
بقلم الأستاذ/ جاسم محمد المطوع.
كان شخصاً مغموراً متواضعاً ولكنه يحسن الكتابة والتعبير فاقترحت عليه زوجته أن يكتب في الصحافة،
وبدأ يشق طريقه ليكون صحفياً مرموقاً وفي كل ليلة يسهر مع زوجته ليتبادلا أفكار المقال وطريقة كتابته، حتى أصبح عموده الصحفي من أشهر الأعمدة، وبدأت حياته تتغير فأصبح محاضراً وكانت زوجته تعينه وتدعمه نحو هذا النجاح، وفي غمار تلك الأحداث أصيبت زوجته بسرطان في الثدي وأجريت لها عملية فاستأصل أحد ثدييها، وهنا بدأت تشعر بالانقباض، وجاءتها وساوس كثيرة بتخلي زوجها عنها وتركه لها، لأنها ستعيقه في تألقه ونجاحه وكانت تعد وقوفه معها في مرضها وأثناء العملية عبارة عن تأدية واجب زوجي ولكن ماذا بعد ذلك؟!
أحببت أن أذكر هذه القصة الواقعية لأبيّن أن أكبر خطأ يعيشه الزوجان وهما في بداية زواجهما وانسجامهما، هو الاعتقاد بأن حياتهما ستبقى هكذا إلى النهاية، ولا يتصور أن هناك متغيرات ستطرأ عليهما فيخططان للتعامل معها.
وكم من علاقة زوجية أعرفها فشلت أمام أو متغيرّ في حياتهما، والسبب يعود إلى عدم توقعهما للحدث الجديد أو عدم الاتفاق على خطة للتعامل مع الحياة الجديدة، وقد يكون المتغّير ( مرض مفاجئا لأحد الزوجين، أو ترقية في العمل أو تعيين الزوج في منصب سياسي مرموق في بلده، أو انتقال الزوجين إلى منزلهما الجديد بعد أن كانا يعيشان في شقة صغيرة، أو هداية أحد الزوجين واستقامته أو انتقال عمل الزوج إلى بلد غير بلده، أو حصول أحد الزوجين على مال كثير من الإرث).
كل هذه المتغيرات وغيرها كثير، لابد أن يحسن الزوجان التعامل معها، لأن أي متغير يحدث قد يُشعر الطرف الآخر بعدم الأمان وبالخوف من المستقبل، ولهذا فإن صاحبنا الذي تحدثت عنه في بداية المقال كان أول عمل عمله أنه كتب عدة مقالات عن زوجته وكيف أنها السبب وراء شهرته ونجاحه، وكان يقرأ عليها المقالات هذه ثم إنه شاركها في محنتها ودعمها معنويا، كما كانت تدعمه في بداية عمله، فشعرت بالأمان والاطمئنان إلى تصرفاته هذه، وازداد الحب بينهما أكثر وأكثر...
وأقول كلمة خاصة للرجال، نحن نتمنى لكم جميعاً النجاح في الحياة والتميّز والتألق، ولكن لا تهمّش زوجتك إذا نجحت أو تحقر من شأنها، بل أشعرهِا أنها هي سر نجاحك، وكن وفياً لها كما كان سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وفياً لخديجة- رضي الله عنها- ودعمها له في النجاح الدعوي الذي حققه في عهدها.
إن علاقة الحب مثل الحديقة كلما أوليتها رعايتك واهتمامك كلما كانت مزدهرة أكثر، وأنا لا أتوقع منك أن تتوقع كل المتغيرات الإيجابية والسلبية في حياتك، ولكن بإمكانك أن تستخدم آليات لتقوية العلاقة مع زوجتك وتنمية الحب، وعندها سيصبح التغيير في حياتكما شيئاً لا يسبب القلق وإنما فرصة لتقوية العلاقات.
العدد (70) يوليو 2002 ـ ص: 66
المهدي