سلاح الفرسان، وذهبت رمزة مع هورتان لبيت بهيجة، وهو بيت الزوجية بعد أن تم زواجها، ورأته، وتجدد الحب في قلبها. وعندما علمت رمزة بسفر عائلة بهيجة للأسكندرية، لقضاء الصيف، وأنه سوف يتردد عليهم ماهر هناك، أقنعت أباها بالسفر معهم للأسكندرية، وسافرت رمزة مع العائلة، الأب ونرجس وهورتان وبعض الخدم، وأقاما في بيت مجاور لبيت بهيجة، وهناك، تعددت اللقاءات في حديقة بيت رمزة، فجر كل يوم، بين رمزة وماهر، وتعاهدا على الزاج، ولم تخبر بهيجة بسرها، ولا حتى هورتان. أرسل ماهر بشخصية مرموقة لوالد رمزة، شخصية يحبها أبوها، من أجل التوسط لماهر عنده، وهو واصف باشا، محافظ الإسكندرية، ولكن الطلب قوبل بالرفض، ولما استفسرت رمزة من نرجس سبب الرفض، أخبرتها بأن أهل العريس القديم، لم يستردوا هداياهم، وذلك يعني أن رمزة مازالت على ذمتهم، هذا بالإضافة لعدم التكافؤ الاجتماعي بين والد ماهر ووالد رمزة، كادت رمزة أن تجن، ودار الحوار التالي بينها وبين نرجس:
      - لم يستردوا هداياهم
      - لماذا لم تعيدوها؟
      - مستحيل، لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك، وإلا كانت إهانة
      - ولماذا عاقت هدايا مدحت زواجي؟
      - لأنه طالما لم يستردوها، تكون الخطبة قائمة
      - الخطبة مع من؟ مع جثة مدحت؟
      - الخطبة لا تربط الفتاة بالرجل فقط، وإنما بأسرته أيضاً
      فعرفت رمزة للمرة الأولى، أنه لا خيرة للبنت في أمرها، كما علمت أنهم سيزوجوها أخاه الأصغر، فحاولت الحديث مع أبيها في ذلك، وإقناعه بموضوعها، ولكن، بالرغم من تفتح فكر أبيها، إلا أنه لا يستطيع تخطي العادات والتقاليد. وهنا، قررت رمزة الهرب، فجمعت مجوهراتها وبعض أموالها، وغطت وجهها بالحجاب والحبرة السوداء، وخرجت ليلاً من البيت، دون أن يشعر بها أحد، ذهبت لماهر في مقر عمله، وأخبرته بنيتها، فلم يشأ أن يردها، واستعد للمواجهة معها، أخذها إلى بيت مأذون، ولم يرفض المأذون تزويجهما، حيث لم يجد في الشريعة الإسلامية ما يمنع الزواج، وخاصة قد تخطت العروس سن الرشد، فأحضر لهما الشهود، وتم الزواج، ولكن ماهر استبقاها عند أحد الأقارب، لتمكث مع بناته عدة أيام، حتى يدبر السكن. وصل خبر زواجها لأبيها، فرفع قضية ببطلان الزواج، وهكذا تحدت رمزة، بإرادتها، العادات والتقاليد، تحدت أباها الذي كانت تحبه وتتخذه صديقاً، لأنه وقف عائقاً أمام حريتها وإرادتها، فكان عليها أن تكافح لتنتصر لإرادتها وحبها، ووقف بجانبها محام شاب ذائع الصيت في ذلك الوقت، هو الشيخ مصطفى المغربي، الذي آمن بقضيتها، وتتابعت الجلسات، وانتشر الخبر في القاهرة بسرعة النار في الهشيم، وتحدثت الجرائد عن الحدث الفريد، وانقسم الناس بين مؤيد ورافض، حتى الخديوي عندما وصله الخبر، فكانت المفاجأة أنه أبدى موافقته على فعلتها، وإعجابه بجرأتها، كان الخديوي عباس لم يبلغ بعد الثلاثين من عمره، وطبيعي أن يميل لحزب الشباب، ولكن بعد فترة، تحول الخديوي عن رأيه، ورضخ لقوة موقف الأب في القضية، ذلك لأن اللورد كرومر، قنصل إنجلترا العام، زكّى موقف فريد بك والد رمزة، وكأن رمزة، بتمردها، أصبحت حاملة راية الاستقلال المصرية، وذلك ما يخشى منه الاستعمار، بالطبع، فلا شيء يخرج عن العرف، أو يشذ على الشرعية، إنها فكرة متسلطة استعمارية من الدرجة الأولى، أثار موقف رمزة الكثيرين من المطالبين بالاستقلال، ورفعت شعارات في الجرائد؛ الحرية لأمهاتنا، أزواجنا، بناتنا، تعني الحرية للأجيال القادمة.

      لقد استقطبت رمزة الرأي العام، ولكن خذلها الزوج، فلم يصمد كثيراً أمام أول حكم ضدهما ببطلان الزواج وتعزيز موقف الأب، ولم ينتظر ماهر الاستئناف، فقد كان المحامي نفسه مستعداً بمرافعة قوية، تستند للشرع، شاركته رمزة في إعدادها، بعد أن قرأت الكثير في كتب القانون، ولكن الزوج، أمام رفض المجتمع، وتوبيخ أبيه له، تخلى عنها، وتركها وحيدة، وطلب منها العودة لأبيها واستسماحة! كيف؟ بعد كل هذا النضال؟ سقط الزوج من عينها، ولكنها تمسكت بحقها في الحرية، وقالت للزوج: “أنا لكي أتزوجك كسرت ما بيني وبين أبي، بينما مازلت تعيش في طغيان أبيك، الآن يصعد المرء على الحواجز من أجل تحرير المرأة، هل يجب علينا أيضاً، نحن السيدات، أن نكافح من أجل تحرر الرجل؟ فكان لكلمتها وقع الصاعقة عليه، استأجرت رمزة منزلاً في القاهرة، وعاشت به مع بعض الخدم، لحين انتهاء القضية، وكانت تتابع جلسات القضية من خلال المحامي، لأنه كان غير مسموح للمرأة بارتياد المحاكم وقتها، وذات يوم، زارها في شقتها شاهين باشا، محافظ القاهرة، ليبلغها بتأييد صاحب العرش لقضيتها، وعندما سألته لماذا لم يعترض على الحكم، علمت أن الخديوي لا يملك نفوذاً على القضاة، وأن حكم القضاء خارج حدود سلطته! الله ما أروع العدالة على عرشها بالأمس! لقد ذهب عرشها تحت وطأة عروش اليوم؟! وفي أثناء القضية، جاءها خبر موت أبيها، فحزنت حزناً شديداً، وبموت أبيها، تكون القضية سقطت، وبقيت قضية ذلك الزوج، الذي لم تساعده رجولته على الوقوف بجانب زوجته، فكان أضعف منها، حينما قال لها: إن أباها مات غاضباً عليها، وهو يخشى من غضب أبيه وعدم مسامحته له، وحين سمعت ذلك، طلبت منه الطلاق فوراً، “هلم انطقها انطق حكم الإعدام، أنت جبان! عندئذ، نطقها، ولم ينطقها ثلاثاً، عله يعود إليها يوماً، أما هي، فقررت ألا تعود إليه أبداً. وهكذا، عادت رمزة منتصرة لقضية المرأة، مضحية بحبها، “والآن، استطعت البكاء فقط، عندما انبلج الصباح، شعرت بعد هذه الليلة، أني مستنزفة القوى، ومنهكة من التعب، وغير منتصرة، تقطع قلبي، وبعد ذلك، وجدت نفسي، مرة أخرى، حرة، قوية، متماسكة، كان يملؤني رضا مر”. ترى، هل عادت رمزة منهزمة كما قالت؟ ربما، ولكن ذلك لا يهم، فإن ما يهم هو أنها رسمت الطريق، وعبدته، لا للكفاح ضد سلطة الرجل فحسب، وإنما للخلاص من أي سلطة، لا هم لها سوى خنق الحريات.°°°°°

      سبحان الله وبحمد
    • السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

      هلا أختي الفاضلة / بنت قابوس :)

      لا تعتذري ولا تحتاجين إلى الاعتذار ...

      إليك الرواية على سيرفر الساحة .

      http://www.oman0.net/uploads/ralkhalil.pdf

      محبتي الاخوية واحترامي :)
    • أشكرك أخي الخليل...

      ﻻ أعرف كيف فعلت هذا...

      ولكني أشكرك...

      الرابط مباشر...

      بارك الله فيك

      اﻵن يمكننا قراءة الكتاب وناقشة بعض ما فيه..كأول كتاب في هذه السلسلة...
      سبحان الله وبحمد
    • بنت قابوس كتب:

      أشكرك أخي الخليل...

      ﻻ أعرف كيف فعلت هذا...

      ولكني أشكرك...

      الرابط مباشر...

      بارك الله فيك

      اﻵن يمكننا قراءة الكتاب وناقشة بعض ما فيه..كأول كتاب في هذه السلسلة...


      لا شكر على واجب أختي الفاضلة ..

      وإذا احتجتي شيء أخر لا تترددي بالطلب .

      محبتي الاخوية واحترامي :)
    • رواية جميلة حقا...

      أسلوب سلس ..

      طرح رائع خال من التعقيد...

      خياليه ..ولكنها واقعية...

      حملتها في هاتفي وبدأت أقرأها...

      أتمنى أن تحملوها وتقرؤوها أيضا..

      وبعدها ربما سنتحدث قليﻻ حول الفكرة المطروحة في الرواية..
      سبحان الله وبحمد
    • مساء الخير....

      لقد انتهيت من قراءة الفصل الأول...

      بالفعل شيء مثير وخيالي...

      كيف كانوا يخطتفون الفتيات ويبيعوهن كجواري للبشوات ... والأمراء.....!!!!

      وكيف هي الحياة في مجتمع " الحريم " أو الحرملك ... وهو قصر السلاطين المماليك الأتراك ... الذين حكموا مصر...

      أسلوب رائع في الكتابة ...

      أنصحكم بقرائته ...

      حتى تعرفوا مقدار النعمة التي تعيش فيها النساء الآن...

      لقد بدأت قوت القلوب بالحديث في الفصل الأول عن جيل أمها ... الجواري ... وكيف وصلن للقصور ... وكيف كانت حياتهن ...

      وفي الفصل الثاني بدأت تتحدث عن نفسها ... عن طفولتها وعن أبيها وكيف اكتسبت العلوم منه ...كسابقة غير متوقعة في عصرها ...

      عصر كانت الفتاة محرومة فيه من التعليم ..
      سبحان الله وبحمد
    • أمستردام : رؤوف مسعد
      بعد مرور عشر سنوات من ظهور قائمة د.علي الراعي التي أصدرها قبيل رحيله في دراسته عن " الرواية في الوطن العربي" دار المستقبل العربي، القاهرة1991 والتي اُعتبرت من بعض الاوساط الثقافية وثيقة شبه رسمية ممهورة بتوقيع واحد من اهم النقاد العرب، آنذاك، تعلن لجميع القراء أسماء مؤلفين وعناوين مؤلفاتهم التي لمسها بخفة الدكتور الراعي.
      المدقق في قراءة كتاب الراعي سيكتشف بدون عناء وجود (80) كاتبا وكاتبة، بينما قرر اتحاد الكتاب العرب (بعد عشر سنوات من صدور القائمة الاصلية) إضافة 25 اسما منعا للعتب. بحسبة بسيطة سنكتشف ان بلدان الوطن العربي لم تنجب سوى كاتبا ونصف كاتب بالنسبة لكل بلد، فما بالك إذ استحوذت مصر كعادتها (باعتبارها الشقيقة الكبرى)، على نصيبين اوثلاث؟!
      أصدر اتحاد الكتاب العرب "قائمة" أخرى بأفضل 105 رواية عربية (طبقا لمجلة "أخبار الأدب"المصرية في 8 أيلول/ سبتمبر الحالي) والمثير للدهشة ان الاتحاد اعتمد على ترشيح الاتحادات الإقليمية، بينما في الحقيقة ان الاتحاد أعاد نشر قائمة الناقد الراحل علي الراعي، مع اضافة تعديلات بسيطة ذرا للرماد في العيون أو تلبية لحسابات ومصالح شخصية.
      وسنكتشف انه بعد مرور عشر سنوات على صدور قائمة علي الراعي، ان الاتحادات القُطرية قد استيقنت بعد ان استخارت اهل العلم، بأن لا مياه قد جرت على الاطلاق تحت أي جسر من الجسور وان الحركة الادبية العربية ساكنة سكون اهل الكهف، بالرغم من الاصدارات المتوالية والمصادرات الي تلهث ورائها.
      فهل هذا ما قصدته الاتحادات الاقليمية؟ ونحن نعلم ان المسيطرين على امورها، لاتعنيهم عملية الكتابة ومتابعة الابداعات، بقدر ما تعنيهم رصد أصحاب الكتابات الجديدة وإدانتهم، مسبقا، مثل ما حدث في مصر، لضمان استقرار علاقاتهم بالسلطان الذي غالبا ما تكون علاقاته بأهل الكتابة سيئة؟!
      أو لعل هذا ما تقصّده الاتحاد العام للكتاب العرب الذي يعاني من مشاكل "عدم النمو" وانعدام الرؤية، فأراد ان يثبت ان الساحة التي تركها علي الراعي، بقيت كما هي، وان الكتابات الجديدة مجرد هلوسات.. وان من يريد ان يعرف عن احسن واهم مائة وخمسة كاتب وكتاب فعليه أن يسأل اتحاد الكتاب العرب والرجوع إلى قائمته .. وما أدراك ما القائمة.
      وسأقوم بمقارنة سريعة، هنا، اعرف مسبقا انها مملة بعض الشيء لكن ما باليد حيلة وقد فرض الاتحاد الملل علينا باعتباره سمة مميزة له ولأهله! بالرغم من اننا لسنا من مريديه ولا من قبائله.
      أولا بعض الملل، لو سمحتم، بمتابعة قائمة الدكتور على الراعي (طبقا لتقسيمه)


      الرواية في المشرق العربي
      1- الرواية في مصر
      "يوم قتل الزعيم"، نجيب محفوظ، "نجمة أغسطس"، صنع الله إبراهيم "السائرون نياما"، سعد مكاوي، "العنقاء أو تاريخ حسن مفتاح"، لويس عوض، "فساد الأمكنة"، صبري موسى، "قالت ضحى"، بهاء طاهر، "زهر الليمون"، علاء الديب، "الشيخوخة والباب المفتوح"، لطيفة الزيات، "النزول إلى البحر"، جميل عطية إبراهيم، "الأخت لأب وسطور من دفتر الأحوال"،عبد الحكيم قاسم، "الطوق والأسورة"، يحيي الطاهر عبد الله، "مالك الحزين"، إبراهيم اصلان، "رباعية الوتد" خيري شلبي، "حكاية تو" فتحي غانم، "حجر دافئ"، رضوى عاشور، "ترابها زعفران"، إدوار الخراط، "عذراء الغروب" و "دوائر عدم الإمكان"،مجيد طوبيا، "نوبة رجوع"، محمود الورداني، "الصياد واليمام"،إبراهيم عبد المجيد، "أصوات"، سليمان فياض، "ليلى والمجهول"، إقبال بركة، "من التاريخ السري لنعمان عبد الحافظ"، محمد مستجاب، "بلد المحبوب" يوسف القعيد، "الناب الأزرق"، فؤاد قنديل، "وقائع حارة الزعفراني"، جمال الغيطاني، "يوم تستشري الأساطير" محمود حنفي، "بوابة مورو"، سعيد سالم
      وهنا مزيدا من الملل في القائمة الجديدة لاتحاد الكتاب العرب ( سأعفي القارئ الصبور من عناوين الروايات).
      من مصر :
      نجيب محفوظ، صنع الله إبراهيم، يوسف القعيد، إدوار الخراط، جمال الغيطاني، إبراهيم عبد المجيد، بهاء طاهر، يوسف إدريس، فتحي غانم يحي حقي، أبو المعاطي أبو النجا، خيري شلبي توفيق الحكيم عبد الحكيم قاسم، محمد جبريل، رضوى عاشور، طه حسين، صبري موسى، يوسف السباعي، مجيد طوبيا، محمد عبد الحليم عبد الله، ثروت اباظه إحسان عبد القدوس محمد البساطي، سعد مكاوي، جميل عطية إبراهيم، لطيفة الزيات .
      مدهش أليس كذلك؟! ولكن الأكثر مدعاة للدهشة هو تطابق "رأي" الاتحاد المصري مع موقف علي الراعي الذي حدد موقفه منذ البداية بأنه يقوم برحلة بانورامية للإبداع الروائي العربي وانه اختار متعمدا "موضوع القهر، القهر بكل أشكاله .. نغمة واحدة متنامية متصاعدة تصل إلى سمع من يقوم بهذه الرحلة" كما انه يقدم طبقا لمنهجه النقدي دلالات تأويله وفهمه للنصوص التي أشار إليها.
      لقد اشفق علينا الدكتور الراعي وقدم لنا منهجه "الايديولوجي" باعتباره منهجا نقديا. لا بأس هذا من حقه، ونحن من جانبنا لنا الحق في قبوله او رفضه .لكن لم نعرف " الموقف النقدي" أو حتى الآيديولجي للاتحاد المصري، إذا كان له موقف من الاصل، وهل اكتفى برأي الراعي وموقفه السياسي؟ واذا كان كذلك فلماذا لم يتكتم " ايديولجيته " في زمن لم تعد فيه الايديولجيات التي لها علاقة بالواقعية الاشتراكية وما شابه تزعج اهل الحكم بقدر ما تزعجهم ايديولوجيات الاسلام السياسي والتكفير والهجرة.
      قدم اتحاد الكتاب العرب معظم الأسماء التي أشار اليها الدكتور الراعي مع حذف البعض وإضافة البعض الآخر، بل ان "اختياراته" لم تختلف كثيرا عن اختيارات الراعي إلا فيما ندر في محاولة "تحديث" موقف الراعي من بعض الأعمال التي صدرت بعد رحيله مثل رواية "شرف" لصنع الله إبراهيم و"رامة والتنين" لإدوارد الخراط و"لا أحد ينام في الإسكندرية" لإبراهيم عبد المجيد.. الخ بل وسنندهش إذ ان اختيارات الراعي للأشخاص وللروايات كانت هي السمة الغالبة المشتركة بين قائمة الاتحاد وقائمة علي الراعي (حتى بعد ان انتقل بعض الكتاّب إلى الرفيق الأعلى ).


      2- قائمة الراعي عن فلسطين والأردن
      أميل حبيبي، جبرا إبراهيم جبرا، غسان كنفاني، يحي يخلف، سحر خليفة، رشاد أبو شاور، ليانة بدر، تيسير سبول، إبراهيم نصر الله.


      قائمة الاتحاد
      جبرا إبراهيم حبرا، غسان كنفاني، أميل حبيبي، يحي يخلف، رشاد أبو شاور، سحر خليفة، غالب هلسا، حسن حميد، الياس فركوح.


      3- قائمة الراعي عن سوريا
      حنا مينه، حيدر حيدر، حليم بركات، هاني الراهب، خيري الذهبي، غادة السمان، عبد السلام العجيلي،حميدة نعنع، نبيل سليمان.


      قائمة الاتحاد
      غادة السمان، حنا مينه، حيدر حيدر، نبيل سليمان، هاني الراهب، عبد الكريم ناصيف، وليد اخلاصي حليم بركات، عبد السلام العجيلي، قمر كيلاني، ياسين رفاعية (أين الروائي سليم بركات؟)


      4- قائمة الراعي بالنسبة إلى لبنان
      توفيق يوسف عواد، الياس خوري، هدى بركات، حنان الشيخ، أملي نصر الله


      قائمة الاتحاد
      الياس خوري، سهيل ادريس، يوسف حبشي الشقر، ليلى عسيران، الياس الديري، حنان الشيخ
      (لماذا شطب اسم الكاتبة اسم هدى بركات، الفائزة بجائزة نجيب محفوظ للرواية، فما السبب؟).
      5- قائمة الراعي عن العراق
      فؤاد التكرلي، غائب طعمة فرمان، عبد الخالق الكابي، عبد الرحمن مجيد الربيعي، غازي العبادي


      قائمة الاتحاد
      عبد الرحمن مجيد الربيعي، فؤاد التكرلي، غائب طعمة فرمان، عبد الخالق الركابي، موفق خضر، خضير عبد الأمير (الكاتب العراقي سليم مطر نشر رواية جميلة "امرأة القارورة" وفازت بجائزة ادبية، لماذا تم تجاهل هذا الكاتب؟!).


      6- قائمة الراعي عن السعودية
      عبد الرحمن منيف، عبد العزيز مشري وغازي القصيبي


      قائمة الاتحاد
      عبد العزيز المشري وعبد الرحمن منيف (أين الروائي تركي الحمد؟)


      7- قائمة الراعي عن الكويت


      إسماعيل فهد إسماعيل، ليلى العثمان، وليد الرجيب


      قائمة الاتحاد
      اسماعيل فهد اسماعيل،


      8- قائمة الراعي عن اليمن
      زيد مطيع دماج ومحمد احمد عبد الوالي


      قائمة الاتحاد
      زيد مطيع دماج (رواية الكاتبة اليمنية نبيلة الزبير "هذا جسدي" أفضل من الكثير من الروايات المدرجة في قائمة الاتحاد؟)


      9- قائمة الراعي عن البحرين
      إبراهيم خليفة، أمين صالح وعبد الله خليفة


      قائمة الاتحاد
      فوزية رشيد


      10- قائمة الراعي عن السودان
      الطيب صالح ومكي محمد علي


      قائمة الاتحاد
      الطيب صالح (فقط!) (ماذا عن الكاتب السوداني طارق الطيب، المقيم في النمسا؟)


      11- قائمة الراعي عن ليبيا
      احمد إبراهيم الفقيه (فقط!)



      قائمة الاتحاد
      إبراهيم الكوني، وأحمد إبراهيم الفقيه


      12- قائمة الراعي عن تونس
      البشير سلامة، محمد الهادي بن صالح، محمد صالح الجابري، محمد شاد الحمزاوي، عروسية النالوتي ومحمد العروسي المطوي


      قائمة الاتحاد
      محمود المسعدي،،حسن نصر وصلاح الدين بوجاه، البشير بن سلامة، البشير اخريف (وماذا عن حسونة المصباحي والحبيب السالمي؟)


      13- قائمة الراعي عن الجزائر
      الطاهر وطار، رشيد بوجدرة وعبد الحميد بن هندوقة


      قائمة الاتحاد
      أحلام مستغانمي، زهور ونيسي الطاهر وطار (اين ابراهيم سعدي؟ ولماذا تم شطب رشيد بوجدرة؟)


      14- قائمة الراعي عن المغرب
      عبد الكريم غلاب، عبد الله العروي، محمد زفزاف، احمد المديني، مبارك ربيع، لحمداني حميد.



      قائمة الاتحاد
      محمد شكري، محمد برادة، مبارك الربيع،محمد عز الدين التازي وعبد الكريم غلاب (هل يعقل ان يتم شطب اسم الكاتب الافضل في المغرب واقصد محمد زفزاف؟ وأين الكاتب ادريس الخوري؟).
      وتدارك الاتحاد بلدين لم يذكرهما الراعي هما موريتانيا، موسى ولد ابنو واحمد ولد عبد القادر، ومن الإمارات علي أبو الريش.



      ومن الملاحظ هنا استيلاء مصر على نصيب الأسد وقد يُبرر هذا بكثافة التعداد السكاني و"ريادة مصر" الخ لكن ليس هذا بالتبرير الكافي خاصة ان أجيالا جديدة من الكتّاب ظهروا في مصر ولم يأت على ذكرهم، خاصة من الكاتبات اللاتي أتين بعد لطيفة الزيات وسلوى بكر مثل ميرال الطحاوي وسهام بيومي ونجوىوغيرهن بل ان الاتحاد تجاوز عن روائية مؤثرة بشدة في جيلها والأجيال اللاحقة هي نوال السعداوي ( ولعل الضجة التي كانت مُثارة عليها كانت السبب!)
      بل اني لاحظت تجاهل الاتحاد لروائيات عربيات مثل نجوى بركات وعالية ممدوح وأسيمة صالح درويش وغيرهن ممن لا تحضرني اسمائهن.
      وبالنسبة للسودان واليمن، على سبيل المثال، ألم يظهر كتاب مؤثرون بعد الطيب صالح (الذي توقف عن الكتابة منذ فترة طويلة ) أو عن الراحل زيد مطيع دماج ؟
      وقد يتحجج الاتحاد انه طلب مائة رواية أو مائة وخمسة (مثل أسعار الأحذية!) ولكن لماذا هذه الفكرة العبقرية التي تختصر إنجازات سنوات طويلة للعديد من الروائيين والروائيات في مائة عمل وخمسة ؟!
      الدكتور علي الراعي اعترف في مقدمة كتابه بصعوبة الحصول على النصوص "خاصة تلك التي يقل ورودها إلينا في القاهرة من المغرب والجزائر والمشرق العربي" وهو يقدم الشكر لعدد من الكتاب والنقاد الذين قدموا له العون في هذا الصدد
      ونحن نقدم للدكتور الراعي الشكر والعذر: نشكره لبحثه الريادي وغير المسبوق في الرواية العربية. ونعذره لانه لم يتمكن من الإطلاع على روايات اخرى لم تسمح بها ظروفه ان يطلع عليها. لكن ما هو العذر الذي يقدمه اتحاد الكتاب العرب؟ بالتأكيد سيقول: لقد طلبنا من الاتحادات الإقليمية ان ترشح لنا.. وهذا ما قدمته لنا
      وسأفترض صحة وصدق هذه المقولة لكني لم اعرف بعد السبب، أصلا، لكي يقوم اتحاد الكتاب العرب بهذه "الجردة"، فهل هناك سبب مالي خفي مثلا أو ثمة أمل في نقود تأتي من جهة ما لتوضع في خانة " البحث عن مائة رواية عربية" ؟!
      لماذا قرر الاتحاد فجأة ان "يمارس" المخاض ؟ وهو الذي يعرف جيدا ان معظم الكتاب العرب لا يعترفون بهذا الاتحاد، الذي يحاول ان يمنح بركاته لهذا الكاتب او ذاك؟.
      المناقشة هنا غير معنية، بما إذا كانت قائمة الاتحاد منصفة أم لا، فنحن نكن الإعجاب لكتابات "قلة" ممن وردت أسمائهم .أليست كل نفس لما قُدّر لها ؟ لكني كنت أتمنى ان يبذل الاتحاد جهدا حقيقيا في التعرف على أذواق القراء العرب واهتماماتهم بل ورغباتهم بأن يقوم بعمل دراسة مثلما تعودنا ان نقرأ بين وقت وآخر عن دراسات تقوم بها مؤسسات غربية للكشف عن اكثر الكتب قراءة وبالتالي تكشف عن تطور ذوق القارئ واهتمامه صعودا وهبوطا من خلال القراءات التي يمارسها.
      ولكن هذا لن يتأتى، لسبب بسيط، هو عزلة الاتحاد عن جماهير القراء، متمشيا مع العرف السياسي السائد .وكنا نتمنى على الاتحاد ان يقدم لنا دراسة، مثلا، عن الكتب المصادرة في الوطن العربي وأسباب المصادرة وعن تعارض هذه الأسباب، أو تلاقيها مع الدساتير والقوانين المحلية وعن حق الإنسان في اختيار ما يريد ان يقرأ.
      كنا نتمنى على الاتحاد العام ان يقدم لنا ما قام به ( او مالم يستطع القيام به) في التواصل مع الكتاّب المسجونين والمعتقلين في أرجاء الوطن العربي بتهمة "ارتكاب" كتابات سياسية أو روائية تعكر أمن وصفاء وطمـأنينة أرباب البيت .
      وكنا نتمنى على الاتحاد ان يقدم لنا قوائم باسماء الكتاب الذي تلاحقهم سلطات بلادهم واضطروا للهرب ويعانون من شظف العيش ومرارة الغربة خارج اوطانهم وماذا فعل الاتحاد لهم أو حتى، ابسط الأيمان، ماذا ينوي ان يفعل؟
      أليس هذا أجدى وانفع من نشر قائمة "كسولة" منقولة من قائمة الدكتور علي الراعي الذي بذل الجهد والوقت ليحصل عليها وينشرها. قائمة كسولة لم يتكلف من قام بها جهدا أو وقتا.. بينما المواضيع التي تستحق الجهد والوقت "والأنفاق" متراكمة ومكدسة وقد غطاها تراب التخلف والكسل.


      رؤوف مسعد







      لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين يا مُسخّر لحظات الجبر لعبادك، اكرمنا..
    • أخي الفوارس

      بداية أشكرك على إضافتك

      ولكنها خارج موضوعنا ..

      نحن هنا نقرأ لقوت القلوب الدمرداشية

      بارك الله فيك
      سبحان الله وبحمد
    • بقلم د فاتن حسين:


      ولنقترب الآن من قوت القلوب وحياتها،

      من خلال روايتها: “رمزة”،

      ونتعرف تفاصيل سر هذا العالم،
      لأول مرة، استغرقت الرواية جيلين؛ جيلها وجيل أمها، وبدأت بجيل أمها التي كانت تحبها حباً شديداً، كانت تنتمي أمها لعالم الحريم، عالم الجواري، وتبدأ في استعادة ذكرياتها مع أمها فتقول: “حين أستعيد بذاكرتي تلك الأيام، أتساءل: هل هؤلاء النساء اللاتي عرفتهن وشاركتهن حياتهن، كن تعيسات؟ لا أعتقد ذلك، لقد كن، على الأرجح، غير ذلك، لم يكن في أذهانهن أي معنى للحرية، لم يفتقدن الحرية، كن يمتلكن كل ما يتمنين، كن راضيات بالراحة التي يتمتعن بها،

      وكانت هناك نساء قليلات جداً – مثلي – لديهن حاجات مختلفة، في هذا الجو، ولدت رمزة وترعرعت، في حريم عائلة غنية بين الجواري من كل نوع، كلهن تم شراؤهن، أو كن بنات لجوار، وحتى اللاتي تم تحريرهن، لم تجروؤن على الخروج للحياة العامة، فقد عشن أيضاً مثل الأخريات، في عالم غامض، ينتهي عند أسوار الحرملك”، و
      ”الحرملك” كلمة تركية، تعني مكاناً مرتفعاً ونائياً في البيت، أو القصر المخصص للحريم، وهو بعكس “السلملك”، مكان اجتماع الرجال، ولابد أن يبعد “الحرملك” عن “السلملك” بمئات الأمتار، كن يقضين حياتهن داخل هذا الحرملك، جالسات ساعات طوال خلف المشربيات،

      والمشربية تعني التراس، أو البالكون، وله ضلفة خشبية، عليها نقوش وثقوب، لترى من ورائها من بالخارج، ولا يراها أحد، وهذه الضلفة تفتح لأعلى، فتغطي من يقف بالمشربية، إذا فتحها، كانت كل علاقتهن بالعالم الخارجي، تتوقف عند حدود ما يرين من خلف تلك المشربيات،


      قصت الأم قصتها على ابنتها في سنوات عمرها الأخيرة، حينما هاجمها المرض، وأقعدها في الديوان فترة طويلة، والديوان هو الفراش باللغة التركية، كانت رمزة تسمع سعال أمها، فتبكي، وعندما تنادي الأم عليها، تسرع إليها وتلتصق بها، فتدلك الأم رأسها بحنو، وتقول لها: أنت غزالتي، وفي هذه الأثناء، كانت تقص عليها قصتها على مدى أيام متوالية،

      وكانت رمزة تستمع باهتمام، وفي كل يوم، كانت تندهش من هول ما تسمعه، عن هذا العالم المليء بالأسرار، حتى امتلأ قلبها غيظاً وحنقاً منه، ولم تر أمها غضاضة في ذلك، بل على العكس من ذلك، كانت الأم تجتر تلك الذكريات بسعادة، وكأنها تحكي عن أجمل سنوات عمرها! فتتعجب رمزة من حال هؤلاء النسوة، اللاتي جبلن على العبودية، من هنا بدأت رمزة تضع يدها على جذور هذه القضية، التي مازالت تشغل العالم إلى الان.

      لم تستطع الأم ذكر القرية التي ولدت بها، ولكنها كانت تذكر أنها قرية محاطة بسياج من الجبال ذات اللون البنفسجي، وحينما كانت تلعب وهي طفلة، في حديقة بجانب منزل صغير، بالقرب من كنيسة، كانت دائمة الذهاب إليها والوقوف بالمذبح، حين كان يحنو عليها القسيس حنو الوالد على ابنته، فقد كانت الأم مسيحية، وكانت من الصرب، فذلك ما عرفته الأم في وقت متأخر، حينما سمعت صوت خادمة تغني بلغة أجنبية، فتعرفت على لحنها المألوف، حينئذ، أدركت أنها من الصرب. وفي أثناء لعبها بالحديقة، ومع اقتراب المساء، حين كانت صور القديسين بالكنيسة تتلألأ أمام الشموع الموقدة، اقترب منها رجل، كانت تعرفة، ولذا، لم تخف منه، ولكنه أمسك بها فجأة، وأغلق فمها، وقيد ساقيها بعنف، وسمعت صوت أمها يناديها: “أولجا”، ولكنها لم تستطع الرد، كانت تلك ذكريات اختطافها من قريتها، لبيعها رقيقاً، ذهب بها المختطف إلى استانبول، وأودعها مدرسة للراهبات، وهناك قضت معظم طفولتها، وقد كانت محظوظة عن غيرها من الأطفال المخطوفين، لأنها صادفت توفيقة هانم، التي عوضتها عن حنان أمها، تلك المرأة التي اشترتها من التاجر، وعاملتها كابنتها، كانت تناديها “كِسْ” أي الابنة، وهي تناديها “نينا”، أي ماما، ومر زمن، نسيت الفتاة لغتها، ونسيت أنها من الصرب، وتعلمت التركية، وأصبحت هي لغتها، وأدانت بالإسلام، وهناك ذهبت إلى مدرسة تسمى “روميلي-هزار”، فتعلمت فيها التركية، والفرنسية، والأشغال اليدوية، كما أتقنت العزف على البيانو، وتدربت على الإيتيكيت، وقد كانت جميلة جداً، أطلقت عليها أمها اسم “إندشا”،


      وماتت توفيقة هانم، وتحول جزء من ميراثها لأخيها العجوز، وكان من ذلك الجزء، “إندشا”، وقد كان ضابطاً إنكشارياً سابقاً، والإنكشاري في التركية هو أحد ضباط الجيش المحاربين، وتم بيع إندشا بسعر غال، لتاجر رقيق، كان دائم المجيء إلى استانبول لشراء الجواري، وبيعها للأسرة المالكة بمصر، وهو “رستم أغا”، أشهر تاجر رقيق بالقاهرة، أخذها مع عشرين بنت أخرى، وتم شحنهم في سفينة، أبحرت عبر المتوسط لميناء الإسكندرية، وفي السفينة، تعرفت إندشا على فتاة مخطوفة من جبل القوقاز، تسمى نرجس، اقتربا من بعض، وتعاهدا على ألا يفترقا، ودعتا الله ألا يفرقهما، فلبى الله دعاءهما، ومن الإسكندرية إلى ميناء بولاق عبر رحلة نيلية داخل “ذهبية”، والذهبية هي منزل عائم على النيل، به حجرات ليست بها نوافذ، ومن بولاق، انتقلن، بواسطة الحناطير المغطاة بستائر كثيفة، إلى بيت رستم أغا، حتى يتم البيع، والحنطور عربة كانت تسير في شوارع القاهرة تجرها الخيل لتوصيل الناس، ومازالت موجودة إلى الآن،


      كان عمر إندشا، حينئذ، أربع عشرة سنة، لم تمكث كثيراً في بيت رستم، فبيعت هي ونرجس أختها، لمفتش مالية مصر، ومفتش تعني الوزير، أي وزير المالية، فرحت إندشا ببيعها، لا لأنها ستكون عند أقوى مفتش بمصر، ولكن لأنها ستكون مع أختها المشتراة، نرجس، مدى الحياة، حينئذ، نشأت علاقة أخوية قوية بينهما، وكان ذلك الرباط مألوفاً في عالم الحريم، حينذاك، حيث تعقد صلة أخوة بين اثنتين من الجواري، بمجرد أخذ العهد، فيصير ذلك أقوى من رباط الدم بين الأخوات، ويؤكد ذلك في حق التوريث، كان هذا العرف سائداً، كانت تنادي كل منهما الأخرى “أبلة” أي: أختي بالتركية.

      وبعد بيعهما بقليل، أعفي مفتش المالية من منصبه، بل حوكم، وحكم عليه بالنفي خارج البلاد، وقد أحس المفتش بنهايته، فخشي على نرجس وإندشا، لأنهما حظيا عنده، فأراد إنقاذهما من التفريق والبيع، حين يتم التصرف في تركته، فدفع بهما لرستم مرة ثانية، كي يظلا عنده، حتى تمر العاصفة بسلام ويستردهما، وإن لم تمر يكون قد أنقذهما من مصير مجهول.

      ومما كانت ترويه الأم لابنتها عن ذكرياتها في بيت المفتش، أنه كانت تقام هناك حفلات موسيقية راقصة، لتسلية الباشا وزوجاته الأربع، وأولادهن، وجواري الزوجات وأولادهن أيضاً، حيث كان ينسب ابن الجارية من الباشا، للزوجة التي تتبعها الجارية، وكانت كل زوجة تلبس جواريها لوناً خاصاً، يختلف عن جواري الزوجات الأخريات، حتى يُعرفن، ومن أغرب الاحتفالات التي كانت تقام هناك، سباق لعربات خفيفة مبطنة بالحرير، فتحضر أربع عربات، وأربع جوار، وتلبس كل جارية لونها الخاص بها، حسب الزوجة التي تتبعها، ثم تشد بحبل إلى العربة، بدلاً من الخيل، وتجلس كل زوجة من الزوجات الأربع في عربة، وتُعطى إشارة البدء، ومع تصاعد الموسيقى الصاخبة، ووسط ضحكات وقهقهات الحضور، تجري الجواري بالعربات، بطول طريق ذي أشجار أمام القصر، وعندما ينتهي السباق، وتفوز إحدى العربات، تنزل السيدة من العربة، وتنحني للباشا، فيعطيها “بروش” من الماس، ويلقي على بناتها، ملء يديه، من القطع الذهبية، كمكافأة،


      كانت تحكي الأم ذلك، وهي في منتهى السعادة، ولم تشعر بغضاضة في ذلك، وتتعجب رمزة، بل يمتليء قلبها غضباً،
      كيف تعامل المرأة معاملة الخيل، فتجر عربة؟! بل تكون فرحة بذلك! وتتباهى بفوزها في السباق أمام الأخريات! أإلى هذا الحد لم تشعر المرأة بآدميتها؟ تقول رمزة: “كنت أرفض هذا، وكانت نرجس تندهش من علامات تمردي، وترى ذلك أمراً طبيعياً، ولم تستطع فهم تمردي، وفي الحقيقة، كانت مثل هذه القصص المكررة التي أسمعها، هي التي أنبتت في روحي بذور التمرد”.

      وفي أغسطس عام 1873، منع الخديوي تجارة الرقيق، وأطلق الضباط في بيوت تجار الرقيق، للتفتيش عن جوار، حتى لا يحتفظ أي “أغا” بالجواري، و”الأغا”، رتبة في المماليك، كانت تطلق على تجار الجواري الكبار. غضب رستم من حملة التفتيش على منزله، وقد كان يحتفظ بنرجس وإندشا، وأربعة أخريات، ولكنه أفهمهن أن يقلن للجنود أنهن لسن جواري، بل قريبات زوجته وخادمات في المنزل، وبذلك، استطاع رستم أغا أن يحمي نفسه من المساءلة القانونية، واندهشت رمزة من ذلك التصرف من أمها وخالتها، وعندما سألت أمها وخالتها: لم لا تعلن الحقيقة وتحصلن على حريتكن؟
      فقالت الأم: الحرية جميلة، ولكنها حرية تؤدي إلى التسول، الحرية من أجل لاشيء، إنهم يلعنون قسوة تجار الرقيق، هل كان رجل مثل رستم ظالماً، وهو يعامل العبيد مثل بناته، هل كان من الضروري إلغاء أحد فروع التجارة المزدهرة، من أجل رغبة الإنجليز؟ إن الأجانب كانوا يملون على الخديوي قراراتهم، هل العبيد اشتكوا؟ إن الجواري يضمن حياتهن بطولها، طعام وملابس، وزواج من شخصيات مرموقة، وإذا استحققن الحرية، فإنهن يحصلن عليها، والعبيد السود الذين يخدمون في بيوت الأثرياء، يعيشون في هذه البيوت الفخمة، حياة أفضل من تلك التي يعيشها أقاربهم في أحراش السودان والحبشة.

      ودمدمت رمزة: “لم تكن العبودية لها جذور عميقة إلا في أرواح العبيد أنفسهم”. وفي اليوم التالي، أرسلت السيدة جولستان إلى رستم أغا، تطلب منه جاريتين عذراويتين، لحريم فريد بك، حمد الله أن إندشا ونرجس مازالتا عذراوات، فطلب منهما ألا يذكرا قصة ذهابهما لمفتش المالية، بما أنهما مازالتا عذراويتين، فكأن شيئاً لم يكن، ولم يكن فريد بك بعيداً عن منزل رستم، فسارت زوجته رقية بالجاريتين، والوجوه محجبة بالأبيض، وملفوفات من الرأس حتى القدم بالحبرات السود، فلم يتصور أحد من المارة أنهما اثنان من الجواري، وتاجرة أرادت بيعهما، وفي الطريق من بيت رستم أغا لبيت فريد بك، تصف الكاتبة تفاصيل ذلك الطريق، حسبما سمعت من أمها، بالصوت والصورة والرائحة؛ فتقول: “وكان ذلك هو الطريق الوحيد الذي مشت فيه أمي على رجلها، ولم يبق في ذاكرتها منه سوى الكوبري على الخليج، ونافورة قديمة في سور أحد المساجد، ورائحة وصوت مزعج لمعصرة زيت مررن بها”. خلعت إندشا ونرجس الحجاب والحبرة، وقدمتا نفسيهما لسيدتي البيت، وهما جوليسار، والدة فريد بك، وجولستان زوجته الأولى، ولأنها لا تنجب، أحضرت الأم هذين الجاريتين لفريد بك، ومن هنا، بدأ الفحص الدقيق للبضاعة، فكانت الأم تفتح باب الحمام عليهما أثناء الاستحمام، للتأكد من سلامة الجسد، والنظر في أظافرهما، وشد شعورهما، للتأكد من أنهما لا تضعان شعراً مستعاراً، وفي المطبخ، يطلب إليهن كسر قطعة سميكة من الكراملة بأسنانهما، للتأكد من أنها أصلية، فإن كانت مستعارة، تلتصق في الكراملة وتقع، ويتم إيقافهما فترات طويلة أمام الموقد، لشم رائحة عرقهما، ثم يطلب منهما طلوع السلم بسرعة، ثم تضع جولستان الزوجة يدها على صدورهما، لتسمع النفس ودقات القلب، وكأنها الطبيب يضع السماعة على صدر المريض، للتأكد من خلوه من أمراض الصدر والسل، الذي كان منتشراً آنذاك، ألم تذكرنا تلك المشاهد، بالمشهد الكوميدي الشهير في السينيما لماري منيب، وهي تتفحص البضاعة، أقصد زوجة ابنها، التي كانت تؤدي دورها لبنى عبد العزيز؟ فلابد أن تكون هناك جذور في الماضي، لكل شيء في الحاضر، وفي ذلك تقول رمزة:”حين كنت أفكر في هذا، وأتخيل أمي التي بيعت كالخيول في سوق الماشية، أبكي، وكنت أكره جدتي وجولستان، وزوجة أبي، وخاصة جدتي، التي أعتبرها مسؤولة عن كل هذا، رغم أنها لم تكن ترى فيما تفعل، أي شيء غير عادي، وأخيراً،


      فهمت أنها كانت تتصرف، طبقاً لتقاليد عصرها، فهي الأخرى كانت جارية، وفخورة بذلك، أما المذنبون، فيمكن البحث عنهم في مكان آخر! المذنبون.. هل هو الأغا رستم؟ تاجر الرقيق؟ هل من حقي أن ألوم على أبي؟ أو على الرجال جميعاً أسياد الحريم؟ وكان علي أن أغير مشاعري تلك، فهذا أسهل من كرههم، إلى حد ميلاد مشاعر داخلي برغبتي في قتلهم، قتل جدتي، وقتل رستم، وقتل رقية زوجته، بل قتل أبي وكل سيد للحريم. وحان موعد تزويج الجاريتين من فريد بك، فبدأ تجهيز واحدة، هي إندشا، فقد اختارها البك، حيث كان لها وقع في قلبه، وإعجاب بجمالها الأوروبي الهاديء، وصوتها الجميل في الغناء، وعزفها على البيانو. حملت إندشا بعد الزواج مباشرة في رمزة، ولكن الأم بدأت صحتها في الاعتلال، بعد ولادتها مباشرة، حتى أنها لم تستطع أن ترضع ابنتها، فأحضروا لها مرضعة، ولاعتلال صحة إندشا الدائم، وفقد الأمل في الشفاء، تم تزويج فريد بك من أختها نرجس، ولم يحدث ذلك الزواج أية غيرة بين الأختين، فقد استمر رباط الأخوة بينهما. أنجبت نرجس حوالي خمسة أولاد، ماتوا كلهم صغاراً، ولم يتبق سوى رمزة، التي تولت شؤون تربيتها خالتها نرجس، نظراً لاعتلال صحة الأم.


      وهكذا انقضى عهد. فبميلاد رمزة، بدأ عهد الجيل الثاني، بقيت هي المدللة في القصر، شاهدت رمزة كثيراً من الخرافات في معتقدات الحريم، كالعلاج بالرقية من الحسد والنظرة الشريرة، والخوف من الجن والعفاريت، ورش الملح لطرد العين الشريرة، وعمل عروسة من الورق، وتخريمها بإبرة، ثم إلقائها في النار، لتقضي على عين الحسود، وعندما مرضت رمزة بالتيفود، كدن يقتلنها بتلك الخرافات، ولم ينقذها منهم سوى أبيها الذي أحضر لها طبيباً، أمر بتجريدها من ملابسها، وإلقائها في ماء مثلج لتخفيف الحرارة، وأقام على علاجها حتى شفيت،

      كان الأب يمتلك مكتبة كبيرة، ويعقد فيها صالوناً أدبياً، يحضره أدباء وشعراء،
      كشوقي بك، ومحمد عبده، وغيرهم، وفي غياب أبيها، دخلت رمزة، ذات الأعوام الأربعة، المكتبة، وأرادت الكتابة، وكانت النتيجة، سكب الحبر على الكتب وعلى ملابسها وجسدها، فخافت، واختبأت طوال اليوم من أبيها، الذي توقعت منه أشد العقاب، كما توعدتها بذلك خالتها نرجس، ولكن الأب ضحك لشكلها، وعلم مدى احتياج ابنته للعلم، فأحضر لها الأقلام الرصاص والورق، وبدأ في تعليمها،

      أحضرت جدتها إليها في البيت، الشيخ حفني سليمان، ليعلمها القرآن وقراءته وكتابته وحفظه، وبمرور السنوات، كانت تتقدم في التعليم، فأحضر لها أبوها أساطير “تشارلز بيرو”، وكان يقرأها عليها بالفرنسية، وكان لهذه الأساطير الفضل في تعليمها الأبجدية الفرنسية، بالحروف والصور، ثم أحضروا لها مدموازيل هورتان، لتعلمها الفرنسية، كما علمتها أمها التركية والفرنسية، والعزف على البيانو وآلة الكمان وقراءة النوتة الموسيقية، فكانت تعزف الموسيقى الكلاسيك لكبار العازفين أمثال: شوبان وباخ وبتهوفن وموتزارت. وأحضر لها أبوها الشيخ ناصف، ليعلمها الشعر والأدب، وقد كان طالباً بالأزهر، فأعطاها دروساً في النحو واللغة والحساب. وكانت في هذه الأثناء، تذهب مع جدتها لزيارة أولياء الله الصالحين، وتشاهد الموالد، وكان مولد السيد البدوي بطنطا، من المشاهد التي أخذتها وتأثرت بها، فأجادت في وصفها في الرواية، وخاصة وصف الراقصة ذات الكحل الأسود في العينين. دخلت بعد ذلك مدرسة “الميرديديو” التي يقوم بالتدريس فيها الراهبات، وهي مدرسة كانت منشأة حديثاً في حي الإسماعيلية الجديد، الذي أنشأه الخديوي إسماعيل، وقد اشتهرت هذه المدرسة بتعليم الفرنسية لأولاد الطبقة الأرستفراطية. تحدثت رمزة عن أبيها، كيف كان فكره متنوراً، كما كان صديقاً شخصياً للشيخ محمد عبده، الذي أصبح فيما بعد، مفتياً للديار المصرية،


      كان الشيخ محمد عبده، يعارض، باسم العدالة، كل من يعامل المرأة على أنها مخلوق أقل من الرجل، وكان يرى أن هذا هو أساس تجديد الأمة، فأرسل بناته إلى مدرسة السَّنِية، ليكون قدوة، في وقت كانت تمنع البنت من حق التعليم، حتى لا تفسد خصالها المرغوبة، كانت رمزة سعيدة بحياتها الجديدة في المدرسة، فدرست اللغات التركية والفرنسية والإنجليزية، كما تعلمت الرسم والغناء من مغنيات إيطاليات. وفي المدرسة، تعرفت على بهيجة، التي أصبحت صديقتها، وكانت نقطة تحول في حياتها. تخرجت رمزة ومعها بهيجة من المدرسة، قدمت رمزة بهيجة لأبيها، لم تكن بهيجة من أسرة أرستقراطية، مثل رمزة، كان أبوها تاجراً غنياً، وعندما توفيت زوجته، تزوج بأخرى، فأذاقت خديجة وأخاها ماهر الويل، تم تبادل للزيارات بين بهيجة ورمزة، وهناك قدمتها خديجة لماهر أخيها، كان طالباً في الكلية الحربية، لم يكن مسموحاً لرمزة الخروج بغير حجاب، إنها في الرابعة عشر من عمرها، كما لم يعد مسموحاً لها بترك الحرملك، والذهاب إلى مكتبة أبيها لحضور الندوات، كما كانت تفعل وهي طفلة،

      وبعد مداولات، سمح لها أبوها أن تستمع للندوات من خلف الستائر في الغرفة المجاورة، بشرط ألا يظهر منها شيء، أو يطلع لها صوت، وفي ذلك تقول: “كنت أختفي خلف الباب، وأحياناً أفتح ضلفة منه
      كي أسمع بوضوح أصوات الشيخ محمد عبده، الذي قام بإعادة إصلاح جامعة الأزهر في عصره، وقد حركت أفكاره العالم الإسلامي كله، وأصوات شوقي بك، وإسماعيل صبري، وشاب له ضحكات رنانة تعجبني، إنه البرنس حيدر علي، وذات مرة، حين كنت في السادسة عشرة، اجتذبتني مناقشة حامية، كدت أقربها، خشية أن يكتشفني أحد، لم أستطع، سمعت كلاماً عن إتاحة الفرصة لتعليم السيدات، ومنحهن نفس حقوق الرجال، وتحريرهن من الحجاب، وتغيير قوانين الزواج، وألا يسمح بزواجهن دون إرادتهن، أو يطردن دون سبب، كنت أتمنى أن أرى وجه المتحدث الشاب،


      وفي اليوم التالي، دخلت المكتبة، فوجدت على مكتب أبي كتاب تحرير المرأة، وعرفت أن صاحبه هو صاحب الصوت،
      قاسم أمين، الاسم الذي لا ينسى، لقد كتب بيده إهداء لوالدي، افتخرت به، وكأن الإهداء لي، وفي اليوم التالي، حكيت لزملائي عنه، فلم يعرفن شيئاً عن الكتاب، ولكن كثيرات منا اشترينه وحفظته بعضهن عن ظهر قلب، وصار ترسانة لأفكارنا. وراحت رمزة تقرأ كل شيء، تلتهم الروايات الإنجليزية والفرنسية، وفي عام واحد، توفيت جدتها، ثم توفيت زوجة أبيها جولستان، وبعدها بسنوات قلائل، توفيت أمها، وبقيت رمزة مع نرجس وأبيها ومدموزيل هورتان، وفي هذه الأثناء، توطدت الصداقة بين رمزة وبهيجة، زميلة الدراسة، حتى أنهما لم يفترقا، ثم أخبرتها بهيجة بنبأ زواجها، وعندما سألتها عن زوجها، عمله شكله صفاته، أخبرتها بأنها لا تعلم عنه شيئاً! فأبوها اختاره، وذلك هو العرف السائد،


      كادت رمزة تجن، وكأنها لا تنتمي لهذا العالم، “لقد استسلمت بهيجة لقدرها، كما فعلت أمها، وكما فعلت كل نساء مصر قبلها، كنت أرغب في شتمها، لكني كنت مشفقة عليها، لم أستطع أن أساعدها، فكيف ألومها، ولكني أقسمت ألا أكون مثل بهيجة.

      وذات يوم، وجدت رمزة خالتها تجلس مع سيدة ممتلئة، علمت أنها الخاطبة، طلبت نرجس من رمزة تقديم القهوة، فأطاعتها حتى لا تحدث مشكلة أمام الخاطبة، وبعد انصرافها، سالت رمزة خالتها عما يحدث، فأخبرتها بتزويجها، تشاجرت مع خالتها، لأنها ترفض الزواج بهذه الطريقة، ولكنها سرعان ما اقتنعت، عندما سمعت من نرجس معلومات تفصيلية عن العريس، وطلبت منها ألا تخبر والدها بذلك، فقد كان من العرف ألا تعرف البنت شيئاً عن عريسها، قبل الزواج، اضطرت رمزة إلى التخلي عن مبادئها مؤقتاً، لترى نهاية تلك التمثيلية، أو على الأقل لتراه شخصياً، وفي اليوم التالي، جاء أربع سيدات، منهم أم العريس، لرؤية العروسة، قدمت رمزة لهن القهوة، وكانت مطيعة لخالتها في ذلك اليوم، بعد أن كانت دائمة الشجار معها، وبعد أيام، عرضت مدموزيل هورتان على رمزة صورة عريسها، فأعجبت بشكله، ولكن من أين حصلت هورتان على الصورة؟ أنبأتها هورتان بأن العريس هو الذي أعطاها لها لتراه، وأخبرها بأنه سيزور والدها في اليوم التالي، مع مجموعة من الأصدقاء، وسوف يضع وردة في عروة الجاكيت لتتعرف عليه، فاطمأنت رمزة لفكره المتنور، وخاصة بعد أن عرفت أنه درس الهندسة في فرنسا، لمدة أربع سنوات،

      وفي اليوم التالي، أطلت عليه من الشرفة؛ شاب وسيم، هو مدحت صفوت. وبدأت هدايا العريس تنهال على بيتهم، على مدى أيام متتالية، فمن عادات الزواج في ذلك العصر، يجلب أهل العريس الهدايا الثمينة إلى بيت العروس، قبل موعد الزفاف، وبدأت نرجس تشرف على إعداد ملابس الزفاف لرمزة، وبعد عدة أيام، توقفت الهدايا، وتوقف عمل الفساتين، وتوقفت كل حركة في البيت، وبعد حيرة، سألت رمزة عن السبب، فأنبئت بخبر وفاة العريس فجأة، حزنت رمزة، ولكنها لا تعرف سبب حزنها، ولكنها استأنفت أيامها في اليوم التالي، بتقديم القهوة المعتادة لأبيها في الصباح، قبل الذهاب لعمله، وقضت يومها في القراءة، وكأن شيئاً لم يكن. وبعد عدة أيام، سافر أبوها لأسوان، لمدة خمسة عشر يوماً، وهي رحلة يقوم بها كل شتاء، بصحبة الخديوي وحاشيته، وفي أثناء سفر الأب، تستغل رمزة المكتبة، لا تتركها ليلاً ولا نهاراً، تجلس لتقرأ بالساعات الطوال، ولا تسمح لأحد بإزعاجها، حتى مدموازيل هورتان التي كانت تجلس بجوارها صامتة.

      وبعد عودة أبيها، جلس معها يخبرها عن الرحلة، كما أطلعها على بعض الصور، فمن بين الصور، فوجئت بصورة ماهر، أخو بهيجة، لقد رأته مرة في بيتها عندما كانت تزورها، وعرفت أنه أصبح ضابطاً، والتحق بحرس الخديوي، وفي تلك اللحظة، وجدت شيئاً يتسلل لقلبها، وفي اليوم نفسه، رأته، وذلك عندما دعتها أخته لرؤية عرض عسكري من نافذة بيتهم في عابدين، حيث سيكون الخديوي ومعه الحرس الخاص، راكباً الخيل وممسكاً بالسيف، وسيكون ماهر من بينهم، لأنه في سلاح الفرسان، وذهبت رمزة مع هورتان لبيت بهيجة، وهو بيت الزوجية بعد أن تم زواجها، ورأته، وتجدد الحب في قلبها. وعندما علمت رمزة بسفر عائلة بهيجة للأسكندرية، لقضاء الصيف، وأنه سوف يتردد عليهم ماهر هناك، أقنعت أباها بالسفر معهم للأسكندرية، وسافرت رمزة مع العائلة، الأب ونرجس وهورتان وبعض الخدم، وأقاما في بيت مجاور لبيت بهيجة، وهناك، تعددت اللقاءات في حديقة بيت رمزة، فجر كل يوم، بين رمزة وماهر، وتعاهدا على الزاج، ولم تخبر بهيجة بسرها، ولا حتى هورتان. أرسل ماهر بشخصية مرموقة لوالد رمزة، شخصية يحبها أبوها، من أجل التوسط لماهر عنده، وهو واصف باشا، محافظ الإسكندرية، ولكن الطلب قوبل بالرفض، ولما استفسرت رمزة من نرجس سبب الرفض، أخبرتها بأن أهل العريس القديم، لم يستردوا هداياهم، وذلك يعني أن رمزة مازالت على ذمتهم، هذا بالإضافة لعدم التكافؤ الاجتماعي بين والد ماهر ووالد رمزة، كادت رمزة أن تجن، ودار الحوار التالي بينها وبين نرجس:
      - لم يستردوا هداياهم
      - لماذا لم تعيدوها؟
      - مستحيل، لا يستطيع أحد أن يفعل ذلك، وإلا كانت إهانة
      - ولماذا عاقت هدايا مدحت زواجي؟
      - لأنه طالما لم يستردوها، تكون الخطبة قائمة
      - الخطبة مع من؟ مع جثة مدحت؟
      - الخطبة لا تربط الفتاة بالرجل فقط، وإنما بأسرته أيضاً
      فعرفت رمزة للمرة الأولى، أنه لا خيرة للبنت في أمرها، كما علمت أنهم سيزوجوها أخاه الأصغر، فحاولت الحديث مع أبيها في ذلك، وإقناعه بموضوعها، ولكن، بالرغم من تفتح فكر أبيها، إلا أنه لا يستطيع تخطي العادات والتقاليد. وهنا، قررت رمزة الهرب، فجمعت مجوهراتها وبعض أموالها، وغطت وجهها بالحجاب والحبرة السوداء، وخرجت ليلاً من البيت، دون أن يشعر بها أحد، ذهبت لماهر في مقر عمله، وأخبرته بنيتها، فلم يشأ أن يردها، واستعد للمواجهة معها، أخذها إلى بيت مأذون، ولم يرفض المأذون تزويجهما، حيث لم يجد في الشريعة الإسلامية ما يمنع الزواج، وخاصة قد تخطت العروس سن الرشد، فأحضر لهما الشهود، وتم الزواج، ولكن ماهر استبقاها عند أحد الأقارب، لتمكث مع بناته عدة أيام، حتى يدبر السكن. وصل خبر زواجها لأبيها، فرفع قضية ببطلان الزواج، وهكذا تحدت رمزة، بإرادتها، العادات والتقاليد، تحدت أباها الذي كانت تحبه وتتخذه صديقاً، لأنه وقف عائقاً أمام حريتها وإرادتها، فكان عليها أن تكافح لتنتصر لإرادتها وحبها، ووقف بجانبها محام شاب ذائع الصيت في ذلك الوقت، هو الشيخ مصطفى المغربي، الذي آمن بقضيتها، وتتابعت الجلسات، وانتشر الخبر في القاهرة بسرعة النار في الهشيم، وتحدثت الجرائد عن الحدث الفريد، وانقسم الناس بين مؤيد ورافض، حتى الخديوي عندما وصله الخبر، فكانت المفاجأة أنه أبدى موافقته على فعلتها، وإعجابه بجرأتها، كان الخديوي عباس لم يبلغ بعد الثلاثين من عمره، وطبيعي أن يميل لحزب الشباب، ولكن بعد فترة، تحول الخديوي عن رأيه، ورضخ لقوة موقف الأب في القضية، ذلك لأن اللورد كرومر، قنصل إنجلترا العام، زكّى موقف فريد بك والد رمزة، وكأن رمزة، بتمردها، أصبحت حاملة راية الاستقلال المصرية، وذلك ما يخشى منه الاستعمار، بالطبع، فلا شيء يخرج عن العرف، أو يشذ على الشرعية، إنها فكرة متسلطة استعمارية من الدرجة الأولى، أثار موقف رمزة الكثيرين من المطالبين بالاستقلال، ورفعت شعارات في الجرائد؛ الحرية لأمهاتنا، أزواجنا، بناتنا، تعني الحرية للأجيال القادمة.

      لقد استقطبت رمزة الرأي العام، ولكن خذلها الزوج، فلم يصمد كثيراً أمام أول حكم ضدهما ببطلان الزواج وتعزيز موقف الأب، ولم ينتظر ماهر الاستئناف، فقد كان المحامي نفسه مستعداً بمرافعة قوية، تستند للشرع، شاركته رمزة في إعدادها، بعد أن قرأت الكثير في كتب القانون، ولكن الزوج، أمام رفض المجتمع، وتوبيخ أبيه له، تخلى عنها، وتركها وحيدة، وطلب منها العودة لأبيها واستسماحة! كيف؟ بعد كل هذا النضال؟ سقط الزوج من عينها، ولكنها تمسكت بحقها في الحرية، وقالت للزوج: “أنا لكي أتزوجك كسرت ما بيني وبين أبي، بينما مازلت تعيش في طغيان أبيك، الآن يصعد المرء على الحواجز من أجل تحرير المرأة، هل يجب علينا أيضاً، نحن السيدات، أن نكافح من أجل تحرر الرجل؟ فكان لكلمتها وقع الصاعقة عليه، استأجرت رمزة منزلاً في القاهرة، وعاشت به مع بعض الخدم، لحين انتهاء القضية، وكانت تتابع جلسات القضية من خلال المحامي، لأنه كان غير مسموح للمرأة بارتياد المحاكم وقتها، وذات يوم، زارها في شقتها شاهين باشا، محافظ القاهرة، ليبلغها بتأييد صاحب العرش لقضيتها، وعندما سألته لماذا لم يعترض على الحكم، علمت أن الخديوي لا يملك نفوذاً على القضاة، وأن حكم القضاء خارج حدود سلطته! الله ما أروع العدالة على عرشها بالأمس! لقد ذهب عرشها تحت وطأة عروش اليوم؟! وفي أثناء القضية، جاءها خبر موت أبيها، فحزنت حزناً شديداً، وبموت أبيها، تكون القضية سقطت، وبقيت قضية ذلك الزوج، الذي لم تساعده رجولته على الوقوف بجانب زوجته، فكان أضعف منها، حينما قال لها: إن أباها مات غاضباً عليها، وهو يخشى من غضب أبيه وعدم مسامحته له، وحين سمعت ذلك، طلبت منه الطلاق فوراً، “هلم انطقها انطق حكم الإعدام، أنت جبان! عندئذ، نطقها، ولم ينطقها ثلاثاً، عله يعود إليها يوماً، أما هي، فقررت ألا تعود إليه أبداً. وهكذا، عادت رمزة منتصرة لقضية المرأة، مضحية بحبها، “والآن، استطعت البكاء فقط، عندما انبلج الصباح، شعرت بعد هذه الليلة، أني مستنزفة القوى، ومنهكة من التعب، وغير منتصرة، تقطع قلبي، وبعد ذلك، وجدت نفسي، مرة أخرى، حرة، قوية، متماسكة، كان يملؤني رضا مر”. ترى، هل عادت رمزة منهزمة كما قالت؟ ربما، ولكن ذلك لا يهم، فإن ما يهم هو أنها رسمت الطريق، وعبدته، لا للكفاح ضد سلطة الرجل فحسب، وإنما للخلاص من أي سلطة، لا هم لها سوى خنق الحريات.°°°°°
      سبحان الله وبحمد
    • أتمنى تقرأوا تلخيص د فاتن حسين للرواية

      شيء رائع حقا

      ولدينا قضية للنقاش هنا ...\\

      في الحقيقة استوقفني قول الأم لابنتها ....:::


      [B][INDENT]فقالت الأم: الحرية جميلة، ولكنها حرية تؤدي إلى التسول، الحرية من أجل لاشيء، إنهم يلعنون قسوة تجار الرقيق، هل كان رجل مثل رستم ظالماً، وهو يعامل العبيد مثل بناته، هل كان من الضروري إلغاء أحد فروع التجارة المزدهرة، من أجل رغبة الإنجليز؟ إن الأجانب كانوا يملون على الخديوي قراراتهم، هل العبيد اشتكوا؟ إن الجواري يضمن حياتهن بطولها، طعام وملابس، وزواج من شخصيات مرموقة، وإذا استحققن الحرية، فإنهن يحصلن عليها، والعبيد السود الذين يخدمون في بيوت الأثرياء، يعيشون في هذه البيوت الفخمة، حياة أفضل من تلك التي يعيشها أقاربهم في أحراش السودان والحبشة.



      [/INDENT]






      [/B]
      شيء غريب حقا ...

      هل نرفض الحرية من أجل أن نعيش بسلام و يسر ... نأكل ونشرب.....؟؟؟

      لو طبقنا هذه المقولة في عصرنا الحالي...

      هل تراها تكون مقولة صائبة ...؟؟؟؟

      بانتظاركم ...
      سبحان الله وبحمد
    • ~!@q

      القرآة تحتاج لوقت طويل سبحان الله
      السلام عليكم خواني الكراام
      اسعد الله أوقاتكم بكل خير وسروور

      اجتهاد جبااار منكم
      فعلا كتااااب عرفهم التاريخ العربي
      وأقلام تنضح بالعلم والمعرفة
      ولكل منهم مجال متخصص .

      هذا مروور سأقول انه سريع ولي عودة
      بأذن الله .
    • أُختي الفاضلة القراءة تحتاج لجهد للكمية الموجودة !
      فإن تم الإقتصار في ذلك بحكم الإضاءة المؤذية على العين لكثر التركيز !

      نكون شاكرين ذلك
      كُل الشُكر لجهودكم الطيبة
    • عزيزتي انسان..

      ذلك كان ملخص رواية...

      وكنت أتمنى أن نناقش النقطة المطروحة للنقاش باﻷعلى...

      للقراءة متعة...

      فلنحاول أن ﻻ نحرم أنفسنا منها...
      سبحان الله وبحمد
    • بنت قابوس كتب:

      عزيزتي انسان..

      ذلك كان ملخص رواية...

      وكنت أتمنى أن نناقش النقطة المطروحة للنقاش باﻷعلى...

      للقراءة متعة...

      فلنحاول أن ﻻ نحرم أنفسنا منها...

      نعم أُختي الفاضلة
      ولكن في الصفحات الإلكترونية هي مُجهدة قليلاً للعين

      مقصدي بالإقتصار التجزئة والإختصار

      سأُحاول إكمال القراءة

      تمنياتي لكم بالتوفيق
    • لفتة جميلة جدا منكِ أختِ الكريمة
      هذه مواضيع تستحق التميز

      لا أحب قراءة الكتب كثيرا ولكن قرأت جزء بسيط عن المقدمة وسأحاول بقدر الإمكان قراءته

      سلمت يمينك
      [SIGPIC][/SIGPIC]
      اللهـــم زد من يحبني جنـــونــا بــي
      وامنــح من يكرهنـــي نعمــة العقــل
    • الحرية ...

      للمرأة ... التي مرت بفترة عصيبة في عصر البشاوات وقبل عصر الخديوي إسماعيل ... فقد بيعت كجواري... يتم وراثتها وكأنها متاع ..

      الرواية وصفت كيف تم جلب تلك الجواري إلى مصر في تلك الفترة

      وأيضا وردت بها بعض المصطلحات التركية والتي استعملها العرب وما زالوا ... وقد أتتنا من مصر

      مثل كلمة ( أبله ) وتعني الأخت بالتركية \

      وكلمة .. مودموزيل .. بالفرنسية وتعني آنسة ..

      وكلمات مثل...

      الحرملك .... مكان النساء في القصر...

      السلملك ... مكان تجمع الرجال بالقصر...


      والكثير من المعلومات المثيرة والمشوقه ...


      بالفعل القراءة من صفحات الكتاب المطبوعة أفضل... ولكننا أحيانا علينا أن نقصر أنفسنا بصفحات ورقية قد لا تكون متوفرة معنا حاليا ...
      سبحان الله وبحمد
    • -السلامَ عليكم ورحمة الله وبركاتة-
      أختيـ الكريمة


      مجهود كبير منَ قبل شخصكَ المحترمـ ، وفعلاََ يحتاج لوقتَ كبير للقراءة هذا الكم الهائل
      مما نثرتهـ هنا
      غاليتي
      جزيتِ ألف خيراََ
      لما قدمتهـ لقراءكِ
      وفقكَ الرحمن لكل خير
      ^^