أسباب العزوف عن الزواج

    • أسباب العزوف عن الزواج

      كثيراً ما تحول الظروف الاقتصادية والاجتماعية دون الزواج في مقتبل العمر وتعمل على تأخيره أو تأجيله أو حتى إلى عدم الزواج نهائياً، وبين أيدينا دراسة للأستاذ د.محمد عقلة، يسر مجلة الفرحة عرضها مع شيء من الاختصار:


      أولاً: الآثار السلبية لتأخير الزواج أو العزوف عنه:
      1-أضرار تأجيل الزواج على سن متأخرة:
      أ‌-تعريض الفتيان والفتيات للوقوع في المعصية والسقوط نتيجة ضعف الوازع الديني.

      ب‌-زيادة فارق السن بين الأزواج، مما يؤدي إلى البون الشاسع بينهم في التفكير والنظرة إلى الحياة، وبالتالي إلى عدم الانسجام أو الاستقرار الأسري.

      أما العزوف عن الزواج فأضراره:
      1-الأضرار الدينية:
      يؤدي اختيار طريق العزوبة الدائمة والاكتفاء بالعلاقات غير المشروعة إلى قتل الوازع الديني، وإضعاف الحس الإيماني، وإذهاب بشاشة العفة والطهر من القلب والوجه: يقول صلى الله عليه وسلم: لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ويقول: إياكم والزنى فإن فيه أربع خصال: يذهب البهاء في الوجه ويقطع الرزق، ويسخط الرحمن، ويسبب الخلود في النار.

      2-الأضرار الخلقية والنفسية والمعنوية:
      أ‌-إن عدم الزواج يعرض الإنسان إلى الوقوع في الرذيلة، مما يؤدي إلى الإصابة بالشذوذ والهوس الجنسي، وما يرافقهما من القلق، وضعف الذاكرة، واللامبالاة.
      ب‌- الانحدار بالدوافع الجنسية إلى المستوى البهيمي، إذ إن الزواج يسمو بعلاقة الرجل والمرأة، والذين يفرون من الزواج ينزلون بإنسانيتهم، ويرتضون عيشة الحيوان.

      3- الأضرار الاجتماعية:
      يؤدي اختيار طريق العزوبة الدائمة، والتهرب من مسؤولية الزواج إلى الآثار السلبية التالية على المجتمع:
      أ‌-تهديد كيان الأسرة بالامحاء والزوال، نتيجة عدم التفكير في بنائها اكتفاء بإرواء نهمه بالحرام.

      ب‌-التأثير بصورة خطيرة على النسل، فحفظ النوع الإنساني على الوجه الأكمل لا يتحقق إلا بالزواج، فالعلاقة غير المشروعة لا تنتج نسلاً، وإذا نتج نسل كان ضعيفاً، غير شرعي محروماً من التربية والحنان مما يدفعه إلى الانحرافات، ويوقعه فريسة العقد والشعور بالنقص.
      ج- تقطيع الصلات والعلاقات الاجتماعية بين الفرد وأقاربه ومعارفه نتيجة نبذهم إياه لانسياقه وراء غرائزه.

      4-الأضرار الاقتصادية:
      أ‌-إن الفرد الذي يختار الإشباع غير المشروع للجنس يكون قليل الإنتاج في الميدان الذي يعمل فيه بسبب ضعف قواه، وإنفاقه الأموال في الحرام، ولافتقاره إلى الإتقان والإخلاص في العمل.
      ب‌-انهيار اقتصاد الأمة بسبب ضعف قوى الفرد الجسمية والعقلية والخلقية، فلا يتمكن من العطاء أو النهوض بالمسؤولية.

      والعلاج لهذه السلبيات يتمثل في:
      أ‌-تطهير المجتمع من عوامل الفساد، وأبواب الرذيلة، وطرق الإشباع غير المشروع للجنس، بحيث يتناول هذا التطهير مختلف قطاعات المجتمع من مدرسة، وجامعة، ووسيلة إعلام، وشارع. وعندها لا يبقى أمام الشاب إلا السبيل السوي المشروع وهو الزواج.

      ب‌-الإقدام على الزواج المبكر، متى توفرت امكاناته بصورة مقبولة.

      ثانياً: أسباب ظاهرة العزوف عن الزواج أو تأخيره وعلاجها من وجهة النظر الإسلامية:
      يمكن أن نرد العوامل التي تقف وراء هذه الظاهرة إلى عوامل دينية واجتماعية واقتصادية:
      أ‌-العوامل الدينية وهي:
      1-ضعف الوازع الديني لدى الشباب، مما يجعلهم يستهينون بأمر تأخير الزواج، ولا يبالون بما يأتونه من معاصٍ وآثام في البدائل التي يستعيضون بها عن العلاقة الزوجية الطبيعية المشروعة.
      2-الجهل والافتقار إلى الوعي الديني بدور الأسرة ورسالتها الجليلة في الحياة.

      وعلاج هذه العلة:
      إنما يكون بأن تتصدى الجهات ذات الدور المباشر في التوعية والاتصال بالناس لمهمتها على الوجه الأكمل، ومن خلال الخطط والبرامج والمناهج المدرسية للعمل سواء في ذلك المؤسسات الدينية أو التربوية أو الإعلامية، بالإضافة إلى دور الأفراد والهيئات الخاصة في هذا الصدد، كي تصحح للفرد مفاهيمه وتصوراته، وتعيد صياغة شخصيته وفق المنهج الإسلامي الكامل المبين.

      ب‌- العوامل الاجتماعية ومنها:
      1- توفر أسباب الإشباع الجنسي بالسبل غير المشروعة، فأبواب اللهو غير البريء مفتحة على مصراعيها أمام الشباب، ليجدوا فيها بديلاً عن الزواج.

      وعلاج هذه العوامل يتم بما يلي:
      أ‌- التربية الإيمانية القائمة على ترسيخ تحريم الزنا وغيره من ألوان المجون واللهو وتوضيح مضارها الجسمية والنفسية والاجتماعية.

      ب‌- تطهير المجتمع من أسباب الفساد، وعندها يجد الشباب أن سبل الإرواء غير المشروعة مغلقة أمامه، ويتضافر على هذه المهمة الجهات الرسمية والشعبية، الفردية والجماعية للنهوض بمسؤولياتها في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويستعمل في ذلك كل أساليب القرآن من الحكمة والحزم.

      ج- إيجاد السبل لاستخدام طاقات الشباب في ما هو نافع لهم ولمجتمعهم من مطالعة وهوايات أخرى كالأعمال التطوعية الهادفة.
    • أسباب العزوف عن الزواج (2من2) تابع للموضوع الاول
      |



      انتشار الاختلاط بين الجنسين بصور سافرة، لا تراعي حدوداً ولا تلتزم آداباً، مما أتاح الفرصة للشباب أن تقع أعينهم على ما حرم الله رؤيته، فيشجعه ذلك على ارتكاب المحرمات.


      وعلاج هذا العامل يتمثل بما يأتي:
      1- بيان حكم الإسلام في الاختلاط وأنه بصورته التي نشاهدها في المدارس والجامعات والبيوت وأماكن العمل حرام لا تقره الشريعة الإسلامية، وأن ما يتذرع به دعاة الاختلاط من حجج ودعاوي كاختلاط الطالب بالطالبة بحجة المذاكرة، أو استقبال المرأة صديق زوجها في غيابه، وجلوس الرجال والنساء في الزيارات العائلية بدعوى الألفة والصداقة التي تلغي المقاصد السيئة، أو التشجيع على الاختلاط كما تتبناه بعض الجهات الرسمية والشعبية بزعم أنه يكسر حدة الشهوة، كل هذا ليس إلا من تلبيس إبليس، وفيه المجافاة للفطرة والواقع اللذين يقضيان بأن الأنثى تبقى أنثى ويبقى الذكر ذكراً، وأن ما يرمي إليه حاملو هذه الشعارات إنما هو إرضاء نزواتهم، وإمتاع جوارحهم.

      وإذا أرادو سماع الجواب الشافي على مزاعمهم فليسألوا من سبقنا من الشعوب والدول إلى هذه التجربة، كم حصدوا من جرائها من المآسي مما حملهم في نهاية المطاف على التراجع عنها.

      2- أن تبين بجلاء مضار الاختلاط على الفرد والأمة ممثلة في:
      أ‌- حلول الزنا محل العلاقة الشرعية بسبب تيسير أسبابه.
      ب‌- انتشار المنكرات واستحواذ الشهوات، وما يصاحب ذلك من التحلل والترهل، والخواء الروحي، وموت القلوب.
      ج- شقاء الأسر نتيجة عدم سكن الزوج إلى الآخر لما يراه من خلال مخالطته، مما يفسد على الأسرة جو الود والثقة، وربما عرض بنيانها للتقويض الكامل.

      د- ما جنته المرأة من نتائج مدمرة كان على رأسها فقدها لكرامتها وعفتها وحظها في الزواج، وعزوف الرجل عنها كزوجة شرعية، بعد أن نال بغيته منها خليلة.

      3- أن تقوم الأسر بدور فعال في مراقبة الأبناء، وتوجيههم بالحكمة والإقناع، كي لا يقعوا في مصيدة الاختلاط بعد أن يتذوقوا الطعم الخادع.

      4- تصحيح المفهوم القائل بأن منع المرأة من الاختلاط تقييد وإهانة لها، إذ كيف يكون الرجل محقراً للمرأة وقد رضي بأن يكون خادماً لها، واقفاً على قضاء حاجاتها، معتبراً إياها جوهرة نفيسة يحفظها تكريماً ويحجب عنها الغير تبجيلاً.

      2- انتشار البطالة: إن انتشار هذه الظاهرة ترتب عليه عدم تيسر أسباب العيش الكريم، والقدرة على القيام بمتطلبات الحياة الزوجية.

      وعلاج هذه الظاهرة يكمن في استئصال أسبابها وأهمها:
      أ‌- اقتحام المرأة ميدان العمل، ومزاحمتها الرجل في فرصته في الوظيفة، لاسيما وأن عنصر المرأة أصبح مؤثراً لدى معظم جهات العمل بعد أن أصبح الغرض من عملها هو أنوثتها وليس إنسانيتها وعطاءها، فالأمر يستدعي أن تعود المرأة إلى ميدانها الطبيعي، التي هيأتها العناية الإلهية للقيام به أماً وزوجة، ومربية رجال.

      ب‌- تربية الأبناء على الدعة والاعتماد على ثروة الآباء وإمكاناتهم المادية، وعلاج هذا الخلل بأن يلتزم الآباء والأمهات المنهج الإسلامي القاضي بتنشئة الأبناء على الجد والخشونة، والاعتماد على النفس.

      3- العوامل الاقتصادية والمادية وأهمها:
      1- غلاء المهور: وهي ظاهرة أخذت تتسرب في الأوساط العربية والإسلامية وهي تدفع الزوجة وأهلها إلى إثقال كاهل الزوج بالمهر المرتفع بسبب عوامل أهمها:

      أ‌- الخوف على مستقبل ابنتهم والحرص على تأمين استقرار الزوجة، أو حصولها على ما يؤمن معيشتها إذا فارقها الزوج.
      ب‌- المباهاة والتقليد غير الواعي للآخرين.
      ج- غياب التصور الإسلامي السوي للزواج عموماً، والمهر خاصة.

      وعلاج هذه الظاهرة يتمثل في:
      1- إعادة ترسيخ الفهم الإسلامي السليم لقضية الزواج والمهر بالتركيز على ما يأتي:
      - دعوة الإسلام للأولياء إلى المسارعة في تزويج النساء، وإزالة كل العقبات التي تعترض ذلك. يقول صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يؤخرن: ومنها البكر إذا وجدت كفواً.
      - الدعوة إلى الالتزام بروح الإسلام وهديه في منع المغالاة في المهور، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها وتيسير صداقها، والاقتداء بفعله صلى الله عليه وسلم وفعل الصحابة والتابعين.

      - إن المرأة ليست سلعة تعرض للبيع، والمهر ليس سوى معنى رمزي تكريمي.
      - أن يضرب علماء المسلمين، والأسر الملتزمة بالإسلام المثل والقدوة في تزويج بناتهم وفق المنهج الإسلامي في تيسير المهر.
      - أن تسهم الدولة وأفراد المجتمع في أمر الإعانة على أداء المهور.

      - أن يدرك الأهل أن ضمان مستقبل ابنتهم لا يكون بالتشديد على الزوج في أمر المهر، بل يكون بتربية ابنتهم على تقوى الله ومراعاة حق زوجها، وباختيار الزوج المؤمن الذي يتقي الله فيها، فلا يظلمها ولا يقصر في حقوقها، كما قال الحسن بن علي رضي الله عنه: زوجوا بناتكم من الرجل الصالح فإنه إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها فلن يظلمها.

      2- التكاليف الباهظة والنفقات الثقيلة في إقامة الحفلات، وشراء الملابس والأثاث، وما قلناه في المهر يقال في هذه القضية من حيث التزام المنهج الإسلامي في النظر إلى العلاقة الزوجية على أنها علاقة إنسانية روحية تسمو على الاعتبارات المادية، وضرورة اطراح المباهاة، والاقتصار على النفقات الضرورية التي ورد بها الشرع، والتحلي بالأخلاق الإسلامية القائمة على التيسير.

      3- هناك ظاهرة أخذت تطل برأسها، وتلعب دوراً في عملية تأخير زواج الأبناء والبنات لا سيما بعد أن شقت المرأة طريقها إلى العمل، وأصبحت تحصل على دخل خاص بها.

      وتلعب هذه الظاهرة دورها في التأجيل لأسباب أهمها:
      أ‌- اشتراط بعض الأولياء أن يكون مرتب ابنته له لفترة من الزمن أو بصورة دائمة: لأن الأب قام بتعليم ابنته والإنفاق عليها، فلا أقل من أن يكافأ بالحصول على راتبها، أو إنه يحتاج هذا المال للإنفاق على نفسه أو على أمور أسرته.
      ب‌- عزوف بعض الأزواج: في هذه الحالة كردة فعل لمطالبة الأب التي يرونها منافية للمروءة، أو لأنهم بدورهم يطمعون بدخل الزوجة.

      وعلاج هذا الأمر
      هو بأن يعلم الأهل بأن مال المرأة ملك لها لا يحق للأب أو الزوج أو غيرهما أن ينال منه شيئاً إلا برضاها وإلا كان آثماً لقوله سبحانه: ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن).. الأب إن كان قد أنفق بعض المال على تعليمها فهو إنما كان يقوم بواجب مكلف به ديانة وقضاء، فلا يصح أن يقابل بعوض، ومن جهة أخرى فإن مرءوة الأب والزوج ينبغي أن تمنعهما من الطمع بمال المرأة التي تجب لها النفقة عليهما، وإن أخذ هذا المال مخل بمكانة الأب وقوامة الزوج في الأسرة