[h=3]هل خُلِق الكون على مقاييس البشر ؟![/h]
[h=3]أم خُلِق البشر على مقاييس الكون ؟![/h][h=3][/h]هل خُلق الكون على مقاييس البشر ..
أم أن الحياة نشأت على حسب الظروف السائدة، ثم نشأ البشر لأن الظروف كانت مناسبةً لنشوئهم؟
ليعتقدوا بعد ذلك في غرور نابع من الشعور بالأهمية الذاتية، ومبني على الإعتقاد بالمركزية الكونية، بأن هذا الكون العظيم قد خُلق مفصلاً على مقاييسهم !
هل التوازنات الفلكية والفيزيائية والكيميائية في الكون خلقت بمقاييس ومعايير مسبقة، لتكون مناسبة لأنواع الحياة التي نشأت على كوكب الأرض، ومنها الحياة البشرية بشكلٍ خاص ؟!
أم أن الحياة نشأت على صورة تناسب الظروف السائدة، ثم تكيفت مع تغيراتها ؟..
ليتساءل البشر بعد أن وجدوا عن سر تلك التوازنات الدقيقة، مفترضين بأنهم مركز الكون، وبأن تلك الظروف خلقت لتناسب متطلبات نشوئهم وبقائهم وشروط حياتهم !!
ناسين أو متناسين بأن هذه الظروف وجدت قبل أن يخلقوا، وكانت في تغير مستمر،
وأن الحياة لم تكن لتنشأ لولا هذه الظروف،
وأن الكائنات الحية قد سارت منذ ظهورها في مسيرة طويلة من النشوء والإرتقاء والتطور العضوي والإنتخاب الطبيعي المستمر،
لتتمكن من التكيف والتأقلم مع عدد من الظروف القاسية والمتغيرة ..
يستشهد البعض بتلك التوازنات الدقيقة كشاهد على وجود الخالق المدبر، الذي خلق ضروفاً مناسبة لحياة البشر قبل أن يخلقهم ببلايين السنين ..
ولم يتنبهوا إلى أن مسألة الخلق يمكن أن يُنظر لها بمنظور معاكس،
حيث خلق الله الكائنات الحية ومنها البشر بالشكل الذي يتوائم مع الظواهر الفلكية، والظروف الطبيعية، والقوانين العلمية، التي خلقها وسوَّاها..
ثم منح هذه الحياة صفة التكيف مع تلك الشروط،
ووهبها خاصية القدرة على التأقلم مع الظروف الطبيعية المتغيرة، وزرع فيها قوانين النشوء والإرتقاء والتطور والإنتخاب الطبيعي والصراع من أجل البقاء ..
إن دلائل وجود الخالق المدبِّر يجب أن تنبع من الداخل، ويجب أن يكون الإيمان بوجود الله مجرداً، يملاء الكيان، ويتملك الشعور ..
وأن لا يكون معتمداً على بعض الظواهر العلمية التي يمكن أن تتباين وجهات النظر حولها، وتختلف التفسيرات العلمية لها ..
ورغم أن تلك الدلائل عن مناسبة الظروف المناخية، ودقة التوازنات في جميع الظواهر والقوانين العلمية من حولنا تعتبر من الشواهد الدالة على وجود الخالق العظيم ..
إلا أنه لا يجب حصر الإيمان بوجود الله في هذه الدلائل والتوازنات المجردة ..
لأنه وبكل بساطة يمكن تفنيد تلك الدلائل التي قد لا يعتقد أحداً بإمكان تفنيدها !
وذلك بافتراض بسيط جداً وبديهي ..
وهو أن هذه الظروف الطبيعية المناسبة، والتوازنات الفلكية والفيزيائية والكيميائية الدقيقة، والقوانين العلمية المحددة، لم تُخلق لأجل أن تكون مناسبةً للبشر ..
بل أنها بما هي عليه قد أدت إلى ظهوره وبقائه، فلولا هذه التوازنات لما كانت الظروف صالحة لنشوء البشر وجميع أنواع الحياة الأخرى ..
ثم تسائلهم بعد ملايين السنين من نشوئهم عن السر في دقة تلك التوازنات ..
وافتراضهم أنها قد خُلقت وحُددت من أجلهم !
والحقيقة أن هذه الظروف كانت هي الظروف السائدة نتيجة التطور الطبيعي، الذي قال له الخالق العظيم (كُن) فـ (كان)، والذي ضمَّنَ فيه النواميس الكونية، والقوانين العلمية اللازمة لتطوره بمشيئة خالقه ..
وبناء على ذلك فإن الكائنات الحية قد تطورت متكيفة مع تلك الظروف ..
ولم تخُلق تلك الظروف، وتُحدد تلك التوازنات، لغرض ظهور نوع محدد من أشكال الحياة، والدليل أن غاز الأكسجين الذي لا يستغني عنه أي كائن من الكائنات الحية الحالية، ولا يمكن أن يظهر أي شكل من أشكال الحياة المتطورة في ظل انعدامه، لم يكن موجوداً بكثافة كبيرة في أجواء الأرض في بداية نشوئها وتكونها، وكانت الكائنات الحية البسيطة من وحيدات الخلية، التي نشأت وتكاثرت في تاريخ مبكر من عمر الأرض، مشكلةً الدرجة الأولى من سلم الحياة، وفي ظل تلك الظروف البيئية المتطرفة التي كانت سائدةً حينها،
لا تعتمد على هذا الغاز في تفاعلاتها الخلوية،
بل أنه كان غازاً ساماً وقاتلاً لكافة أشكال الحياة التي نشأت ونمت في ظل انعدامه .!
فلما تغيرت الظروف الجوية السائدة في بداية تكون كوكب الأرض، وزادت نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي، بحيث أصبح ثاني أكبر مكون للمحيط الجوي للكوكب، أدى ذلك إلى تسمم أكثر من
المصدر محمد الحسين