ليلة عيد
ليلة العيد أمطرت بشدة. خشيت أن يغرقني السيل وأنا بداخل كوخي البسيط المصنوع من خشب زور النخيل. خرجت من الكوخ وأنا أدعو الله على ألا تكون جائحة تغرق الناس فينقلب فرحهم إلى غم ونكد. حملت معي قداحتي وغليوني. في الطريق صادفت رجلاً غريباً كان يحمل جواني عيش على ظهر حمار. يبدو أنه جاء بها من البندر. سلمت عليه ولم أسأله إلى أين يتجه؟
مشيت حذاء الوادي. تأملته إلى أن توقف المطر. مر جذع نخلة. مرت شاة نافقة قد انفتخ بطنها. ثم مر مندوس فركضت نحوه وكان الوادي قد خف هديره. حملته. كان ثقيلا. ربما يزن مناً. فتحته فإذا هو مليء بالكتب. أخذت أقرأ صفحة فأخرى إلى أن شعرت بالملل وقفلت عائدا إلى كوخي بالمندوس. في الطريق وجدت معيوف بن سالم وهو يحمل جونية عيش خَرِسَة. ربما تزن مناً. فقد كان ظهره محنيا من حملها بقدر انحناء ظهري من حمل المندوس. أخبرني أنه وجدها سائحة مع الوادي وقد انغرست فيها أخشاب من زور النخيل. وبينما هو يزيل الزور من الجونية وجد بها خاتم فضة به كتابة هندية. قلت له: لعل الجونية جاءت من الهند. فلم يكترث.
مضيت بمحاذاة الوادي نحو كوخي. لم أجد سوى بقاياه. فقد أغرقه المطر وساح أكثر أجزائه في الوادي. أخرجت الكتب من المندوس ثم أشعلت فيه النار لأتدفأ. أخرجت غليوني ودخنت. فتحت كتاباً ذكرني بأنني لم أوزع زكاة الفطر. وهل يملك الفقير ما يزكي به؟ وبينما كنت أنتظر من يوزع علي جونية عيش في ليلة العيد عاود المطر هطوله بغزارة كبيرة هذه المرة وسمعت من بعيد هدير الوادي مجدداً.
المصدر : مدونة وليد النبهاني