موعظة مودع

    • موعظة مودع

      عن أبي نجيح العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون فقلنا :يارسول الله كأنها موعظة مودع ، فأوصنا ، قال : (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم بعدي فيسري اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، عضوا عليها بالنواجذ ،وإياكم ومحدثات اﻷمور ، فإن كل بدعة ضلالة ).
      رواه أبو داود والترمذي ، حسن صحيح .


      قوله (
      وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ).:

      كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يعظ أصحابه في غير الخطب الراتبة ،
      كخطب الجمع واﻷعياد ، قال تعالى {
      وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا}[النساء :125].

      كان لا يديم وعظهم بل يتخولهم به أحيانا ،

      كما في الصحيحين عن أبي وائل قال : كان عبدالله بن مسعود يذكرنا كل يوم خميس ،
      فقال له رجل :يا أبا عبد الرحمن إنا نحب حديثك ونشتهيه ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم،
      فقال :ما يمنعني أن أحدثكم ألا كراهة أن أملكم ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا.

      قوله (ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب):

      هذان الوصفان بهما مدح الله المؤمنين عند سماع الذكر
      قال تعالى {وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم }[الحج:34-35].


      كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكرالساعة ،
      اشتد غضبه وعلا صوته واحمرت عيناه كأنه منذر جيش يقول :صبحكم ومساكم .

      قوله (يارسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا ):

      يدل على أنه كان صلى الله عليه وسلم قد أبلغ في تلك الموعظة مالم يبلغ في غيرها.
      فلذالك فهموا أنها موعظة مودع ، فإن المودع يستقصي مالا يستقصي غيره في القول والفعل .


      وفي الصحيحين واللفظ لمسلم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه،
      قال : (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد ، ثم صعد المنبر كالمودع للأحياء واﻷموات
      فقال :إني فرطكم على الحوض ، فإن عرصه كما بين أيلة إلى الجحفة، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها وتقتتلوا ، فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم
      ).


      قوله (فأوصنا):يعني وصية جامعة كافية ، وصية ينفعهم التمسك بها بعده .

      قوله (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة):
      هاتان الكلمتان يجمعان سعادة الدنيا واﻵخرة.

      أما التقوى ، فهي كافلة بسعادة اﻵخرة لمن تمسك بها ، وهي وصية الله للأولين واﻵخرين ،

      قال تعالى :{ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إياكم أن اتقوا الله }[النساء :131].

      أما السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين فيها سعادة الدنيا .

      قال علي رضي الله عنه:إن الناس لا يصلحهم إلا إمام برا أو فاجر ،
      إن كان فاجرا عبد المؤمن فيه ربه .وحمل الفاجر فيها إلى أجله.

      قال الحسن :هم يلون من أمورنا خمسا :الجمعة والجماعة والعيد والثغور والحدود ،
      والله مايستقيم الدين إلا بهم ، وإن جاروا وظلموا والله لما يصلح بهم أكثر مما يفسدون
      مع أن والله إن طاعتهم لغيظ وإن فرقتهم لكفر .

      قوله (وإن تأمر عليكم عبد ).:

      في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم
      قال : (اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم عبد حبشي ، كأن رأسه زبيبة ).


      قوله (فإنه من يعش منكم بعدي ، فسيرى اختلافا كثيرا ، فعليكم بسنتي.........):

      هذا إخبار منه صلى الله عليه وسلم بما وقع في أمته بعده من كثرة الاختلاف
      في أصول الدين وفروعه
      ، وفي الأعمال واﻷقوال والأعتقاد ،

      وهذا موافق لما روي عنه من افتراق أمته على بضع وسبعين فرقة ،
      وإنها كلها في النار إلا فرقة واحدة .وهي من كان على ماهو عليه وأصحابه .


      قال مجاهد :إذا اختلف الناس في شيء فانظروا ماصنع عمر فخذوا منه .

      وعن الشعبي أنه قال :انظروا ما اجتمعت عليه أمة محمد صلى الله عليه وسلم .


      وصف الخلفاء بالراشدين ، ﻷنهم عرفوا الحق وقضوا به .

      (المهديين ) :يعني أن الله يهديهم للحق ، ولا يضلهم عنه ،.

      فاﻷقسام ثلاث :
      الراشد: عرف الحق واتبعه .
      الغاوي :عرفه ولم يتبعه .
      الضال :لم يعرفه بالكلية
      كل راشد فهو مهتد
      وكل مهتد هداية تامه فهو راشد
      ﻷن الهداية إنما تتم بمعرفة الحق والعمل به أيضا .


      قوله (عضوا عليها بالنواجذ):
      كناية عن شدة التمسك بها .
      والنواجذ:اﻷضراس .

      قوله(وإياكم ومحدثات اﻷمور ، فإن كل بدعة ضلالة ):

      تحذير للأمة

      من اتباع اﻷمور المحدثة المبتدعة ، وأكد ذلك بقوله (كل بدعة ضلالة ).

      البدعة :ما أحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه .

      قوله (كل بدعة ضلالة :(

      من جوامع الكلم لا يخرج عنه شيء ، وهو أصل من أصول الدين .

      أما البدعة التي لها أصل فهي حسنه
      كقول عمر بن الخطاب نعمة البدعه عندما جمع الناس لصلاة التراويح .
      فهي لها أصل أن النبي صلى بهم ولكنه خشي أن تفرض في زمن نزول الوحي فامتنع عنها
      ، أما زمن عمر فلا وحي وأﻷصل موجود ،فقال حسنت البدعة .


      قال الشافعي :أن أصل البدعة المذمومة ماليس لها أصل من الشريعة يرجع إليه،
      .وأما البدعة المحمودة فما وافق السنة ، يعني لها أصل من السنة يرجع إليه ،

      وإنما هي بدعة لغة لا شرعا ، لموافقتها السنة .

      ومنها :كتابة تفسير الحديث والقرآن.
      //
      //
      • القرآن جنتي