ثم حدث يوم الجمعة الماضية أن حضرت فعاليات سباق جري (ركض) للنساء في دبي، لمسافة 5 و 10 كيلومترات، وكان المطلوب الحضور في السادسة صباحا إلى فندق الميدان في دبي، لتوصيل ومؤازرة قريبة لي اشتركت في السباق، وبعد الاعجاب بحسن التنظيم، وبعد تأخر انطلاق الدفعة الأولى من العداءات لبضع دقائق، بدأت المشاركات في الجري، وبدأ الحضور في انتظار وصول أول السباق. كان التنظيم يقتضي أن تبدأ مرحلة العشرة كيلومترات أولا، ثم بعدها ببضع دقائق تنطلق المشتركات في سباق الخمسة كيلومترات، وهو ما تم على أفضل وجه.

انقضت دقائق ثم ظهرت الفائزة في كل سباق (في زمن يقارب 20 دقيقة أو أقل!)، ثم دقائق أخرى وبدأت عموم المشاركات في الوصول لخط السباق، وكان أن وقف محدثكم على بعد 30 متر قبل خط النهاية أو يزيد، في بقعة خلت وكأنها كانت معدة لي. دعونا نقف هنا، على غرار الأفلام، لأعود بكم بالزمن للوراء (فلاش باك). قبل هذا اليوم كنت أعيد تحرير فقرة هدف المدونة، ورغم أني أعدت كتابتها كثيرا، لكني وجدتها بحاجة لإعادة كتابة من الصفر. ما هدف هذه المدونة؟ لماذا تستمر هذه المدونة رغم مرور قرابة 9 سنوات منذ بدأتها؟؟ حسنا، انتهى الفلاش باك، عودة لبقية الأحداث.
بدأت أراقب الوجوه، وجوه المتسابقات، بعد جري مسافة 5 أو 10 كيلومتر. لا تخطئ العين رؤية آثار الصراع النفسي، بين التعب الواضح، وبين الرغبة في بلوغ خط النهاية. شاهدت الأم تجري وبجانبها ابنتها الصغيرة ذات 11 أو 12 سنة، رأيت الأم تجري وهي تحمل ابنتها ذات 3-4 سنوات. رأيت الأم تجري وهي تدفع ابنها / بنتها الرضيعة في عربتها.
رأيت امرأة تتهادى بين صديقتين تحملناها من بين يديها وهي تكاد تقفز حتى تكمل السباق، إذ يبدو أن إحدى قدميها عانت من شد عضلي. رأيت مشتركة تجري ثم تهدئ من سرعتها لتقول لأخرى توقفت عن الجري وعلى وجهها علامات الإرهاق: يو كان دو ات، كوم اون (You can do it, come on)، أو يمكنك فعلها، هيا هيا. لم أشعر أن هذه تعرف تلك من قبل، لكنها روح التشجيع.
لاحظت امرأة في الجماهير الواقفة على الخط الجانبي تصفق لكل مشتركة تمر أمامها، وهي لا تعرف أيا منهن، ثم لاحظت استجابة المشتركات لهذا التشجيع من سيدة مجهولة، توزع التصفيق وكلمات التشجيع للجميع. شاهدت الصغار والكبار، شاهدت الأبيض والأسود، شاهدت النحيف والسمين، شاهدتهن جميعا يشتركن في شيء واحد: العيون كلها ركزت على علامة خط النهاية، والوجوه عكست قسوة الحرب النفسية الداخلية الدائرة بين الإصرار وبين التعب. شاهدت أثر التشجيع من الجماهير الواقفة على جانبي الطريق، الابتسامة، العودة للجري بعد التوقف للسير، شاهدت الفرحة لرؤية خط النهاية يقترب.
أما بعد خط النهاية، فلا صوت يعلو فوق الضحكات وعبارات التهنئة، لكل المشتركات. الطريف أن بعض من أنهين السباق رجعن لمضمار الجري لتشجيع من تخلفت في الوراء، وكأنهن يحملن بشرى اقتراب خط النهاية، لتأكيد هذه الصورة في أذهان من لم تتخطى خط نهاية السباق بعد. أكثر ما لفت انتباهي هو حكمة دمج المشتركات في سباق الخمسة والعشرة كيلومترات في خط نهاية واحد. لقد كان الغرض أن تشجع المشتركات بعضهن بعضا في كل سباق.
طبعا السؤال الذي ستطرحه أي نفس، وما فائدة كل هذا التعب والإرهاق؟ إنها لذة تحدي النفس والجسم، لبلوغ هدف ما، وتحمل التعب والإرهاق، مقابل لذة الانتصار وسعادة بلوغ الهدف. هذا الفوز يأتي بعد صراع نفسي داخلي شديد، فالجسم يبدأ في التعب، والصدر يبدأ في الضيق، والعضلات تبدأ في التألم، ويبقى العقل وحده يدفع كل هؤلاء للاستمرار رغم الشكوى. إنها معركة الحياة، فلا شيء في هذه الدنيا يأتي بدون صراع فكري، مع الشهوات ومع رغبات الجسد، ومع الكسل والملل وغيرها.
لكن أين يأتي هدفي من سرد كل هذا لكم؟ حسنا، دوري من خلال هذه المدونة هو دور الجمهور الذي يشجع العداء قبل خط النهاية. أنا من يصفق لك ويسمعك كلمات التشجيع والمؤازرة حتى تنتصر في هذا الصراع النفسي الدائر داخل رأسك، ما بين رغبتك في بلوغ هدفك، وبين مشقات تحقيق هذا الهدف. دوري هو تشجيعك حتى تتخطى خط النهاية الذي تريد بلوغه. قد لا أكون خبيرا استراتيجيا أو أثرى أثرياء العرب، لكني أثق فيك وفي قدرتك على فعلها.
أكثر هجوم أتلقاه بسبب هذه المدونة، هو السؤال: ’أين شركاتك وأين أرباحك بالملايين التي تطلب منا أن نؤسسها ونربحها، ولو كنت صادقا كما تزعم، لكنت ملياردير الآن.‘ تذهب ردودي سدى حين أقول لهؤلاء وما يدريك لو حققت هذه الملايين أني كنت لأكمل هذه المدونة، ولعلي انشغلت وقتها بأعمالي فتوقفت عن الكتابة وعن تشجيعك، ثم أني أرى مكسبي أكبر في سعادتي الغامرة حين أقرأ رسالة ناجح قرأ نصائحي وعمل بها وأرسل لي يشكرني ويخبرني بتفاصيل نجاحه، هذه السعادة كان الأثرياء ليقاتلوني عليها لو جربوها. إني أجد أن نجاح هؤلاء هو نجاح لي شخصيا.
[h=4]دور هذه المدونة هو تشجيعك حتى تكمل السباق وتعبر خط النهاية، ثم الوقوف معك لتبادل صيحات السعادة والتهنئة بالنجاح. يو كان دو ات…[/h]على الجانب:
أكاد أقرأ تساؤلات البعض، هذه نساء وهذا اختلاط وقد نهانا الاسلام عنه. كلام صحيح لكن صحته نسبية في هذا الموقف، بمعنى، يمكنك أن تجلس في بيتك ولا تخرج منه حتى لا تختلط، أو يمكنك الاختلاط بهدف تعريف الناس بالإسلام والمسلمين. لقد شاهدت مشتركات يرتدين الحجاب، وشاهدت من تغطي وجهها حتى قدميها، ولم يمنعها ذلك من المشاركة. كانت المشاركة في مضمار عام مفتوح، وكانت المشاركة من الجميع. الاسلام لن ينتشر بالكلمات وحسب، يجب أن تساند الأفعالُ الكلماتِ، ويجب أن يرى غير المسلمين أفعالك حتى يثقوا في كلامك. الاسلام ليس دين العزلة والانغلاق أو الجلوس في بيتك سعيدا بدخولك الجنة ودخول غيرك النار. تعاليم الاسلام تحتاج لتجنب الافراط والتفريط.
الأمر يحتاج لحكمة عميقة، قد أكون أصبتها أو أخطأتها، لكن سأستمر في المحاولة حتى أصيب هدفي.

انقضت دقائق ثم ظهرت الفائزة في كل سباق (في زمن يقارب 20 دقيقة أو أقل!)، ثم دقائق أخرى وبدأت عموم المشاركات في الوصول لخط السباق، وكان أن وقف محدثكم على بعد 30 متر قبل خط النهاية أو يزيد، في بقعة خلت وكأنها كانت معدة لي. دعونا نقف هنا، على غرار الأفلام، لأعود بكم بالزمن للوراء (فلاش باك). قبل هذا اليوم كنت أعيد تحرير فقرة هدف المدونة، ورغم أني أعدت كتابتها كثيرا، لكني وجدتها بحاجة لإعادة كتابة من الصفر. ما هدف هذه المدونة؟ لماذا تستمر هذه المدونة رغم مرور قرابة 9 سنوات منذ بدأتها؟؟ حسنا، انتهى الفلاش باك، عودة لبقية الأحداث.
بدأت أراقب الوجوه، وجوه المتسابقات، بعد جري مسافة 5 أو 10 كيلومتر. لا تخطئ العين رؤية آثار الصراع النفسي، بين التعب الواضح، وبين الرغبة في بلوغ خط النهاية. شاهدت الأم تجري وبجانبها ابنتها الصغيرة ذات 11 أو 12 سنة، رأيت الأم تجري وهي تحمل ابنتها ذات 3-4 سنوات. رأيت الأم تجري وهي تدفع ابنها / بنتها الرضيعة في عربتها.
رأيت امرأة تتهادى بين صديقتين تحملناها من بين يديها وهي تكاد تقفز حتى تكمل السباق، إذ يبدو أن إحدى قدميها عانت من شد عضلي. رأيت مشتركة تجري ثم تهدئ من سرعتها لتقول لأخرى توقفت عن الجري وعلى وجهها علامات الإرهاق: يو كان دو ات، كوم اون (You can do it, come on)، أو يمكنك فعلها، هيا هيا. لم أشعر أن هذه تعرف تلك من قبل، لكنها روح التشجيع.
لاحظت امرأة في الجماهير الواقفة على الخط الجانبي تصفق لكل مشتركة تمر أمامها، وهي لا تعرف أيا منهن، ثم لاحظت استجابة المشتركات لهذا التشجيع من سيدة مجهولة، توزع التصفيق وكلمات التشجيع للجميع. شاهدت الصغار والكبار، شاهدت الأبيض والأسود، شاهدت النحيف والسمين، شاهدتهن جميعا يشتركن في شيء واحد: العيون كلها ركزت على علامة خط النهاية، والوجوه عكست قسوة الحرب النفسية الداخلية الدائرة بين الإصرار وبين التعب. شاهدت أثر التشجيع من الجماهير الواقفة على جانبي الطريق، الابتسامة، العودة للجري بعد التوقف للسير، شاهدت الفرحة لرؤية خط النهاية يقترب.
أما بعد خط النهاية، فلا صوت يعلو فوق الضحكات وعبارات التهنئة، لكل المشتركات. الطريف أن بعض من أنهين السباق رجعن لمضمار الجري لتشجيع من تخلفت في الوراء، وكأنهن يحملن بشرى اقتراب خط النهاية، لتأكيد هذه الصورة في أذهان من لم تتخطى خط نهاية السباق بعد. أكثر ما لفت انتباهي هو حكمة دمج المشتركات في سباق الخمسة والعشرة كيلومترات في خط نهاية واحد. لقد كان الغرض أن تشجع المشتركات بعضهن بعضا في كل سباق.
طبعا السؤال الذي ستطرحه أي نفس، وما فائدة كل هذا التعب والإرهاق؟ إنها لذة تحدي النفس والجسم، لبلوغ هدف ما، وتحمل التعب والإرهاق، مقابل لذة الانتصار وسعادة بلوغ الهدف. هذا الفوز يأتي بعد صراع نفسي داخلي شديد، فالجسم يبدأ في التعب، والصدر يبدأ في الضيق، والعضلات تبدأ في التألم، ويبقى العقل وحده يدفع كل هؤلاء للاستمرار رغم الشكوى. إنها معركة الحياة، فلا شيء في هذه الدنيا يأتي بدون صراع فكري، مع الشهوات ومع رغبات الجسد، ومع الكسل والملل وغيرها.
لكن أين يأتي هدفي من سرد كل هذا لكم؟ حسنا، دوري من خلال هذه المدونة هو دور الجمهور الذي يشجع العداء قبل خط النهاية. أنا من يصفق لك ويسمعك كلمات التشجيع والمؤازرة حتى تنتصر في هذا الصراع النفسي الدائر داخل رأسك، ما بين رغبتك في بلوغ هدفك، وبين مشقات تحقيق هذا الهدف. دوري هو تشجيعك حتى تتخطى خط النهاية الذي تريد بلوغه. قد لا أكون خبيرا استراتيجيا أو أثرى أثرياء العرب، لكني أثق فيك وفي قدرتك على فعلها.
أكثر هجوم أتلقاه بسبب هذه المدونة، هو السؤال: ’أين شركاتك وأين أرباحك بالملايين التي تطلب منا أن نؤسسها ونربحها، ولو كنت صادقا كما تزعم، لكنت ملياردير الآن.‘ تذهب ردودي سدى حين أقول لهؤلاء وما يدريك لو حققت هذه الملايين أني كنت لأكمل هذه المدونة، ولعلي انشغلت وقتها بأعمالي فتوقفت عن الكتابة وعن تشجيعك، ثم أني أرى مكسبي أكبر في سعادتي الغامرة حين أقرأ رسالة ناجح قرأ نصائحي وعمل بها وأرسل لي يشكرني ويخبرني بتفاصيل نجاحه، هذه السعادة كان الأثرياء ليقاتلوني عليها لو جربوها. إني أجد أن نجاح هؤلاء هو نجاح لي شخصيا.
[h=4]دور هذه المدونة هو تشجيعك حتى تكمل السباق وتعبر خط النهاية، ثم الوقوف معك لتبادل صيحات السعادة والتهنئة بالنجاح. يو كان دو ات…[/h]على الجانب:
أكاد أقرأ تساؤلات البعض، هذه نساء وهذا اختلاط وقد نهانا الاسلام عنه. كلام صحيح لكن صحته نسبية في هذا الموقف، بمعنى، يمكنك أن تجلس في بيتك ولا تخرج منه حتى لا تختلط، أو يمكنك الاختلاط بهدف تعريف الناس بالإسلام والمسلمين. لقد شاهدت مشتركات يرتدين الحجاب، وشاهدت من تغطي وجهها حتى قدميها، ولم يمنعها ذلك من المشاركة. كانت المشاركة في مضمار عام مفتوح، وكانت المشاركة من الجميع. الاسلام لن ينتشر بالكلمات وحسب، يجب أن تساند الأفعالُ الكلماتِ، ويجب أن يرى غير المسلمين أفعالك حتى يثقوا في كلامك. الاسلام ليس دين العزلة والانغلاق أو الجلوس في بيتك سعيدا بدخولك الجنة ودخول غيرك النار. تعاليم الاسلام تحتاج لتجنب الافراط والتفريط.
الأمر يحتاج لحكمة عميقة، قد أكون أصبتها أو أخطأتها، لكن سأستمر في المحاولة حتى أصيب هدفي.