تجربة ضياء الدين لاكتشاف أسواق افريقيا - shabayek

    • تجربة ضياء الدين لاكتشاف أسواق افريقيا - shabayek

      ضياء الدين شاب مصري محب للتجارة رافض لليأس، سافر إلى بلاد افريقيا بحثا عن فرص تصدير واستيراد بين أسواق افريقيا وبين بلده مصر، وكان من الكرم بحيث شاركنا بتفاصيل رحلته إلى تنزانيا و كينيا، وسرد تفاصيل ونصائح ومعلومات ذات أهمية شديدة قل من يشاركون بمثلها. برمج ضياء الدين برنامج محاسبي شامل وباعه لعدة شركات في مصر، كما صمم العديد من مواقع انترنت للشركات، ما سمح له بادخار رأسمال أراد استثماره في التجارة. بدأ ضياء فقال:
      [h=4]البداية[/h]بدأ الأمر بمقولة أن في كل صعوبة فرصة، فالسوق المصري لا يجد حاليا من يشتري منه منتجاته، وهناك مصانع مصرية أغلقت أبوابها لعدم قدرتها على تصريف بضاعتها، ففكرت أني أستطيع الحصول علي منتجات هذه المصانع بأسعار تقترب من التكلفة لبيعها بمعرفتي، وتبقي لي سؤالان: ماذا سأشتري، واين سأبيعه؟ إجابة السؤال الثاني كانت سهلة، تنبيع من سياق إجابة السؤال: ما هي الدول التي تصدر لها مصر أكثر مما تستورد منها، أي أن الميزان التجاري معها موجب. وجدت عدة دول عربية وإفريقية تحقق معها ذلك، فبحثت أكثر لأجد أن أسواق تنزانيا وكينيا تعتبر جيدة، وبالمصادفة تعرفت علي صديق سبق له زيارة تنزانيا، فتوكلت علي الله وقررت السفر إلى العاصمة لدار السلام في تنزانيا، وكان هذا في 24 يونيو 2013.

      حصلت على تأشيرة (فيزا) سياحة مقابل 350 جنيه (الدولار يعادل 7 جنيهات مصرية تقريبا) من سفارة تنزانيا في حي المهندسين بالقاهرة، وهناك وجدت موظفا اسمه عبد الله درويش يتحدث العربية وهو انسان محترم للغاية. كان الهدف الأول من هذه الرحلة هو الإجابة علي السؤال الاول – ماذا يمكنني تصديره لهم. سافرت علي الخطوط الإثيوبية، وكان معي القليل من عينات البضاعة المصرية مثل أدوات كهربائية (وشوش كهربائية) وبعض الملابس (تيشرتات رجالي) وحقيقة قبلها لم أكن أعرف أفضل عينات يمكنني أخذها لكني اجتهدت.
      [h=4]الوصول[/h]وصلت مطار دار السلام في السابعة صباحا، و استقليت تاكسي بـ 50 ألف شلن تنزاني، وعرفت بعدها أن 15 ألف سعر مناسب جدا للتوصيل. (الدولار يعادل 1620 شلن تنزاني) بعدها وصلت لفندق بلو بيرل (الماسة الزرقاء) وهو من فئة 4 نجوم وجيد، لكنه بعيد عن السوق المركزي، وأقصد هنا سوق كرياكو أشهر سوق بتنزانيا ولذا غيرت لفندق أرخص وفي قلب سوق كرياكو، وهو فندق جولدن بلازا، سعر الغرفة الفردية في اليوم 30 ألف شلن. بعدها نزلت للسوق وفوجئت بحجمه الضخم (مثل أسواق العتبة والموسكي وعبد العزيز مرتين علي الاقل). تجد نهارا زحاما شديدا، وتجري فيه عمليات بيع وشراء كثيرة. السوق به شوارع لكل نشاط، فمثلا هناك شارع للملابس وآخر للأدوات الكهربية وثالث للأجهزة الكهربائية ورابع للمحمول والهواتف.
      [h=4]السوق … تشابه و اختلاف[/h]بدأت بشارع الأدوات الكهربائية لأعرف الأسعار واعرض العينات، فوجدت مفاجأة لي، السوق التنزانية تستخدم شكلا آخر من الأدوات الكهربائية غير تلك السائدة في مصر ما يعني أن العينات التي أحضرتها لن تعمل هنا! بعدها ذهبت لسوق الملابس وكان معي عينات تشرتات، التشرت الواحد تقريبا تكلفته علي 2 دولار، وقلت أبيعه لهم علي 5 دولار، فجائتني الاجابة، لو تريد شراء مثل هذا مقابل 3 دولار نعطيك أي كمية تريدها، وكان هذا أول يوم لي بالسوق ورجعت الفندق محبطا من أول يوم، لكني قلت غدا يوم جديد.
      ثاني يوم قررت تعديل الخطة، سأركز علي المنتجات التي لا ينافس فيها بقوة المنتج الصيني في مصر، وبذلك أصبحت الخيارات الممكنة يمكن حصرها مثلا في الأحذية، المنسوجات، الورق، البلاستيك… ما زالت هذه الصناعات قائمة في مصر رغم منافسة الصيني الرخيص الوفير لها. بالفعل، ولمدة ثلاثة أيام قمت بدراسة الأسعار وعرفت أسماء بعض أكبر تجار تلك الأصناف، والتقطت صورا كثيرة لشكل المنتجات الرائجة هناك، وكانت القائمة النهائية التي توصلت لها تشمل التشرت الرجالي و الملابس الداخلية الحريمي وكريم التفتيح وغذاء الأطفال (مثل سيريلاك وريري) والأحذية والبلوزات الحريمي.
      [h=4]التصدير من تنزانيا إلى مصر[/h]بعدها بدأت التفكير في العكس، ما الذي يمكنني تصديره من تنزانيا لمصر، فوجدت الكاجو والفلفل الاسود والجلود والأخشاب. بعدها قمت بالاتفاق والدفع لمحامي ليقوم بإجراءات تأسيس شركة في دار السلام وكان هذا في يوم 3 يوليو 2013 تحديدا. ذهبت في اليوم اللاحق إلى زينزيبار، وهي جزيرة كان يحكمها العرب حتى ستينات القرن الماضي، وهي من أجمل ما رأيت في حياتي، وعرفت أنها مشهورة بالبهارات والجلود ومكان للاستجمام اكثر من رائع، ولها ميناء برسوم تخليص أقل من دار السلام، ورجعت في نفس اليوم إلى دار السلام لاستعد للسفر عائدا للقاهرة.
      رجعت إلى مصر واستعنت بصديق في تجارتي هذه، ومعا بدأنا رحلة البحث عن المنتجات المناسبة للتصدير، وكان هدفي اللحاق بفترة العيد لأنها فترة شراء و رواج، ففكرت أن الملابس الجاهزة مناسبة أكثر لهذه الفترة خصوصا الفانلات و التشرتات، لأن هناك مصانع ملابس مصرية كثيرة تقوم بتصنيعها، حتى المصانع الصغيرة، لكن السعر السائد كان غاليا لأنهم ينتظرون العيد الصغير لبيع منتجاتهم بربح أفضل، فقررت الانتظار حتى ينتهي الموسم في مصر لتنخفض الأسعار وأستطيع الشراء بسعر منافس. كان سعر التيشرت تقريبا 20 الي 25 جنيه، والبلوزات نفس السعر تقريبا. (الصورة التالية لأحد مصانع الملابس الجاهزة في مصر).

      [h=4]أخطاء ونصائح[/h]مر العيد الصغير وبعده بأسبوع ذهبت لمخازن المصانع ومكاتب بيع الملابس بالعتبة والموسكي في القاهرة، فحصلت علي سعر 14 جنيه (وأحيانا 10 ج م) حسب التفاوض والمساومة، وكانت الفكرة العامة أن الموسم انتهى ومر، والملابس الحالية ستخزن لعام تالي حتى الموسم المقبل، ولذا كان المزاج العام في السوق هو التخلص من التشرتات على أمل الربح من غيرها. مجموع ما اشتريته كان ألفي تيشرت و ألفي بلوزة و4 آلاف توب وبعض البديهات والاسترتشات والملابس الداخلية، وهذا كان أول خطأ أقع فيه، – تعدد الاصناف المشتراة مع عدم وجود معرض او محل للعرض والبيع.
      حصلت علي أسعار مناسبة جدا من مصر، ونقطة القوة لدي كانت أني أشتري بكميات كبيرة مقارنة بظروف السوق المصري وقتها (مظاهرات، حظر تجوال، عدم استقرار). كان الوقت يداهمني وكنت أريد الوصول بالبضاعة قبل موسم العيد الكبير والذي كنت أظنه موسم رواج في تنزانيا، وهذا ثاني خطأ وقعت فيه.
      أما ثالث خطأ فكان تصديرنا علي حساب شركة شخص تنزاني محل ثقة لكنه كان مشغولا ويعد نفسه للسفر إلى الحج، وكنا نعتقد ان البضاعة ستصل خلال يومين أو ثلاثة فقمنا بشحن البضاعة في يوم 24 سبتمبر 2013 وسافرنا نحن 27 سبتمبر وتوالت هناك المفاجآت.
      أولها ان البضاعة وصلت بعد أسبوعين او أكثر، في يوم 11 اكتوبر، أو ما يعني أننا قضينا أسبوعين في تنزانيا بدون بضاعة لبيعها، وكنا ندفع يوميا مصاريف أرضية للمطار في تنزانيا مما ضاعف علينا مصاريف استخراج البضاعة، وحل هذا الموضوع كان إرسال البضاعة علي شركتك في تنزانيا، عن طريق البحر وليس الطيران، وإلى زينزيبار وليس دار السلام. عدم معرفتنا لهذه المعلومات كلفنا الكثير من الوقت والمال المهدر.
      [h=4]الأسواق نشاط وخمول[/h]انتهي موسم العيد الكبير وبدأ السوق في الهبوط والهدوء في تنزانيا، ولم يكن لدينا معرفة سابقة ان حركة السوق تهبط في شهر اكتوبر ونوفمبر، وتعود للصعود في ديسمبر فخزنت البضاعة في غرفة الفندق وبدأت اتوجه إلى تجار الجملة حتى أبيع البضاعة بسرعة وأقلل مصاريفي، لكني وجدت ردهم بأن السوق الان لا حركة بيع أو شراء فيه. لذا بدأت أتوجه إلى محلات التجزئة لكنهم لا يأخذون كميات كبيرة، فقط دستة (دزينة، 12 قطعة) أو أقل، فكان يجب علي التفكير في حلول سريعة خارج الصندوق.
      أولا قمت بتحويل غرفة التخزين لمعرض، وعملت دعاية في الفندق بالاتفاق مع صاحب الفندق، حيث وضعت منشورات ورقية / فلير في كل دور، وعرضت عينات من الملابس في مدخل الفندق، وحفزت العاملين بوعدهم بنسبة من المبيعات، حتى أصبح مكان التخزين يجذب زوار الفندق، وكذلك المحلات الصغيرة التي وافقت على الفكرة، لكن كل هذا لم يكن كافيا.
      ثانيا قمت بوضع عينات في فنادق أخري، وأي عميل للفندق تحصل على تخفيض 10% وكانت الفكرة من العرض في الفنادق هي استهداف تجار البلاد الأخري مثل زامبيا و موزمبيق و بروندي و روندا وليس فقط الزوار. الجدير بالذكر أني تلقيت دعما من العرب، خاصة اليمنيين والصوماليين أصحاب الفنادق وكلهم وضعوا الدعايات مجانا.
      ثالثا، تحركت لأسواق غير كرياكو داخل دار السلام، مثل سينزا و موانجا، لكن مشكلة هدوء وسكون السوق التنزاني تركت أثرها عليهم، لكنها كانت قناة للتسويق أيضا. رابعا، كنت علي وشك الذهاب لمدن أخري داخل تنزانيا، مثل اروشا و مونزا، لكن عندما سألت عن سبب هبوط السوق التنزاني عرفت أن التنزانيين يدفعون إيجارات منازلهم ومحلاتهم سنويا وهذا كان وقت الدفع، وأيضا موعد سداد أقساط القروض، ولذا فكرت في السفر إلى بلد ليس فيها مشاكل تنزانيا الحالية، ووقع اختياري على كينيا.
      [h=4]إلى كينيا[/h]تستغرق الرحلة من دار السلام إلى مومبسا في كينيا تقريبا 8 ساعات بالاتوبيس / الحافلة / الباص. الدخول إلى كينيا كان بتأشيرة سياحة وتكلفتها 50 دولار. مومبسا بلد ساحلية وهي ميناء ضخم يعتمد علي السياحة ومستوي الدخل فيها مرتفع، ومكثت هناك يومين وبعت للمحلات هناك بسعر جيد فتفاءلت كثيرا بكينيا.
      ذهبت بعدها إلى ملايندي وهي قريبة من مومبسا وتبعد عنها تقريبا 3 ساعات بالباص، وتعرفت علي صديق من تنزانيا لكنه مقيم في ماليندي وهي علي المحيط ويقيم بها أكثر من 3000 ايطالي. هناك الكل يعرف جاره ويحبون بعضهم، وبها أفارقة من أصل عربي وأوروبيين والكل يعيش في تناغم. بمساعدة صديقي قمنا ببيع عدد لا بأس به من الملابس بسعر جيد ثم بعد 4 أيام اتجهنا إلى العاصمة نيروبي، والتي كانت تبعد 10 ساعات بالأتوبيس.
      ضياء الدين حاليا في كينيا يبيع ويشتري، وانتظر معكم عودته لنشر الشق الكيني من رحلته. من أراد التواصل مع ضياء الدين يمكنه ذلك عبر رابط صفحته على فيسبوك.